استهداف قوات أمريكية بالأردن.. ما الأبعاد؟
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
في وقت ينفي فيه أصحاب الأرض أي استهداف لهم، تصرّ الولايات المتحدة الأمريكية أن الهجوم الذي قتل عدداً من قواتها على الحدود الأردنية السورية، الأحد، كان داخل المملكة، ما يثير لبسا حول اختلاف الروايتين بين الحليفين.
عمان أكدت في بيان حكومي أن الاستهداف كان على قاعدة التنف، والتي تبعد عن أراضي المملكة نحو 24 كيلو متراً، فيما تقول الولايات المتحدة أن الهجمات استهدفت قاعدة البرج T22، المتواجدة في الشمال الشرقي للمملكة.
**أمن الأردن وسيادته
وتعليقاً على اختلاف الروايتين، اعتبر المحلل العسكري اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار، في حديثه للأناضول، أن "الحديث عن أنها داخل أراضي المملكة يعني أننا مضطرين للرد، كونه تعدي على السيادة، لذلك عمان أكثر دقة في تحديد الموقع".
وتابع "الاشتباك الأمريكي مع هذه الجماعات المدعومة إيرانيا مستمرة، وأتوقع أن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون مضطرة للرد في العراق وسوريا، وأستبعد استهداف إيران".
وأشار "البرج الذي تتحدث عنه واشنطن قريب من الحدود الأردنية بشكل كبير، وهو في محيط قاعدة التنف التي تمتد لمساحة 55 كيلو مترا، وتبعد عن المملكة 24 كيلو مترا".
واعتبر أن الهدف من هذه الضربات "هو الضغط على واشنطن للخروج من المنطقة، ولكنها لن تفعل".
وأوضح "الولايات المتحدة تريد أن تعطِ الضربة بعدا مستقبليا، وذكرت الأردن كونها حليف لها، وتريد أن تعطي امتداد لأي ردع قادم ضد الإيرانيين، وبالتالي حماية نفوذها ومجالها الحيوي".
وأكد أن "عدم رصدها وإسقاطها فشل أمريكي، لكن طبيعة هذه المسيرات أنها تصل أهدافها، وأرجح أن تكون من العراق وليست من سوريا".
وشدد في ختام حديثه، أن "الأردن يعتمد في قراءاته على أمنه القومي في مواقفه وإجراءاته، لذلك أنا مع ما أصدرته عمان بشأن موقع الهجوم".
**جغرافيا جديدة للمواجهة
فيما أكد المحلل السياسي عامر السبايلة، أن "يجب النظر أن استهداف القوات الأمريكية أخذ بعدا غير تقليدي، وسيدفع واشنطن للرد بطريقة أيضاً غير تقليدية".
وأضاف للأناضول، أن "استهداف الأردن يعني أن هناك جغرافيا جديدة في المواجهة، وهذا سيأخذنا نحو تصعيد جديد؛ بسبب وقوع قتلى من الجيش الأمريكي".
ورأى السبايلة، أن "الولايات المتحدة ستضطر للرد، لا سيما مع وجود حملات انتخابية، وما حدث أفضل مادة للجمهوريين لتبيان ضعف الديموقراطيين بقيادة بايدن".
واستدرك "هذا سيدفع لرد حازم في عدة مناطق، ويتطلب من الأردن رفع سوية جاهزيته باعتبار أن الحادث يشير أن الجغرافيا توسعت ولم يعد استهداف الأمريكيان في سوريا والعراق".
وكان الأردن قد تتدرج في تصريحاته، التي اقتصرها على لسان متحدث الحكومة، مهند المبيضين، حيث نفى في البداية أنها داخل أراضي المملكة، ثم قال بأن القوات الأمريكية تتواجد على الحدود ضمن اتفاق بين الجانبين، ثم بين بأنهم يتواجدون للتعاون في حماية حدود البلاد من خطر الإرهاب والتهريب.
بينما أعلنت الولايات المتحدة منذ اللحظة الأولى أن الهجمات على قواتها كان داخل الأراضي الأردنية، واستمرت في تأكيد ذلك.
ويرى مراقبون أن الرواية الأردنية انطلقت في البداية بالاعتماد على قرب المسافة بين التنف والبرج، لذلك سارعت المملكة بنفي أن يكون الهجوم داخل أراضيها.
ويرتبط الأردن والولايات المتحدة بتعاون عسكري وثيق، وقد وقّع البلدان عام 2021 اتفاقية تعاون دفاعي، يوفر الأردن من خلالها أماكن حصرية للقوات الأمريكية تشمل 15 موقعا، وهذه الأماكن يتحكم الجانب الأمريكي بالدخول إليها، ويجوز لهذه القوات حيازة وحمل الأسلحة في الأراضي الأردنية أثناء تأديتها مهامها الرسمية.
** غزة هي الدافع
وفي وقت سابق الأحد، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، في بيان، مقتل 3 جنود أمريكيين وإصابة 25 آخرين في هجوم بطائرة مسيرة ضرب قاعدة في شمال شرق الأردن بالقرب من الحدود مع سوريا.
شبكة "سي إن إن" الأمريكية بدورها قالت إن الأمريكيين القتلى كانوا في "البرج 22" في الأردن قرب الحدود مع سوريا، وتمثل عملية قتلهم تصعيدا كبيرا للوضع في الشرق الأوسط.
