تصاعد الحديث مؤخرا حول انسحاب القوات الأمريكية من العراق وسوريا، في وقت تتوالى فيه التحذيرات من انعكاس حرب غزة على المنطقة ككل.

وبدأ الأمر بتقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية نقلت فيه عن مسؤولين أمريكيين حديثهم عن قرار بالانسحاب من سوريا، إذ ترى واشنطن وجودها في سوريا لم يعد ضروريا، مؤكدة أن مناقشات مكثفة تدور حاليا لبحث توقيت وكيفية سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا.



كذلك في العراق تصر القوى المدعومة من إيران على انسحاب القوات الامريكية من البلاد، خصوصا بعد القصف الذي تعرضت له مقار لفصائل مسلحة تتهمها واشنطن بقصف قواعدها في العراق وسوريا مؤخرا.

ورغم النفي الامريكي لتسريبات "فورين بوليسي" إلا أن حديث الانسحاب يبدو مطروحا للنقاش في أروقة البيت الأبيض بالنظر إلى التوترات في المنطقة، وفشل الإدارة الأمريكية بتحقيق مبتغاها في البلدين الجارين.



العراق
ويخضع الوجود الأمريكي في العراق لعدة عوامل على رأسها الاتفاقية الأمنية التي وقعتها حكومة المالكي مع الولايات المتحدة عام 2009، بالإضافة لما فرضه الواقع عام 2014 إبان سيطرة تنظيم الدولة على أجزاء واسعة من البلاد ما دفع واشنطن لإنشاء تحالف لحرب التنظيم وإرسال قوات إضافية للعراق.

كما يعتبر تواجد القوات الأمريكية بالعراق حلقة من سلسلة علاقات تضبط الوضع في العراق بالنسبة للحكومات المتعاقبة ببغداد التي طالما حاولت الإبقاء على توازن علاقتها مع واشنطن وطهران في ذات الوقت.

ومع الحديث عن إنهاء مهمة التحالف الدولي وانسحاب القوات الأمريكية في العراق، أعلنت وزارة الخارجية العراقية الخميس الماضي، أن بغداد وواشنطن ستطلقان محادثات من شأنها أن تؤدي إلى صياغة "جدول زمني محدد" يؤطّر مدّة وجود التحالف الدولي في العراق، ومباشرة الخفض التدريجي لمستشاريه.

ومن المقرر أن يجري مسؤولون عسكريون المحادثات لتقييم الاحتياجات العملياتية وفعالية قوات الأمن العراقية والتهديدات التي تواجهها، والتي سيحدد الجانبان بناء عليها مدى سرعة إنهاء التحالف تدريجيا وكيف ستبدو العلاقات الثنائية المستقبلية. 

وتنشر الولايات المتحدة 2500 عسكري في العراق لتقديم المشورة والمساعدة للقوات العراقية لمنع عودة تنظيم الدولة بالإضافة لمئات العسكريين من دول أخرى أغلبها أوروبية في العراق يعلمون ضمن التحالف.

وتتوزع خريطة انتشار القوات الأمريكية في العراق على عدة قواعد أبرزها عين الأسد في محافظة الأنبار غربا، وقاعدة حرير في أربيل شمالا، بالإضافة لقاعدة فيكتوريا قرب مطار بغداد.

في المقابل، أكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، "بدء اجتماعات"فرق العمل هذه خلال لأيام المقبلة. 

ورجح مسؤولون من البلدين، أن تستغرق المحادثات عدة أشهر، إن لم يكن أكثر، غير أن نتيجتها ليست واضحة كما أن انسحاب القوات الأمريكية ليس وشيكا، وفقا لرويترز.

وفي آب/أغسطس الماضي اتفقت الولايات المتحدة والعراق، على تشكيل لجنة عسكرية عليا للبحث في الأمر، على غرار مجموعة عمل وستركز على المرحلة التالية من التحالف المناهض لتنظيم الدولة بقيادة الولايات المتحدة.

تأطير وجود "لا انسحاب"
يقول الباحث والكاتب السياسي العراقي نظير الكندوري، "إن الحديث في الأروقة السياسية الأمريكية، ليس عن انسحاب قواتها من العراق، إنما عن إعادة توصيف تلك القوات الأمريكية، واعطائها مسوغا آخر للبقاء في العراق بعيدًا عن المسوغ الحالي الذي تعتمد عليه، كقائدة للتحالف الدولي لمحاربة داعش". 

