كلام فنون: بشأن التأريخ للموسيقى العُمانية «5».. الآلات الوترية العودية
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
إن هذه المقالات المتواضعة التي هي تحت عنوان كبير أعلاه تعالج معلومات أساسية من تاريخ استعمال آلة العود في الموسيقى العُمانية، ولكنها معلومات لا تزال بحاجة إلى توسُّع بقدر اتّساع الفترة الزمنية المبدئية التي أتحدث عنها هنا التي تمتد من وقتنا هذا إلى القرن السادس الميلادي. إن جبر الفراغات الزمنية الواسعة في تسلسل المعلومات عبر هذه القرون الطويلة تأخذ وقتا طويلا من البحث في المصادر المختلفة، وهذا عمل شاق في ظل غياب التأريخ للفنون والموسيقى في بلادنا عبر القرون، ولكن المهم للإشارة إليه في هذا الاستعراض التاريخي المتواضع هو تنوُّع أسماء الآلات العودية المستعملة في سلطنة عُمان وصلة ذلك بباقي أجزاء الجزيرة العربية وخاصة بلاد حضرموت.
وبناء على ذلك سوف أكشف في هذه المقالات عما أعتقد أنه أقدم «تخت» موسيقي غنائي في عُمان والجزيرة العربية، وأدعو المعنيين بالأمر إلى إعادة تأسيس هذه الفرق الثلاثة التراثية في صلالة ومرباط وقريات وحمايتها ورعايتها قبل أن تنقرض.
وقبل أن أستعرض أهمية دور آلة العود ومكانتها وتطور استعمالاتها الفنية ومهارات العازفين عليها من آلة مصاحبة للمطرب إلى آلة عزف منفرد تبرز مهارات العازفين العُمانيين وثقافتهم الموسيقية وظهور صناعتها وصيانتها بسبب الاهتمام والرعاية الرسمية بعد تأسيس الجمعية العُمانية لهواة العود عام 2008 أتابع البحث عن أبرز أسماء المطربين الرواد العُمانيين وأنماط الغناء العودي المشترك بين عُمان وحضرموت خاصة واليمن عامة والخليج اعتمادًا على المصادر المكتوبة والمرويات الشفهية والنصوص الشعرية من وقتنا هذا إلى القرن السابع عشر.
وفي الواقع، هذه المقالات جاءت تفصيلًا للمحاضرة التي تشرفت بإلقائها في منتصف هذا الشهر يناير بدعوة كريمة من وزارة الثقافة والرياضة والشباب بمناسبة ورشة آلة العود التي نظمتها الوزارة ضمن الأعمال الجارية لتسجيل آلة العود كملف مشترك مع الدول العربية في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية.
وآلة العود آلة خفيفة في وزنها، ثقيلة في تاريخها ومكانتها ودورها الفني وجميع الآلات العودية تصنع من أنواع متعددة من الأخشاب ولها نفس طريقة العزف وتستخرج درجات النغمية بواسطة قسمة الوتر والنقر بالريش أو بالأصابع. وقد عرفنا نوعين من هذه العوديات في عُمان أقدمها عود المِزهَر/ القنبوس الشائع في الجزيرة العربية قبل وبعد الإسلام. وقد كتبت ونشرت عددا من البحوث والمقالات عن هذه الآلة الموسيقية وأهميتها ودورها في موسيقى الجزيرة العربية (راجع مثلا: دراسة بعنوان: «آلة العود في الجزيرة العربية.. دراسة تاريخية» قدمت الدراسة في الندوة العلمية عن آلة العود بمناسبة افتتاح جمعية هواة العود عام 2008م، وتم نشر البحث بصورته الأولية في مجلة البحرين الثقافية العدد السابع والخمسون 2009م. ودراسة بعنوان: «جذور غناء العوادين العُمانيين وتطوره». قدمت الدراسة في ندوة «الفنون المغناة في عُمان والجزيرة العربية» التي نظمها مركز الدراسات العُمانية بجامعة السلطان قابوس عام 2010م ونُشرت الدراسة في أدبيات الندوة المذكورة. ثم مع بعض الإضافات نُشرت الدراسة في مجلة نزوى العدد 70 أبريل 2012م، إضافة إلى مقال بعنوان: «الألحان عَمارة الموسيقى والغناء» نشر في المجلة العربية (عدد 542 نوفمبر 2021م) التي تصدر من الرياض بالمملكة العربية السعودية)، حيث لا تزال هذه الآلة تصنع وتستعمل ولو بشكل محدود جدا في موطنها الأصلي اليمن وهي معرضة للانقراض، ومن أهم الشخصيات العلمية التي اهتمت وأتقنت العزف على هذه الآلة الباحث الفرنسي الدكتور جون لامبير.
وقد جاءت التسمية القديمة المِزهَر في اعتقادي من شكل المزهرية التي ترسم على وجه رقمته الجلدية، أما تسمية القنبوس فهي حديثة مقارنة بالأولى ومعناها غير واضح وكذلك مصدره، وهناك اقتراحات عدة لتفسير ذلك في عدد من المصادر التي تطرقت لهذه الآلة، على سبيل المثال، كتاب الدكتور محمود قطاط «آلة العود بين دقة العلم وأسرار الفن» إصدار مركز عُمان للموسيقى التقليدية 2006 وغيرها.
