بوابة الوفد:
2025-04-17@05:56:25 GMT

بين أهل الأدب والصحافة

تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT

ثمة اشتباك دائم بين الأدب والصحافة رغم اشتراكهما فى فعل الكتابة. فالجذر واحد لكن كل فرع ينافس زميله فى السمو بخيلاء. 

الأديب يرى الصحفيين يعبثون باللغة، ويبسطون الكلام، ويمارسون مبالغاتهم وتهوينهم للمعانى لتحقيق رسائل بعينها. والصحفى يرى الأدباء مقعرين ومعقدين للأفكار والرسائل التى ينبغى طرحها بشكل مُبسط للناس.

وكل طرف يسخر من الآخر، وينال منه وينافح أن يمنعه من الدخول إلى مجاله. والحكايات فى هذا الشأن كثيرة، ربما أشهرها أن تعيين د. طه حسين رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية فى الخمسينيات إلى جوار كامل الشناوى وموسى صبرى أثار عواصف ومعارك عنيفة، دفعت صلاح سالم عضو مجلس قيادة الثورة ورئيس مجلس إدارة المؤسسة إلى التدخل مرارا للتوسط بينهم. وكان طه حسين يطالب زميليه بقراءة عناوين الجريدة عليه فى الهاتف قبل صدورها، ولما فعلا انتقد ما اعتبره عدوانا منهما على الدقة اللغوية، حيث رفض مثلا  مانشيت يقول «إيدن فى أزمة» معتبرا أن الوضع الذى يعانى منه وزير الخارجية البريطانى وقتها هو موقف حرج فقط ولا يمكن توصيفه بالأزمة، واقترح تغيير المانشيت إلى «إيدن فى حرج»، وهو ما رفضه موسى صبرى. وتصاعد الخلاف، وصولا إلى حد تهديد موسى صبرى بتحكيم القراء فى الخلاف، ثم تدخل صلاح سالم فى النهاية ليخرج عناوين الجريدة عن مسئوليات طه حسين.

ويحكى البعض أن مصطفى أمين كان يسخر كثيرا من أولئك الذين يقرأون كثيرا ويستشهدون بمأثورات لأدباء عالميين فى كتاباتهم، وكان رأيه أن الصحافة هى حرفة البساطة، والقدرة على مخاطبة رجل الشارع العادى. وفى أرشيف مصطفى أمين مقال شهير بعنوان «قال أناتول فرانس» يسخر فيه من المثقفين العضويين ويقول إنهم يفتخرون بكلام لا يعرفه أحد زعما بأن ذلك يجعلهم متميزين. ومما بلغنى فى سنوات عملى الأولى بجريدة الوفد أن مصطفى أمين كان يجافى الكاتب الراحل جمال بدوى، وينفر منه بسبب كتاباته البحثية والأدبية وانتمائه لحقل المثقفين، وفى أكثر من موقف كان يحاول إرسال رسائل بذلك. وفى عام من الأعوام رُشح جمال بدوى لجوائز مصطفى وعلى أمين لأفضل كتاب المقالات، لكن أحدا أخبر جمال بدوى، أن لجنة التقييم رجحت فوزه بالجائزة إلا أن مصطفى أمين تدخل وألغى اختياره إيمانا منه بأن جمال بدوى مثقف ناجح، لكنه صحفى متوسط القدرات. لذا فقد بعث جمال بدوى بأغرب برقية يرسلها أحد أبناء مؤسسة أخبار اليوم إلى مصطفى أمين تضمنت كلمة واحدة بتوقيع جمال بدوى هى «ولو».

لكن للأمانة، ورغم اختلافى الفكرى الشديد معه، فإن الوحيد الذى استوعب ككاتب صحفى، المبدعين وأحسن توظيفهم كان الأستاذ محمد حسنين هيكل، والذى قدم كتابات صحفية قوية، مُدعمة بثقافة واسعة عالمية وعربية، فكان كثير الاستشهاد بروائيين وشعراء وأدباء من كافة أنحاء العالم. وفى عهد رئاسته لإمبراطورية الأهرام نجح الرجل فى حشد جمع عظيم من المبدعين والأدباء والمفكرين العظام من أمثال نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، ويوسف إدريس، وغيرهم ضمن كتاب المؤسسة. وكان الرجل من الذكاء لدرجة القدرة على استيعاب ألوان الطيف الفكرى وتطويعها لتعظيم الأهرام.

ففى يوم ما زار الرئيس عبدالناصر، الأهرام ورأى نجيب محفوظ، وقال له «إنه لم يقرأ له من فترة أمرا لافتا»، فعلق هيكل قائلا بأنه «كاتب بكره حاجة تودى ف داهية» وعلق عبدالناصر قائلا «توديك أنت ف داهية يا هيكل». وهو تعليق يؤكد تقدير عبدالناصر نفسه لوجود اسم نجيب محفوظ فى الأهرام وإيمانه بأن هيكل قادر بذكائه وحكمته على ضبط أى توجهات نقد تمثل خروجا عن السياق.