ويعد الهجوم الأخير على قوات أمريكية في الأردن الأول من نوعه منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، والأول الذي يُسفر عن سقوط قتلى أمريكيين.
أما الأردن فمن جانبه، نفى أن تكون الهجمات على القوات الأمريكية وقعت داخل أراضيه.
وقال على لسان متحدث الحكومة الأردنية مهند المبيضين في بيان سابق، إن "الهجوم استهدف قاعدة التنف في سوريا".
وادّعت جماعة تسمى "المقاومة الإسلامية العراقية"، في بيان على صفحتها بمنصة تلغرام أن مقاتليها "هاجموا بواسطة الطائرات المسيّرة، أربع قواعد للأعداء، ثلاث منها في سوريا، وهي قاعدة الشدادي، قاعدة الركبان، وقاعدة التنف، والرابعة داخل أراضينا الفلسطينية المحتلة وهي منشأة زفولون البحرية".
وتعلن الجماعة التي تضم مليشيات شيعية موالية لإيران، أنها تهاجم بشكل متكرر القواعد التي تتمركز فيها القوات الأمريكية، وقوات التحالف "ردا على الهجمات في غزة".
ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حربا مدمرة على غزة، خلفت حتى الأحد 26 ألفا و422 شهيدا و65 ألفا و87 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.
المصدر: الموقع بوست
إقرأ أيضاً:
بعد خسارة النفوذ في سوريا.. المرتزقة الروس يتوسعون بشمال أفريقيا |تقرير
بدأت موسكو بإعادة تقييم استراتيجيتها العسكرية في منطقة البحر المتوسط وأفريقيا - مع سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد - مركزةً اهتمامها بشكل متزايد على ليبيا كقاعدة جديدة لعملياتها.
جاء ذلك وفقًا لما أفاد به موقع “ميليتاري أفريكا” المتخصص في رصد الأنشطة العسكرية في القارة الأفريقية، استنادًا إلى معطيات دقيقة.
رحلات جوية مكثفة بين سوريا وليبيامنذ عدة أسابيع، رصد الموقع حركة مكثفة لطائرات شحن عسكرية روسية من طراز أنتونوف AN-124، التي قامت بنقل معدات عسكرية من قاعدة حميميم الجوية في سوريا إلى ليبيا.
كما أظهرت صور الأقمار الصناعية أن مرتزقة روس يعملون على بناء وتوسيع قواعد لوجستية في جنوب ليبيا، قرب الحدود مع تشاد والسودان، ما يعكس تحولًا استراتيجيًا نحو شمال أفريقيا بعد تراجع النفوذ الروسي في دمشق.
إعادة التمركز بعد فقدان سورياقبل التغيير السياسي في سوريا، كانت روسيا تعتمد على قواعدها العسكرية هناك لدعم عملياتها في الشرق الأوسط وأفريقيا، خصوصًا في الساحل الأفريقي، السودان، وجمهورية أفريقيا الوسطى. لكن سقوط الأسد أربك هذه الخطط، رغم تأكيد الرئيس السوري الجديد، أحمد الشراء، على أهمية العلاقات مع موسكو.
وفي مواجهة هذا التحدي، كثّفت روسيا من وجودها العسكري في ليبيا، عبر تعزيز علاقاتها مع المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، حيث زودته بمرتزقة مجموعة فاغنر، وطائرات هجومية، وأنظمة تسليح متطورة.
نقل منظومات دفاع جوي إلى ليبياوفقًا للتقارير الاستخباراتية التي استند إليها ميليتاري أفريكا، قامت موسكو منذ ديسمبر الماضي بنقل منظومات دفاع جوي متقدمة من سوريا إلى ليبيا، بما في ذلك S-300 وS-400، في خطوة تعكس تحوّل التركيز الروسي نحو شمال أفريقيا.
كما ارتفع عدد القوات الروسية في ليبيا من 800 جندي في فبراير 2024 إلى 1800 جندي بحلول مايو من العام نفسه، ما يعكس التوسع الروسي المتسارع في المنطقة.
السيطرة على قاعدة عسكرية استراتيجيةوفي يناير الماضي، منح خليفة حفتر القوات الروسية السيطرة على قاعدة "معطن السارة" الجوية، القريبة من الحدود مع تشاد والسودان. ووفقًا للموقع، بدأت موسكو بإعادة تأهيل القاعدة لتكون مركزًا لوجستيًا لدعم عملياتها العسكرية في منطقة الساحل.
وبحسب تقرير “ميليتاري أفريكا” تدير روسيا حاليًا أربع قواعد جوية رئيسية في ليبيا، أبرزها:
- قاعدة الخادم (الخرُوبة): تقع شرق ليبيا، وتُستخدم منذ عام 2016 كمركز للعمليات الجوية والدعم اللوجستي.
يشير مراقبون إلى أن التوسع العسكري الروسي في ليبيا يعكس رغبة موسكو في تعزيز نفوذها في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، مستغلةً الفراغ الاستراتيجي الناجم عن التغيرات في الشرق الأوسط.
ويبدو أن روسيا تسعى لجعل ليبيا نقطة انطلاق رئيسية لعملياتها العسكرية والاستخباراتية، خصوصًا في ظل التنافس الدولي المتزايد على الموارد والنفوذ في القارة الأفريقية.