إيران تستثمر بالسياسة ما راكمته لسنوات في ترسانات حزب الله
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
بعد أيام تطوي الحرب على غزة شهرها الرابع من دون أن يلوح في الأفق ما يؤشّر إلى إمكانية توقفّها بعدما تحّول القطاع إلى أرض محروقة وغير مؤهّلة لأن يعيش الانسان فيها بعد الآن. هذا ما أرادته إسرائيل منذ بداية حرب أعطيت أوصافًا كثيرة، ولكن الهدف الأساسي لتل أبيب كان تهجير فلسطينيي القطاع إلى صحراء سيناء. وهذا ما هو حاصل الآن بالتوازي مع السياسات الدولية المتّبعة وفق برمجة ممنهجة، إمّا تواطؤًا وإمّا تطنيشًا وإما تسهيلًا وإمّا تطفيشًا وإمّا من خلال "قبة الباط" لغايات لم تعد مخفية، وذلك استنادًا إلى وقائع ملموسة تمارسها طهران من باب المندب (الحركة الحوثية) حتى غزة ("حماس")، مرورًا بالعراق ("الحشد الشعبي") وسوريا (النظام) ولبنان ("حزب الله") بما يشكّل إلى حدود معينة "هلالًا شيعيًا" قد يكون غير متواصل الحلقات حتى إشعار آخر.
فالذي يراقب الحركة الإيرانية في المنطقة على وقع ما يتعرّض له قطاع غزة من حرب مدّمرة لم يشهد التاريخ الحديث مثيلًا لها، لا بدّ له من أن يلاحظ أن طهران لا تزال تتصرّف وكأنها لا تريد أن تحرق أصابيعها بالنيران التي تلهب غزة، وهي تكتفي بتحريك الجبهات الموازية من مياه البحر الأحمر إلى مياه البحر الأبيض المتوسط من خلال ما يستهوي أعداءها بتسميتهم بـ "الأدوات" أو "الأذرع" الإيرانية في المنطقة، وقد يأتي "حزب الله" في طليعة من يراه بأنه الفصيل اللصيق بـ "الثورة الإسلامية الإيرانية" كونه على تماس مباشر على الحدود التي تفصل لبنان عن الأراضي الفلسطينية المحتلة من قِبل العدو الإسرائيلي، وهو الذي فتح جبهة الجنوب في اليوم التالي لعملية "طوفان الأقصى"، ولا يزال يربط ما يجري في الجنوب ومن الجنوب وعليه بما يجري في غزة، مع ما يعنيه هذا الإصرار على مواصلة العمليات ضد مواقع العدو الحدودية من احتمال جرّ لبنان كله إلى حرب شاملة قد يدفع فيها جميع اللبنانيين، من غير أن يكون لهم رأي في هذه الحرب، أثمانًا باهظة قد تفوق الأضرار التي ستلحق بالإسرائيليين حتمًا.
فبعد هذه الحرب المدمرة في غزة وما ينتج عنها من خسائر بالأرواح والممتلكات والأرزاق يتوقف المراقبون عند مفارقها الخطيرة، والتي يمكن أن تؤدي إلى ما يخشاه كثيرون مع ربطها إيرانيًا بالبحرين الأحمر والأبيض، وهي قد بدأت تتحول إلى صراع في لبنان وسوريا والعراق واليمن، حيث تتزايد بشكل مضطرد المخاوف من اندلاع حريق إقليمي أكبر.
فإيران التي لا تريد أن تحرق أصابيعها بنيران غزة تبدو حاضرة في كل هذه الساحات، من خلال "أدواتها"، التي تمسك بمفاصل الواقعين السياسي والميداني حيث هي، سواء في لبنان أو في غزة أو في سوريا وفي العراق واليمن. إلاّ أن تحريك الجبهات الموازية لا يعني بالضرورة أن إيران تريد الانخراط في حرب شاملة، وهي تحاذر القيام بأي عمل عسكري مباشر ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركية. ويبدو أنها راضية مرحليًا عن سياسة تعتمد على "النفس الطويل" من خلال مشاركتها بحرب الوكالات، ما يسمح لها بفرض معادلات إقليمية من دون أن تضطر لاستخدام قوتها العسكرية أو تعريض أمنها الداخلي لأي انتكاسة.
وفي الوقت الذي يقوم فيه وكلاء إيران بإشعال الجبهة الشمالية لإسرائيل من خلال ضربات صاروخية متفرقة لـ "حزب الله"، والتحريض على شن هجمات على القواعد الأميركية في العراق وإعاقة الشحن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن، تستمر طهران في مفاوضاتها النووية مع واشنطن لضمان حجز موقع متقدّم لها في المنطقة، ويكون لها الحضور الفاعل في أي معادلة دولية وإقليمية جديدة، أي بمعنىً آخر تحاول أن تستثمر في السياسة ما راكمته من صواريخ في ترسانات "حزب الله".. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله من خلال
إقرأ أيضاً:
بانتظار "تفاصيل حاسمة"..تقديرات إسرائيلية باتفاق مع لبنان خلال أيام
قال مسؤولون إسرائيليون، الجمعة، إن تقديرات إسرائيلية تشير إلى إمكانية التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان خلال أيام، بانتظار إنهاء بعض "التفاصيل الحاسمة"
وبحسب ما ذكر مسؤولون إسرائيليون "عاد الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين، مبعوث الرئيس الأمريكي جو بايدن للمفاوضات بشأن التسوية في لبنان، إلى واشنطن الخميس، وتقدر إسرائيل أنه سيتم الإعلان عن وقف إطلاق النار خلال أيام قليلة، بحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت".وقالت الصحيفة "هوكشتاين أنهى غالبية تفاصيل الاتفاق فيما يتعلق بلبنان، لكن لا تزال هناك بعض الأمور التي يجب حسمها، كما أن هناك ثغرات صغيرة أخرى، مثل رفض إسرائيل ضم فرنسا إلى اتفاق وقف إطلاق النار واندماجها في آلية التنفيذ الدولية التي ستراقب الانتهاكات".
لبنان: 3645 قتيلاً و15355 جريحاً منذ بدء الهجوم الإسرائيلي - موقع 24قالت وزارة الصحة اللبنانية الجمعة، إن حصيلة ضحايا الهجمات الإسرائيلية على لبنان ارتفعت إلى 3645 قتيلاً، منهم 62 قتلوا الخميس. وقال مصدر إسرائيلي إن "فرنسا لن تكون جزءاً من الاتفاق، حيث تقدر إسرائيل أن القاضي الفرنسي في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، الذي وقع مذكرة الاعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لم يكن ليجرؤ على القيام بذلك دون الحصول على الضوء الأخضر والدعم من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون".
وأضاف "يشعر الإسرائيليون بالغضب من سلوك فرنسا تجاه الصناعات الدفاعية الإسرائيلية واستبعادها من معارض الأسلحة الفرنسية".
وفي السياق، أعرب المسؤولون في إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة عن تفاؤل حذر بشأن آفاق التسوية، مشددين على أنه ما زال من الضروري صياغة "تفاصيل حاسمة" بشأن التنفيذ، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وقالت مصادر مطلعة بحسب "يديعوت أحرنوت" إن "الاتفاق المقترح يدعو إلى هدنة لمدة 60 يوماً، ينسحب خلالها الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، ويتحرك عناصر حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، خلال هذه الفترة".
ويتضمن الاتفاق تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في المنطقة الحدودية، وستضمن آلية التنفيذ الجديدة بقيادة الولايات المتحدة بقاء حزب الله وإسرائيل خارج المنطقة.