موقع النيلين:
2024-10-03@08:11:32 GMT

علي عسكوري: اعادة البوصلة لأس المشكل

تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT


في ١٥ ابريل الماضي اندلعت مواجهات دامية بين مليشيا الدعم السريع وبين القوات المسلحة السودانية في العاصمة الخرطوم.

جاءت هذه المواجهات – المستمرة حتى الان والتى توسعت الى عدد من الولايات – نتيجة لانسداد الافق السياسي وفشل القوى السياسية على التوافق على الحد الادنى الذى يمكن من ادارة الفترة الانتقالية، بعد ان حاولت جماعة المجلس المركزى ليس فقط الاستيلاء على كامل السلطة السياديةو التنفيذية من خلال سىء الذكر الاتفاق الاطارى، بل استبدال الجيش القومى بجيش يتبع لاسرة آل دقلو كما نص على ذلك الاتفاق!

تقودنا الاوضاع الحالية لطرح اسئلة جوهرية تتعلق بكنه القضايا التى تختلف عليها القوى السياسية، اذ بدون اتفاق القوى السياسية يصعب توقع وقف الحرب او استقرار البلاد.

دعنا ولفائدة التركيز على القضية التى نود نقاشها في المقال ان نترك الجيش والمليشيا جانبا و نركز على نظرة القوى السياسية للفترة الانتقالية منذ سقوط نظام البشير.

من واقع التجربة يتضح ان هنالك اختلاف جوهري في نظرة القوى السياسية حول ما المطلوب من الفترة الانتقالية وطبيعتها والمهام التى يجب ان تنجز فيها.

هنالك بصورة عامة ثلاثة مجموعات تتصارع حول ما المطلوب فعله في الفترة الانتقالية. نناقش مواقف هذه المجموعات في المقال.

اولي هذه المجموعات هي جماعة المجلس المركزى التى ترى ان الفترة الانتقالية يجب ان تكون نقطة انطلاق لتكوين دولة جديدة تماما مختلفة عن دولة الاسلاميين وانهم وحدهم لهم الحق في فعل ذلك فهم كما يزعمون (قادة) الثورة وقادة الجماهير التى اسقطت نظام البشير او كما اسمو انفسهم (قوى الثورة). أكثر من ذلك يعتقدون ان لهم تفويض جماهيري كامل لتنفيذ اجندتهم (رغم ضبابيتها)، وان ليس من حق احد (اسلامى او غيره) الاعتراض على ما يودون فعله، و من يفعل ذلك صنفوه اما اسلامى او فلول (دون ان يقدموا تعريفا واضحا ماذا يقصدون بالإسلامى او بالفلول) خاصة وان في صفهم ما يكفي من (الصنفين)!

المجموعة الثانية هى القوى التى اسمت نفسها ” قوى التغيير الجذري” و تشمل الحزب الشيوعي وبعض المجموعات الشبابية من لجان المقاومة.

تتفق هذه المجموعة مع جماعة المركزى في ان الفترة الانتقالية يجب ان تكون لبناء دولة مغايرة لدولة الاسلاميين، ولكنها خلافا لجماعة المركزى ، تطرح دولة اشتراكية كاملة الدسم تقوم على محاربة القطاع الخاص مع كامل ملكية الدولة للموارد و آليات الانتاج المختلفة.

تنظر هذه المجموعة لجماعة المركزى على انهم عملاء للامبريالية العالمية التى تسرق موارد الشعوب وتستغلها. ورغم انها تتفق معهم في موقفهم من الاسلاميين وضرورة دحرهم وابعادهم وإنهاء سيطرتهم علي الدولة، الا ان مفاهيمها الاقتصادية الراسخة كقوى ضد الامبريالية تمنعها من العمل مع مجموعة المركزى. يجب أيضا التذكير بأن الحزب الشيوعي إبان عضويته في المجلس المركزى كان قد اصدر عدة بيانات اعترض فيها على السياسة الاقتصادية لحكومتي المجلس المركزى. هذا الامر – بجانب اعتراض الحزب على تماهي جماعة المركزى مع ما اسموه (العسكر)- دفعا الحزب للخروج من المجلس المركزى واتخاذ موقف المعارضه له حتى قبل اندلاع الحرب. يشار الى فشل جميع مغازلات جماعة المركزى للحزب الشيوعي للعودة لصفهم.

تجدر الاشارة الى ان هاتين المجموعتين بلا قواعد جماهيرية تمكنهم من الفوز بأى انتخابات عامة لتنفيذ برنامجيهما ولذلك تسعى المجموعتان لاستغلال الفترة الانتقالية لتنفيذ اجندتهم دون تفويض شعبي.

