دولة جنوب أفريقيا "ليست مغسّلا وضامن جنة"، كما يقول المثل المصري!
فقد كفّت ووفّت عندما تقدمت يوم أن تراجعت الدول العربية، وتصدت عندما التقى الجمعان، وتقدمت بدعواها إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، فعرّت إسرائيل وكشفت حقيقتها للناس كافة، ومن خلال هيئة دفاع كانت على مستوى هذه القضية الكبيرة، وفي سابقة هي الأولى من نوعها يتم جر الكيان إلى القضاء الدولي، الأمر الذي لم تجرؤ على فعله أي دولة عربية أخرى، لا من دول الانبطاح، ولا من دول الصمود والتصدي سابقا!
ومع هذه الخطوة التي تُذكر فتُشكر، فإن الحكم (المؤقت) الذي أصدرته المحكمة المذكورة لم يكن على مستوى الآمال العريضة، وإذ رددت المحكمة الاتهام بالإبادة الجماعية التي قام بها جيش الاحتلال وحرّض عليها الدعاة الإسرائيليون، فقد كانت خيبة الأمل أنها لم تنطلق من الإدانة إلى الحكم الرادع، ولكنها بدت تدشن في حيثياتها لمقال رأي، لا يلزم إصدار حكم ولو في الشق المستعجل بوقف الحرب، ولا معنى لـ"هرتلة" البعض بأن المحكمة لم تفعل لأنها إزاء حركة (يقصدون حماس) على قوائم الإرهاب، فكيف يخاطبها حكم قضائي من محكمة معتبرة؟!
لعل كثيرين قد رحبوا بالحكم باعتباره انتصارا للحق العربي، في الوقت الذي رأينا فيه ازدواجية مقيتة، عندما تصدر ذات المحكمة حكمها بإلزام روسيا بوقف الحرب على أوكرانيا ولا تقضي بالأمر ذاته في قضية مشابهة، واكتفت ببيان سياسي وإجراءات تستهلك الوقت، وتمثل مهلة لإسرائيل لاستكمال إجرامها، وكل دقيقة تمر بدون وقف للحرب تزهق فيها عشرات الأرواح، وتزيد من محنة أهل غزة المشردين في الأرض، في عز الشتاء، وتحت الأمطار، ولا يجدون ما يسد جوعهم! ولأنها "هرتلة"، فالعدوان والاجتياح هما من جانب الجيش الإسرائيلي لغزة وعليها، ومن ثم فإن الأمر بوقف الحرب يعني وقف هذا العدوان والقصف للبشر والحجر، وهو ما تطلبه الحركة، وبالتالي فلن تستمر منفردة في إطلاق صواريخها!
بيد أن هذه "الهرتلة"، وغيرها، هي اجتهاد عربي خالص، يرى أن التقليل من قيمة حكم المحكمة المذكورة يمثل انتفاصا من قدر ما قامت به دولة جنوب أفريقيا.
وإذ نشكر دولة جنوب أفريقيا، فلا يلزمنا الاعتراف بجميلها أن نمنح المحكمة أوسمة لا تستحقها، واعتبارا تفتقده! فدولة جنوب أفريقيا "ليست مغسّل وضامن جنة"!
"واشنطن إذ ترمي بلاها":
الكلام الكبير عن السياسة وضوابط ممارستها، والنظرية السياسية وما إلى ذلك، وقواعد العلاقات الدولية، كل هذا لا وجود له على أرض الواقع، فوجوده بين دفات الكتب المتخصصة في المجال، وفي قاعات الدرس!
وإذ تُضرب الأهداف الأمريكية في المنطقة، ومن التعرض لسفنها في البحر الأحمر، إلى الهجوم على قواعدها في الحدود الأردنية السورية، فإن واشنطن تحمّل إيران المسؤولية، باعتبار الجناة سواء في اليمن أو في العراق يأتمرون بأمرها، وردت الخارجية الإيرانية بأن حلفاءها يتصرفون باستقلالية وليس بأوامر منها، انحيازا منهم للقضية الفلسطينية!
