عواصم «وكالات»: ناشد مسؤولون في الأمم المتحدة اليوم الأحد الدول إلى إعادة النظر في قرار وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» وتعهدوا بمعاقبة أي موظف يثبت ضلوعه في الهجمات التي شنتها حركة المقاومة الفلسطينية حماس على إسرائيل، محذرين من أن المساعدات المنقذة للحياة التي تقدمها الوكالة لنحو مليوني شخص في غزة صارت مهددة.

وأوقفت تسع دول على الأقل، من بينها أكبر المانحين الولايات المتحدة وألمانيا، تمويل الوكالة التابعة للأمم المتحدة بعد مزاعم إسرائيلية بضلوع 12 من موظفي الأونروا الذين يبلغ عددهم 13 ألفا في غزة في هجمات السابع من أكتوبر.

من جانبه، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الدول المانحة «ضمان استمرارية» عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بعدما علقت الكثير منها تمويلها لها بسبب اتهامات إسرائيل بأن موظفين في الوكالة قد يكونون ضالعين في هجوم حماس في السابع من أكتوبر.

وأوضح جوتيريش في بيان: «فيما أفهم قلقهم، وقد روعت أنا أيضا بهذه الاتهامات، أناشد الحكومات التي علقت مساهماتها أن تضمن على الأقل استمرارية عمليات الأونروا».

وأضاف جوتيريش في البيان: «الأفعال الشنيعة التي قد يكون ارتكبها هؤلاء الموظفون يجب أن تكون لها عواقب. لكن يجب عدم معاقبة عشرات آلاف الرجال والنساء الذين يعملون لحساب الأونروا، الكثير منهم في بعض من أخطر الظروف للعاملين في المجال الإنساني».

وأكد: «يجب تلبية الحاجات الملحة للسكان اليائسين الذين يقدمون الخدمات لهم».

وشدد على أن «مليوني مدني في غزة يعتمدون على مساعدة الأونروا الحيوية لاستمراريتهم لكن التمويل الحالي للأونروا لن يسمح بتلبية كل الحاجات في فبراير».

وأكد جوتيريش ورود أسماء 12 موظفا من الأونروا في الاتهامات الإسرائيلية التي فتحت الأمم المتحدة تحقيقا فيها. وأوضح أن تسعة منهم طردوا وقتل واحد «فيما يتم التحقق من هوية اثنين آخرين».

من جانبها، أكدت خبيرة مستقلة في الأمم المتحدة اليوم الأحد، أنّ إعلان عدّة دول تعليق مساعداتها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يعدّ انتهاكا لقرار محكمة العدل الدولية، كما يمكن أن يشكّل انتهاكا للاتفاقية الدولية بشأن الإبادة الجماعية.

وأشارت فرانشيسكا ألبانيز المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، إلى أنّ محكمة العدل الدولية طلبت «السماح بمساعدات إنسانية فعّالة» لسكّان غزة.

بالتالي، يعدّ القرار الذي اتخذته عدّة دول بمثابة «عصيان علني لقرار محكمة العدل الدولية»، وفق تعبيرها. ولفتت ألبانيز، وهي خبيرة مستقلّة مُعيّنة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولكنّها لا تتحدث نيابة عن الأمم المتحدة، إلى التسلسل السريع جدا للأحداث المتعلّقة بالأونروا.

وقالت في منشور منفصل على منصة «إكس»: «غداة توصّل محكمة العدل الدولية إلى أنّ إسرائيل ربما ترتكب إبادة جماعية، قرّرت بعض الدول وقف تمويل الأونروا، ما يعني معاقبة جماعية لملايين الفلسطينيين في لحظة حرجة، وانتهاك محتمل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية بشأن الإبادة الجماعية».

