بوابة الوفد:
2025-02-23@00:02:12 GMT

بين أهل الأدب والصحافة

تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT

ثمة اشتباك دائم بين الأدب والصحافة رغم اشتراكهما فى فعل الكتابة. فالجذر واحد لكن كل فرع ينافس زميله فى السمو بخيلاء. 

الأديب يرى الصحفيين يعبثون باللغة، ويبسطون الكلام، ويمارسون مبالغاتهم وتهوينهم للمعانى لتحقيق رسائل بعينها. والصحفى يرى الأدباء مقعرين ومعقدين للأفكار والرسائل التى ينبغى طرحها بشكل مُبسط للناس.

وكل طرف يسخر من الآخر، وينال منه وينافح أن يمنعه من الدخول إلى مجاله. والحكايات فى هذا الشأن كثيرة، ربما أشهرها أن تعيين د. طه حسين رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية فى الخمسينيات إلى جوار كامل الشناوى وموسى صبرى أثار عواصف ومعارك عنيفة، دفعت صلاح سالم عضو مجلس قيادة الثورة ورئيس مجلس إدارة المؤسسة إلى التدخل مرارا للتوسط بينهم. وكان طه حسين يطالب زميليه بقراءة عناوين الجريدة عليه فى الهاتف قبل صدورها، ولما فعلا انتقد ما اعتبره عدوانا منهما على الدقة اللغوية، حيث رفض مثلا  مانشيت يقول «إيدن فى أزمة» معتبرا أن الوضع الذى يعانى منه وزير الخارجية البريطانى وقتها هو موقف حرج فقط ولا يمكن توصيفه بالأزمة، واقترح تغيير المانشيت إلى «إيدن فى حرج»، وهو ما رفضه موسى صبرى. وتصاعد الخلاف، وصولا إلى حد تهديد موسى صبرى بتحكيم القراء فى الخلاف، ثم تدخل صلاح سالم فى النهاية ليخرج عناوين الجريدة عن مسئوليات طه حسين.

ويحكى البعض أن مصطفى أمين كان يسخر كثيرا من أولئك الذين يقرأون كثيرا ويستشهدون بمأثورات لأدباء عالميين فى كتاباتهم، وكان رأيه أن الصحافة هى حرفة البساطة، والقدرة على مخاطبة رجل الشارع العادى. وفى أرشيف مصطفى أمين مقال شهير بعنوان «قال أناتول فرانس» يسخر فيه من المثقفين العضويين ويقول إنهم يفتخرون بكلام لا يعرفه أحد زعما بأن ذلك يجعلهم متميزين. ومما بلغنى فى سنوات عملى الأولى بجريدة الوفد أن مصطفى أمين كان يجافى الكاتب الراحل جمال بدوى، وينفر منه بسبب كتاباته البحثية والأدبية وانتمائه لحقل المثقفين، وفى أكثر من موقف كان يحاول إرسال رسائل بذلك. وفى عام من الأعوام رُشح جمال بدوى لجوائز مصطفى وعلى أمين لأفضل كتاب المقالات، لكن أحدا أخبر جمال بدوى، أن لجنة التقييم رجحت فوزه بالجائزة إلا أن مصطفى أمين تدخل وألغى اختياره إيمانا منه بأن جمال بدوى مثقف ناجح، لكنه صحفى متوسط القدرات. لذا فقد بعث جمال بدوى بأغرب برقية يرسلها أحد أبناء مؤسسة أخبار اليوم إلى مصطفى أمين تضمنت كلمة واحدة بتوقيع جمال بدوى هى «ولو».

لكن للأمانة، ورغم اختلافى الفكرى الشديد معه، فإن الوحيد الذى استوعب ككاتب صحفى، المبدعين وأحسن توظيفهم كان الأستاذ محمد حسنين هيكل، والذى قدم كتابات صحفية قوية، مُدعمة بثقافة واسعة عالمية وعربية، فكان كثير الاستشهاد بروائيين وشعراء وأدباء من كافة أنحاء العالم. وفى عهد رئاسته لإمبراطورية الأهرام نجح الرجل فى حشد جمع عظيم من المبدعين والأدباء والمفكرين العظام من أمثال نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، ويوسف إدريس، وغيرهم ضمن كتاب المؤسسة. وكان الرجل من الذكاء لدرجة القدرة على استيعاب ألوان الطيف الفكرى وتطويعها لتعظيم الأهرام.

