الموقع بوست:
2025-02-05@18:12:33 GMT

معركة البحر الأحمر تنتظر تدخلا روسيا- صينيا 

تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT

معركة البحر الأحمر تنتظر تدخلا روسيا- صينيا 

لم تعد هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر حدثاً محصوراً باستهداف السفن المتوجهة إلى إسرائيل كما يبررها مرتكبوها، فقد تحولت إلى حرب تهدد بإقفال تام لشريان تجاري عالمي تمر عبره ما نسبته 10 إلى 15 في المئة من حركة البضائع المتداولة على الكرة الأرضية بما فيها الموارد النفطية التي تفوق نسبتها الـ10 في المئة.

 

صحيح أن استهداف السفن أثر على حركة ميناء إيلات الإسرائيلي بنسبة كبيرة، لكنه حاصر مصر وقناة السويس التي تفقد نحو نصف إيراداتها من العملة الصعبة التي تحتاج إليها البلاد، ودفع بكبريات شركات النقل البحري إلى الاستغناء موقتاً عن باب المندب مفضلة الطريق القديم، الأطول والأكثر كلفة حول أفريقيا ورأس الرجاء الصالح.

 

وأدى ذلك إلى زيادات في رسوم التأمين وكلفة الشحن واستهلاك مزيد من الوقت، بالتالي إلى زيادات في أسعار البضائع، مما يفرض أعباء جديدة على الاقتصاد العالمي.

 

أصبح إغلاق البحر الأحمر على يد الحوثيين قضية عربية تعني الدول المحيطة مباشرة، وقضية عالمية تعني دولاً ومصالح دولية متشابكة، ولم تعد مسألة بسيطة تقتصر على طريقة لإبداء الدعم لغزة، كما يقول قادة الحوثيين في صنعاء، فإقفال باب المندب وتحويل بحر العرب إلى مسرح لمطاردة السفن ليس أمراً طبيعياً أو مقبولاً بعد عقود من التقاء عديد من الدول على محاربة القرصنة والتمسك بإبقاء الممرات آمنة.

 

منذ تسعينيات القرن الماضي حسم الصراع في القرن الأفريقي لمصلحة الغرب، فشلت محاولات تشكيل جبهة موحدة تضم دول إثيوبيا والصومال واليمن الجنوبي بدعم من الاتحاد السوفياتي، انهارت الأنظمة القائمة في تلك الدول ودبت فوضى القراصنة التي استدعت تدخلات دولية لحماية الملاحة، حضرت أساطيل الدول الكبرى إلى المنطقة وتسابق الجميع على إقامة القواعد العسكرية في جيبوتي حيث تتجاور معسكرات الفرنسيين والأميركيين والصينيين والإسبان والإيطاليين، كل هؤلاء حضروا تحت عنوان حماية حرية الملاحة.

 

بين التسعينيات ومنتصف العقد الثاني من القرن الحالي حل تهديد جديد لأمن البحر الأحمر، دخلت إيران المشتبكة مع جيرانها العرب والمتنافسة مع النفوذ الغربي في بازار التنافس، وبدأت إرسال سفنها إلى المياه الدولية، لكن نفوذها الأكبر حققته عبر دعمها الحوثيين الذين انقلبوا على السلطة الشرعية اليمنية وسيطروا على العاصمة صنعاء وبدأوا حرباً أهلية- إقليمية لا تزال قائمة.

 

عبر الحوثيين حاولت إيران ولا تزال قول كلمتها في شأن أمن البحر الأحمر، ووفرت لها حرب غزة الفرصة لإثبات حضورها طرفاً معنياً في ترتيبات مستقبلية قد تتخذ لإقرار السلام في الممر المائي الدولي.