الأونروا: القرارات

تهدد عملنا الإنساني

من جهة ثانية، حذر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني من انهيار تقديم المساعدات لملايين المحتاجين في غزة، وذلك بعد تعليق مؤقت للمدفوعات بسبب تورط مزعوم لبعض موظفي الوكالة في هجوم حماس على إسرائيل. وقال لازاريني في بيان على موقع الأونروا على الإنترنت: «لقد قامت تسع دول حتى اليوم بتعليق تمويلها مؤقتا للأونروا، هذه القرارات تهدد عملنا الإنساني المستمر في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك وتحديدا في قطاع غزة». وتدير المنظمة الإغاثية مراكز إيواء لأكثر من مليون شخص وتوفر الغذاء والرعاية الطبية الأساسية.

وكتب مفوض الأونروا عبر منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، تويتر سابقا: «عمليتنا الإنسانية، التي يعتمد عليها مليونا شخص كشريان حياة في غزة، تنهار». وقال إنه تعرض لصدمة من اتخاذ مثل هذه القرارات بناء على سلوك مزعوم لعدد محدود من الأشخاص.

وأضاف لازاريني إن «الفلسطينيين في غزة لم يكونوا بحاجة إلى هذا العقاب الجماعي الإضافي، وهذا يلطخنا جميعا».

وكان لازاريني قد أعلن أن إسرائيل زودت المنظمة بمعلومات تشير إلى تورط موظفي الأونروا في الهجمات، مشيرا إلى أنه شعر هو والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بالفزع وهددوا المتورطين بالملاحقة الجنائية إذا تأكدت المزاعم.

ولم تقدم الأمم المتحدة ولا إسرائيل تفاصيل حول كيفية تورط الموظفين في هجمات حماس.

من جهتها، قالت وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 26 ألف شخص قتلوا في الحملة العسكرية الإسرائيلية على حماس في القطاع. ويقول مسؤولو الإغاثة إن الوفيات الناجمة عن أمراض يمكن الوقاية منها وكذلك مخاطر المجاعة تتزايد مع وصول كميات هزيلة من الغذاء والدواء مقارنة بأحجام المساعدات قبل نشوب الحرب.

ومنذ هجمات السابع من أكتوبر صار معظم سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة يعتمدون على مساعدات الأونروا، بما في ذلك حوالي مليون شخص فروا من القصف الإسرائيلي ولجأوا إلى منشآت للوكالة.

وقال مراقبون وعمال إغاثة إن الخطوة التي اتخذها المانحون ستؤدي إلى تفاقم الجوع.

وقال يان إيجلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «أيها المانحون، لا تجوعوا الأطفال بذنب عدد قليل من العاملين في مجال الإغاثة». وحذر مايكل فخري، وهو خبير معني بالحق في الغذاء عينته الأمم المتحدة، في منشور على منصة إكس من أن خفض التمويل يعني أن المجاعة صارت الآن «حتمية» في غزة.

وعبر الفلسطينيون عن غضبهم من خفض التمويل. وقال يامن حمد الذي يعيش في مدرسة تديرها الأونروا وأصبحت مركزا لإيواء النازحين في دير البلح بوسط غزة منذ أن فر من شمال القطاع: «كنا بنقول إنه إسرائيل شنت حرب تجويع علينا بموازاة حرب التدمير، هلقيت هاي الدول اللي أخدت قرار بوقف المساعدات لوكالة الغوث الأونروا بتعلن عن نفسها شريكة في هاي الحرب والعقوبات الجماعية».

حماس: الاتهامات تمثل

تحديا للمحكمة الدولية

وعلى صعيد متصل، أكد سامي أبو زهري القيادي في حماس أن الاتهامات الإسرائيلية ضد الأونروا تمثل تحديا لقرار محكمة العدل الدولية الصادر يوم الجمعة الذي أمر إسرائيل بمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة. وتوجه إسرائيل انتقادات حادة ضد الأمم المتحدة، وخاصة جوتيريش، منذ بداية الحرب. وأُنشأت الأونروا لمساعدة اللاجئين جراء حرب عام 1948، وتوفر خدمات التعليم والصحة والمساعدات للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان.

