حرب شعواء يشنها الاحتلال على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، تواطأت فيها عدة دول غربية، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وكندا وفرنسا.

وتكمن كارثية القرار الغربي بتوقيته الحرج إذ يعاني فلسطينيو القطاع من أزمات إنسانية وسط الحرب والبرد والمجاعة والنزوح، مع دخول العدوان شهره الرابع، وسقوط أكثر من 26 ألف شهيد.



ودعا وزير خارجية الاحتلال يسرائيل كاتس، "المزيد من الدول" إلى وقف دعم الوكالة بذريعة مشاركة بعض موظفيها في عملية طوفان الأقصى، متهما الأونروا بتوفير الملاذ لعناصر حركة حماس، بحسب زعمه.

وطالت اتهامات الاحتلال 12 موظفا من أصل ما يزيد على الـ30 ألف موظف وموظفة، معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم ويعملون لدى الأونروا، بالإضافة إلى عدد قليل من الموظفين الدوليين.

من جانبها قالت الأونروا، إنها فتحت تحقيقا في مزاعم ضلوع عدد من موظفيها في هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.


في المقابل، أدانت حركة حماس ما وصفتها بـ"حملة التحريض الإسرائيلية" ضد المؤسسات الأممية، التي تسهم في "إغاثة شعبنا الذي يتعرض لإبادة جماعية".

وتعد حملة تحريض الاحتلال ضد الوكالة استكمالا لجهد بدأ منذ سنوات يهدف لإنهاء عمل الأونروا، وقطع الحديث بعد ذلك عن أي حديث لعودة اللاجئين الفلسطينيين.

ويرى الاحتلال في الوكالة خطرا على وجوده، فبقاء الأونروا يعني مواصلة الفلسطينيين دعواتهم إلى تحرير أراضيهم، والمطالبة بحق العودة لملايين الفلسطينيين في الشتات.

ليست الحملة الأولى
لم يكن هجوم نتنياهو على الأونروا هو الأول من نوعه، فمنذ بداية العدوان ركز الاحتلال على استهدافها، سواء بالتصريحات أو بالقصف على الأرض.

ومطلع عام 2018، هاجم رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين #نتنياهو، بحدة وكالة الأونروا قائلا: "إنها يجب أن تختفي من العالم، وإنها تسعى إلى تدمير دولة إسرائيل".

ودعا مسؤولو الاحتلال مرارا إلى خفض التمويل الدولي للوكالة، وطالبوا بإنهاء خدماتها في عدة مناسبات.

وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أول المستجيبين لدعوات الاحتلال بعد قرار إدارته في كانون الثاني/ يناير 2018، وقف مساهمتها المالية السنوية البالغة 300 مليون دولار.

ورحبت دولة الاحتلال بقرار ترامب حينها، متهمة الوكالة الأممية بـ"إطالة أمد النزاع الإسرائيلي الفلسطيني" من خلال تكريسها المبدأ الذي تعارضه دولة الاحتلال، أن الكثير من الفلسطينيين هم لاجئون لهم الحق في العودة إلى ديارهم، أي الأراضي التي فروا أو طردوا منها عند قيام دولة الاحتلال.

وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”، أن "اتهامات دولة الاحتلال للأونروا هي جزء من تاريخ طويل من الاحتكاك، وحرب على منظمة يعتمد عليها الملايين من أبناء وأحفاد المهجرين من اللاجئين بعد النكبة".

تصفية القضية الفلسطينية
لم يخف نتنياهو ولا سابقوه من رؤساء حكومات الاحتلال المتعاقبة، رغبتهم في تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الحديث عن حق العودة واحتلال الأراضي الفلسطينية.

وكانت اتفاقات التطبيع العربية مع الاحتلال، دافعا لنتنياهو لتسريع جهوده ضد الفلسطينيين، ومن ضمنها إنهاء عمل الأونروا التي تمثل مصدر قلق للاحتلال كونها وكالة تختص بالفلسطينيين وتثبت حق عودتهم، وتناهض الاحتلال.