وأضاف في حديث لـ "عربي21"، "هذا ما يعضده تصريحات القادة الأمريكان أنفسهم، حينما قال الكثير منهم، أن انسحاب قواتهم من العراق ليس وشيكًا، كذلك بأن (لا حديث عن انسحاب أمريكي من شرق سوريا)".

وتابع، "حاليا، بدأ الحديث عن الانتقال إلى شراكة أمنية ثنائية مستدامة مع العراق، بمعنى أخر، أن بقاء القوات الأمريكية في العراق لن يطرأ عليه تغيير جذري وحقيقي، إنما فقط تغيير على مستوى حجج بقائها وكذلك توصيف هذه القوات وطبيعة عملها الجديد، من قوات تحالف دولي، إلى قوات مرتبطة بالحكومة بمعاهدة أمنية مستدامة".

وأوضح الكندوري، "أن الولايات المتحدة لا تفكر بأن بقاء قواتها في العراق، أو حتى في سوريا هو عبأ عليها وأنها لا تستفيد منه، فالعراق يعتبر من مناطق نفوذ الولايات المتحدة منذ غزوه عام 2003، وكل ما نسمعه عن توغل النفوذ الإيراني في العراق، إلا أن هذا لا يلغي أن للولايات المتحدة القول الفصل في الشأن العراقي، سواء سياسيًا أو عسكريا". 

وأردف، أن هذا التواجد يوفر للولايات المتحدة القدرة على التحكم في كثير من الأمور في العراق وسوريا، منها حماية إسرائيل، من خلال بقاء هاتين الدولتين ضعيفتين، صنع جماعات مسلحة موالية لها مثل القوات الكردية في سوريا "قسد" أو في العراق "جماعة البارزاني" ويمكنها أن تستخدمها في الرد على أي تهديد للمصالح الأمريكية. 

كما أن العراق وسوريا يقعان في قلب الشرق الأوسط، وقريبتان من إيران وقريبتان من منابع النفط في الخليج العربي، فكيف يمكن أن تغامر واشنطن بالانسحاب منها وهي تدرك أن الصين أو روسيا جاهزتان لتحل محل أمريكا في هذين البلدين؟، وفقا للكندوري.

حينما نرى الأمور بهذا الشكل، نستطيع أن نُفسر السرَّ وراء تمسك الولايات المتحدة بتواجدها العسكري في هذين البلدين.



من يملأ الفراغ؟
ويرى الكندوري، "أن على افتراض جدية الولايات المتحدة بسحب قواتها من العراق، وهذا يعني انسحابها أيضا من سوريا وإقليم كردستان، لانهما معتمدتان لوجستيا على القوات الأمريكية المتواجدة في العراق. لذلك فأن قدرة كل من قسد أو الحكومة العراقية وحتى حكومة إقليم كردستان، على مواجهة التحديات الأمنية ضعيفة جدا". 

وأكد الكاتب السياسي العراقي، "أنه في اليوم الثاني لانسحاب القوات الأمريكية من العراق وسوريا، ستدخل القوات التركية إلى مناطق قسد، فيما ستدخل أيضا إلى كردستان العراق بشكل أكثر كثافة بحجة محاربة حزب العمال في البلدين. 

وفي العراق يقول الكندوري، "من الصعب على حكومة بغداد الصمود أمام التحديات التي يفرضها تنظيم داعش والتنظيمات المسلحة التي لا تأتمر بأوامر الدولة العراقية (الفصائل الولائية)، وستشكل تهديدا حقيقا لها، وقد حصل ذلك في العراق، فعندما خرجت القوات الأمريكية، احتلت داعش في عام 2014 ثلث العراق، ولم تستطيع حكومة بغداد مواجهة التنظيم، واضطرت للاستعانة بالولايات المتحدة".

وأكد، "أنه من غير المتوقع أن تترك الولايات المتحدة وتغامر بمصير حلفائها بالمنطقة، كما أنها لن تأمن الجانب التركي والإيراني، من أنهما سيستوليان على تلك المناطق وتحويلها إلى مناطق نفوذ تابعه لها حالما تغادر القوات الأمريكية منها".

