“طرق دبي” ترسي عقد ترقية نظام “نول” بتكلفة 350 مليون درهم
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
أرست هيئة الطرق والمواصلات، عقد مشروع ترقية نظام (نول) الحالي الذي يعمل بـتقنية البطاقات البلاستيكية (Card Based Ticketing)، إلى نظام حديث وأكثر تطوّراً، مدعوماً بتقنيات الدفع الرقمية للمحافظ المركزية (Account Based Ticketing)، وفق أفضل الممارسات العالمية، بتكلفة تصل إلى 350 مليون درهم.
ويعد المشروع أحد أهم مخرجات خارطة طريق الإستراتيجية الرقمية للهيئة 2023 – 2030،التي أطلقتها الهيئة في ديسمبر الماضي، وتهدف لتعزيز الريادة العالمية للهيئة في مجال التحول الرقمي القائم على الاستثمار الأمثل للبيانات، وتنفيذ بنية تحتية رقمية تتسم بالمرونة والقابلية للتطوير بنسبة 100%، وتمكين التنقل بواسطة التكنولوجيا المالية بنسبة 100%.
وقال معالي مطر الطاير المدير العام ورئيس مجلس المديرين في الهيئة:”يسهم مشروع ترقية نظام (نول)، في تطوير منظومة الدفع في المواصلات العامة في إمارة دبي، ويعد خطوة مهمة لمواكبة التطورات العالمية المتسارعة في مجال المدفوعات الرقمية والتكنولوجيا المالية والذي يتواءم مع التوجهات الحكومية لمبادرة دبي اللانقدية، مشيراً إلى أن الهيئة أصدرت منذ إطلاق الخدمة في 2009، أكثر من 30 مليون بطاقة (نول)، وبلغ المعدل اليومي لاستخدام البطاقة في عام 2023، قرابة 2.5 مليون عملية دفع، تجاوزت قيمتها 2 مليار درهم”.
وأضاف الطاير:” يسهم المشروع في توفير نظام دفع رقمي يعمل بتقنية محفظة تعرفة المواصلات المركزية ويوفر التكامل السلس بين وسائل التنقل في دبي، ويحقق العديد من المزايا والفوائد، حيث يسهم المشروع في تطوير شامل للتقنيات المستخدمة في أنظمة الدفع بحيث تمتثل لأعلى المعايير الخاصة بالأمن الإلكتروني والمالي، وتطوير الجوانب التشغيلية، وتعزيز الاستفادة من البيانات الناتجة عن النظام، إضافة إلى تخصيص الخدمات والمنتجات وفق احتياجات المتعاملين”.
وأوضح أن النظام الجديد سيوفر عدة مزايا جديدة، مثل دعم أنظمة تخطيط الرحلات، حجزها ودفع قيمتها بشكل مسبق عبر القنوات الذكية، وطرح الباقات المدمجة بمجموعة خدمات متنوّعة، وإصدار التذاكر العائلية والجماعية، والدفع من خلال الأجهزة الذكية وتقنيات الذكاء الاصطناعي باستخدام بصمة الوجه وغيرها، إضافة إلى توفر المعلومات بشكل مباشر عن أرصدة حسابات المتعاملين وسجل رحلاتهم وأسعار التذاكر وقيمة التعرفة، وإدارة حساباتهم بكل سهولة، والتحّكم بالبطاقات المفقودة وغيرها من الخصائص.
وفي محور الأمن الإلكتروني، يسهم النظام الجديد، في ربط جميع البطاقات الصادرة، بحسابات فردية للمتعاملين وحسابات الشركات والجهات المتعددة المستخدمين، بما يعزز من حماية الخصوصية وبيانات المتعاملين، وعلى المستوى التشغيلي، سيتميّز النظام الجديد بتوفير خصائص متعددة ومرونة في تطوير العمليات التشغيلية ومراقبة أداء النظام ومتابعة متطلبات مشغلي شبكة المواصلات العامة في الإمارة، إضافة إلى خطط الهيئة في تحقيق التكامل بين وسائل النقل العامة التابعة للهيئة وأنظمة الدفع للقطاع الخاص.