وقبل أربع سنوات قالها نتنياهو صراحة، عندما دعا إلى إغلاق الأونروا قائلا: "إنه بينما يحصل ملايين من اللاجئين حول العالم على مساعدات من مكتب المفوضية العليا للاجئين، فإن الفلسطينيين وحدهم لديهم منظمة مخصصة لهم تتعامل مع أبناء أحفاد اللاجئين، وهم ليسوا لاجئين".

ويعد وجود منظمة أممية لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين بوصفهم الدقيق، اعترافا دوليا بمأساة الشعب الفلسطيني الذي تعرض لاحتلال تسبب في تهجير سكان الأرض الأصليين، وعلى ذلك يبقى العالم ملزما بحل قضيتهم وإنصافهم، وهذا ما تنصلت منه القوى الغربية خلال السنوات الأخيرة.

ودعت السلطة الفلسطينية، الدول التي أعلنت التعليق المؤقت للتمويلات الجديدة لوكالة "أونروا" إلى التراجع عن قرارها "فورا"، محذرة من "حملة تحريض إسرائيلية تهدف إلى تصفية الوكالة".

وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية حملة التحريض الممنهجة ضد الأونروا، واعتبرتها عداء مبيتا لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينين.

بدوره حذر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، من التبعات الخطيرة لحملة لتحريض على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

وقال أبو الغيط: "إن هذه الحملة ليست جديدة، كما أن الرغبة في تصفية عمل الوكالة، قد تكررت بصور مختلفة عبر السنوات الماضية؛ والهدف منها مكشوف وهو دفع المجتمع الدولي إلى التخلي عن مسؤولياته في إغاثة اللاجئين الفلسطينيين، وإلقاء عبء المسؤولية برمتها على الدول المتعاطفة مع القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها الدول العربية".

يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون: "إن الاحتلال يهدف إلى تصفية أي خدمات تقدم للشعب الفلسطيني خصوصا في قطاع غزة، وبخاصة أنه بدأ عملية انتقامية من الفلسطينيين ويريد قطع أي إمداد وإغاثة يمكنها مساعدة الشعب الفلسطيني".

وأضاف في حديث لـ"عربي21”، أن "الاحتلال يشن حربا شاملة على الشعب الفلسطيني وقطاع غزة بشكل خاص لا تشمل الاستهداف العسكري المباشر، بل تهدف إلى تدمير كل مقومات الحياة في القطاع".

وتابع، بأن "الأونروا تقوم بدور واسع في المجال الإغاثي، ولهذا فإن الاحتلال يستهدف تصفية أي شريان يمد غزة بالحياة، إذ إنه يسعى لأن يتحول القطاع إلى مكان غير صالح للحياة".


نية مبيتة
في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كشف تقرير "إسرائيلي" عن خطة متكاملة من عدة مراحل تهدف لتفكيك الأونروا وإخراجها من قطاع غزة.

وذكر التقرير الذي نقلته القناة 12 العبرية، أن هناك خطة من ثلاث مراحل تسعى حكومة الاحتلال من خلالها لتصفية الوكالة.

وتكون المرحلة الأولى تلفيق مزاعم وادعاءات "لإثبات تعاون مزعوم بين الأونروا وحركة حماس"، فيما تتضمن المرحلة الثانية، "تقليص عمليات الأونروا في القطاع الفلسطيني، والبحث عن منظمات مختلفة لتقديم خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية للفلسطينيين في غزة".

وتختتم الخطة بالمرحلة الثالثة، التي تقضي "بنقل كل مهام وكالة الأونروا إلى الهيئة التي ستحكم غزة بعد انتهاء الحرب".

توقيت كارثي
ووصف المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليب لازاريني، قرار الدول الغربية، تعليق تمويل الوكالة بأنه "صادم"، داعيا إلى العدول عن القرار.