ز

اما المجموعة الثالثة، والتى تمثل الغالبية الكاسحة من القوى السياسية والمواطنين فموقفهم إقتصار الفترة الانتقالية – بجانب حفظ الامن وتقديم الخدمات – على اعداد البلاد للانتخابات العامة، وان تترك القضايا الاخرى المتعلقة بالتغييرات في الدولة والدستور والقوات المسلحة والاجهزة الامنية الاخري للحكومة المنتخبة. ويعتقد هولاء ان مجموعة المركزى ليس من حقها اجراء اى تعديلات في مؤسسات الدولة الحساسة، لانهم ببساطة لم يكونوا هم من صنع الثورة او قادها انما اختطفوا ثورة السودانيين وحاولوا استغلالها لاجندتهم السياسية في اقصاء الاخرين والانفراد بالسلطة لتنفيذ اجندة خارجية اعدتها ما كان يعرف بالرباعية (سفراء امريكا؛ انجلترا؛ السعودية والامارات). تتفق هذه المجموعة في نظرتها لجماعة المركزى انهم عملاء للامبريالية العالمية وجه للاستعمار الحديث. وبالرغم من اتفاقهما في هذه النقطة الحوهرية الا ان امكانية قبولهم للعمل سويا ضئيلة للغاية ان لم تكن معدومة بالنظر لتخندق القيادات في الاطروحات البائسة القديمة.

بالطبع كان لجماعة المركزى او التغيير الجذرى تنفيذ اى من برنمجيهما في حالة انهيار الجيش (يشمل الدعم السريع وقتها) والاجهزة الامنية الاخري إبان التغيير وتكوين جيش جديد خاضع بكامله لجماعة المركزى. اما وان ذلك لم يحدث فلا مندوحة من القبول بالتغيير المتدرج القائم على تفاهمات تحفظ حقوق الجميع وليس اقصاء لمجموعة. هذه حقيقة لا يجب القفز فوقها.

نخلص من كل هذا ان جوهر الخلاف ينحصر في ” مهام الفترة الانتقالية”. هذا امر بالطبع يمكن الاتفاق عليه ان صدقت النوايا وتركت بعض القوى السياسية عملية الاستهبال و (الخم) السياسي للاخرين مستقوية بدول اجنبية.

عليه فإن اى حوار بين القوى السياسية يجب ان ينصب فقط على مهام الفترة الانتقالية، هذا ان كنا ديمقراطيين فعلا لا قولا. اما القضايا الشائكة – وحتى تكون ترتيباتها ملزمة للقوى السياسية وللمواطنين – فيجب تركها لحكومة منتخبة لها تفويض شعبي واضح.

التركيز على مناقشة قضايا الفترة الانتقالية فقط وحصر الحوار فيها يقلل من التعقيدات الكثيرة المتقاطعة في الواقع السياسي والتى يصعب تناولها والاتفاق حولها كحزمة واحدة.

لكل ذلك يتوجب على جماعة المجلس المركزى ترك المماحكات والاستهبال السياسي والتوجه للجماهير وتبشيرها ببرنامجهم السياسي والدولة التى يزمعون تأسيسها. فإن كسبوا الانتخابات لن يستطيع احد (ولا حتى الاسلاميين) رفض التغييرات التى سيقومون بها. على المستى الشخصي سأكون اول المهنئين في حالة فوزهم واعتقد ان كل الديمقراطيين سيفعلون ذلك.

اما ان تتنقل بين عنتيبي ونيروبي واديس ابابا وابوظبي وتتوقع ان تحملك هذه الدول لسدة السلطة على تاتشرات الدعم السريع فذلك امر دونه خرط قتاد الشعب السوداني.

لا تحدثوا عن الديمقراطية والواقع يقول انكم اول رافضيها.

هذه الارض لنا

علي عسكوري

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الفترة الانتقالیة القوى السیاسیة یجب ان

إقرأ أيضاً:

نبارك الرد الإيراني الذي طال بضربة قاصِمة على رؤوس الاحتلال المُجرم

بقلم : تيمور الشرهاني ..