 

ما يجري في الجنوب العربي تمارسه إيران في شماله، ففتح جبهة لبنان ضد إسرائيل يشبه فتح جبهة اليمن ضد الملاحة وفي الحالتين تنتظر إيران الاعتراف لها بدور مستقبلي في إقرار التسويات المحتملة، لكن هل ستسير الرياح في اتجاه ما تشتهيه السفن الإيرانية؟

 

تجري الآن محاولات واتصالات حثيثة من أجل وقف للنار في غزة على شكل هدنات متلاحقة يتخللها إطلاق لسراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية وإسرائيليين محتجزين في غزة منذ عملية "طوفان الأقصى". لم ينته البحث بعد في الصفقة المحتملة، فإسرائيل لن تتخلى عن أهدافها الكبرى في القضاء على "حماس"، و"حماس" تطمح في التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار "مطلق وثابت" وهو ما تعارضه إسرائيل وأميركا.

 

لا يصاحب البحث عن صيغة لوقف النار في غزة، بحث عن التهدئة في جنوب البحر الأحمر، فيما تنشط الجهود على الجبهة الشمالية من أجل تسوية في لبنان تضمن قيام سلطة تلتزم ضبط الحدود اللبنانية وتتيح لـ"حزب الله" "النزول عن شجرة غزة".

 

في الهدنة السابقة بين إسرائيل و"حماس" التزم الحزب المذكور وقف عملياته على الحدود اللبنانية، والآن أيضاً، يتوقع منه أن يقوم بالأمر عينه، لكن ماذا لو تأخرت الصفقة أو فشلت من الأساس؟

 

لم يستنفر تدخل "حزب الله" في الشمال تحركاً عسكرياً دولياً مثلما أثارته هجمات الحوثي في الجنوب العربي، وفيما تجمع التقديرات على أن الحزب يضبط خطواته المساندة لفصائل غزة على إيقاع حربها ومفاوضاتها، بما لا يهدد باشتعال حرب واسعة، إلا إذا بادرت إليها إسرائيل، فإن "المساندة" الحوثية لا يمكنها أن تستمر لأنها تصطدم مباشرة بشبكة المصالح الدولية، فباب المندب ليس مضائق تيران، ومع ذلك أشعل إغلاق تلك المضائق على إسرائيل حرب 1967 الكارثية.

 

لن ينتظر العالم تسوية في غزة كي يتخلص من أزمة إقفال الممر الملاحي الدولي، ويمكن لنا أن نتوقع دخولاً سريعاً على خط المعالجة من أطراف خارج التحالف الدولي الذي تقوده أميركا لضبط الحوثيين.

 

الصين وروسيا لن يمكنهما البقاء طويلاً في مقاعد المتفرجين. البلدان يحتاجان في تجارتهما الدولية إلى قناة السويس وباب المندب. وفي أرقام حديثة أن قيمة البضائع الصينية التي تعبر البحر الأحمر تناهز يومياً المليار دولار، فيما تعتمد روسيا على هذا الممر في إيصال صادراتها النفطية إلى الهند والصين.

 

الروس سبقوا الأميركيين في التعويل على تحرك صيني لإنهاء ما يجري في البحر العربي، كتبت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية أن "الحوثيين يقوضون مبادرة الحزام والطريق الصينية"، لقد أصبح مستقبل المبادرة ومصر واليمن وإيران أعضاء فيها، على المحك. "الحديث لا يدور فقط عن المال، بل وعن السمعة".

 

المشكلة تطال روسيا في السمعة والمال. "سيصبح النفط الروسي أكثر كلفة بالنسبة إلى الهند والصين وسيتأخر وصوله".

 

بالنسبة إلى الصين وروسيا مفتاح الحل هو في إيران، هذا اعتراف بقدر ما هو اتهام لطهران بالوقوف وراء الأزمة ودفع الحوثيين إلى إثارتها.

 

يقول إيغور يوشكوف الخبير في الجامعة المالية للحكومة الروسية وصندوق أمن الطاقة، إن "روسيا ستحاول بوضوح الاتفاق مع إيران كي تنسق طهران مرور الناقلات الروسية عبر قناة السويس والبحر الأحمر"!

 

إيران "ستنسق مرور السفن الروسية"! ماذا يعني ذلك غير أن إيران هي من يقفل البحر الأحمر؟ الأميركيون طلبوا من الصينيين ضبط إيران كي تضبط الحوثيين. المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي أكد أن أميركا دعت الصين إلى موقف إيجابي. فهي لها "تأثير في طهران، ولديها القدرة على إجراء مباحثات مع القادة الإيرانيين لا نستطيع نحن القيام بها".

