جلس الحاخام شموئيل إلياهو على كرسيه المرتفع يتلقى الأسئلة الدينية ليجيب عليها، وعلى الأرض من حوله جلس تلامذته ومريدوه من رجال دين وطلاب علم وجنود وضباط ومستوطنين. جلسوا جميعاً لا يحركون ساكناً، خاشعين كأن على رؤوسهم الطير، فهم يعتبرون الحاخام إلياهو مرجعية دينية عليا، وسلطة روحانية رفيعة، ويمتثلون لشرائع التلمود التى توصى كل يهودى بالوصية الذهبية: «اتخذ لنفسك حاخاماً تتبعه»!
تلقى الحاخام إلياهو فى هذا اليوم أسئلة متنوعة فى أحكام الصلوات، والطهارة، والمواريث، وغيرها، وكانت الأمور تسير على ما يرام حتى نهض شاب نحيف يرتدى زى الجيش الإسرائيلى، وطرح سؤالاً مثيراً.
انتهى الشاب من طرح سؤاله ثم جلس مرتبكاً، وتعلّقت الأنظار بالحاخام، فكل كلمة تخرج من فمه هى دستور يجب أن يسير عليه أتباعه ومريدوه، وأحكام التوراة سيف على رقاب الجميع، ومَن أفضل من الحاخام إلياهو للرد على مثل هذا السؤال؛ فهو رجل الدين المعروف، وابنه وزير التراث «عميخاى إلياهو»، صاحب الدعوة لضرب غزة بالقنبلة النووية، والحاخام إلياهو الأب هو المرجعية الدينية لأحزاب الصهيونية الدينية، ودعاة الاستيطان فى إسرائيل.
اعتدل «إلياهو» فى جلسته، ورمق الجالسين تحت قدميه بنظرة حادة متفحصة، ثم قال: «ورد فى التلمود: (من جاء لقتلك، اسبق أنت واقتله)، هذه هى القاعدة الفقهية فى الحروب التى نخوضها، ومن ثم، فإن ما ينطبق على الفلسطينيين فى أحكام القتال، ينطبق على أطفالهم أيضاً، فهؤلاء الأطفال الفلسطينيون قنابل موقوتة، غداً يكبرون، ويقفون على أقدامهم، ويصبحون مخربين يعتدون على اليهود. لذلك لا تخفض فوهة البندقية»!!
من هذا المعين المتطرف خرج وزير القنبلة النووية، ورئيس حزبه بن جفير الذى يوزع السلاح على الإسرائيليين فى الشوارع ويدعو لإبادة العرب! قتل الأطفال الفلسطينيين فتوى مشهورة لدى حاخامات إسرائيل على الرغم من أن «تل أبيب» بنت مظلومية الهولوكوست على قصة مجرم الحرب أدولف أيخمان، أحد كبار المسئولين عن أفران الغاز، الذى أجبر، بحسب الروايات الإسرائيلية، 4 آلاف طفل يهودى على دخول المحرقة أحياء. وعندما سرت قشعريرة فى ركبة مساعده «رودولوف هاس» من بشاعة المشهد المروع، وسأل «أيخمان»: لماذا نقتل الأطفال؟! جاءت إجابة «أيخمان» مطابقة لإجابة الحاخام شموئيل إلياهو. قال «أيخمان»، بحسب المصادر العبرية: «من أجل تدمير أمة يجب أولاً تدمير أطفالها؛ لأنهم سوف يكبرون يوماً وينتقمون لآبائهم وأجدادهم».
لقد ذاق اليهود مرارة جرائم الحرب على يد النازى أدولف هتلر وزبانيته، لكن هذه الجرائم، التى ملأوا الدنيا ضجيجاً وصراخاً بسببها، لم تحولهم إلى أمة رحيمة، بل إلى أمة توحدت فى المعتدى، وصارت نسخة منه، لكنها نسخة أكثر إجراماً ووحشية، نسخة قتلت منذ السابع من أكتوبر الماضى أكثر من 26 ألف فلسطينى، بينهم أكثر من 11 ألف طفل، بلا شفقة ولا رحمة. نسخة وحشية جديدة من النازية، تمارس الحصار والتجويع والقتل والتدمير والإبادة الجماعية، نسخة تقول للعالم بأعلى الصوت: «مات هتلر، وترك فى إسرائيل ألف هتلر وهتلر».
وعلى الرغم من أن الإسرائيليين يكرهون وصفهم بالنازية، ويعتبرون كل من ينكر المحرقة معادياً للسامية، فمن المؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إذا نظر اليوم فى المرآة سوف يرى بنيامين أدولف هتلر!!
* أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة عين شمس
المصدر: الوطن
إقرأ أيضاً:
اختتام أول نسخة من مؤتمر التمويل والاستثمار في أديبك 2024
اختتمت اليوم الأربعاء، فعاليات النسخة الافتتاحية لمؤتمر التمويل والاستثمار في أديبك 2024، الحدث الأكبر في قطاع الطاقة العالمي، بالدعوة للتركيز على أهمية توفير تمويل بأسعار معقولة لدعم تحقيق انتقال آمن وعادل ومستدام في قطاع الطاقة.
ووفر المؤتمر منصة مثالية لأصحاب المصلحة من دول الجنوب العالمي وشماله، من بينهم عدداً من كبار مؤسسات التمويل وصناع السياسات والمسؤولين التنفيذيين في مجال الطاقة، لمناقشة هياكل التمويل المستدامة والمبتكرة التي تشكل التي تعد عنصراً رئيسياً لبناء مستقبل عملي ومستدام لقطاع الطاقة.
وتسعى المبادرات الجماعية المشتركة مثل "إعلان الإمارات لتطوير آليات التمويل وتسريع العمل المناخي العالمي" إلى توفير تمويل التمويل والحد من مخاطر الاستثمار، وإيجاد الحلول للعديد من التحديات مثل: ارتفاع تكاليف الاقتراض، ومخاطر الاستثمار، ونقص المشترين الجديرين بالائتمان، وعدم وضوح اللوائح والتشريعات المنظمة في الاقتصادات النامية. وأجمع المشاركون في المؤتمر من الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وبنك ميتسوبيشي يو إف جي، وهوليهان لوكي، وأموندي، على ضرورة قيام مجتمع الطاقة العالمي بإيجاد الحلول لهذه القضايا بهدف جذب وتأمين التمويل الرئيسي.
وبهذه المناسبة قال جوربوز جونول، مدير المشاركة والشراكات في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة: "تشكل الفوارق الكبيرة في تمويل المشاريع التي تدعم الانتقال في قطاع الطاقة تحديات كبيرة، وتفرض على الدول النامية شروط تمويل أكثر صرامة، مما يحد من قدرتها على تحمل تكاليف تطبيق التكنولوجيا الحديثة والاستفادة منها، كما يجب على الحكومات العمل على توفير بيئة استثمارية مناسبة، ومعرفة كيفية توفير التمويل بشروط أفضل لتقليص هذه الفوارق".
كما تضمن المؤتمر جلسة نقاشية بعنوان "سد الفجوة: التعاون بين قطاعات الطاقة والمالية لتعزيز المشاريع الجديدة" شارك فيها عدداً من كبار المسؤولين التنفيذيين من بنك أوف أميركا، وجهاز أبوظبي للاستثمار، وشركة أو إم في، و فيرتيجرو. ركزت الجلسة على مناقشة التعاون بين المستثمرين والبنوك وقطاع الطاقة لتوفير الاستثمار المطلوب لدعم الانتقال في قطاع الطاقة.
وسلط ماسيمو فالسيوني، رئيس شؤون المزايا التنافسية في مكتب أبوظبي للاستثمار، الضوء على ما يجب على الحكومات تحقيقه لإثبات جدارتها للحصول على تمويل لمشاريع الطاقة قائلاً: "المعيار الرئيسي لتحديد المشاريع التي تتلقى الدعم هو المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، حيث نريد خلق تنمية اقتصادية مستدامة في أبوظبي، كما أن الامتثال لقواعد الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والتوظيف مهم أيضًا على حد سواء، لذا يتعين علينا القيام به بشكل مستدام".
ومن خلال البناء على إرث عريق يمتد إلى 40 عاماً من الريادة في قطاع الطاقة، يسعى أديبك لترسيخ التزامه بدعم الانتقال في قطاع الطاقة من خلال توفير منصة لسماع أراء مختلفة واستيعاب الجميع للمساهمة في إيجاد حلول جماعية من خلال مؤتمر أصوات الغد الجديد الذي ستنطلق فعالياته غداً ويستمر ليوم واحد فقط.
وتشمل الموضوعات الرئيسية في المؤتمر فرص النمو في البلدان الأفريقية، وما يمكن لقطاع الطاقة في الجنوب العالمي أن يتوقعه في مؤتمر الأطراف للمناخ التاسع والعشرين (كوب 29)، وأهمية التنوع والشمول في دعم تحقيق الانتقال في قطاع الطاقة، وكيف يمكن للجهات غير الحكومية والجهات الحكومية الدولية والصناعة مساعدة المجتمعات على الاستعداد لمستقبل قادر على الصمود في مواجهة ظاهرة تغير المناخ.
تستمر فعاليات (أديبك 2024) في يومها الأخير غدًا (7 نوفمبر)، لتختتم أربعة أيام من الحدث الأكبر في قطاع الطاقة العالمي والذي يلعب دورًا أساسيًا في تمكين مستقبل قادر على توفير الطاقة الآمنة والعادلة والمستدامة للجميع.