كاتبة بريطانية: فوز ترامب سيؤدي لحرب أهلية ونهاية أميركا
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
حذرت الكاتبة والمؤرخة البريطانية زوي ستريمبل من أن أميركا باتت ولايات متناثرة أشبه ما تكون بأرخبيل، ولطالما كانت بعض مناطقها "مرعبة جدا" لدرجة أن "نظرة إليها عن كثب قد تجعل وجهك يتجمد من الفزع بشكل دائم".
وقالت ستريمبل في مقال لها بصحيفة "تلغراف" إنها في صغرها حيث نشأت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي في ماساشوسيتس، وهي ولاية "مستنيرة نسبيا"، كان هاجس وحشية الشرطة وظاهرة العنصرية مؤرقا بحيث يسهل مشاهدتها بدءا من مقاعد الحدائق في مدينة بوسطن، حيث يتعرض الرجال السود للمضايقات والسخرية، إلى الترهيب الذي تمارسه قوات الشرطة المحلية "المستهترة وغير المهنية".
ولكن إذا كانت الشرطة أكثر يقظة من الشخص العنصري في عام 2024، فكيف إذن تفاقم الرعب وتضاعف على جبهات أخرى، على حد تعبير ستريمبل التي تستشهد في مقالها في صحيفة "تلغراف" البريطانية بإعدام رجل كان ينتظر تنفيذ الحكم عليه في ولاية ألاباما بغاز النيتروجين الأسبوع الماضي.
ووصفت عقوبة الإعدام بأنها "إجراء لم تطبقه أي دولة متحضرة منذ عقود، ولن يحقق النتيجة المرجوة".
وأشارت إلى أن حاكم ولاية فلوريدا والمرشح الرئاسي السابق، رون ديسانتيس، كان قد تعهد بفرض عقوبة الإعدام من أجل استقطاب الناخبين لحملته الانتخابية من خلال تطبيق عقوبات أشد صرامة على الجرائم.
وضربت ستريمبل أمثلة في هذا السياق، حيث ذكرت أن جريمة إدمان المخدرات خرجت عن السيطرة، وأن حق المرأة في الإجهاض على المستوى الفدرالي أُلغي في عام 2022، مما دفع 21 ولاية بدورها إلى حظره على الفور بشكل كامل وتجريم أي شخص يساعد أو يحرض على الإجهاض.
ساءت الأمور في عهد بايدنوزعمت أن الأمور ساءت في عهد الرئيس جو بايدن الذي كان من المفترض أن ينقذ أميركا من العالم الموازي "المفعم بالفظاظة، والخطابات المنمقة المتواصلة والإجرام الذي يمثله دونالد ترامب وأتباعه".
وعلى الرغم من أن عهد الرئيس بايدن اتسم بالكياسة والخبرة -كما تقول ستريمبل- فإن المشاكل الداخلية أضحت أسوأ من أي وقت مضى، وأن الولايات المتحدة باتت "أرخبيلا من الظلام والفوضى، وعلى شفا الانهيار".
حرب أهلية ونهاية الجمهورية الأميركيةوواصلت المؤرخة البريطانية نبرتها التشاؤمية بشأن مصير الولايات المتحدة، وقالت إن ترامب سيصبح بالتأكيد الرئيس القادم، إذا أقدم بايدن على الترشح للرئاسة أو لم يتحول إلى شخص آخر "وهو ما لن يفعله". وستكون النتائج المحتملة لعودة ترامب إلى الرئاسة -برأي ستريمبل- اندلاع حرب أهلية ونهاية الجمهورية "التي نعرفها".
وتحت أنظار بايدن، تحولت فوضى الهجرة إلى أميركا، بحسب المقال، إلى كابوس. وتستطرد الكاتبة قائلة إن الولايات المتحدة في الأساس "دولة مهاجرين"، ومن ثم، يتعين عليها تبني موقف منفتح تجاه القادمين الجدد. لكنها تستدرك بأن هذا لا يعني أنه ينبغي ببساطة السماح لملايين الحالمين بالهجرة إلى أميركا من دخولها.
ووفقا للمقال، فإن "الكابوس" الأميركي يستفحل يوما بعد يوم، وطالما أن بايدن ظل في منصبه، فإن العالم لا محالة سيبقى 4 سنوات على الأقل تحت حكم ترامب، مما يعني مستقبلا "مأساويا بقدر ما هو مخيف لبلد أحبه بعضنا ذات مرة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أكاديمي يكشف للجزيرة نت أسباب هجرة عقول من أميركا بعهد ترامب
واشنطن- قرر أستاذ الفلسفة والمتخصص في دراسة الفاشية جيسون ستانلي أن يغادر جامعة ييل المرموقة إلى جامعة تورنتو الكندية، فهو يرى أن الولايات المتحدة قد تصبح "دكتاتورية فاشية"، ويخشى أن يكون للمناخ السياسي الحالي تبعات مباشرة عليه شخصيا وعلى عائلته.
