الخليج الجديد:
2024-11-19@17:19:42 GMT

شكرا جنوب افريقيا… لكنه الغرب المفلس أخلاقيا

تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT

شكرا جنوب افريقيا… لكنه الغرب المفلس أخلاقيا

شكرا جنوب افريقيا… لكنه الغرب المفلس أخلاقيا

«على إسرائيل أن تتخذ كل الإجراءات التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال، ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية».

الاحتلال لا يعرف إلا لغة القوة، ولن يرضخ لأية قرارات دولية تعرقل مشروعه، ولن يرغمه على وقف إطلاق النار سوى استمرار المقاومة وإفشال مشروع التهجير.

الاحتلال الإسرائيلي يضرب بعرض الحائط كل المواثيق والقوانين الدولية، فمن الذي يجبره على الانصياع لقرارات المحكمة؟ هل ستجبره أمريكا ودول الغرب؟

موقف مشرف لجنوب افريقيا حيال مأساة غزة، فقد تطوعت وهي الدولة التي عانت ويلات العنصرية وأخذت على عاتقها إدانة الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية بالإبادة الجماعية.

* * *

حتما لن يسقط من الذاكرة العربية والإسلامية أبدا، ذلك الموقف المشرف لدولة جنوب افريقيا حيال المأساة الإنسانية في قطاع غزة، عندما تطوعت – وهي الدولة التي عانت كثيرا ويلات العنصرية – وأخذت على عاتقها مهمة إدانة الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية، بتهمة الإبادة الجماعية في القطاع.

لم تكن أمتنا تنتظر النتائج الرسمية لهذه الجهود المشرفة، لكي تعرب عن امتنانها لهذه الدولة الافريقية، خاصة أنها فعلت ما لم تفعله أية دولة عربية كانت أحق بتبني هذه المساعي، فيحسب لجنوب افريقيا أنها أوقفت الاحتلال للمرة الأولى موقف المتهم أمام المجتمع الدولي.

حققت هذه الدعوة إنجازا تاريخيا غير مسبوق ضد الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن أعلنت محكمة العدل الدولية اختصاصها في الدعوى المقدمة، وأخذها بعين الاعتبار الأدلة التي قدمتها جنوب افريقيا بوجود نية ارتكاب الإبادة الجماعية.

وأصدرت المحكمة حزمة من الأوامر التي تفرض على الكيان الإسرائيلي اتخاذ إجراءات لمنع ومعاقبة التحريض المباشر على الإبادة الجماعية في حربها على القطاع، وقالت رئيسة المحكمة القاضية الأمريكية جوان دونوهيو، خلال كلمتها في جلسة الجمعة الماضية: «على إسرائيل أن تتخذ كل الإجراءات التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال، ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية».

إلى هنا يتقدم كل فرد في الأمة العربية والإسلامية بالشكر إلى جنوب افريقيا على جهودها المتفردة، ولكن.. رغم حالة التفاؤل التي عمت أرجاء الأمة، بأنها بداية جيدة لها ما بعدها من إجراءات من شأنها أن تؤدي إلى عزلة الكيان الإسرائيلي، إلا أنني على قناعة كاملة بأن الحق الفلسطيني لا يمكن أن يعيده المجتمع الدولي، أو دول الغرب التي أظهرت إلى هذه الساعة انهيار منظومتها الأخلاقية التي طالما ترنمت بها.

ماذا فعلت محكمة العدل الدولية؟ قالت على لسان رئيسة المحكمة «على إسرائيل أن تتخذ كل الإجراءات التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال»، لكن هل تضمّن القرار وقف إطلاق النار؟ بالطبع لم يحدث، ولن يحدث.

سنكون مفرطين في التفاؤل وأصحاب أحلام وردية لو اعتقدنا أن هذه المنظمات الدولية التي أنشأتها الدول الكبرى لتحقيق مصالحها سوف تنصفنا وتعيد لنا حقوقنا. محكمة العدل الدولية اهتمت بوزن القصيدة، لكنها لم تلامس أبدا بيت القصيد، فالإجراءات المؤقتة التي فرضتها على الكيان الإسرائيلي لن تطبق إلا في ظل وقف إطلاق النار، وهو ما لم تتضمنه الأوامر التي فرضتها المحكمة.

المقطوع به أن الاحتلال الإسرائيلي يضرب بعرض الحائط كل المواثيق والقوانين الدولية، فمن الذي يجبره على الانصياع لقرارات المحكمة؟ هل ستجبره أمريكا وحلفاؤها من دول الغرب؟

هذه الدول هي التي زرعت في منطقتنا ذلك الكيان اللقيط ليفتت لُحمتنا، ويفصل شرقنا عن غربنا، وينوب عن تلك الدول في رعاية مصالحها في المنطقة، فكيف نتوقع لهذه الدول أن تجبر الكيان الصهيوني على وقف إطلاق النار، الذي يعني هزيمة الاحتلال؟ نتساءل جدلا: كيف الحال لو قامت الدول العربية بقصف تل أبيب؟ ما هو المتوقع للموقف الأمريكي حيال هذا القصف؟

يمكننا للإجابة على هذا السؤال أن نستدعي أحداث حرب أكتوبر 1973، عندما شنت القوات المصرية والسورية هجوما على القوات الإسرائيلية في سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية الواقعتين تحت سيطرة الاحتلال الصهيوني.