هذا الأداء البدائي من أقوى دولة في العالم، ذكرني بالوساطة التي طُلبت مني في خلاف بين أبناء عمومة (هما أبناء عمومة وأنا مجرد صديق لهما)!
بدلا من أن ترمي واشنطن بلاها على إيران، وتكرمها بهذا الادعاء، فعليها أن تقوم بمراجعات لسياستها في الشرق الأوسط، فالفوضى التي رعتها في المنطقة، ومن اليمن، إلى العراق، فضلا عن حمايتها الجائرة للإجرام الإسرائيلي، ستعرض مصالحها للخطر، ومن تنظيمات لم تكن لتنشأ في وجود الدولة القوية، وكأن الدولة الحديثة أنشئت لحماية المصالح الاستعمارية
اشتكى أحدهما بأن قريبه الموظف في إحدى المؤسسات المحلية قام بتحرير محاضر له، وأوقع عليه غرامات باهظة، ومع كيل الاتهام كان الآخر صامتا لا يتكلم البتة، وهو صمت أدهشني، فحتى الاعتراف بصحة ما قيل يلزمه بذكر المبررات دفاعا عن نفسه، ولن يعدم دفعا يبديه!
فلما سألته لماذا لا يدافع عن نفسه؟ قال إنه (يقصد قريبه) يعلم تماما أنني لم أفعل، وتحرير المحاضر ليس من اختصاصي، ثم إنه يعلم تمام العلم من حرر المحضر وفرض الغرامات، وهو بتوجيه الاتهام له يبتزه حتى يتدخل لدى زميله في العمل فيتراجع عن ما فعله لإثبات براءته، وليس في نتيه ذلك، فدعه يتهم بما شاء!
ما تفعله واشنطن بجلال قدرها، لا يخرج عن هذا السلوك لهذا المدعي البسيط الذي لم يخرج من بلدته في الصعيد (الجواني)؛ إنه رمي البلاء.. كما يقولون، ويحذف العامة الهمزة الملقاة على الأرض، ليس احتراما لها ولكن تخفيفا من حملها فيصبح الوصف "رمي بلا"!
وبدلا من أن ترمي واشنطن بلاها على إيران، وتكرمها بهذا الادعاء، فعليها أن تقوم بمراجعات لسياستها في الشرق الأوسط، فالفوضى التي رعتها في المنطقة، ومن اليمن، إلى العراق، فضلا عن حمايتها الجائرة للإجرام الإسرائيلي، ستعرض مصالحها للخطر، ومن تنظيمات لم تكن لتنشأ في وجود الدولة القوية، وكأن الدولة الحديثة أنشئت لحماية المصالح الاستعمارية!
اشربوا!
ثورة يناير في ذكراها:
ماذا بقي من ثورة يناير؟ هذا سؤال يستحق الطرح، ويستحق الإجابة!
في لقاء تلفزيوني مع الصديق محمد ناصر قبل سنوات، قلت إن يناير هُزمت بيد أنها لم تمت، وطالما تجد من يخوّف منها، وأن هناك من يجعلها شماعة لفشله، فأعلم أنها باقية لم تمت!
من الطبيعي أن نتذكر نحن ثورة يناير لأنها جزء من تاريخنا، لكن من غير الطبيعي أن حاكما يحكم بشكل منفرد منذ عشر سنوات؛ لا تزال هذه الثورة تمثل له هاجسا يؤرقه، فيتحرش بها ويطلق أبواقه الإعلامية لإدانتها، ثم يقبل الدفع بأنها ماتت!
نتذكر نحن ثورة يناير لأنها جزء من تاريخنا، لكن من غير الطبيعي أن حاكما يحكم بشكل منفرد منذ عشر سنوات؛ لا تزال هذه الثورة تمثل له هاجسا يؤرقه، فيتحرش بها ويطلق أبواقه الإعلامية لإدانتها، ثم يقبل الدفع بأنها ماتت!
