بوابة الوفد:
2025-04-18@00:39:41 GMT

أكتشف النرويج من جديد

تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT

العلاقة بين مصر والنرويج، التى تحل ضيفًا كريمًا على الدورة الخامسة والخمسين لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، أشبه من وجهة نظرى بقماش الدانتيلا الرقيق، الذى ربما يستغرق وقتًا طويلًا لعقد غرزه الرفيعة وأشكاله الهندسية الدقيقة، ولكنه ومع انتظار النتيجة يخرج بصورة رائقة ومبهرة.

فبينما كتب المسرحى النرويجى الشهير «إبسن» عن شعبه وبلده قائلًا: إن البيئة الطبيعية الرائعة والقاسية التى تحيط بالناس هناك فى الشمال، والحياة المنعزلة والوحيدة- المزارع على بُعد أميال- تجبرهم على البقاء فى المنزل، وأكسبتهم حب الحكمة والفلسفة».

أكتب أنا عن مصر قائلة إن شمسها الدافئة التى لاتغيب عن سمائها، ونهر النيل الهادئ الذى يجرى فى أرضها منذ آلاف السنين أكسبها نفس الفلسفة والحكمة النرويجية ولكن بشعور معاكس تمامًا نابع من طمأنينة الحياة ودفء البيوت المفتوحة فى ليالى الشتاء للمسامرة ونسج الحكايات.

ربما هذا التضاد المناخى والجغرافى بين مصر الواقعة فى قلب حضارات العالم القديم وبين مملكة النرويج الكامنة فى أقصى الشمال الغربى لقارة أوروبا، حيث الطبيعة حادة، صارمة، قوامها البرد وملمسها الجليد.

جعل المشترك الأنسانى بين البلدين مغايرا ومؤثرا فى نفس الوقت.

ففى فترة الثلاثينيات من القرن الماضى كانت مسرحية «إبسن» الكاتب المسرحى النرويجى الشهير « هنريك أبسن (20 مارس 1828 –23 مايو 1906) «عدو الشعب» على سبيل المثال مقررةً على طلاب المدارس.

أما سنوات الستينيات فكان «أبسن» هو العلامة الفارقة فى المسرح المصرى الذى قدم معظم أعماله المترجمة إلى اللغة العربية على خشبته، فكانت مسرحيات: «بيت الدمية» و«البطة البرية» و«الأشباح» هى المقررة على طلبة المعهد العالى للفنون المسرحية ويقدمها كعروض مسرحية طلاب الجامعات بطول محافظات مصر وعرضها.

أيضًا من أجمل الحكايات التى تقال عن تعلق الكاتب النرويجى «أبسن» بالمصريين الذين بادلوه نفس المحبة واهتموا بأعماله وقدموها على مسرحهم وفى دراساتهم الأكاديمية العديدة، ماكتبه «أبسن فى مذكراته عن زياراته عام 1869 لمصر ممثلا لملك النرويج فى احتفالات افتتاح قناة السويس، والتقى الخديو إسماعيل، الذى منحه وسام المجيدى التركى، وقبل حضوره القاهرة بعامين كتب قصيدته الطويلة «بيرجينت» التى تحولت فيما بعد إلى مسرحية، ويعتقد أنها السبب الرئيسى فى دعوة إبسن لحضور تلك المناسبة حيث يدور جزء كبير من أحداثها فى مصر، كما يدور حوار بين البطل وأبو الهول الذى يمثل صوت الضمير فى المسرحية.

يقول « أبسن» عن مصر: «لم أشعر بالسلام والسكينة وصفاء الذهن عند غروب الشمس إلا فى هذا البلد (مصر).. ففى بلدى النرويج ينتابنى شعور بثقل الذهن و الكآبة فى مثل هذا الوقت مما يدفعنى للبحث عن صحبة»

ومن يقوم بزيارة منزل «أبسن»، الذى تحول فيما بعد إلى متحف فى العاصمة النرويجية «أوسلو»، يجد صورة كبيرة لأبسن معلقة فى مدخل منزله، يرتدى فيها قلادة أهداها له الخديو إسماعيل، بمناسبة حضوره حفل افتتاح قناة السويس.