ففى يوم ما زار الرئيس عبدالناصر، الأهرام ورأى نجيب محفوظ، وقال له «إنه لم يقرأ له من فترة أمرا لافتا»، فعلق هيكل قائلا بأنه «كاتب بكره حاجة تودى ف داهية» وعلق عبدالناصر قائلا «توديك أنت ف داهية يا هيكل». وهو تعليق يؤكد تقدير عبدالناصر نفسه لوجود اسم نجيب محفوظ فى الأهرام وإيمانه بأن هيكل قادر بذكائه وحكمته على ضبط أى توجهات نقد تمثل خروجا عن السياق.

والله أعلم

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد الأدب والصحافة الصحفيين مصطفى أمین

إقرأ أيضاً:

سميرة محسن : خالي كان ملهمي الأول في الأدب والفن

كشفت الدكتورة سميرة محسن عن تأثير خالها الكاتب الصحفي عبد الرحمن خميسي في تشكيل شخصيتها الثقافية والفنية، مؤكدة أنه كان أحد أبرز المؤثرين في حياتها. 

وقالت محسن، في لقاء مع الإعلامية إيمان أبو طالب في برنامج "بالخط العريض" على قناة الحياة، إن والدها توفي وهي في عمر الثلاثة أشهر، وكان خالها هو من تولى رعايتها بعد ذلك.

وتابعت سميرة محسن أنها كانت تعيش مع خالها الذي كان يشتهر بإنتاج وإخراج الأعمال السينمائية، بالإضافة إلى كونه كاتبًا صحفيًا، حيث كان يحرص على تنظيم صالونات ثقافية في منزله كل أسبوع، يحضرها عدد من الأسماء البارزة في الفن والأدب، مثل كمال الشناوي، يوسف إدريس، عبد الحليم حافظ، وأنيس منصور.

وأوضحت أنها كانت تحرص على حضور هذه الجلسات الثقافية، وكان لذلك تأثير كبير على تطورها الفكري، حيث بدأ يتفتح أمامها أفق واسع من الأدب والشعر. وأضافت محسن أن خالها كان يساعدها بتوجيهات قيمة، حيث كان يُعطيها كتبًا لتقرأها ويطلب منها تلخيص ما فهمته في خمس صفحات، وفيما بعد كان يطلب منها تلخيص الكتاب في صفحة واحدة.

وتابعت سميرة محسن أن خالها لم يكن يهتم فقط بالأدب، بل كان يساهم في إثراء ثقافتها الموسيقية أيضًا، من خلال وضع أسطوانات سيمفونيات عالمية وموسيقى الباليه، مما منحها فرصة للاطلاع على ثقافات مختلفة وتوسيع آفاقها في الفنون.

مقالات مشابهة

  • الأدب الإماراتي يضيء بلغات أخرى
  • الرابطة القلمية: كيف غيّر ميخائيل نعيمة وجه الأدب العربي؟
  • سميرة محسن : خالي كان ملهمي الأول في الأدب والفن
  • علاقة محرمة.. كواليس قتل قاصر لـ عجوز حدائق الأهرام
  • مخنوق في غرفة النوم.. القبض على المتهم بقتل مسن حدائق الأهرام
  • أمن الجيزة يضبط المتهم بقتل مسن في حدائق الأهرام
  • بذكرى رحيله.. مصطفى بكري عن محمد حسنين هيكل: من أهم الصحفيين العرب والدوليين
  • لاعب كمال أجسام يتحول إلى هيكل عظمي بسبب «العصبون الحركي».. ما أعراضه؟
  • وزير البترول يبحث مع شركة إيطالية إنتاج وقود الطائرات المستدام في مصر
  • انتحار فتاة شنقا والعثور على جثة رجل داخل هيكل مبنى جنوبي العراق