سوريا
بعد التسريبات سارعت واشنطن لنفي نيتها الانسحاب، حيث نقلت وسائل إعلام عن مسؤول رفيع في مجلس الأمن القومي الأمريكي تأكيده، أن إدارة الرئيس بايدن لا تفكر بالانسحاب من سوريا.

كما نقلت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية عن مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية قوله، "إن التقارير في وسائل الإعلام والتي تفيد بأن الولايات المتحدة تدرس إمكانية سحب قواتها من سوريا خاطئة ولا يمكن الاعتماد عليها".

ويتمركز الجيش الأمريكي بسوريا  في 28 موقعا منها 24 قاعدة عسكرية وأربعة نقاط، تضم حوالي 900 جندي.

وتتوزع القواعد الأمريكية شرق سوريا، من مناطق شرق نهر الفرات من جنوب شرق سوريا بالقرب من معبر التنف الحدودي، إلى الشمال الشرقي بالقرب من حقول رميلان النّفطيّة، في محافظتي الحسكة ودير الزور.

ومن أهم نقاط تواجد القوات الأمريكي في سوريا "حقول كونيكو وعمر النفطي والرميلان، وقواعد التنف والشدادي وهيموس وتل بيدر والمالكية".



رسائل إعلامية
ويرى الخبير العسكري السوري أديب العليوي، "أن قضية الانسحاب الأمريكي من سوريا إعلامية أكثر منها واقعية  وتثار عادة قبل كل انتخابات، كما حدث  في انتخابات 2020, وكذلك يطرح الآن موضوع الانسحاب، فهي رسائل لأكثر من طرف، أهمهم الداخل الأمريكي".

وأضاف في حديث لـ "عربي21”، "أن الوجود الأمريكي في سوريا حقق حالة التوازن التي تريدها واشنطن، بإبقاء الصراع على ماهو عليه، كما منحها السيطرة على المنطقة الشرقية وصولا للحدود التركية ".

وتابع، "أن الوجود الأمريكي دعم قسد وثبت وجودها في المناطق الغنية بالنفط، للسيطرة على حقول الطاقة بالمنطقة".

واستدرك، "فيما لو حدث الانسحاب، فإن تبعاته ستكون كبيرة وعلى رأسها سيطرة إيران على المناطق الشرقية بالكامل".

وحول قدرتها على حماية حلفائها في سوريا قال العليوي، "إن الولايات المتحدة قد تستطيع جزئيا حماية لو حدث انسحاب، لكنها لن تستطيع حمايتها بشكل كامل، إذ ستندلع صراعات عديدة في المناطق التي تنتشر فيها القوات الأمريكية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية القوات الأمريكية العراق سوريا إيران الانسحاب روسيا العراق إيران سوريا روسيا الانسحاب المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة انسحاب القوات الأمریکیة القوات الأمریکیة من الولایات المتحدة الوجود الأمریکی العراق وسوریا من العراق فی العراق من سوریا فی سوریا

إقرأ أيضاً:

روبيو يعلن أن سفير جنوب إفريقيا في واشنطن شخص غير مرغوب به في الولايات المتحدة

الولايات المتحدة – أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن سفير جمهورية جنوب إفريقيا في واشنطن إبراهيم رسول شخص غير مرغوب فيه، معتبرا أن الأخير “سياسي مُحرِّض على العنصرية، يكره أمريكا ورئيسها”.

وكتب روبيو في حسابه على منصة “إكس”: “سفير جنوب إفريقيا لدى الولايات المتحدة لم يعد مرحبا به في بلدنا العظيم”.

وأضاف: “إبراهيم رسول سياسيٌّ مُحرِّضٌ على العنصرية، يكره الولايات المتحدة ورئيسها”.

واختتم روبيو منشوره قائلا: “ليس لدينا ما نناقشه معه، ولذلك يُعتبر شخصا غير مرغوب فيه”.

وأرفق وزير الخارجية الأمريكي منشوره على منصة “إكس” برابط إلى موقع Breitbart الإخباري، الذي نقل تصريحات السفير الجنوب إفريقي إبراهيم رسول ضد الرئيس الأمريكي بأن التفوق الأبيض هو الذي يدفع ترامب إلى “عدم احترام” “النظام الحالي المهيمن” في العالم، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجموعة العشرين.

