الجزيرة نت تنقل مأساتها.. عائلة فلسطينية يجتمع عليها اللجوء ورصاص الاحتلال والاعتقالات والفشل الكلوي
تاريخ النشر: 18th, July 2023 GMT
الخليل- لم تكن حياة اللجوء إثر نكبة 1948 الوجع الوحيد لعائلة الفلسطيني ابن مدينة عجّور المهجّرة نسيم العناتي (60 عاما)، والمقيم حاليا في مخيم الفوار (جنوبي الضفة الغربية)، إنما فتحت له أبواب الألم على مصراعيها لترهقه وعائلته منذ عقود.
من التهجير إلى الاعتقال إلى الإصابة بالرصاص الإسرائيلي إلى مرض الفشل الكلوي مع صعوبة الإمكانات، يَعُد العناتي ساعاته كأنها شهور.
فجر يوم الاثنين الماضي، كان محمود، الابن الأصغر للعناتي، وعمره 22 عاما، على موعد مع رصاصة متفجّرة أطلقها قناص إسرائيلي من سطح منزل مجاور، فأصابت بطنه وهتّكت أحشاءه ومعدته.
في قسم العناية المكثفة بالمستشفى الأهلي في الخليل (جنوب الضفة الغربية) يستلقي الابن الشاب في قسم العناية الفائقة على أمل أن يتجاوز مرحلة الخطر، بينما ينتظر أشقاؤه وأصدقاؤه في الخارج أخبارا جيدة عن صحته.
سمحت إدارة المستشفى لمراسل الجزيرة نت بالدخول إلى القسم لدقائق وتصوير محمود، بصحبة شقيقه أكرم، فكان منوّما وموصولا بالعديد من الأجهزة.
حاول أكرم الحديث إلى شقيقه وناداه بلقبه المفضل "ميدو، ميدو"، رمشت عينا محمود لكنه لم يجب، لم يتمالك أكرم نفسه وغلبته الدموع وغادرنا الغرفة.
الأسوأ هو أكثر ما تخشاه العائلة والأطباء، فمحمود يعاني منذ سنوات من فشل كلوي ويجري غسيلا للكلى عدة مرات أسبوعيا.
كان أكرم أول من وصل لمحمود بعد إصابته، وقال إنه "ينام في غرفة على سطح المنزل، وسمع أصوات طرق شديد على أبواب الجيران، خرج لمعرفة ما يجري فباغتته رصاصة من جندي على سطح منزل مجاور".
ويوضح أكرم أن الجيش كان يداهم منازل قريبة ويطرق الأبواب بشدة بينما ينتشر القناصة على أسطح المنازل.
غارق في الهموم
محمود ليس أول ولا آخر المعاناة لوالده نسيم، ففي كل زاوية من بيته قصة معاناة ووجع وألم، لتحيط بهم الهموم من كل جانب وترهقه ماديا ونفسيا. ورغم مساعدة السماعات الطبية، فبالكاد كان الوالد يسمعنا، ثم يجيب عن أسئلتنا باقتضاب.
للعناتي 8 أبناء ذكور وابنتان، ولكل واحد منهم قصة مأساوية، فمنهم من اعتقله جيش الاحتلال ومنهم 3 جرحى برصاص الاحتلال واثنان مصابان بالفشل الكلوي، بل إن أحدهم اجتمع عليه السجن والإصابة والفشل الكلوي معا.
يحكي الوالد باختصار حال أبنائه وأغلبهم متزوجون وأعمارهم في العشرينيات والثلاثينيات، ويقول "ناهد اعتقل 4 سنوات، وحسام اعتقل 4 سنوات، وأكرم اعتقل 5 سنوات، وعلاء أصيب برصاصة أودت بعينه واعتقل إداريا (اعتقال متجدد من دون تهمة)، ثم أصيب بالفشل الكلوي، ومحمد مصاب بالرصاص في القدم، وأحمد مصاب بعدة جلطات في القدمين.
ويتابع "أيوب مصاب بإعاقة خلقية، ولي ابنة من ذوي الاحتياجات الخاصة لا تستطيع الحركة، وأخيرا وأصغرهم محمود مصاب بفشل كلوي وبرصاص متفجر".
وبين محمود الذي هو يرقد بين الحياة والموت في المستشفى ويتمنى أن يشفى وأن يتمكن من زراعة كلية له، وابنه علاء المصاب الآخر ويسكن في الطابق العلوي من المنزل، وبين باقي أبنائه، ينشطر قلب العناتي.
محمود العناتي مريض بالفشل الكلوي وأصيب قبل أيام برصاص قناص إسرائيلي وهو على سطح منزله (الجزيرة) علاء.. مأساة بدأها الاحتلالالزائر للابن "علاء" سيجد مشهدا قاسيا؛ شاب في نهاية الثلاثينيات لا يقوى على الحركة، يتآكل جسده عضوا بعد الآخر، هشاشة في العظام وأطراف مكسورة، الشِق الأيمن من جسده متورم ويغلب عليه السواد وكأنه محترق، وشق أيسر من الجسد ضعيف ليس فيه إلا العظم، ووجه شاحب وشفتان متورمتان.
أما عينه فقد فقأها الاحتلال منذ عقود، وكانت بداية المعاناة، ثم جاء الاعتقال الإداري قبل 15 عاما ومعه جاء الفشل الكلوي، لكن ذلك لم يمنع علاء من الزواج قبل بضع سنوات، وإنجاب طفل وطفلة يكبران على وجعه وتدهور صحته.