وحتى قبل النزاع، كانت الأونروا تكابد من أجل تأمين التمويل، وحذرت من أنها على وشك الانهيار، وكثير من موظفيها البالغ عددهم 13 ألفا هم أنفسهم من اللاجئين، وقُتل ما لا يقل عن 150 منهم منذ نشوب الحرب بين إسرائيل وحماس.

تعليق بعض الدول تمويلها

للأونروا عقاب جماعي

وفي السياق ذاته، أكدت دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، اليوم الأحد، أن قرار الدول التي علقت تمويلها الإضافي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، عقاب جماعي لمجتمع اللاجئين، خاصة في ظل الأوضاع المأساوية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

ودعت دائرة شؤون اللاجئين، في بيان صحفي اليوم أوردته وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ( وفا)، هذه الدول إلى العدول عن قرارها حول تعليق التمويل الخاص بـ«الأونروا»، مشيرة إلى أن «القرار سيلحق ضررا بأوضاع اللاجئين والنازحين وسيضر بجهود الإغاثة الدولية لشعبنا في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما نتج عنه من موت ونزوح قسري وإبادة وتدمير لكل مرافق الحياة والبنى التحتية». وقالت إن «الأونروا ووجودها وبرامجها وتدخلاتها أصبحت تمثل أولوية قصوى من الناحية الإنسانية والإغاثية، وهناك ثقة دولية بها كمؤسسة وبتدخلاتها وعملها، وبالتالي التحريض على الأونروا وتشويه سمعتها يمثل هدفا إسرائيليا من أجل تشديد الخناق على شعبنا، خاصة في قطاع غزة والاستمرار بتجويعه وإبادته وتهجيره قسريا، وأن إسرائيل لا تريد الإبقاء على أي مؤسسة دولية لتكون شاهدا على جرائمها ووحشيتها وإبادتها التي تمارسها في قطاع غزة». وأكدت أن «إسرائيل تقود حملة منسقة منذ مدة طويلة من أجل إضعاف ومحاصرة وكالة الأونروا، وهذه الحملة ترجمة فعلية لتصريحات سابقة لوزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، التي قال فيها إن إسرائيل ستسعى لمنع وكالة (الأونروا) من العمل في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وألا يكون لها دور في المرحلة التي تلي الحرب». وأضافت إن «إسرائيل هي الجهة الوحيدة التي تحرض على الأونروا وترحب بأي قرار يحجب التمويل عنها، وهي تعودت على إلصاق كافة التهم والافتراءات بحق هذه المؤسسة الدولية من أجل تشويه صورتها، كون هذه المؤسسة الأممية صاحبة التفويض للعمل مع اللاجئين الفلسطينيين، وتقدم خدمات حيوية في مجال الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية لأكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة والأردن وسوريا ولبنان، وهي بذلك تمثل عنصر استقرار في منطقة الشرق الأوسط». وشددت شؤون اللاجئين على ضرورة أن تقوم الدول برفع مستوى الدعم المالي لوكالة الأونروا، خاصة في ظل الاحتياج الكبير في قطاع غزة، وتحول أكثر من مليوني فلسطيني من قطاع غزة إلى نازحين يفتقدون إلى أبسط مقومات الحياة، ويعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء والماء، ويعيشون في العراء وداخل المراكز الإيوائية التي تفتقد لأبسط مقومات الحياة الآدمية.

الخارجية التركية: نشعر

بالقلق إزاء التعليق

وفي سياق ردود الأفعال الدولية، قالت وزارة الخارجية التركية اليوم الأحد إن تركيا تشعر بالقلق إزاء قرار بعض الدول تعليق تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وحثت تلك الدول على إعادة النظر في قرارها. وأضافت الوزارة في بيان: إن تعليق التمويل يضر بالأساس بالمدنيين الفلسطينيين. وقالت الوزارة في البيان: «بالعمل في ظل ظروف بالغة الصعوبة، تفي الأونروا باحتياجات ضرورية لملايين اللاجئين الفلسطينيين، منذ السابع من أكتوبر، قتل أكثر من 150 من موظفي الأونروا على يد إسرائيل في غزة».