وأضاف: "إنه أمر صادم أن نرى تعليق تمويل الوكالة كرد فعل على الادعاءات ضد مجموعة صغيرة من الموظفين، لا سيما في ضوء التدابير التي اتخذتها الوكالة الأممية التي يعتمد عليها أكثر من مليوني شخص من أجل البقاء على قيد الحياة".

من جانبه، ناشد غوتيريش بشدة، الدول المانحة التي علقت مساهماتها لوكالة الأونروا، مواصلة التمويل لضمان استمرار عمل الوكالة.

بدورها، اتهمت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، الدول التي أعلنت وقف دعمها المالي للأونروا بدعوى أن موظفيها يدعمون حركة حماس، بـ"المساعدة في الإبادة الجماعية".

وجاءت الخطوات الغربية عقب ساعات من إعلان محكمة العدل الدولية، رفضها مطالب دولة الاحتلال بإسقاط دعوى الإبادة الجماعية في غزة، التي رفعتها ضدها جنوب أفريقيا وحكمت مؤقتا بإلزام "تل أبيب" بتدابير لوقف الإبادة وإدخال المساعدات الإنسانية.

وأوضح المدهون في حديثه لـ"عربي21"، أن "الاحتلال يهدف من خلال ذلك استراتيجيا إلى تهجير السكان، ولهذا فإنه انتقل من الاستهداف المباشر بالقصف إلى إنهاء عمل الأونروا فعليا".

وأكد المدهون أن "الاستجابة الغربية تدل على أن الطلب الإسرائيلي كان منسقا مع الولايات المتحدة وحلفائها، كما أنها تشير إلى وجود قرار حقيقي بزيادة الضغط وتجويع الشعب الفلسطيني وإغلاق أي منافذ لمساعدته".

وأردف، بأن "القرار الغربي هو بمثابة شن حرب على الفلسطينيين، كما أنه يؤكد مشاركة هذه الدول في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في غزة".

وأشار إلى أن "الاستجابة الغربية كانت صادمة ومفاجئة وتدل على أن هناك تآمرا على الفلسطينيين وإرادتهم في الحياة".

الأونروا
تأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين عام 1949 لمساعدة لاجئي فلسطين في أعقاب نكبة الـ48.

وتقدم الوكالة خدمات تعليمية وصحية ومساعدات للفلسطينيين بغزة والضفة والأردن وسوريا ولبنان حيث إنها تساعد نحو ثلثي سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

وفي عام 2021، سجلت الوكالة أكثر من 5.7 مليون لاجئ فلسطيني حصلوا على خدماتها في لبنان، والأردن وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة.

وتكمن أهدافها في تقديم المعرفة والمهارات المكتسبة، كما أن عمل الأونروا يهدف إلى تحقيق مستوى لائق من المعيشة، والتمتع بحقوق الإنسان إلى الحد الأقصى الممكن للفلسطينيين.

وتقدم الأونروا خدمات للفلسطينيين، كالتنمية البشرية والإنسانية: "التعليم الابتدائي والمهني، والرعاية الصحية الأولية، والإغاثة، والخدمات الاجتماعية، والبنية التحتية، وتحسين المخيمات، والتمويل الصغير، والاستجابة للطوارئ في حالات النزاع المسلح".

وتمثل تبرعات الدول الأوروبية والأعضاء في الأمم المتحدة أكثر من 93.28% من ماليات الوكالة.

وتتلخص مسؤولية الوكالة في إدارة خدمات التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية والتمويل الصغير وبرامج المساعدة في حالات الطوارئ داخل المخيمات وخارجها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الاحتلال الأونروا التمويل غزة غزة الاحتلال تمويل الأونروا المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین الفلسطینیین الشعب الفلسطینی وکالة الأونروا دولة الاحتلال عمل الأونروا أکثر من کما أن

إقرأ أيضاً:

د. المساد يحذر .. مأساة حريق الطفل في منارة تعليم ليست الأولى لكنها الأهم

#سواليف – خاص

قال الخبير التربوي الدكتور #محمود_المساد ، أن #حريق #الطفل في #منارة_تعليم يشرح الواقع المتردي به، ويُنذر بموجة عدوى التذمر والاحتكاك التي لا تحمد عقباها.