في هذا الواقع، يجلس الوالد متوكلا على الله، تلفّه الحيرة، مقيد الذهن واليدين أمام هموم اجتمعت عليه من كل جانب، فهو بلا دخل وأبناؤه بالكاد يتحملون مسؤوليات أسرهم.
8 أبناء يعانون من الاعتقال والإصابات والمرض (الجزيرة) ماذا يحتاج العناتي؟رغم تغطية وكالة الغوث بعض احتياجاته فإن أبناءه "بحاجة للتنقل وأدوية طبية وتكميلية وطعام خاص، إضافة إلى مصاريف أسرهم"، كما يقول العناتي.
وعلى مضض وبلسان متثاقل وكلمات متقطعة، يفضي العناتي بهمومه ولا يريد أن يظهر كإنسان عاجز رغم تراكم الديون عليه، لكن الهموم أكبر من قدرته على التحمل ومن قدرته على إخفائها.
ووفق الناطق باسم نادي الأسير الفلسطيني في الخليل أمجد النجار، الذي يتابع أوضاع العائلة منذ سنوات، فإن علاج الفشل الكلوي متوفر في المشافي الفلسطينية "لكن مصاريفه كثيرة ومتاعبه قاسية وأحوج ما تكون له عائلة العناتي قلوب رحيمة تقف إلى جانبها وتساعدها ماديا".
ويضيف في حديثه للجزيرة نت "من سجن إلى آخر ومن مستشفى إلى آخر، أمضى الحاج نسيم العناتي وهو مريض بالسكري حياته وسنوات عمره".
وتابع النجار أن "مصاريف التنقل بين المستشفيات وشراء الأدوية والأدوات الطبية والاحتياجات الشخصية كبيرة جدا وتفوق قدرة العناتي وأبنائه"، داعيا الجهات الرسمية والأهلية إلى الوقوف إلى جانبه.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
استشهاد كاتبة فلسطينية وزوجها بقصف استهدفهما وسط القطاع (شاهد)
استشهدت الكاتبة والفنانة ولاء جمعة الإفرنجي وزوجها أحمد سلامة، في استهداف منزل بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
وشُيّع جثمان الشهيدة مع زوجها الأربعاء، من مشفى شهداء الأقصى، الأربعاء، وسط حالة من الحزن من قبل عائلتهما وأقربائهما وجموع من المثقفين والكتاب والصحفيين.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نعى صحفيون ومؤثرون الكاتبة الإفرنجي، وعبروا عن حزنهم لرحيلها مع زوجها، محملين الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم.
صباحات غزة الحزينة لا تنتهي..
هذه ولاء الأفرنجي، صانعة الجمال والفرح، عاشقة للحياة، كانت دوماً تختار الأمل طريقاً وحيداً لها.
قتلتها إسرائيل هي وزوجها وقتلت أحلامهم وأمانيهم..! pic.twitter.com/9629J7j53q — أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) December 25, 2024 هذه الجميلة الأنيقة ولاء الإفرنجي وزوجها انتهت بالأمس قصتهم وقتلو بكل وحشية على يد قولت الاحتلال الاسرائيلي pic.twitter.com/l8oRqMkbhM — هدى نعيم Huda Naim (@HuDa_NaIm92) December 25, 2024 ⬅️شاهد ..
من وداع وتشييع الشهــيدة الكاتبة ولاء الإفرنجي وزوجها أحمد سلام بعد قصف منزلهما في مخيم النصيرات. pic.twitter.com/R2sF9u79lm — شبكة فلسطين للحوار (@paldf) December 25, 2024 كل يوم نفقد فيه قامات أدبية وعلمية في غزة، كأننا نفقد جزءًا من ذاكرتنا وحياتنا، نحزن بكل أعماقنا ولا نجد شفاءً لفقدانهم.
الكاتبة والفنانة الشهيدة ولاء جمعة الإفرنجي وزوجها أحمد، ارتقوا شهداء، تاركين خلفهم إرثًا من الإبداع والعطاء.
عظّم الله أجركم وأجرنا آل الإفرنجي.
نسأل… pic.twitter.com/vJMsrJjs2Z — Khaled Safi ???????? خالد صافي (@KhaledSafi) December 25, 2024
ويصعد جيش الاحتلال عمليات الاستهداف للصحفيين والنخب الفلسطينية، في إطار حرب موازية يشنها على المؤثرين والعقول في قطاع غزة تستهدف قتلهم وتحييد دورهم في فضح جرائم الاحتلال.
وكشف تقرير لمنظمة "مراسلون بلا حدود" أن جيش الاحتلال مسؤول عن "ثلث الوفيات غير الطبيعية للصحفيين في جميع أنحاء العالم هذا العام".
وأوضح التقرير الذي نشرته المنظمة، الخميس، أن عام 2024 شهد اعتقال 550 صحفيًا، وأسر 55 آخرين، ووجود 95 صحفيًا في عداد المفقودين.
ورفعت المنظمة 4 شكاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية تتعلق بجرائم حرب ارتكبها جيش الاحتلال ضد صحفيين.
وأفادت وزارة الصحة بغزة بارتكاب الاحتلال الإسرائيلي 3 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 23 شهيدًا و39 إصابة خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وأوضحت الوزارة في بيان الأربعاء، أن عددًا من الضحايا ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وأشارت إلى ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45,361 شهيدًا و107,803 إصابات منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر للعام 2023>