لماذا استُبعد روحاني من الترشح لعضوية مجلس الخبراء بإيران؟
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
طهران– أخيرا، وبعد العديد من الشائعات والتكهنات بشأن أهلية الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني في انتخابات مجلس خبراء القيادة -الذي يتولى اختيار المرشد الأعلى والرقابة على عمله- وضع مجلس صيانة الدستور -مع إعلان نتائج المتقدمين للترشيح للجولة السادسة من انتخابات مجلس الخبراء- ختم الرفض الأحمر على ملف أهلية روحاني.
وهو الختم الأحمر ذاته الذي وُضع سابقا على ملف الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني والرئيس السابق للبرلمان علي لاريجاني وحسن الخميني حفيد قائد ومرشد ثورة عام 1979 آية الله الخميني.
ورغم أن رفض أهلية حسن روحاني كان متوقعا من قبل المقربين منه وبعض المحللين فإنه تحول إلى "زلزال سياسي" في الأوساط السياسية الإيرانية وبات الحدث الأهم وأثار ردود أفعال كثيرة في معسكر اليسار واليمين والمستقلين.
مجلس خبراء القيادة في إيران يتولى مهمة اختيار المرشد الأعلى للبلاد (الجزيرة) دعوة للمشاركةفي غضون ذلك، انتقد البعض مجلس صيانة الدستور الذي يتولى تأييد أو رفض أهلية المتقدمين للترشيح في الانتخابات الأربعة في البلاد، ورأى أنه مع استبعاد روحاني تسعى الأقلية الحاكمة إلى إخراج شخصيات مهمة مثل روحاني من ركب الثورة، فيما رحب محافظون بالقرار واعتبروه حكيما وصائبا.
وبعد استبعاد روحاني سلك الرئيس السابق المسار نفسه الذي سلكه هاشمي رفسنجاني ذات يوم، وأصدر بيانا دعا فيه الشعب إلى المشاركة في الانتخابات.
وكتب في بيانه مشددا على المشاركة في الانتخابات "مع هذه الأدلة الواضحة لا شك أن الأقلية الحاكمة تريد رسميا وعلنا التقليل من مشاركة الشعب في الانتخابات، تريد إبعاد الانتخابات والصندوق عن تحديد مصير الشعب حتى تتمكن من تحديد مصيره بقراراتها".
وأضاف روحاني "لهذا السبب وحتى الآن ينبغي التأكيد على أهمية صوت الشعب وحسم صندوق الاقتراع، والاحتجاج على خطة إلغاء صندوق الاقتراع، وإخراج الجمهورية من النظام"، مؤكدا أنه "لا سبيل للاحتجاج إلا الصندوق".
حسن الخميني حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية استُبعد قبل أعوام من انتخابات هيئة مجلس الخبراء (الأوروبية) اختيار المرشد القادمبدوره، يعد أستاذ العلوم السياسية صادق زيباكلام رفض الأهلية للترشيح في الانتخابات أمرا سياسيا بالكامل ولا يتعلق بماضي المتقدمين للترشيح ومناصبهم ودورهم السابق في هيكل النظام السياسي، موضحا أن النظام يستبعد أي شخص يرى أنه يجب ألا يشارك في أي من الانتخابات الأربعة (الرئاسة الجمهورية ومجالس البلديات ومجلس الخبراء والبرلمان) لأي سبب كان.
ويتابع في حديثه للجزيرة نت أن إحدى الملاحظات التي قد يكون مجلس صيانة الدستور أخذها بعين الاعتبار هي احتمال أنه يجب على مجلس الخبراء اختيار المرشد القادم في دورته المقبلة، أي السنوات الثماني القادمة، وفي هذه الحالة يبدو أنه فضل عدم مشاركة حسن روحاني في القرار المهم.
ويضيف زيباكلام أن مجلس صيانة الدستور يريد أن يتم اختيار المرشد القادم بدون اختلاف في الآراء، لذلك يؤيد أشخاصا من تيار واحد فقط.
وفي ما يتعلق بتأثير هذا الاستبعاد في نسبة المشاركة، يرى أن مؤيدي النظام فقط يشاركون في انتخابات مجلس الخبراء، لذلك فإن حذف حسن روحاني أو وجوده في قائمة المرشحين لا يؤثر على نسبة المشاركة في الانتخابات.
وفي السياق، يقول زيباكلام إن النظام يتقبل رئيس جمهورية لا يحمل أفكارا وأفعالا مستقلة عن النظام، وعليه فإن كل رؤساء الجمهورية السابقين واجهوا مشاكل مع النظام، وهذا لا يتعلق بالانتماء الحزبي، لكن الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي قد يكون مصيره مختلفا عن السابقين.