كما يروى ابسن فى مفكرته التى دون فيها تفاصيل رحلته لمصر وصفا دقيقا لهذه الزيارة فيقول : «قبل افتتاح القناة يوم 17 نوفمبر.. دعيت ضمن 85 شخصية منتقاة لرحلة نيلية استغرقت 24 يوما.. استمتعنا خلالها بسحر النيل وعظمة البناء.. وكنت كأننى فى حكاية من حكايات الجنيات.» ويستطرد:»وجدنا 4 مراكب نيلية فى انتظارنا، ومعها بواخر للإقامة، وبدأت الرحلة من النوبة، وبعدها توقفنا لزيارة معبد الكرنك ووادى الملوك. وفى قنا رست المركب هناك.. كنا فى الغروب، واندلعت أبخرة دخان على ضفاف النيل.. وبعدها اقتربت مركب ضخم ناحيتنا.. وقلت ربما تكون الأمبراطورة أوجينى امبراطورة فرنسا على متنها.. لكن سرعان ما ظهر مركب آخر جديد باللون الوردى أكبر من المركب الاول.. ونزلت منه أوجينى مرتدية ثوبا ابيض بديعا مثل كليوبترا بينما كانت الشمس تسطع بأشعتها الذهبية على متن المركب المغطاة بالحرير.

ويكمل إبسن : فى المساء استمتع الجميع بالرقص وفى اليوم التالى زرنا معبدأوزوريس فى ابيدوس وكان امامنا خيارات للوصول للمعبد إما ركوب خيل جميل, أو جمل فاخر، أو حمار عادى، ففضلت ركوب الحمار.. ولاحظت خلال السير أن الماشية هنا تختلف فى شكلها ولونها عن الماشية فى بلادى!.

يأتى عام 2006 بعد مرور مائة وسبعة وثلاثين عامًا على زيارة «أبسن» الأولى لمصر، ليشهد عودته مرة أخرى ولكن على شكل اختتام مصر مع العالم باحتفالية مئويته أمام تمثال أبو الهول بالتحديد وبحضور ملكة السويد. كما احتفلت المؤسسات الثقافية المصرية بتلك المناسبة؛ المجلس الأعلى للثقافة، ومسرح الهناجر، ومكتبة الأسكندرية.

هل ما سبق كل رصيد المصريين من محبة للشعب النرويجى؟ الاجابة بالطبع هى النفى، فالود الثقافى والفكرى موصول، ففى شهر أكتوبر الماضى احتفلت مكتبة الإسكندرية (بمناسبة 21 عامًا على افتتاحها) تحت عنوان «إحياء الأسطورة» بالفريق النرويجى الفائز بتصميم المكتبة، وأشار عضو بالفريق كريج دايجر إلى عملهم الجماعى والمصادر التى استعانوا بها، ومنها رواية «ميرامار» لنجيب محفوظ، التى أعطتهم فكرة عن الإسكندرية وسكانها.

ختامًا لدى الكثير لأكتبه عن مملكة النرويج وكتابها ومفكريها ولكنى سأنهى هذا المقال بشعار النرويج فى معرض الكتاب تحت عنوان «الحلم الذى نحلمه»، وهو الشعار الذى تعتز به و ترفعه فى كل فعالياتها بالخارج، والكلمات مستوحاة من قصيدة «هذا هو الحلم»، للشاعر النرويجى أولاف إتش هاوجِه (1908-1994)، التى صوَت متابعو «هيئة الإذاعة النرويجية» عام 2016 باعتبارها القصيدة الأعظم فى تاريخ النرويج على الإطلاق، وتقول كلماتها:

هذا هو الحلم الذى نحمله

أن معجزة ستحدث

أنه لابد أن يحدث أن الزمن سيفتح نفسه

أن القلب سيفتح نفسه

أن الأبواب ستفتح مصاريعها

أن الجبال ستفتح نفسها

أن الينابيع ستتفجر

أن الحلم سيفتح نفسه

أننا ذات صباح سنبحر

فى برزخ لم نعرف بوجوده

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدورة الخامسة والخمسين معرض القاهرة الدولي للكتاب

إقرأ أيضاً:

في ذكرى ميلاده.. قصة مأساوية مر بها عبد الفتاح القصري بسبب زوجته

تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان عبد الفتاح القصري، وقد ولد في مثل هذا اليوم في 15 أبريل عام 1905وتوفي عام 1964عن عمر يناهز الـ 58 عامًا.