شَكل الرد الإيراني على الاحتلال الإسرائيلي حدثاً تاريخياً يستحق التقدير والاحترام، حيث جاء في وقت حساس للغاية في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني. هذا الرد لا يعكس فقط قوة المقاومة، بل يفتح نقاشاً أوسع حول دور الدول والشعوب في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين. هنا يتضح من الأحداث الأخيرة أن الاحتلال الإسرائيلي الذي اعتقد أنه يستطيع التفرد بالمنطقة واجه تحديات غير متوقعة من قوى متعددة. لقد أصبح من الواضح أن هناك تحالفات جديدة تتشكل لتضع المقاومة الفلسطينية في قلب الصراع مع الاحتلال.
من جهة أخرى، لا يمكن فهم تطورات الصراع الفلسطيني بدون النظر في السياق الإقليمي الذي يحيط به، لذا تُعد الدول المجاورة لفلسطين، وخاصة إيران واليمن ولبنان، محورية في هذا الصراع حيث يتم تبادل الدعم والتنسيق لمواجهة الاحتلال الغاصب. فلقد شهدت المنطقة تغيرات جذرية خلال السنوات الأخيرة، والتي أضحت تأثيراتها واضحة على مجرى الأحداث. بيد أن هذه الديناميكية تعكس تحولًا في ميزان القوى الإقليمي حيث يسعى الجميع إلى الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
وعلى الصعيد ذاته، يُعد الرد الإيراني على الاحتلال الإسرائيلي بمثابة رسالة قوية بمكانة الجمهورية الإيرانية كداعم رئيسي للمقاومة الفلسطينية. هذا التنسيق العسكري والمساند يُعزز من موقف المقاومة داخلياً وخارجياً مما يضع الاحتلال تحت ضغط غير مسبوق. كما أن هذه العملية تهدف إلى إعادة ترتيب أولويات القوى الإقليمية وتحفيزها على تبني موقف أكثر صرامة ضد الاحتلال. ويعد التحليل العسكري لهذا الرد من الأمور المهمة لفهم تأثيره على مستقبل الصراع.
لذا تُشارك الحركات المقاومة في اليمن ولبنان والعراق بشكل نشط في دعم القضية الفلسطينية. ثم إن التحالف بين هذه القوى يعكس وحدة مصير الأمة وإرادتها في مواجهة الاحتلال. ولقد برزت هذه الحركات كقوى مؤثرة في تغيير المعادلات العسكرية على الأرض مما يزيد من حدة التوتر بين الاحتلال وفصائل المقاومة. وإن التنسيق الدائم بين هذه الفصائل ضروري لتحقيق أهداف تحرير فلسطين بالكامل.
كما أن الضربات الأخيرة أحدثت تأثيراً كبيراً على تل أبيب وجبهة الاحتلال، فبات من الواضح أن العواقب أكثر من مجرد رد فعل عسكري، وإحداث حالة هلع وخوف الذي يشهده الإسرائيليون سببت بحد ذاتها حالة من عدم الاستقرار والرعب المستمر مما يؤثر على الروح المعنوية لدى جنودهم ومدنييهم. وتكثيف الضغوطات أدى إلى تفكير الاحتلال في استراتيجيات جديدة لمواجهة هذه التحديات. وإن استمرار الضغوطات العسكرية سيؤدي حتماً إلى تعزيز وحدتهم، لكن دون جدوى، وسيكون الانهيار مصيرهم وفقدانهم للمقاومة، ولن يصمدوا أمام جبروت العقيدة الجبارة التي يمتلكها حزب الله والمقاومون، والنصر سيكون حليف المؤمنين.
لذلك تُمثل الضربات الصاروخية دلالات لليوم الاستثنائي، علامة فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني حيث تقاطعت فيه نيران مقاومي الأمة في سماء فلسطين. وإن هذه اللحظة تُعزز من الرواية الوطنية الفلسطينية بينما تلقي الضوء على أهمية الوحدة بين مختلف القوى المقاومة. وإن الفهم العميق لهذه الدلالات يشكل أساساً لاستراتيجيات مستقبلية تهدف إلى إنهاء الاحتلال بإذن الله. علماً أنها ستظل هذه اللحظة محفورة في ذاكرة الأجيال القادمة كدليل على إرادة الشعب الفلسطيني في التحرر.
ما حدث اليوم يُعد دعوة قوية لجميع أحرار الأمة بأن يجعلوا لهم سهماً في تحرير فلسطين. فيتوجب علينا جميعاً دون استثناء أن نتجاوز الحدود الجغرافية ونستجيب لنداء الإنسانية، حيث إن تحرير فلسطين هو مسؤولية مشتركة. وإن التغيرات التي نشهدها تمنحنا الأمل في تحقيق هذا الهدف، وسيتطلب الأمر التزاماً حقيقياً من جميع الأطراف لضمان سلام دائم يحقق العدالة للشعب الفلسطيني.

تيمور الشرهاني

مقالات مشابهة

  • طارق العوضي: لقاء رئيس الوزراء مع القوى السياسية خطوة تاريخية نحو التعاون والشراكة الوطنية
  • العراق السادس عربياً والـ 37 عالمياً في إحصاءات القوى العاملة 2024
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها
  • بطولتان لألعاب القوى ببغداد والنجف ومساعي لإقامة بطولة الجمهورية بعد غياب 15 عاماً
  • صنعاء تحتضن بطولة الجمهورية لألعاب القوى
  • نبارك الرد الإيراني الذي طال بضربة قاصِمة على رؤوس الاحتلال المُجرم
  • د.حماد عبدالله يكتب: "قدرات" مصر المتنامية!!
  • المشاركة السياسية بالقومي للمرأة تناقش خطة عملها خلال الفترة المقبلة
  • وطنك لا يخذلك
  • برعاية معالي وزير العدل د.خالد شواني والمكلف بإدارتها .. مفوضية حقوق الانسان تقيم مؤتمر تعزيز العدالة الانتقالية في العراق