ويضيف أن السنوات الثماني التي كان روحاني رئيسا للجمهورية فيها أظهرت أنه ليس تابعا ومطيعا بالكامل أو كما يريد النظام، وعليه رأى النظام أنه من الأفضل ألا يكون في مجلس الخبراء في السنوات الثماني القادمة كي لا يشارك في اتخاذ قرار اختيار المرشد القادم.
رجل الدين المحافظ أحمد جنتي انتخب في 2016 رئيسا جديدا لمجلس الخبراء ولمدة 8 سنوات (الأوروبية) روحاني وسيناريوهات المشاركةمن جهته، يعتقد السياسي وعمدة طهران السابق غلام حسين كرباسجي أنه يوجد اختلاف في الأذواق بإيران، كما أن هناك خلافات تحدث بين من يتولون مناصب لها طابع الرقابة ومن يتولون مناصب تنفيذية، فالتنفيذي يرى من الضروري أن يقوم بخطوات قد لا يتفهمها الجانب الرقابي.
ويقول كرباسجي في حديثه للجزيرة نت إن الكل يعرف مواقف وانتماءات حسن روحاني ومؤهلاته العلمية والسياسية من قبل الثورة حتى الآن، لكن أثناء توليه الرئاسة الجمهورية حدثت قضايا في البلد وحدثت خلافات بينه وبين السلطات الأخرى في النظام، ومنها خلافات مع مجلس صيانة الدستور، وأثرت هذه القضايا على القرار بشأن أهلية حسن روحاني، مما أدى إلى رفضه، فيما تمت الموافقة عليه لانتخابات سابقة رغم أن روحاني لم يتغير عما كان عليه.
ويضيف أنه من الممكن أن يتعين على مجلس الخبراء اختيار مرشد جديد في دورته القادمة، وهذا لا شك ينعكس على قرارات صيانة الدستور بقبول أو رفض المتقدمين للترشيح، حيث يفضلون أن يقوم الخبراء باختيار المرشد القادم بدون اختلاف في الآراء وفي بيئة هادئة.
وفي ما يخص تأثير رفض ترشيح روحاني على نسبة المشاركة في الانتخابات، يرى السياسي السابق أن هناك سيناريوهات عدة، الأول هو أن رفض روحاني قد يقلص نسبة المشاركة قليلا، إذ إن هناك أشخاصا يشاركون في الانتخابات من أجل التصويت لأشخاص محددين.
والسيناريو الآخر -بحسب كرباسجي- هو أن عددا كبيرا من الإصلاحيين يختارون عادة المقاطعة ليظهروا استياءهم ورفضهم سياسات النظام، وعليه فإن وجود روحاني من عدمه لا يؤثر في مشاركتهم.
والسيناريو الأخير -باعتقاده- هو أن هناك أقلية وفق ما تظهر الاستطلاعات يؤمنون بالمشاركة حتى في ظل عدم وجود أسماء ترغب في التصويت لها لكي تحافظ على استمرار العملية الانتخابية.
المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي شارك في التصويت بانتخابات البرلمان ومجلس الخبراء عام 2016 (الأوروبية) بين الترحيب والتحذيروفي ظل الترحيب الأصولي بقرار مجلس صيانة الدستور، قال رئيس تحرير صحيفة "كيهان" حسين شريعتمداري في مقابلة مع وكالة "فارس" إنه بغض النظر عن أسباب استبعاد روحاني من قبل مجلس صيانة الدستور لا بد من القول إن سجله خلال فترتيه الرئاسيتين هو أمام الشعب، ويمكن أن يكون معيارا لا لبس فيه لمؤهلاته.
وتابع أنه "دون أن يذكر روحاني من يقصد بكلمة "الشعب" يزعم أن الشعب قلق من عدم أهليته، وقد فوجئت جماهير غفيرة من الشعب من تأييد أهلية روحاني لانتخابات 2017، أي الدورة الثانية لرئاسته، وشكت هذه الجماهير من أنه بالنظر إلى أداء روحاني ومواقفه في الدورة الأولى من الرئاسة، لماذا أيد مجلس صيانة الدستور أهليته للمرة الثانية؟".
من جهته، يعتقد المحلل السياسي أحمد زيد آبادي أن هناك "قضية رئيسية" واحدة فقط، إذ يظهر أن القوى المتحالفة والمتقاربة مع جبهة الاستدامة -وهي حزب من التيار الأصولي المحافظ- قد نهضت لتسيطر على مؤسسات الحكم وتصبح القوة المهيمنة وصانعة القرار في المشهد السياسي الرسمي بالبلاد.