 

روسيا تحتاج دفعاً للقيام بدورها في الضغط على حليفها الإيراني، فهي عالقة في المستنقع الأوكراني وتستغل أي إمكانية لإزعاج خصومها في الولايات المتحدة وأوروبا، ولو كان ذلك على حساب أمن البحر الأحمر.

 

والدفع الذي تحتاج إليه روسيا سيأتي من أصدقائها العرب في مصر والخليج، الذين سيرغبون أن تقوم بدورها مع شريكها الإيراني لا أن تكتفي بالطلب إليه تسهيل مرورها في المضيق الملتهب.

 

أما الصين التي تحاول بناء رؤيتها الخاصة فوق أزمات العالم، فالوضع بالنسبة إليها يختلف، إنها راغبة في التوسط في تلك الأزمات، لكن قبل ذلك عليها النظر في وضع تجارتها العالمية ومشروعها الطموح: الحزام والطريق. ففي إطار هذا المشروع استثمرت كثيراً في مصر ومرافئها، وبنت أبراج العاصمة الإدارية ووسطها، والآن أصبحت الموانئ المصرية شبه فارغة.

 

في الخلاصة، لم يعد ربط هجمات البحر الأحمر بمعركة غزة كافياً ومقنعاً، لقد تحرك الغرب عسكرياً وهو ينتظر الآن ما سيفعله الروس والصينيون مع مدير المعركة الإيراني.

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر غزة روسيا الصين البحر الأحمر فی غزة

إقرأ أيضاً:

أقدم ورشة لصناعة مجسمات السفن والماكيتات بالأنفوشي في الإسكندرية ( فيديو )

 

 

تغلق السفن أشرعتها وترسو على شاطئ الأنفوشي في بحري بالإسكندرية، وبين حبيبات الرمال البيضاء، تكمن ورشة صغيرة تطل على مياه البحر، على بابها الصغير ستائر مصنوعة من الأصداف والقواقع البحرية وفي أحشائها مشغولاتٍ يدوية لتحفٍ ذات طابع بحري، يدخل رجل في العقد السابع من عمره وقد أكل الشيب فروة رأسه ولحيته، و طوي أكمام قميصه، وأخذ لوح من الخشب ليقطعه وينحته على شكل سفينة، ثم يمسح عليه بورق السنفرة ليصبح أملسًا وجاهزًا لتشرب الطلاء ذو اللون البني، وبعدها يشرع في تركيب الشبابيك والأشرعة، ليخرج نموذج مصغر يحاكي القوارب والمراكب والسفن، الحج رضا أبو شنب يحكي تفاصيل تلك المهنة التي تخطت قرن وهي إرثه أبًا عن جد.

وقال "أبو شنب"، أن عائلته أقدم من اشتهر بمهنة صناعة السفن بمنطقة الأنفوشي بالإسكندرية، وأسس جده ورشة مختصة للسفن البحرية الكبيرة والتي كانت تصنع لجميع المدن الساحلية المصرية، وبدأ والده بتوسيع نشاطهم وقرر أن لاتتوقف على ذلك الجانب فقط، واتجه إلى صناعة الديكور من الطبيعة البحرية، وشرع في تصنيع المجسمات والماكيتات متعددت الأحجام والأنواع والأشكال من مراكب صيد، والدنجل، والسفن البدائية القديمة.

وأضاف أبو شنب، أنه بدأ العمل منذ المرحلة الإعدادية، وقرر أخذ تلك المهنة من ناحية مختلفة، واتجه إلى استغلال البيئة البحرية والتي أوحت له بالفكرة، عن طريق استخدام الأصداف والقواقع ونجوم البحر، بالإضافة إلى ادخال بعض شخصيات الأساطير والحكايات الشهيرة، كعروس البحر والقراصنة، وصناعة الموكيتات، وهي مجسمات للسفن والقوارب والمراكب البحرية بمختلف أنواعها وأحجامها وأشكالها، وتخصص في صناعة وتشكيل مختلف أنواع التحف البحرية.