يعد عبد الفتاح القصري، أحد أهم صناع الكوميديا في السينما المصرية، ومازال يقلده الملايين من المصريين حتى الآن، ويُكررون جُمله الشهيرة، التي تعتبر علامة من علامات الكوميديا الأصيلة.

 عبد الفتاح القصري وحياته

ولد الفنان عبد الفتاح القصرى في 15 أبريل عام 1905، وكان ابنًا لأسرة شديدة الثراء، حيث عمل والده تاجرًا في الذهب، ودرس بمدرسة "الفرير" الفرنسية - القديس يوسف بالخرنفش، وأجاد أكثر من لغة، بعكس ما يتم تداوله عنه بأنه "أمي".

بعد شفائها.. كندة علوش تكشف موقفها من العودة إلى السينماانتهاء تصوير فيلم «درويش» وعرضه في السينما 17 يوليو المقبلكنت متخوفا.. نور محمود يروي تجربته مع مسلسل «عايشة الدور»بعد نجاح "في شرع مين".. بسمة بوسيل: ليست مجرد أغنية بل رحلة عاطفية في قلوب المستمعينعبد الفتاح القصري ومسيرته

انضم عبدالفتاح القصري لفرقة جورج أبيض المسرحية، وفي إحدى العروض كان يقدم مشهدا تراجيديا، إلا إن الجمهور ظل يضحك، وفي الكواليس وبخه جورج أبيض وصفعه على وجهه وطرده من الفرقة، بعدما رد عليه قائلا: "بحب أضحك الناس هو أنا لازم أبكيهم".

طالب عدد من النجوم بشقة للقصري، وبالفعل منحه محافظ القاهرة شقة بمساكن الشرابية، كما صرفت له النقابة معاشا قدره 10 جنيهات شهرية، وظلت شقيقته "بهية" بجواره حتى رحيله في 2 مارس 1965.

زواج عبد الفتاح القصري

تزوج النجم الراحل أربع مرات في حياته، كما ظل حلم الإنجاب يراوده، ولم يشغله ذلك عن تألقه ونجاحه ونجوميته، فبعد زواجه للمرة الثالثة أيقن أن هذا الحلم لن يتحقق، ففكر فى تبنى طفل، وهي الفكرة التى رفضتها زوجته الثالثة، وتزوج المرة الرابعة من "سهام" التي تصغره بسنوات كثيرة وكانت تعمل ممرضة بالمستشفى الذي كان يعالج فيه، بعد إصابته بالعمى نتيجة ارتفاع شديد في السكر.

عبد الفتاح القصري وخيانة زوجته

وتعرض للخيانة من قبل زوجته التى استولت على أمواله وقررت أن تتزوج من شاب غيره هو ابنه بالتبني.

عبد الفتاح القصري ووفاته

قضى باقي حياته وحيدًا فقيرًا، في غرفة "تحت بير السلم" في حي "الشرابية"، حتى توفي في 8 مارس 1964 ولم يحضر جنازته سوى 4 أفراد فقط.

مقالات مشابهة

  • هل شرع من قبلنا مُلزم لنا؟ .. خالد الجندي يجيب
  • محافظا دمياط والدقهلية يفتتحان معرضا للعقارات لتسويق الفرص الاستثمارية
  • بحضور محافظي الدقهلية ودمياط.. افتتاح أكبر معرض للاستثمار العقاري
  • ظهير أيسر بتروجت يرحب بالإنتقال إلى الأهلى
  • الليلة.. هنا الزاهد ضيفة انس بوخش فى برنامج Ab talks
  • افتتاح معرض ديارنا للحرف التراثية والصناعات اليدوية بالمتحف الزراعى بالدقى
  • أمير مرتضى يكشف لـ صدى البلد حقيقة تدخله فى أزمة زيزو مع الزمالك
  • نصف نهائي كأس الجزائر.. “الصفراء” لمواصلة الحلم و”سوسطارة” لإنقاذ الموسم
  • محافظ القاهرة يتابع تطبيق المنظومة الجديدة لتقنين أوضاع المستثمرين بشق الثعبان
  • في ذكرى ميلاده.. قصة مأساوية مر بها عبد الفتاح القصري بسبب زوجته