ليست الحملة الأولى على الوكالة.. لماذا تشكل الأونروا مصدر قلق للاحتلال؟
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
حرب شعواء يشنها الاحتلال على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، تواطأت فيها عدة دول غربية على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وكندا وغيرهم.
وتكمن كارثية القرار الغربي بتوقيته الحرج إذ يعاني فلسطينيو القطاع من أزمات إنسانية وسط الحرب والبرد والمجاعة والنزوح، مع دخول العدوان شهره الرابع، وسقوط أكثر من 26 ألف شهيد.
ودعا وزير خارجية الاحتلال يسرائيل كاتس، "المزيد من الدول" إلى وقف دعم الوكالة بذريعة مشاركة بعض موظفيها بعملية طوفان الأقصى، متهما الأونروا بتوفير الملاذ لعناصر حركة حماس بحسب زعمه.
وطالت اتهامات الاحتلال 12 موظفا من أصل ما يزيد على 30 ألف موظف وموظفة، معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم يعملون لدى الأونروا، بالإضافة إلى عدد قليل من الموظفين الدوليين.
من جانبها قالت الأونروا، إنها فتحت تحقيقا في مزاعم ضلوع عدد من موظفيها في هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
في المقابل، أدانت حركة حماس ما وصفتها بـ"حملة التحريض الإسرائيلية" ضد المؤسسات الأممية، التي تسهم في "إغاثة شعبنا الذي يتعرض لإبادة جماعية".
وتعد حملة تحريض الاحتلال ضد الوكالة استكمالا لجهد بدأ منذ سنوات يهدف لإنهاء عمل الأونروا، وقطع الحديث بعد ذلك عن أي حديث لعودة اللاجئين الفلسطينين.
ويرى الاحتلال في الوكالة خطرا على وجوده، فبقاء "الأونروا" يعني مواصلة الفلسطينيين دعواتهم إلى تحرير أراضيهم، والمطالبة بحق العودة لملايين الفلسطينيين في الشتات.
ليست الحملة الأولى
لم يكن هجوم نتنياهو على الأونروا هو الأول من نوعه، فمنذ بداية العدوان ركز الاحتلال على استهدافها سواءا بالتصريحات أو القصف على الأرض.
ومطلع عام 2018، هاجم رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين #نتنياهو، بحدة وكالة الأونروا قائلا، "إنها يجب أن تختفي من العالم، وأنها تسعى إلى تدمير دولة إسرائيل".
ودعا مسؤولو الاحتلال مرارا إلى خفض التمويل الدولي للوكالة، وطالبوا بإنهاء خدماتها في عدة مناسبات.
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أول المستجيبين لدعوات الاحتلال بعد قرار إدارته في كانون الثاني/ يناير 2018 وقف مساهمتها المالية السنوية البالغة 300 مليون دولار.
ورحبت إسرائيل بقرار ترامب حينها، متهمة الوكالة الأممية بـ"إطالة أمد النزاع الإسرائيلي الفلسطيني" من خلال تكريسها المبدأ الذي تعارضه إسرائيل بأن الكثير من الفلسطينيين هم لاجئون لهم الحق في العودة إلى ديارهم، أي الأراضي التي فروا أو طردوا منها عند قيام دولة إسرائيل.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”، "أن اتهامات إسرائيل للأونروا جزء من تاريخ طويل من الإحتكاك، وحرب على منظمة يعتمد عليها الملايين من أبناء وأحفاد المهجرين من اللاجئين بعد النكبة".
تصفية القضية الفلسطينية
لم يخف نتنياهو ولا سابقيه من رؤساء حكومات الاحتلال المتعاقبة، رغبتهم بتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الحديث عن حق العودة واحتلال الأراضي الفلسطينية.
وكانت اتفاقيات التطبيع العربية مع الاحتلال، دافعا لنتنياهو لتسريع جهوده ضد الفلسطينيين، ومن ضمنها إنهاء عمل الأونروا التي تمثل مصدر قلق للاحتلال كونها وكالة تختص بالفلسطينيين وتثبت حق عودتهم، وتناهض الاحتلال.
وقبل أربعة سنوات قالها نتنياهو صراحة، عندما دعا إلى إغلاق الأونروا قائلا، "أنه بينما يحصل ملايين من اللاجئين حول العالم على مساعدات من مكتب المفوضية العليا للاجئين، فإن الفلسطينيين وحدهم لديهم منظمة مخصصة لهم تتعامل مع أبناء أحفاد اللاجئين، وهم ليسوا لاجئين".
ويعد وجود منظمة أممية لمساعدة اللاجئين الفلسطنيين بوصفهم الدقيق، اعترافا دوليا بمأساة الشعب الفلسطيني الذي تعرض لاحتلال تسبب بتهجير سكان الأرض الأصليين، وعلى ذلك يبقى العالم ملزما بحل قضيتهم وإنصافهم، وهذا ما تنصلت منه القوى الغربية خلال السنوات الأخيرة.