وأضاف الدكتور المساد في حيث خاص بسواليف الإخباري ، أن هذه #الحادثة ليست #المأساة الأولى،لكنها الأهم والأعمق في العقد الأخير. وتنذر بسيل من التحديات أمام الهدف الأساس لمؤسسة التعليم.فهل من منقذ يتحلى بالجرأة والحكمة والمرونة!!!!؟
وتابع : #داعش، هي الوحيدة التي مارست الحرق بالنار، فهل وصلنا إلى هذا الحدّ !!! أيها الناس نعذر من لا يتكلم،  نعم،فالأنياب كثيرة، ومتعددة المصادر، والقانون جاهز…..حتى الذي يعيش  المأساة نفسها من عامة الشعب قد يقول: ” الله أعلم ” رُبّ ما عمله هذا الطفل يستحق عليه هذا العقاب. وهذا بالتأكيد الرأي الظاهر المكشوف؛ تجنّبا لعقاب ما، ومجاملة لجهة ما. إننا في وقتٍ الأنسب فيه هو أن تميل إلى القول الشائع: ” سكّن تسلم”.
وتساءل الدكتور المساد في معرض حديثه لسواليف : ما الذي يستطيع الناس فعله هذه الايام، والكل يعلم مستوى القدرات الاقتصادية الهزيلة، والظروف العمياء، فهل من سبيل إلى التعليم الخاص،في ظل البؤس الاجتماعي، والتراجع الثقافي الذي نعيشه؟ وبمَ ننصح أولياء أمور الطفل المجني عليه،ونحن نتفق معه أن المكان لم يعدْ ذات المكان، وأن هدف المكان لم يعد ذات الهدف، خاصة بعد هذه الفاجعة، فهل ننصح هذا الطفل بالتسرب بهذا العمر المبكر، والجلوس بالبيت، والبحث عن سبيل في أماكن غير لائقة ؛ حفاظًا على حياته؟!! أم ننصحه بالرضوخ، وتقبيل أيدي الجُناة، ومَن يقف خلفهم؟!!.
وختم الدكتور محمود المساد مخاطبا الطفل الضحية: حقيقة، نحن نتوه معك أيها الطالب ،ونعيش وجع مصيبتك، فهذا هو زمان التيه! وزمان بيات الأخلاق! وزمان #صمت_الضمير،والإنسانية!! بل هو حقاً زمان الخوف الذي يلوذ فيه الإنسان إلى الاستسلام، بينما ينهض في هذا الزمان التسلط واللعب على الحبال لا غير!!
وتساءل أخيرا : متى نغادر ثقافة الصّمت؟ بل متى تغادرنا #ثقافة_الخوف؟!!

مقالات ذات صلة الصبيحي .. عن أي عبث بتقسيط المديونية تتحدث يا معالي الوزير.؟! 2025/03/05

مقالات مشابهة

  • نصر عبده: الولايات المتحدة تعاقب بعض الدول انحيازا للاحتلال الإسرائيلي
  • المطران حنا منتقدا روبيو: تشويه للمسيحية وتنكر لظلم تاريخي بحق الفلسطينيين
  • شهيد وإصابات في الشجاعية بقصف للاحتلال.. كم بلغت إحصائية العدوان؟
  • إيران تعيّن سفيراً جديداً لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية
  • ماكرون: روسيا أصبحت تشكل تهديداً لأوروبا .. ونرغب في استمرار دعم الولايات المتحدة
  • وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي يبحثون ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم
  • د. المساد يحذر .. مأساة حريق الطفل في منارة تعليم ليست الأولى لكنها الأهم
  • وزير الخارجية: الإدارة الأمريكية ليست متمسكة بتهجير الفلسطينيين
  • الحسيني يكشف عن الدولة التي اغتالت حسن نصر الله| ويؤكد: ليست إسرائيل
  • السيسي: القدس ليست مدينة.. بل رمز لهويتنا وقضيتنا