ثورة يناير تختلف عن انتفاضة الخبز مثلا في كانون الثاني/ يناير 1977، لأنها خرجت من أجل مطالب وانتهت بالاستجابة لهذه المطالبة، فلم يكن نزول الجيش وحده وقمعه لها هو الذي أنهاها. فهذه الانتفاضة لم ترفع مثلا مطلب إسقاط حكم السادات، ولم تطعن في شرعيته، لذا فتم تجاوزها سريعا؛ تجاوز السادات ما أسماه بثورة التصحيح بمجرد طي ملف مراكز القوى وسجنهم، ولم يعد يتذكرها سوى الكاتب الصحفي موسى صبري في كل عام، لأنه تحمس لها ويرى أن انحيازه للسادات فيها هو أحد إنجازاته، لا سيما مع تردد هيكل في خوض الحرب إلا في وقت متأخر!
ثورة يناير ضربت في شرعية الحكم، وحققت إنجازها بعزل مبارك، وإذا كان قد تم الالتفاف عليها بالاستعانة ببعض أبنائها، وجاء من يحكم حكما عسكريا عضوضا، فلا هم نسوا أنهم عزلوا مبارك، ولا الحاكم الجديد نسي ذلك، لذا فإنه دائم التحرش بها، لأنها لم تمت!
ومع كل فشل، فإنه يذكر ما يصفه بالخراب الذي أحدثته يناير، لأن يناير مع الهزيمة التي مُنيت بها لا تزال حية، فقد عرف المصريون معنى السيادة للشعب، وتحقيق الهدف بعزل الرئيس!
ستطوى صفحة الثورة عندما يستقر الحكم، ولا يتم التذكير بها من جانب رأس السلطة ورجاله، ويوم أن يخرج آخر معتقل سياسي، لأن الحاكم لا يخشى من الثورة عليه!
بدون ذلك فيناير لم تمت!
twitter.com/selimazouz1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه جنوب أفريقيا المصري العدل الدولية غزة مصر غزة جنوب أفريقيا 25 يناير الإبادة الجماعية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة جنوب أفریقیا بوقف الحرب ثورة ینایر لم تمت
إقرأ أيضاً:
كيف بدأ الانقلاب على ثورة ديسمبر؟
بقلم: تاج السر عثمان
اوضحنا سابقا أن انقلاب اللجنة الأمنية لنظام الانقاذ كان البداية لتصفية ثورة ديسمبر ، والتفريط في السيادة الوطنية، واستمر الهجوم على الثورة والثوار كما حدث في مجزرة فض الاعتصام، وانقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد التمكين للاسلامويين، وقاد للحرب الجارية بهدف استكمال تصفية الثورة، والتمكين للمحاور الإقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب لنهب ثروات البلاد.
وبهذه المناسبة، نعيد نشر هذا المقال الذي تابع بداية الهجوم على الثورة بعنوان "انقلاب القصر يكشف عن طبيعته الديكتاتورية" الذي نشر في سودان بوست بتاريخ :٩ /٥/ ٢٠١٩.
اشرنا سابقا أن انقلاب المجلس العسكري الذي جاء بعد ازاحة البشير ونائبه ابنعوف هو انقلاب قصر ، يهدف إلي قطع الطريق أمام الثورة، ومنعها من الوصول إلي أهدافها بقيام حكم مدني ديمقراطي يكرّس فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وسيادة حكم القانون وقومية الخدمة المدنية والنظامية ، وتصفية الشمولية وتفكيك دولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن ، وبقايا النظام الإسلاموي الفاسد في كل مفاصل الدولة من وزارات و هيئات قضائية ودبلوماسية وإعلامية ، وخدمة مدنية وقوات نظامية، وتصفية جهاز الأمن وإعادة هيكلته ، بحيث يصبح جهازا لجمع المعلومات وتحليلها ورفعها ، وإلغاء قانون الأمن وكل القوانين المقيدة للحريات ،ومصادرة كل شركاته وترسانته العسكرية وسجونه ، ومحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم التعذيب والاغتيال السياسي ، وغيرها من الانتهاكات. إضافة لتصفية مليشيات النظام الفاسد ومصادرة كل اسلحتها وعتادها الحربي وضمها للجيش دون استيعاب تلك العناصر الارهابية فيه ، وحل كل المليشيات ، وجمع كل اسلحتها في يد القوات النظامية ، ومحاكمة الذين ارتكبوا جرائم الحرب في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان ، ومحاكمة كل رموز النظام الفاسد واستعادة كل أموال الشعب التي تم نهبها ، وأصول وأراضي البلاد.