على الفور تدخلت الولايات المتحدة بإقامة جسر جوي لإمداد الصهاينة بالعتاد والمعدات والدبابات، وسيرت طائرة استطلاع تفوق سرعة الصوت لا تطالها الدفاعات الأرضية، وجعلت مواقع تمركز القوات المصرية وتحركاتها على طاولة غولدا مائير، وحددت لها الثغرة التي تعبر منها القوات الإسرائيلية إلى غرب القناة، وأمدتها بخبراء للتعريف بكيفية تشغيل الأسلحة والمعدات الأمريكية، التي زودت بها الاحتلال، فكان اشتراكا فعليا لأمريكا في الحرب، أدى إلى القبول العربي بوقف إطلاق النار، والخسارات الفادحة على طاولة المفاوضات.

هي نفسها الولايات المتحدة، التي تصمت عن جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين، وعن التدمير الشامل الذي يلحقه الاحتلال بقطاع غزة، عشرات الآلاف من الضحايا، وعشرات الآلاف من المصابين، ومئات الآلاف من النازحين، ومجاعة أوشكت على إهلاك مئات الآلاف، لكنها قامت منذ البداية بإعلان موقفها بتأييد الكيان الصهيوني، ومثلت مع حليفاتها غطاء دوليا للكيان في قصف المدنيين، بدعوى أنها تقصف المقاومة الفلسطينية.

جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض يؤكد، أن شيئا لم يتغير بشأن وجهة نظر الرئيس بايدن القوية، بأن على أمريكا التأكد من أن إسرائيل لديها ما تحتاج إليه للدفاع عن نفسها.

نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، يؤكد أن إسرائيل لم ترتكب جريمة الإبادة الجماعية خلال قصف قطاع غزة. لن ننسى كذلك أن أمريكا وبريطانيا وفرنسا واليابان، قد أبطلت مشروعا في مجلس الأمن يقضي بوقف إطلاق النار، خلافا لموقفها من الحرب الروسية على أوكرانيا.

يكفي أنه بعد يوم واحد فقط من قرار محكمة العدل الدولية، علّقت أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وكندا وأستراليا وفنلندا، تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، التابعة للأمم المتحدة، تزامنا مع إنهاء الوكالة عقودا لموظفين في قطاع غزة اتهمتهم بالمشاركة في هجوم السابع من أكتوبر، استنادا إلى معلومات مقدمة من الاحتلال الإسرائيلي.

طويلة هي القائمة التي تتضمن مظاهر الانحياز الغربي للكيان الصهيوني، وفقدان المنظومة الأخلاقية، وازدواجية المعايير لدى الغرب واتباعه سياسة الكيل بمكيالين، وليست هي تهمة وليدة اليوم، بل يشهد لذلك شاهد من أهلها، برونوين مادوكس مديرة مركز شتام هاوس للدراسات والأبحاث، التي تقول عن هذا الإفلاس القيمي للغرب:

«الغرب يهتم بالديمقراطية، ولكن ليس عندما يرغب في تنصيب زعماء على هواه في البلدان الأخرى. ويحترم السيادة باستثناء الأماكن التي لا يحلو له ذلك فيها مثل العراق. ويدافع عن حق تقرير المصير في تايوان، ولكن ليس في كتالونيا. ويدعم حقوق الإنسان، ولكن ليس في البلدان التي يحتاج إلى نفطها. ويدافع عن حقوق الإنسان، باستثناء عندما يكون ذلك صعبا جدا، كما هو الحال في أفغانستان.»

الاحتلال الذي يستقوي بالغرب، لا يعرف سوى لغة القوة، ولن يرضخ لأية قرارات دولية تعرقل له مشروعه، ومع الأسف التفاؤل بقرارات المحكمة الدولية يستند إلى الفراغ، ولن يرغم الاحتلال على وقف إطلاق النار سوى استمرار المقاومة وصمود أهل غزة وإفشال مشروع التهجير، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

*إحسان الفقيه كاتبة أردنية

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين غزة الغرب الأونروا الفصل العنصري جنوب أفريقيا المقاومة الفلسطينية شكرا جنوب افريقيا الكيان الصهيوني الاحتلال الإسرائیلی محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة وقف إطلاق النار جنوب افریقیا

إقرأ أيضاً:

مصادر لـالحرة: الجيش الإسرائيلي يتقدم إلى الخط الثاني من الحدود اللبنانية

أفادت مصادر خاصة لقناة "الحرة"، الأحد، أن الجيش الإسرائيلي "أنهى نشاطاته في الخط الأول" من البلدات الحدودية مع لبنان، وبدأ في "التقدم إلى الخط الثاني، منذ الأسبوع الماضي".