كما سيوفر نظام الدفع الرقمي بتقنية المحفظة المركزية للهيئة، خاصية تحليل بيانات ونمطية الاستخدام بشكل أفضل استناداً إلى بيانات متنوعة تشمل نقاط بدء الرحلات والوجهات، ليتم الاستفادة منها في البحث والتطوير وعمليات التوسّع واستشراف المستقبل وتصميم خدمات متميزة وجديدة.
تجدر الإشارة إلى أن هيئة الطرق والمواصلات، أطلقت بطاقة (نول) في 9 سبتمبر 2009 بالتزامن مع موعد افتتاح مترو دبي، وساهمت في تسهيل تنقل مستخدمي وسائل النقل الجماعي ودفع تعرفة المواقف العامة في إمارة دبي، وفي عام 2017 توسعت الهيئة في استخدامات البطاقة لتشمل خدمات الدفع في محلات التجزئة، ودفع رسوم الدخول إلى عدد من المرافق العامة والخاصة في دبي وذلك ضمن خطط الهيئة في التوسع في خدمات نول ضمن إستراتيجيتها الرقمية.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
في تحول خاطف.. كيف اختفت رموز نظام الأسد من أسواق دمشق وحلّت محلها ألوان الثورة؟
دمشق- في أسواق العاصمة السورية العتيقة، حيث الأزقة الضيقة التي تعج بالتاريخ، والمحال التجارية القديمة التي شهدت تعاقب الأزمنة والأنظمة، وقع تحول غير متوقع، لم يكن في الحسبان في يوم الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، فقد سقط نظام الأسد الذي استولى على السلطة إثر انقلاب عسكري سنة 1971.
على مدى عقود، اعتادت الأسواق المحيطة بالجامع الأموي في دمشق أن تعرض التحف والشرقيات المزخرفة والتذكارات، ومنها ما يحمل صور ألوان العلم السوري وصور الرئيس المخلوع بشار الأسد ووالده حافظ، بل حتى رموز حلفائهم. وكانت هذه المقتنيات جزءا من المشهد اليومي، يشتريها البعض عن قناعة، والبعض الآخر كنوع من المجاملة أو النفاق الاجتماعي.
لكن فجأة ومع الساعات الأولى لإعلان سقوط النظام، اختفت هذه المنتجات تماما في غضون ساعات، وكأن الأسواق قررت طي صفحة الماضي.
حلّت أعلام الثورة السورية مكان صور الأسد، واستبدلت الخرائط التي كانت تحمل ألوان علم النظام بألوان جديدة تعبّر عن سوريا مختلفة.
نور الدين اللحام، كان من بين التجار الذين تبنوا هذا التحول بشكل كامل. في واجهة متجره، اختفت صور الأسد، وظهرت الأساور والخرائط المزينة بعلم الثورة الأخضر.
بابتسامة واثقة، تحدث عن هذه التغييرات قائلا "هذه خريطة سوريا، وليست خريطة النظام. منذ سنوات، كنا نطبعها بألوان العلم القديم، والآن أصبحنا نطبعها بالعلم الجديد. بعض الأعلام كانت مجرد ملصقات، فقمنا باستبدالها، أما المنتجات المطبوعة التي لا يمكن تغييرها، فقد أتلفناها".
وبشأن ما إذا كان قد تكبد خسائر مالية، نفى اللحام ذلك، معتبرا أن ما تحقق أكبر من أي خسارة مادية، "لم نخسر شيئا! كسبنا وطنا! ماذا تعني خسارة بضاعة، مقارنة بأناس خسروا أرواحهم، أو منازلهم، أو أعمالهم؟ هذه المبالغ لا تساوي شيئا أمام ما عاشه السوريون".
في السوق نفسه، يعمل شاب فضّل عدم ذكر اسمه، لكنه لم يخفِ ارتياحه للتخلص من المقتنيات التي كانت تُفرض عليهم في السابق. ووفقا لما ذكره، لم يكن بيع صور الأسد وأعلام النظام خيارا، بل كان أمرا مفروضا عليهم تحت رقابة أمنية.
"في السابق، كان الجميع مجبرين على بيع هذه المقتنيات، سواء أعجبتهم أم لا. لم يكن الأمر اختيارا، فالأمن كان يراقبنا، وكثير من المشترين لم يكونوا يحبونها، لكنهم كانوا يشترونها كنوع من النفاق الاجتماعي، أو كهدايا ورشاوي للضباط والمسؤولين لتسيير مصالحهم".