وكان رسول الذي عين للمرة الأولى في منصب سفير جنوب إفريقيا في الولايات المتحدة في الفترة من 2010 إلى 2015 وتم إعادة تعيينه بنفس المنصب في نوفمبر 2024، قد انتقد الرئيس الأمريكي، خلال خطاب له في معهد مابونجوبوي للتفكير الاستراتيجي في جوهانسبرغ قائلا: إن تبني ترامب لفكرة “تفوق العرق الأبيض”، هو الذي يدفعه إلى “عدم احترام” النظام الحالي المهيمن في العالم، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجموعة العشرين.

ومع وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض، نشأت توترات في العلاقات بين الولايات المتحدة و جنوب إفريقيا. وفي 7 فبراير، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرسوما بوقف المساعدات المقدمة إلى جنوب إفريقيا. كما أعلن عن خطط لتعزيز إعادة توطين اللاجئين الإفريقيين الذين يفرون من جنوب إفريقيا بسبب “التمييز القائم على العرق الذي ترعاه الحكومة، بما في ذلك مصادرة الملكية التمييزية العنصرية”.

وجاء قرار ترامب ردا على قانون أقرته جنوب إفريقيا يسمح بمصادرة الأراضي من أجل المصلحة العامة.

كما انتقد الرئيس الأمريكي جنوب إفريقيا بسبب تقديمها دعوى أمام محكمة العدل الدولية في ديسمبر 2023 تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.

من جهته، قال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا إنه سيرسل وفودا إلى عدد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، لعرض مواقف جنوب أفريقيا بشأن حل القضايا المطروحة. كما أكد أنه لن يتمكن أحد من ترهيب جمهورية جنوب أفريقيا.

 

المصدر: RT+ Breitbart

Previous ترامب: تلقينا ردودا جيدة جدا من روسيا وأوكرانيا بشأن وقف إطلاق النار ويوم الاثنين سيتضح المزيد Related Posts ترامب: تلقينا ردودا جيدة جدا من روسيا وأوكرانيا بشأن وقف إطلاق النار ويوم الاثنين سيتضح المزيد دولي 15 مارس، 2025 في أول تصريح له بعد أداء اليمين الدستورية..رئيس وزراء كندا الجديد: لن ننضم إلى الولايات المتحدة قطعا دولي 15 مارس، 2025 أحدث المقالات روبيو يعلن أن سفير جنوب إفريقيا في واشنطن شخص غير مرغوب به في الولايات المتحدة ترامب: تلقينا ردودا جيدة جدا من روسيا وأوكرانيا بشأن وقف إطلاق النار ويوم الاثنين سيتضح المزيد في أول تصريح له بعد أداء اليمين الدستورية..رئيس وزراء كندا الجديد: لن ننضم إلى الولايات المتحدة قطعا بوتين يعلن التوصل إلى اتفاق شراكة استراتيجية وتعاون بين روسيا وفنزويلا لحظات مرعبة في إندونيسيا.. تمساح يسحب امرأة إلى النهر ويستعرض بجثتها

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • على خلفية التصعيد مع الحوثيين.. القوات الأمريكية في العراق بحالة تأهب قصوى
  • الأمم المتحدة تعارض الوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة العازلة بين سوريا والجولان المحتل
  • جنرال أمريكي سابق: انسحاب القوات الأمريكية من أوروبا هو مسالة وقت فقط
  • بينها كوبا وإيران واليمن وسوريا والسودان وليبيا.. واشنطن تدرس حظر سفر مواطني 11 دولة
  • السلطات الأمريكية تحظر مواطني دول عربية من دخول الولايات المتحدة
  • واشنطن بوست: على الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سوريا
  • السلطات الأمريكية تخطط لمنع مواطني دول عربية من دخول الولايات المتحدة
  • الصين : تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني تعطل بسبب انسحاب الولايات المتحدة منه
  • روبيو يعلن أن سفير جنوب إفريقيا في واشنطن شخص غير مرغوب به في الولايات المتحدة
  • من واشنطن يبحث مستقبل مفاوضات الولايات المتحدة المباشرة مع حماس