ولا يعد البروفيسور ستانلي الأستاذ البارز الوحيد في جامعة ييل الذي يغادر أميركا خوفا من سياسات ترامب، حيث انضم إليه المؤرخان تيموثي سنايدر ومارسي شور، فيما يعد مؤشرا على أحد تبعات هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحريات الأكاديمية في أرقى الجامعات الأميركية.
وعلى مدار سنوات، دق البروفيسور ستانلي أجراس الإنذار بشأن ميول ترامب الاستبدادية، ويكرر وصفه له بشكل لا لُبس فيه بأنه "رئيس فاشي".
"أنا أغادر رغما عني، لأنني لا أريد مغادرة الولايات المتحدة، إنها وطني، ستظل دائما وطني" يقول جيسون ستانلي، ويضيف أن رفاهية أطفاله هي السبب الرئيسي لقراره، إذ قال "لدي ولدان أسودان، أنا خائف على سلامة أبنائي في ظل المناهضة الصريحة والعداء للسود في الوقت الحالي، والوضع بالنسبة لي أكثر رعبا مقارنة بشخص ليس لديه ولدان أسودان".
ويخشى ستانلي، الذي تزوج من طبيبة أميركية سوداء من أصول أفريقية وأنجب منها طفلين قبل أن يقع الطلاق بينهما مؤخرا، على ولديه من تاريخ ترامب الطويل في تبني وجهات النظر التي تسمو بالقومية البيضاء.
كما يرى أن إدارة ترامب الحالية تعمل على القضاء على مبادرات التنوع والإنصاف والشمول (DEI) في كل جوانب الحياة الأميركية، باعتبارها عنصرية معادية للبيض.
إعلانويقول ستانلي، وهو يهودي وابن ناجين من "الهولوكوست"، إن تاريخ عائلته أسهم أيضا في اختياره مغادرة الولايات المتحدة، حيث يقول إن "هناك أوجه تشابه واضحة بين المناخ في ألمانيا النازية في ثلاثينيات القرن الماضي، وما نراه في الولايات المتحدة اليوم".
كما لعب هجوم إدارة ترامب على الأوساط الأكاديمية دورا كبيرا في هذه الظاهرة، وفق ما يرى ستانلي، ويقول إنه "بعد استسلام جامعة كولومبيا، ستصبح مطالب إدارة ترامب للمؤسسات الأكاديمية أكثر جنونا بشكل مفرط".
وأشار إلى مطالب ترامب الأخيرة لجامعة هارفارد، والتي تشمل إلغاء برامج (DEI) ودعم "تنوع وجهات النظر" في القبول والتوظيف، وهو ما رفضته الجامعة، ليرد ترامب بتجميد ما يقرب من 2.3 مليار دولار من التمويل الفدرالي ردا على ذلك.
التذرع بمعادة الساميةانتقد ستانلي ترامب لتذرعه بمعاداة السامية وسط حملته القمعية للمؤسسات الأكاديمية، وجهوده لترحيل الطلاب المولودين خارج أميركا، فيما يتعلق بالاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات، وحذر أنه باستخدام هذا التأطير يدعم صورة نمطية خطرة مفادها أن "اليهود يسيطرون على مؤسسات قوية".
وتصور إدارة ترامب مرارا وتكرارا احتجاجات الحرم الجامعي على الحرب في غزة بأنها موالية لحركة حماس ومعادية للسامية، وأنها تحركت بدورها لإلغاء تأشيرات الطلاب في جميع أنحاء البلاد، مع تسليح الجامعات بقوة لسن إصلاحات مقابل استمرار التمويل.
وقال الأكاديمي إن تغطية وسائل الإعلام الأميركية للاحتجاجات على الحرب في غزة في حرم الجامعات العام الماضي اتبعت مسارا سيئا، موضحا "استغرق الأمر من وسائل الإعلام شهورا للاعتراف بوجود مشاركة يهودية كبيرة".
كما يتهم ستانلي وسائل الإعلام بالجهل وعدم فهم ما يسعى إليه ترامب، ويردد أن "إدارة ترامب تركز على الجامعات ليس بسبب التلقين الأيديولوجي، ولكن لأنها تحتوي على الكثير من الشباب الأذكياء من الطلاب، والطلاب كانوا دائما مصدرا للمقاومة ضد الاستبداد والحرب الظالمة".