وبعد التغيير الذي شهدته البلاد، تم التخلص من هذه المقتنيات، "فبعد التحرير، رميت ما لا يمكن تعديله منها. أما بعض المنتجات التي تحمل رموزا قابلة للتعديل، فقد أرسلناها إلى الورشات لإعادة صبغها، بحيث تتناسب مع العلم الجديد".
أما عن الخسائر المالية، فقد رأى أن التخلص من إرث القمع كان أهم من أي خسارة مادية. "نعم، قد نكون خسرنا بعض المال، لكن هناك من خسروا منازلهم وعائلاتهم. خسارتنا ليست شيئا يُذكر مقارنة بذلك".
عدنان، صاحب ورشة تصنيع ومحل تجاري ملاصق لسور الجامع الأموي، وصف كيف كانت دمشق تعيش تحت رقابة أمنية مشددة، حيث كان التجار مراقبين بشكل دائم، حتى في ما يتعلق بالبضائع التي يبيعونها.
"في دمشق، كنا نعيش وكأننا في فرع أمن. المحل الذي لا يضع علم النظام أو صورة الأسد، كان صاحبه عرضة للمساءلة، وقد يُتهم بأنه معارض! أعرف صديقا اعتُقل فقط لأنه شوهد وهو يشاهد قناة "الجزيرة". بعد خروجه من السجن، صار يشاهد قنوات الأطفال فقط!".
وتحدث عن الأيام الأخيرة للنظام، عندما كان إعلامه يروّج لاستعادة المدن التي خسرها، وكان الناس مجبرين على تصديق هذه الرواية أو على الأقل التظاهر بتصديقها.
"حتى عندما تحررت حلب، كنا نظن أن النظام سيستعيدها، فقد كان يروج لذلك في إعلامه، وكنا نصدقه. في يوم سقوط النظام، كنتُ مع مجموعة من الشباب، نتابع الأخبار خلسة عبر القنوات العربية، بينما كان أحدنا يراقب باب المحل، خوفا من أن يدخل عنصر أمني ويكشف أمرنا".
في اليوم التالي لسقوط النظام، بدأ عدنان إجراء عمليات "تكويع" لبعض المنتجات، حيث تم تحويلها إلى شيء جديد يتناسب مع التغيير، "أحضرت أقلام تلوين، وبدأت ألون الميداليات والخرائط بنفسي. بسبب انقطاع الكهرباء، اضطررنا إلى تأجيل بعض الأعمال، لكن بعد أسبوع، كنا قد أعددنا نماذج جديدة تماما، وبدأنا بطباعتها في الورشة. كل شيء تغيّر بسرعة".
لكن بعض المنتجات لم يكن بالإمكان تعديلها، فكان الخيار الوحيد هو التخلص منها نهائيا، "الأساور، وصحون النحاس، والفناجين التي كانت تحمل رموز النظام، لم يكن بالإمكان إصلاحها. لذلك، أتلفناها. كانت خسارة مالية، لكنها لم تكن شيئا مقارنة بحرية أن نعيش بدون خوف".
وعند مقارنة ما سبق بما تعيشه البلاد حاليا، قال عدنان "في السابق، كنا نعيش تحت رحمة أشخاص يأتون إلى المحال، يتحدثون إلينا بعنجهية وكأنهم أسياد البلاد، يفرضون علينا دفع الرشاوي، ويهددوننا بلا سبب. أما اليوم، فالوضع مختلف تماما. لا أحد يأتي ليبتزنا، لا أحد يُجبرنا على شيء. عناصر الإدارة الجديدة يتميزون بالعزة والأنفة، ولا يقبلون حتى أن نبالغ في شكرهم".
ما حدث في أسواق دمشق القديمة لم يكن مجرد تغيير في المقتنيات المعروضة، بل كان انعكاسا لتحوّل أعمق في البلاد بأسرها على ما يبدو، ولم يكن الأمر مجرد استبدال أعلامٍ أو صور، بل هو إعلان بأن سوريا الجديدة لا تشبه الماضي.