والله أعلم

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد الأدب والصحافة الصحفيين مصطفى أمین

إقرأ أيضاً:

خارج الأدب | علي جمعة يوجّه تنبيها مهمًا لهؤلاء الطلاب

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، اننا أمة علم نكره الجهل ونحب العلم ،ولم يقل أحد من الناس إلي يومنا هذا ما قاله رسول الله ﷺ حيث يقول ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً يسر الله له طريقاً إلي الجنة) ولا قال ما قاله القرآن حيث يقول سبحانه وتعالي (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) 

العلاقة بين العلم والإيمان

وأضاف عبر صفحته الرسمية ان العلماء تقول : أن الله لم يقيد هذا العلم . يعني لم يقل قل هل يستوي الذين يعلمون بالشرع أو الذين لا يعلمون أو بالطب أو بالكون أبداً أطلقها؛ فإذا أطلقها فكل علم إنما هو في مقابله الجهل يعلوه ويزيله ويقضي عليه ، فالعلم هو المبتغى فهى أمه علم ، فالإيمان هو العلم ؛والعلم هو الموصل للإيمان ،والعلم هو محراب الإيمان ؛والإيمان هو محراب العلم ،وليس هناك أي اختلاف بين العلم والإيمان مطلقاً. 

علي جمعة يكشف عن اسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجابعلي جمعة: تخلصنا من عشوائيات السكن وباقي عشوائيات الفكر والتدينعلي جمعة: هؤلاء خذوا منهم العلم الشرعي وابتعدوا عن أصحاب الانتماء السياسيكيف يعلمنا الابتلاء الصبر ويقودنا إلى الله؟.. علي جمعة يرد

العلاقة بين العالم والجاهل

ولفت الى ان العلاقة بين العالم والجاهل هي علاقة الاحترام ؛ تلك العلاقة التي بين العالم المسمى بالأستاذ والجاهل المسمى بالتلميذ ، فالتلميذ هو جاهل ولكن عرف طريقه وأراد إزالة هذه الجهالة فذهب يتعلم عند ذلك الأستاذ فينبغي أن تكون هذه الأستاذية وهذه التلمذة علي وضعها الحقيقي. 

وذكر ان الإمام علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه قال : ( من علمني حرفاً صرت له عبدا) هذه يسموها في اللغة العربية "صيرورة مجازية" يعني أنه مجازاً سيكون له كالعبد ، العبد ما شأنه مع سيده ؟ الاحترام، التوقير ،النصرة ،الحب ، وحتي نفهم هذه المقولة في ظل الأستاذية والتلمذة التي نحن نتكلم عنها الآن علاقة حب واحترام وتلقى. 

وأشار الى ان  بعض الطلبة الآن لا يريد أن يتلقى من الأستاذ ويناقشه مناقشة خارج الأدب ، نحن نريد أن يناقشه ولكن مناقشة داخل الأدب، مناقشة السؤال والبحث عن الحقيقة؛ لكنه هو يحاول أن يناقشه مناقشة المتعالي عليه، التلميذ أصبح يتعالى على الأستاذ ، إفرازات غربية شاعت بين الناس  ، هذه الإفرازات بعيدة عن الإيمان بالله وأثره في الحياة الاجتماعية ، عندما كان الإيمان هو الحاكم في حياة الناس كان هناك احترام بين التلميذ وبين الأستاذ ،وكان هناك رأفة وحب ورحمه ؛وهذه هي الأسس التي ينبغي أن تكون عليها العلاقة بين الأستاذ والتلميذ . 

مقالات مشابهة

  • زينة تبدأ تصوير «الشيطان شاطر» بطولة أحمد عيد
  • هيكل لـ سانا: لدى وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات ‏مبادرات أخرى لتعزيز ريادة الأعمال في سوريا، خلال الأسابيع القادمة
  • اليوم.. محاكمة متهم بتزوير توكيل رسمي لبيع قطعة أرض في حدائق الأهرام
  • عن الأمالي.. قراءة في المسار والخط!
  • عزت إبراهيم: هناك جهد كبير لتعميق العلاقات الاقتصادية بين مصر والخليج
  • برغسون والفلسفة
  • مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية: الشخصية المصرية سبيكة نجحت فى الحفاظ على معدنها
  • كوردستان.. ملتقى أدبي يستعرض الكوارث التاريخية عبر الأدب (صور وفيديوهات)
  • خارج الأدب | علي جمعة يوجّه تنبيها مهمًا لهؤلاء الطلاب
  • من زاوية إلى (بودكاست) ..!!