واليمنيون في صنعاء يسمون هذه الآلة الطُربي، وهم الصناع والممارسون لها، وهي الآلة الوترية الأساسية في الغناء الصنعاني ولها أربعة أوتار، ثلاثة منها مزدوجة وتنقر بالريشة التي تصنع من مواد مختلفة. ويصنع الطُربي/ القمبوس من قطعة خشبية واحدة يحفر الصندوق الصوتي في عمق الخشبة ثم تغطى بقطعة من الجلد الرقيق لتعظيم الصوت. واستعمل هذه الآلة المطربون العرب وحملوها معهم إلى شرق إفريقيا وآسيا الشرقية، وتوجد في عدد من المتاحف، منها المتحف الوطني في مسقط.
وفي الواقع ليس لدى الباحث أي معلومات عن وجود صناعة لهذه الآلة في أي من بلدان الجزيرة العربية غير اليمن. ومن الملاحظ أن تسمية «قمبوس» تستعمل فقط في حضرموت وعُمان والخليج وشرق آسيا ولدى الإيرانيين والأتراك آلة وترية تسمى «قوبوز»، وهناك تشابه بين المزهر العربي والقوبوز الفارسي. وقد انتشرت هذه التسمية على الأرجح عند الجالية العربية الحضرمية بالهند منذ القرن السادس عشر على الأقل حيث عاش هناك عدد من أشهر عازفي هذه الآلة العرب كما سنرى لاحقا. وفي جميع الأحوال من الواضح أنهما آلتان قديمتان جدا في التراث الثقافي العربي والفارسي والتركي... وللمقال بقية.
مسلم الكثيري موسيقي وباحث
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الجزیرة العربیة الدراسة فی الع مانیة هذه الآلة آلة العود
إقرأ أيضاً:
مهرجان الفيوم السينمائي يطلق منصة "قارون" لتدريب وتعليم شباب المحافظة فنون صناعة السينما
أعلن مهرجان الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة إطلاق منصة "قارون" للتدريب والتعليم رسميًا خلال الدورة الأولى من المهرجان التي تقام في الفترة من ٢٥ حتى ٣٠ نوفمبر الجاري، والتي تهدف إلى تعزيز مهارات الشباب من أبناء الفيوم في مجال صناعة السينما وذلك بالتعاون بين جامعة الفيوم، ومؤسسة دروسوس، وشركة ريد ستار.
صرّح المخرج تامر رجب مدرب ورشة صناعة الفيلم بالموبيل، أن المنصة تركز على تقنيات التصوير الحديثة، خاصة الهواتف المحمولة التي أصبحت من بين الأدوات الأكثر استخداما في الوقت الحالي، بهدف تمكين الشباب من إتقان استخدامها واستغلال التطورات المستمرة فيها.
وأضاف، أن البرنامج يسعى إلى إعادة اكتشاف الشباب لمدينتهم الفيوم عبر تصوير المواقع الأثرية والتراثية والبيئية، وإبراز جمالها وتاريخها.
قال الفنان سيد عبدالخالق مدير مهرجان الفيوم السينمائي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة، إن الورش والتدريبات الخاصة بمنصة قارون أطلقت في جامعة الفيوم خلال الأسابيع الماضية، وأنه خلال فعاليات المهرجات ستتواجد فعاليات وتدريبات المنصة بشكل مكثف وتدشين المنصة رسميا، كما سيتم عرض الأفلام التي نفذها المتدربون في نهاية المهرجان".
وتابع عبدالخالق، أن البرامج التدريبية تشهد تنظيم مجموعة من الورش الخاصة بالأطفال بالتعاون مع جمعية مصر للثقافة والتنمية ومؤسسة ارتقاء تحت قيادة الدكتورة دينا كاظم، مشيرا إلى أن الدكتور أحمد الأنصاري، محافظ الفيوم، وجه بتقديم كافة التسهيلات لدعم مساعي الشباب في تعلم فنون التصوير وإعادة اكتشاف مكنونات مدينتهم.
كما يهدف البرنامج إلى توجيه طاقات طلاب الجامعة نحو تطوير مهاراتهم الشخصية وتنميتها، وأكدت إدارة جامعة الفيوم، برئاسة الدكتور ياسر مجدي حتاته ونائب رئيس الجامعة الدكتور عصام العيسوي، التزامها بدعم الأنشطة الطلابية التي تساهم في تنمية وتوجيه طاقات الشباب، بما يعزز من قدراتهم ويتيح لهم فرصًا واعدة للمستقبل.
يذكر أن مهرجان الفيوم السينمائي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة تنظمه مؤسسة مسار للثقافة والفنون ويقام تحت رعاية محافظة الفيوم والدكتور أحمد الأنصاري محافظ الإقليم، ووزارة الثقافة ووزارة البيئة، وجامعة الفيوم والمركز القومي للسينما وهيئة تنشيط السياحة وشركة ريد ستار.