وأضافت المصادر أن "عمليات القصف المستمرة هدفها الضغط على حزب الله، ليبتعد إلى خلف منطقة نهر الليطاني".

ورفض الناطق باسم الجيش في اتصال هاتفي مع "الحرة"، تأكيد أو نفي الأنباء، مشيرا إلى أنه لا يتم الإعلان عن تواجد القوات في هذه المرحلة.

يذكر أن جماعة حزب الله (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى)، ذكرت في بيان الأحد، أنها اشتبكت مع قوات إسرائيلية عند الأطراف الشرقية لبلدة شمع جنوبي البلاد، وذلك باستخدام "الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية من مسافة صفر، مما أدى إلى وقوع إصابات مؤكدة".

وتعد "شمع" أعمق نقطة وصل إليها الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية، منذ بدء عمليات التوغل البري.

غارات إسرائيلية و"اشتباكات" في لبنان وسط مساعي التهدئة شن الطيران الإسرائيلي، الأحد، غارات جوية على الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت، وذلك في وقت واصلت فيه القوات البرية محاولات التوغل والقصف على القرى الجنوبية، وسط المساعي الرامية لوقف إطلاق النار.

فيما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، أن القوات الإسرائيلية سيطرت لفترة وجيزة على تلة استراتيجية في قرية شمع، التي تبعد نحو 5 كيلومترات عن الحدود، وقامت "بتدمير مقام النبي شمعون وعدد من المنازل في المنطقة"، إلا أن هذه المعلومات لم يتم التحقق منها بشكل مستقل.

وتقول إسرائيل إن الغارات التي تشنها على لبنان، تستهدف مواقع "تابعة لحزب الله".

تأتي هذه التطورات في ظل جهود لوقف إطلاق النار، حيث ذكرت مصادر سياسية لقناة "الحرة"، الأحد، أن الرد اللبناني على مسودة المقترح الذي طرحته الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار، سيكون "خلال الـ48 ساعة المقبلة".

وحسب مصادر سياسية للحرة، فإن المسودة "لا تتضمن أي نوع من حرية الحركة للجيش الإسرائيلي في لبنان، أو نشر قوات أطلسية".

مصادر لـ"الحرة": لبنان يرد رسميا على مسودة الهدنة خلال 48 ساعة علمت قناة الحرة عبر أوساط سياسية أن الرد اللبناني على مسودة اتفاق وقف إطلاق النار، سيكون خلال الثماني والأربعين ساعة المقبلة، وذلك في ظل استمرار الضربات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت ومناطق أخرى.

بينما شملت المسودة بندا حول اللجنة التي ستشرف على تنفيذ القرار 1701، والدول التي ستشارك في هذه اللجنة، مع تحفظ لبنان الرسمي على انضمام بريطانيا وألمانيا إلى هذه اللجنة.

وعملت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، على مقترح لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وفق مجموعة تفاهمات أميركية إسرائيلية تتعلق بترتيبات أمنية طلبتها إسرائيل، أبرزها تفكيك البنى العسكرية لحزب الله، لكن هناك بنودا لا تزال عالقة.

والجمعة، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، إيران إلى إقناع حزب الله بقبول اتفاق وقف إطلاق النار، فيما شدد بري على أن المقترح لا يتضمن أي بنود تمنح إسرائيل حق التدخل داخل الأراضي اللبنانية، قائلاً: "لن نقبل بأي انتهاك لسيادتنا".

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال يعلن مقتل أحد جنوده من لواء جولاني في جنوب لبنان
  • طائرات الاحتلال الإسرائيلي تشن عدة غارات على حي الصبرة جنوب غزة
  • نجيب ميقاتي: تحقيق الاستقرار في جنوب لبنان أولوية في مسودة وقف إطلاق النار
  • إصابة سيّدة بعد إطلاق جنود الاحتلال النار على مركبتها جنوب الخليل
  • وزير خارجية فرنسا: الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على الجهات التي تزعزع الاستقرار بالشرق الأوسط
  • مصادر لـالحرة: الجيش الإسرائيلي يتقدم إلى الخط الثاني من الحدود اللبنانية
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي: رصد هدف جوي مشبوه في منطقتين جنوب تل أبيب
  • الجيش الإسرائيلي يتوغل إلى أعمق نقطة منذ بدء العمليات البرية في لبنان
  • لبنان يكشف عن فرص التوصل لوقف إطلاق النار مع الاحتلال الإسرائيلي
  • اقرأ غدًا في «البوابة».. تصعيد خطير في جنوب لبنان وسط جهود دبلوماسية لوقف إطلاق النار