إعلانوفي إشارة إلى أن أعضاء إدارة ترامب "قوميون مسيحيون"، قال ستانلي إن البيت الأبيض يستغل اليهود ومعاداة السامية من أجل السيطرة على الجامعات، وعبر عن قلقه من أن اليهود سيتعرضون في النهاية للوم بسبب فاشية ترامب.
وأضاف ستانلي أن أي نقاش حول هذا "يجب أن يبدأ وينتهي بحقيقة أنه يخفي معاناة الفلسطينيين الذين يواجهون إبادة جماعية"، واعتبر أن "الضحايا الحقيقيين في كل هذا هم سكان غزة، الذين يتم التستر على محنتهم غير العادية، من خلال هذا التظاهر الزائف بحماية اليهود الأميركيين، والشعب اليهودي يقف ضد الاستبداد، هذا هو دورنا التاريخي، نحن ندافع عن الليبرالية، وهم يحاولون تماما تغيير ما نمثله".
بدوره، هاجم الكاتب بمجلة "الأتلانتيك" جورج بيكر ما اعتبره "فرارا من أميركا قبل التعرض للتهديد"، واعتبر أن مغادرة هؤلاء الأكاديميين المعروفين -مؤرخان وفيلسوف- لا تعد بمنزلة تغيير مقر العمل فقط، "بل إنهم يفرون من أميركا لأنهم يرونها تقع تحت نظام استبدادي".
وقال بيكر إنه عندما سمع بنبأ نزوحهم من جامعة ييل، تساءل إن كان من المفترض أن يشيد بحكمة الأساتذة وشجاعتهم في إدراك أن الوقت قد حان للمغادرة، "لكن بدلا من ذلك، شعرت بخيانتهم" حسب قوله.
وأشار بيكر إلى أن الأساتذة الثلاثة سافروا إلى أوكرانيا في زمن الحرب، ودعموا قضيتها بلا كلل، ونددوا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، وشرحوا لزملائهم الأميركيين ما يعلمونه في التاريخ عن انهيار الدول الديمقراطية إلى حضن الدكتاتورية.
واعتبر بيكر أن "أي شخص يواجه الموت أو الاعتقال أو حتى المضايقات المستمرة، فإن الفرار من البلاد هو المسار العاقل، لكن في هذه الحالة فالشرطة السرية لا تأتي للبحث عن سنايدر أو شور أو ستانلي".
إعلانوأضاف أن "جامعة ييل -مثل الجامعات الأخرى رفيعة المستوى- ستخسر ملايين الدولارات من التمويل الفدرالي، لكن أساتذتها، وخاصة أولئك الذين لديهم جنسية أميركية، لا يزالون أحرارا بالتحدث نيابة عن مهاجر تم ترحيله ظلما، والدفاع عن طالب متحول جنسيا ضد التنمر والإذلال، والاحتجاج على ما تقوم به الحكومة الفدرالية، وحتى إدانة إيلون ماسك، لا يزال بإمكانهم كتابة كتب عن الفاشية".
وعن سؤاله عن كيفية معرفته متى يحين وقت الرحيل، رد بيكر بالقول "لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال، لكنني أعتقد أن الوقت لم يحن، ولا يبدو لي قريبا حتى"، وختم بيكر مقاله مخاطبا الأكاديميين الثلاثة بالقول "كونوا وطنيين".
مخاوف أميركيةتسبب خبر ترك ستانلي الولايات المتحدة صدمة في العديد من الدوائر الفكرية، فكتاب "كيف تعمل الفاشية: سياسة نحن وهم" والذي صدر عام 2018 يعد من أهم كتبه، لكنه اتخذ قراره بالانتقال لكندا لإدراكه لخطورة ما تمر به الولايات المتحدة خلال فترة حكم ترامب الثانية، وقال "لا أريد أن أربي أطفالي في بلد يميل نحو دكتاتورية فاشية".
وكتبت نيكول هانا جونز، الصحفية على منصة "بلوسكي" للتواصل الاجتماعي "عندما يغادر علماء الاستبداد والفاشية الجامعات الأميركية بسبب الوضع السياسي المتدهور هنا، يجب أن نقلق حقا".
بدورها، عبرت جامعة ييل عن دعمها لستانلي، وبقية أعضاء التدريس بها، وقالت في بيان لها "تفخر جامعة ييل بأعضاء هيئة التدريس فيها، والتي تضم أعضاء قد لا يعملون في المؤسسة بعد الآن، أو الذين قد تستمر مساهماتهم في الأوساط الأكاديمية في جامعات أخرى"، مؤكدة أن أعضاء هيئة التدريس يتخذون قرارات بشأن حياتهم المهنية لمجموعة متنوعة من الأسباب، وأنها تحترم كل هذه القرارات.