وتابع أبو شنب، أن حياة البحر واسعة وتفاصيلة دقيقة جدًا، وأوحت له بالعديد من الأفكار، فمثلاً فكرة الورشة تحاكي شكل السفينة من الداخل من حيث الإضاءة والديكورات والنوافذ، والسلم وشكل الأرفف والجدران، وأن صناعة السفن مهنة دقيقة كثيرة التفاصيل، وتمر بعدة مراحل، وتبدأ بمرحلة تجميع الأخشاب، وأخذ المقاسات، ثم تقطع بحسب الشكل والحجم المطلوب للمجسم، وتأتي بعد ذلك مرحلة السنفرة لإزالة الأجزاء الخشنة ليصبح الماكيت جاهز للطلاء باللون البني ليبرز شكل وملامح الخشب، ثم تركه ليجف، وتركيب النوافذ والأشرعة والسلالم ليصبح الموكيت جاهزًا.

وأوضح أبو شنب، أن المدة المستغرقة لصناعة الموكيت تختلف حسب حجمه، فمثلاً الماكيتات الصغيرة تأخذ يوم، والمتوسطة يومين، أما الكبيرة قد تصل إلى اسبوع، وبالنسبة لتفاصيل المجسم فقد تأخذ وقتًا أكثر من المتوقع، فالسفينة ذات الشراع الواحد، غير ذات الشراعين والثلاثة أشرعة، والدنجل، وأن العمل اليدوي له مذاق خاص عن الصناعات الألية، فكل قطعة لها قصة وحكاية، وأنه يصنع كل قطعة بشغف كبير ويضع فيها كل جهده ليخرج عمل فني فريد من نوعه.

وأضاف أبو شنب، أن المهنة بالنسبة له هواية وشغف، وأن كل قطعة تخرج من تحت يداه، يضع فيها كل جهده وشغفه، ساعيًا أن ينهيها على أكمل وجه، لتصبح تحفة فنية، وليست مجرد زينة تضاف للديكور، وإنما لتضيف المكان الموجود فيه روحًا فريدة، بكل تفصيلة فيها بدايةً من شكل الخشب إلى الشراع.

وأكد أبو شنب، على أهمية المهن اليدوية، وأنها عامل جذب قوي للسياح، حيث يهتم جميع السائحين من شتى أنحاء العالم بهذا النوع من الأعمال، وأنهم يقدرون الأشغال والحرف اليدوية، لما لها من تفاصيل ودقة في إخراج منتج ذو طابع مختلف، أخذ من روح المكان والعامل وعاش معه تفاصيل يومه، وأن تلك المجسمات تلقى إقبالاً كبير من السياح على المستوى العربي والأوروبي، وبالإضافة إلى الزوار المصريين.

 

لمشاهدة الفيديو اضغط على 

 

IMG-20250203-WA0009 IMG-20250203-WA0008 IMG-20250203-WA0007

مقالات مشابهة

  • تقرير: قوات صنعاء تمكنت من فرض معادلات جديدة في البحر الأحمر
  • بعد تطمينات صنعاء .. شركات شحن عالمية تعاود الإبحار عبر البحر الأحمر
  • تعيين قائد جديد لمهمة الإتحاد الأوروبي ''أسبيدس'' المكلفة بحماية السفن في البحر الأحمر
  • “لويدز ليست” البريطانية: شركات الشحن بدأت في العودة التدريجية إلى البحر الأحمر
  • شاهد | معركة البحر الأحمر هاجس للقوى البحرية العالمية
  • أول من أطلق الصواريخ المضادة للسفن!!
  • هذا ما حصل لرجل عاش في البحر 25 عاماً
  • أقدم ورشة لصناعة مجسمات السفن والماكيتات بالأنفوشي في الإسكندرية ( فيديو )
  • اجتماع مع ممثلي 23 شركة رائدة في المجال لطمأنة الخطوط الملاحية للعودة إلى المرور عبر قناة السويس.. ربيع: انخفاض الإيرادات بنسبة 62% منذ مطلع عام 2024.. 6000 سفينة عبرت رأس الرجاء الصالح منذ نوفمبر
  • بالفيديو| "اليوم" ترصد تطورات وظائف المستقبل التي تنتظر الخريجين