من جانبه، قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي اليوم الأحد: إن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا): «شريان الحياة لأكثر من مليوني فلسطيني يواجهون الجوع في غزة».

وأكد الصفدي، خلال اتصال هاتفي مع المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني أن «الأونروا تقوم بدور لا يمكن الاستغناء عنه في إيصال المساعدات الإنسانية لأكثر من مليوني فلسطيني يواجهون كارثة إنسانية نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة».

وشدد على «ضرورة استمرار المجتمع الدولي في توفير المساعدات اللازمة للوكالة لتمكينها من المضي في تقديم خدماتها في غزة التي يواجه أهلها المجاعة، وترفض إسرائيل السماح بإدخال المساعدات الإنسانية والمستدامة لهم، في خرق فاضح القانون الدولي الإنساني وقرار محكمة العدل الدولية».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وکالة غوث وتشغیل اللاجئین الفلسطینیین محکمة العدل الدولیة السابع من أکتوبر للأمم المتحدة الأمم المتحدة الیوم الأحد فی قطاع غزة لأکثر من من ملیون إلى أن فی غزة من أجل

إقرأ أيضاً:

باحثة سياسية: الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تسير الأمور في الشرق الأوسط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قالت الكاتبة و الباحثة السياسية بولا أسطيح، إن الولايات المتحدة الأمريكية تتحمل المسؤولية باعتبار أن إسرائيل ما كانت لتقدم اليوم  على توسعة الحرب على لبنان وشنها بهذه الطريقة وعلى اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إلا بغطاء وتنسيق استخباراتي أمريكي إسرائيلي

وأضافت «أسطيح»، خلال مداخلة هاتفية عبر شاشة قناة «القاهرة الإخبارية»، أن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تسير الأمور في الشرق الأوسط وأنها أقنعت إسرائيل بأنها قادرة على القضاء على قدرات حزب الله لأن الضربات والصفعات التي تلقها الحزب كانت كبيرة جدًا خلال الأسبوعين الماضيين.

وتابعت الباحثة السياسية: «جيش الاحتلال الإسرائيلي له أهداف محددة ومن ضمنها القضاء على حماس ومنذ انخراط حزب الله بالموجهات انضم ضمن الأهداف القضاء على حزب الله أيَضًا لقص أجنحة إيران بالمنطقة لتؤمن استقرارها على المدى البعيد وليس فقط المدى القريب ومتوسط الأمد»، مشيرة إلى أن أهداف الاحتلال تطور يومًا بعد يوم مع تواصل تصعيدها في الحرب على  الجنوب اللبناني وعلى فلسطين.

مقالات مشابهة

  • غارة إسرائيلية على مخيم البدّاوي تنكأ جراح اللاجئين الفلسطينيين
  • "الجارديان": آثار الحرب تؤثر على جميع جوانب الحياة في إسرائيل.. وتسلط الضوء على أبعاد عزلتها الدولية
  • باحثة سياسية: الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تسير الأمور في الشرق الأوسط
  • من هم مرشحو جائزة نوبل للسلام؟.. الأونروا بين المتنافسين
  • لـمنع إسرائيل من المشاركة في المحافل الكروية الدولية.. الفيفا يتحرك بطلب فلسطيني ويفتح تحقيقا
  • تحالف مضاد.. سياسة واشنطن الخاطئة تدفع موسكو وبيونغ يانغ إلى التعاون
  • محافظ الجيزة: تقديم الرعاية الصحية والخدمات العلاجية لأكثر من 2 مليون مواطن
  • لبنان يطلب 427 مليون دولار كمساعدة عاجلة لتخفيف أزمة اللاجئين
  • الأمم المتحدة: تصرفات إسرائيل هجوم على المنظمة الدولية
  • حماس: النار التي تشعلها إسرائيل ستحرقها