ودعت السلطة الفلسطينية، الدول التي أعلنت التعليق المؤقت للتمويلات الجديدة لوكالة "أونروا" إلى التراجع عن قرارها "فورا"، محذرة من "حملة تحريض إسرائيلية تهدف إلى تصفية الوكالة".
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية حملة التحريض الممنهجة ضد الأونروا، واعتبرتها عداءا مبيتا لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينين.
بدوره حذر أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، من التبعات الخطيرة لحملة لتحريض على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
وقال أبوالغيط، "إن هذه الحملة ليست جديدة، كما أن الرغبة في تصفية عمل الوكالة، قد تكررت بصور مختلفة عبر السنوات الماضية؛ والهدف منها مكشوف وهو دفع المجتمع الدولي إلى التخلي عن مسئولياتها في إغاثة اللاجئين الفلسطينيين، وإلقاء عبء المسئولية برمتها على الدول المتعاطفة مع القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها الدول العربية".
يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون، "إن الاحتلال يهدف إلى تصفية أي خدمات تقدم للشعب الفلسطيني خصوصا في قطاع غزة، خصوصا أنه بدأ عملية انتقامية من الفلسطينيين ويريد قطع أي إمداد وإغاثة يمكنها مساعدة الشعب الفلسطيني".
وأضاف في حديث لـ "عربي21”، "أن الاحتلال يشن حربا شاملة على الشعب الفلسطيني وقطاع غزة بشكل خاص لا تشمل الاستهداف العسكري المباشر، بل تهدف لتدمير كل مقومات الحياة في القطاع".
وتابع، "أن الأونروا تقوم بدور واسع في المجال الإغاثي، ولهذا يستهدف الاحتلال تصفية أي شريان يمد غزة بالحياة، إذ يسعى لأن يتحول القطاع مكان غير صالح للحياة ".
نية مبيتة
في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كشف تقرير "إسرائيلي" عن خطة متكاملة من عدة مراحل تهدف لتفكيك "الأونروا" وإخراجها من قطاع غزة.
وذكر التقرير الذي نقلته القناة 12 العبرية، أن هناك خطة من ثلاث مراحل تسعى حكومة الاحتلال من خلالها إلى تصفية الوكالة.
وتكون المرحلة الأولى تلفيق مزاعم وادعاءات "لإثبات تعاون مزعوم بين الأونروا وحركة حماس"، فيما تتضمن المرحلة الثانية، "تقليص عمليات الأونروا في القطاع الفلسطيني، والبحث عن منظمات مختلفة لتقديم خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية للفلسطينيين في غزة".
وتختتم الخطة بالمرحلة الثالثة، التي تقضي "بنقل كل مهام وكالة الأونروا إلى الهيئة التي ستحكم غزة بعد انتهاء الحرب".
توقيت كارثي
ووصف المفوض العام لوكالة "الأونروا"، فيليب لازاريني، قرار الدول الغربية، بتعليق تمويل الوكالة بأنه "صادم"، داعيا للعدول عن القرار
وأضاف: "إنه أمر صادم أن نرى تعليق تمويل الوكالة كرد فعل على الادعاءات ضد مجموعة صغيرة من الموظفين، لا سيما في ضوء التدابير التي اتخذتها الوكالة الأممية التي يعتمد عليها أكثر من مليوني شخص من أجل البقاء على قيد الحياة".
من جانبه، ناشد غوتيريش بشدة، الدول المانحة التي علقت مساهماتها لوكالة الأونروا، بمواصلة التمويل لضمان استمرار عمل الوكالة.
بدورها، اتهمت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، الدول التي أعلنت وقف دعمها المالي للأونروا بدعوى أن موظفيها يدعمون حركة حماس، بـ "المساعدة في الإبادة الجماعية".
وجاءت الخطوات الغربية عقب ساعات من إعلان محكمة العدل الدولية، رفضها مطالب إسرائيل بإسقاط دعوى الإبادة الجماعية في غزة، التي رفعتها ضدها جنوب إفريقيا وحكمت مؤقتا بإلزام تل أبيب بتدابير لوقف الإبادة وإدخال المساعدات الإنسانية.
وأوضح المدهون في حديثه لـ "عربي21"، "أن الاحتلال يهدف من خلال ذلك استراتيجيا إلى تهجير السكان ولهذا انتقل من الاستهداف المباشر بالقصف إلى إنهاء عمل الأونروا فعليا".
وأكد المدهون،"أن الاستجابة الغربية تدل أن الطلب الإسرائيلي كان منسقا مع الولايات المتحدة وحلفائها، كما أنها تشير إلى وجود قرار حقيقي بزيادة الضغط وتجويع الشعب الفلسطيني وإغلاق أي منافذ لمساعدته".
وأردف، "أن القرار الغربي بمثابة شن حرب على الفلسطينيين، كما يؤكد مشاركة هذه الدول في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في غزة".