ويضيف زيد آبادي في حديثه للجزيرة نت أن أساليب جبهة الاستدامة وأفكارها في إدارة البلاد لا تخفى على أحد، معتقدا أنها إذا نجحت في السيطرة على جميع أركان البلاد فلا شك أنها ستجعل المجتمع الإيراني "غير مستقر بشكل خطير للغاية".
ويرى أنه على النظام السياسي الآن أن يتخذ قراره، إما يستسلم لها أو ينزع حبله السري منها ويدفعها إلى الهامش، معتبرا أن هذه هي القضية الأساسية في انتخابات مارس/آذار القادمة، فيما بقية القضايا ثانوية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المشارکة فی الانتخابات نسبة المشارکة مجلس الخبراء حسن روحانی روحانی من أن هناک
إقرأ أيضاً:
لماذا يتوقف الأمر على دور سعودي فعال في إنهاء الحرب في اليمن؟
تُجمعُ التوقعات المتفائلة على إمكانية حدوث تطور عسكري هام لتغيير الواقع الذي فرضه انقلاب 21 أيلول/ سبتمبر 2014، وأطاح بأهم تحول سياسي ديمقراطي سياسي في تاريخ اليمن، على ضوء جملة من المؤشرات تشمل فيما تشمل تحركات ميدانية لافتة، والحديث عن تحديد الساحات المرشحة للمواجهات المقبلة، فيما تتجه الأنظار إلى المملكة العربية السعودية التي تُمسك بقرار الحرب والسلم وتكرس ما يمكن وصفه بالشلل غير المسبوق للإرادة السياسية لقادة الشرعية اليمنية.
كانت السعودية قد اتخذت خطوات متقدمة نحو إنجاز صفقة تسوية للحرب مع الانقلابيين الحوثيين، بضغط عدائي من الإدارة الأمريكية السابقة، دفع بالرياض إلى القيام بمناورة هي الأخطر، لتسوية قضية في جغرافيا تندرج ضمن أولوياتها الأمنية والجيوسياسية، واضطرت إلى تنفيذها مرغمة تحت طائلة فقدان الشراكة مع الولايات المتحدة، التي غضت الطرف عن الانفلات الخطير لعيار إيران تجاه المملكة خصوصا عام 2019.
كل شيء يبدو اليوم متاحا أمام لإنجاز تسوية مشرفة للحرب في اليمن، إن تم ذلك على أسس أخوية ودينية وأخلاقية تأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب اليمني الجار، والتعامل الصادق معه ومع دولته، والاستعداد الكامل لشراكة طويلة الأمد تسمح بطي عقود من التعايش القلق والجوار المتربص.
كل شيء يبدو اليوم متاحا أمام لإنجاز تسوية مشرفة للحرب في اليمن، إن تم ذلك على أسس أخوية ودينية وأخلاقية تأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب اليمني الجار، والتعامل الصادق معه ومع دولته، والاستعداد الكامل لشراكة طويلة الأمد تسمح بطي عقود من التعايش القلق والجوار المتربص
لا يوجد أهم ولا أغلى من بناء الثقة وتعزيزها مع الشعب اليمني واعتبارها واحدة من أهم العوامل التي تدفع باتجاه تسوية الأرضية وإنهاء الحرب، حتى مع وجود العامل الإضافي الإيجابي ذي الأهمية البالغة والمتمثل في التحول الحاد في الموقف الأمريكي تجاه اليمن؛ من رعاية ودعم لمشروع الانقلاب الحوثي الطائفي المرتبط بالأجندة الإيرانية، إلى استهداف هذا المشروع البغيض وتقويض أسسه العسكرية والمادية والتخلي عن دوره الطائفي، الذي كان قد عزز الارتياح الغربي واستجلب دعمه السخي لتقويض عملية ديمقراطية ناجحة في اليمن، وغض الطرف عن إدخال اليمنيين في أتون حرب أتت على ما بقي لهذا البلد من مقدرات وأدخلته في دائرة الحاجة والبؤس والشقاء المعيشي.
إنهاء الحرب في اليمن لن يكون بالأدوات السياسية، أو من خلال الاستمرار في تقديم العروض السخية لجماعة الحوثي، لسبب بسيط للغاية وهو أن التسوية السياسية لن تنتزع من الحوثيين تنازلات جوهرية يعتقدون أنهم احتفظوا بها بالحرب، وبالتالي لن تسمح بإقامة سلطة شراكة حقيقية تُنهي حالة التوتر والشعور بالغبن لدى معظم اليمنيين.