ما كان يجب السماح بالمطاولة في المفاوضات مع المجلس العسكري الذي قفز للسلطة بأثر عنفوان الثورة وانحياز صغار الضباط والجنود لها ،بعد الاعتصام في محيط القيادة العامة وأمام حاميات الأقاليم، في محاولة يائسة لاجهاضها، وكان المطلوب منه تسليم السلطة لحكومة مدنية باعتبار ذلك مطلب شعبي ودولي كشرط للاعتراف بالنظام في السودان .
لكن المجلس العسكري بدعم من قوى الثورة المضادة وبعض القوى الإقليمية والدولية ظل يناور لكسب الزمن ، وبأمل فض الاعتصام ، وتكرار تجربة اجهاض ثورة أكتوبر 1964 ، بعد التآمر لحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان ورفض قرار المحكمة العليا ببطلان قرار الحل مما أدي لتقويض الديمقراطية الثانية بانقلاب 25 مايو 1969، وكذلك انتفاضة ابريل 1985 التي اجهضها انقلاب سوار الذهب ، مما أدي لتمكين الجبهة الإسلامية التي قوضت الديمقراطية وقضت عليها بانقلاب 30 يونيو 1989 . وهذا أدي ليقظة ثوار ديسمبر الذين واصلوا الاعتصام حتي تحقيق الحكم المدني كما في شعار ” مدنية أو ثورة أبدية” ، و ” سقطت ما سقطت صابينها”.
رغم أن ما حدث انقلاب عسكري دبرته اللجنة الأمنية للنظام السابق، حاولت بعض القوى تصويره بأنه انحياز للثورة ، في حين كل الشواهد تؤكد استمرار كل رموز النظام الفاسد في كل مفاصل الدولة ، وأخذ المجلس العسكري يمارس مهام سيادية مثل : تعيين رئيس القضاء ، والابقاء علي اتفاقات النظام السابق الدولية ، وغير ذلك من القرارات التي اتخذها مجلس الانقلاب ، فضلا عن الابقاء علي سياسات ومؤسسات النظام الفاسد وخاصة في الشركات والمؤسسات الاقتصادية ، مما أدي لمواصلة النظام في طلب المساعدات المشروطة من دول مثل ” السعودية – الإمارات – مصر” ، في محاولة من تلك الدول لاستمرار المجلس العسكري ، وقطع الطريق أمام تسليم السلطة للقوى المدنية، وقيام نظام ديمقراطي تعددي ، يقفل الطريق أمام الحلقة الشرير ” ديمقراطية – انقلاب- ديمقراطية – انقلاب..الخ” ، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللغة أو اللون، أو المعتقد السياسي أو الفلسفي. الخ، والحفاظ السيادة الوطنية وعدم التدخل في شؤون البلدان الأخرى وسحب قواتنا من اليمن، وإلغاء اتفاقية الميناء الجنوبي ببورتسودان ، ورفض قيام قاعدة عسكرية تركية في سواكن ، واستعادة حلايب وشلاتين والفشقة وبقية الأراضي السودانية.
كان من نتائج تباطؤ المجلس العسكري في تسليم السلطة للمدنيين في قوى ” الحرية والتغيير”، أن تنامت قوى الثورة المضادة التي أصبحت تتحرك بحرية ، ساعدها في ذلك قرارات اتخذها المجلس لوقف المد الجماهيري مثل : القرار بتجميد النقابات ومحاولة فرض تدخل الدولة عليها بتكوين لجان تسيير، علما بأن النقابات تستمد شرعيتها ووجودها من قواعدها وجمعياتها العمومية التي تنتخب لجانها التمهيدية لمتابعة شرعية تكوين نقاباتها واصدار قانون ديمقراطي يكرس ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية .
ومن القرارات التي تؤكد سير المجلس في سياسات النظام السابق منع قوات الأمن المؤتمر الصحفي للتحالف الديمقراطي للمحامين في دارهم ، واعتقال لاعب الكرة الدولي هيثم مصطفي وضربه بسبب انحيازه الواضح للثورة ، وقيام الثورة المضادة في نيالا تحت مسمع ومرأي من المجلس العسكري ووالي دارفور بمهاجمة المعتصمين في محاولة يائسة لفض الاعتصام، مما أدي لاستشهاد مواطن واصابة 9 آخرين، مما يتطلب فتح تحقيق عاجل ومحاكمة من تسببوا في ذلك ، إضافة للمحاولات والمناوشات المستمرة لفض اعتصام القيادة العامة.
إضافة لافتعال أزمات الشح في الوقود والخبز والسيولة التي عادت الصفوف فيها من جديد ، واستمرار الارتفاع في الأسعار والغلاء ، وتدهور الجنية السوداني بعودة ارتفاع الدولار من جديد . وتدهور مرتبات العاملين حتي بعد الزيادات الأخيرة ” 500 جنية لأقل درجة ، و2500 للدرجات العليا ” ، وخاصة بعد دخول شهر رمضان واحتياجاته وبعده العيد ، والانقطاع المستمر في التيار الكهربائي ، وأزمة الجازولين وأثرها علي التحضير للموسم الزراعي الجديد.
كما أن استمرار الحكم العسكري سوف يزيد من تعقيدات الأزمة الاقتصادية والمعيشية ، باستمرار عدم تزويد السودان بالتمويل ، بسبب متأخرات الديون ، إضافة لعدم رفع السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب ، وحتى المنحة المقدمة من السعودية والإمارات 3 مليارات دولارغير كافية ، فضلا عن ديون السودان البالغة حوالي 54 مليار دولار، والعجز في الميزان التجاري الذي يبلغ 6 مليارات دولار، وغياب الإنتاج والصادر الذي يقوى موقف الجنية السوداني.
جاء رد المجلس العسكري علي الوثيقة الدستورية المقدمة من قوى “الحرية والتغيير” ، ليكشف نية المجلس للسيطرة علي المجلس السيادي وتحويله لمجلس رئاسي يكرس كل السلطات في يده ، من تعيين لرئيس الوزراء وأعضاء حكومته ، وتعيين رئيس القضاء والمستشارين وأعضاء النيابة العامة والمراجع العام ، وابرام الاتفاقات الدولية والتحالفات العسكرية مع الدول ، وإعلان الحرب وحالة الطوارئ ، وتعيين السفراء ، وتشكيل مجلس القضاء الأعلي ، وتعيين حكام الأقاليم. مما يعني تكريس الشمولية والديكتاتورية، وإعادة النظام الفاسد ، بكل ممارساته من تزوير للانتخابات ومصادرة الحقوق والحريات الأساسية ، ووقف محاكمة الفاسدين…الخ. إضافة للتهديد بإقامة انتخابات خلال 6 شهور في حالة عدم الاتفاق مع قوى التغيير ، علما بأنه مع وجود كل عناصر النظام الفاسد في أجهزة الدولة والقضاء ومفوضية الانتخابات ، والدعم المالي الخارجي . الخ ، سوف تكون نتيجة الانتخابات مزورة ومعروفة لصالح بقايا النظام الفاسد.
كما كشف المجلس العسكري عن مزايدته علي الشريعة ، في حين أن مصادر التشريع مكانها الدستور الدائم وليس الوثيقة الدستورية الانتقالية، فضلا عن أن شعبنا كشف استغلال الشريعة لمدة 30 عاما وكانت الحصيلة الفساد والنهب والقمع والحروب وفصل الجنوب باسم الدين ، فعن أي شريعة يتحدثون؟.
عليه ، لا بديل غير مواصلة الثورة وتصعيد النضال الجماهيري بمختلف الأشكال من قيام وتقوية لجان المقاومة في الأحياء ، وانتزاع النقابات ، ومواصلة المواكب والمظاهرات في الشوارع ، وتعزيز الاعتصامات في القيادة العامة والأقاليم، وتصعيد مطالب الجماهير اليومية حتى الاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب العسكري ، وقيام الحكم المدني الانتقالي الديمقراطي.
alsirbabo@yahoo.co.uk