وأشار إلى أن "الاستجابة الغربية كانت صادمة ومفاجئة وتدل أن هناك تآمر على الفلسطينيين وإرادتهم في الحياة".
الأونروا
تأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين عام 1949 لمساعدة لاجئي فلسطين في أعقاب نكبة 48.
وتقدم الوكالة خدمات تعليمية وصحية ومساعدات للفلسطينيين بغزة والضفة والأردن وسوريا ولبنان حيث تساعد نحو ثلثي سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وفي عام 2021، سجلت الوكالة أكثر من 5.7 مليون لاجئ فلسطيني حصلوا على خدماتها في لبنان، والأردن، وسوريا، والضفة الغربية، وقطاع غزة.
وتكمن أهدافها في تقديم المعرفة والمهارات المكتسبة، كما يهدف عمل الأونروا لتحقيق مستوى لائق من المعيشة، والتمتع بحقوق الإنسان إلى الحد الأقصى ممكن للفلسطينيين.
وتقدم الأونروا خدمات للفلسطينيين كالتنمية البشرية والإنسانية "التعليم الابتدائي والمهني، والرعاية الصحية الأولية، والإغاثة، والخدمات الاجتماعية، والبنية التحتية، وتحسين المخيمات، والتمويل الصغير، والاستجابة للطوارئ في حالات النزاع المسلح".
وتمثل تبرعات الدول الأوروبية والأعضاء بالأمم المتحدة أكثر من 93.28% من ماليات الوكالة.
وتتلخص مسؤولية الوكالة على إدارة خدمات التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية والتمويل الصغير وبرامج المساعدة في حالات الطوارئ داخل المخيمات وخارجها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الاحتلال الأونروا التمويل غزة غزة الاحتلال تمويل الأونروا المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین الفلسطینیین الشعب الفلسطینی عمل الأونروا أکثر من
إقرأ أيضاً:
أول تحرك من إيران بعد قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية
اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مساء الخميس، قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي، في وقت أعلنت فيه الجمهورية الإسلامية اتخاذ إجراءات لتسريع البرنامج.
ومشروع القرار الذي طرحته على التصويت مجموعة الدول الأوروبية الثلاث، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بدعم من الولايات المتحدة، أيّدته 19 دولة من أصل 35، وعارضته روسيا والصين وبوركينا فاسو، بينما امتنعت الدول الـ12 الباقية عن التصويت.
وسرعان ما أدانت طهران القرار، حيث أصدرت وزارة الخارجية ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية بيانًا مشتركًا مساء الخميس.
ووصفت القرار بأنه "ذو دوافع سياسية" و"مدمر"، متهمةً داعميه الغربيين باستخدامه كذريعة لتحقيق "أهداف سياسية غير مشروعة" ضدها.
وأعلنت إيران عن خططها لتشغيل "مجموعة كبيرة" من أجهزة الطرد المركزي المتطورة، بهدف تسريع عملية تخصيب اليورانيوم.
واستبقت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون جلسة التصويت، الخميس، بحشد الدعم للقرار، من خلال تسليط الضوء على أنشطة إيران.
وخاطبت واشنطن مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالقول إن أنشطة طهران النووية "ما زالت مثيرة للقلق بشكل عميق"، مشيرة إلى أنّ تعاون الجمهورية الإسلامية مع الوكالة هو "أقلّ بكثير" من التوقعات.
بدورها، قالت الدول الأوروبية إنّ "سلوك إيران في المجال النووي" لا يزال يمثل "تهديداً للأمن الدولي".
وأضافت بريطانيا وفرنسا وألمانيا في بيان مشترك "يجب على المجتمع الدولي أن يظل ثابتاً في تصميمه على منع إيران من تطوير أسلحة نووية".
وبعد التصويت، قال مندوب إيران محسن نظيري، لوكالة فرانس برس، إن هذه الخطوة "ذات دوافع سياسية ولم تحظَ بدعم كبير مقارنة بالقرارات السابقة".
وبعد توجيهها تحذيراً إلى إيران في يونيو (حزيران)، قدمت الدول الغربية نصاً جديداً يسلط الضوء على عدم إحراز أي تقدم في الأشهر الأخيرة.
تذكّر الوثيقة التي أعدتها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة إيران "بالتزاماتها القانونية" بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي التي صادقت عليها عام 1970.
وجاء في النص أنه "من الضروري والعاجل" أن تقدم طهران "ردودا فنية موثوقة" في ما يتعلق بوجود آثار غير مفسرة لليورانيوم في موقعين غير معلنين قرب طهران، هما تورقوز آباد وورامين.
ويطالب الموقعون من الوكالة التابعة للأمم المتحدة بـ"تقرير كامل" حول هذا النزاع الطويل الأمد، مع تحديد موعد نهائي لتقديمه في ربيع عام 2025.