كما أن الاستمرار في تقديم التنازلات لن يسمح بالتأكيد في استعادة الدولة اليمنية وصيانة مركزها القانوني والسيادي، لأن المبدأ الذي سيسمح باستيعاب مشروع الانقلاب الحوثي الطائفي، سيفسح المجال كذلك لمشروع الانفصال الذي لا يقل سوءا ولا غدرا ولا ضررا بالدولة اليمنية وسيادتها وقابليتها للحياة.
الحل العسكري هو الطريق الأمثل لاستعادة اليمن، والحفاظ على كيانه، وهذا الحل يستند إلى إرادة وأدوات وإمكانيات متاحة، وبإمكانه التعاطي بكفاءة وتفوق على التحدي العسكري الذي يمثله الحوثيون، استنادا إلى مقدراتهم التي استحوذوا عليها منذ العام 2014، إلى جانب الدعم السخي الذي حصلوا عليه من إيران ومن شبكة إقليمية ودولية نشطة ساهمت في استمرار خطوط الإمداد بالأسلحة الحديثة إلى هذه الجماعة.
في عمليتي "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" للتحالف العربي، وبينما كانت دولتاه الرئيسيتان منسجمتين إلى حد ما، واجه التحالف معارضة شديدة، من الدوائر الغربية التي استطاعت أن تؤثر على قرار الحكومات، ووصل الأمر إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية أنهت تعاونها اللوجستي مع أهم شريك لها في الوطن العربي وهي السعودية، وتمت شيطنة التحالف العربي إلى حد كبير وأُدرج في اللوائح السوداء للأمم المتحدة ومنها لائحة قاتلي الأطفال، التي رأينا كيف أنها أُغلقت تماما خلال حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في غزة.
أي عمل عسكري قد يستهدف جماعة الحوثي لن يواجه التحديات نفسها، ولا المستوى نفسه من المعارضة لا من الدوائر الغربية المؤثرة ولا من الحكومات. لكن التحدي الحقيقي الذي يساهم في حرمان الشعب اليمني من إنهاء هذا الفصل المأساوي من الحرب للأسف؛ يكمن في صلب الشراكة الملتبسة بين دولتي التحالف السابقتين؛ السعودية والإمارات
أما اليوم فإن أي عمل عسكري قد يستهدف جماعة الحوثي لن يواجه التحديات نفسها، ولا المستوى نفسه من المعارضة لا من الدوائر الغربية المؤثرة ولا من الحكومات. لكن التحدي الحقيقي الذي يساهم في حرمان الشعب اليمني من إنهاء هذا الفصل المأساوي من الحرب للأسف؛ يكمن في صلب الشراكة الملتبسة بين دولتي التحالف السابقتين؛ السعودية والإمارات اللتين وصلتا إلى مفترق طرق حاد، ولم يعد يجمعهما سوى الإرث المشترك للحرب في اليمن والذي يتمثل في التواجد المادي العسكري والشركاء المحليين التابعين وخصوصا الجماعات المسلحة خارج وزارتي الدفاع والداخلية، وهي القوات التي تعيق استعادة الدولة اليمنية لعافيتها ونفوذها وسيادتها، وتحرف مسار المواجهة باتجاهات سيئة أكثرها سوءا القبول بالانقلاب الحوثي والدفع باليمن نحو التفكك.
لا شيء يقف أمام إنهاء الحرب في اليمن واستعادة السلام والاستقرار والتعافي الضروري لأكبر شعوب الجزيرة العربية سوى هذا التغول المأساوي على القرار السيادي اليمني، من جانب من أشقائنا الذين حملت مهمتهم العسكرية في بلدنا من 23 آذار/ مارس 2015 اسما يفيض بالنبل، هو "تحالف دعم الشرعية".
ومع ذلك ستظل الآمال معقودة على المملكة العربية السعودية، فهي الطرف الإقليمي الذي وضع السلطة الشرعية تحت نفوذه الكامل، في حين يفرض قدرُ الجغرافيا خيارَ التعايش الحتمي معها، هذا القدر الذي اتكأ خلال العقود الماضية على فائض قوة مالية وعسكرية لصالح السعودية، كان حصاده مرّا على البلدين، مما يحتم إعادة النظر في التعايش والشراكة والنظرة الحصيفة للمستقبل، مع الاتكاء على أساس متين من الشعور بالأخوّة والاحترام المتبادل والمصير المشترك.
x.com/yaseentamimi68