حذرت الكاتبة والمؤرخة البريطانية زوي ستريمبل من أن أميركا باتت ولايات متناثرة أشبه ما تكون بأرخبيل، ولطالما كانت بعض مناطقها "مرعبة جدا" لدرجة أن "نظرة إليها عن كثب قد تجعل وجهك يتجمد من الفزع بشكل دائم".

وقالت ستريمبل في مقال لها بصحيفة "تلغراف" إنها في صغرها حيث نشأت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي في ماساشوسيتس، وهي ولاية "مستنيرة نسبيا"، كان هاجس وحشية الشرطة وظاهرة العنصرية مؤرقا بحيث يسهل مشاهدتها بدءا من مقاعد الحدائق في مدينة بوسطن، حيث يتعرض الرجال السود للمضايقات والسخرية، إلى الترهيب الذي تمارسه قوات الشرطة المحلية "المستهترة وغير المهنية".

لماذا تضاعف الرعب في أميركا؟

ولكن إذا كانت الشرطة أكثر يقظة من الشخص العنصري في عام 2024، فكيف إذن تفاقم الرعب وتضاعف على جبهات أخرى، على حد تعبير ستريمبل التي تستشهد في مقالها في صحيفة "تلغراف" البريطانية بإعدام رجل كان ينتظر تنفيذ الحكم عليه في ولاية ألاباما بغاز النيتروجين الأسبوع الماضي.

ووصفت عقوبة الإعدام بأنها "إجراء لم تطبقه أي دولة متحضرة منذ عقود، ولن يحقق النتيجة المرجوة".

وأشارت إلى أن حاكم ولاية فلوريدا والمرشح الرئاسي السابق، رون ديسانتيس، كان قد تعهد بفرض عقوبة الإعدام من أجل استقطاب الناخبين لحملته الانتخابية من خلال تطبيق عقوبات أشد صرامة على الجرائم.

وضربت ستريمبل أمثلة في هذا السياق، حيث ذكرت أن جريمة إدمان المخدرات خرجت عن السيطرة، وأن حق المرأة في الإجهاض على المستوى الفدرالي أُلغي في عام 2022، مما دفع 21 ولاية بدورها إلى حظره على الفور بشكل كامل وتجريم أي شخص يساعد أو يحرض على الإجهاض.

ساءت الأمور في عهد بايدن

وزعمت أن الأمور ساءت في عهد الرئيس جو بايدن الذي كان من المفترض أن ينقذ أميركا من العالم الموازي "المفعم بالفظاظة، والخطابات المنمقة المتواصلة والإجرام الذي يمثله دونالد ترامب وأتباعه".

وعلى الرغم من أن عهد الرئيس بايدن اتسم بالكياسة والخبرة -كما تقول ستريمبل- فإن المشاكل الداخلية أضحت أسوأ من أي وقت مضى، وأن الولايات المتحدة باتت "أرخبيلا من الظلام والفوضى، وعلى شفا الانهيار".

حرب أهلية ونهاية الجمهورية الأميركية

وواصلت المؤرخة البريطانية نبرتها التشاؤمية بشأن مصير الولايات المتحدة، وقالت إن ترامب سيصبح بالتأكيد الرئيس القادم، إذا أقدم بايدن على الترشح للرئاسة أو لم يتحول إلى شخص آخر "وهو ما لن يفعله". وستكون النتائج المحتملة لعودة ترامب إلى الرئاسة -برأي ستريمبل- اندلاع حرب أهلية ونهاية الجمهورية "التي نعرفها".

وتحت أنظار بايدن، تحولت فوضى الهجرة إلى أميركا، بحسب المقال، إلى كابوس. وتستطرد الكاتبة قائلة إن الولايات المتحدة في الأساس "دولة مهاجرين"، ومن ثم، يتعين عليها تبني موقف منفتح تجاه القادمين الجدد. لكنها تستدرك بأن هذا لا يعني أنه ينبغي ببساطة السماح لملايين الحالمين بالهجرة إلى أميركا من دخولها.

ووفقا للمقال، فإن "الكابوس" الأميركي يستفحل يوما بعد يوم، وطالما أن بايدن ظل في منصبه، فإن العالم لا محالة سيبقى 4 سنوات على الأقل تحت حكم ترامب، مما يعني مستقبلا "مأساويا بقدر ما هو مخيف لبلد أحبه بعضنا ذات مرة".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

ما الذي يريده الأميركيون من ترامب وما التحديات المنتظرة؟

مع الفوز الحاسم لدونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، يستعد الرئيس المنتظر لإجراء تغييرات سياسية شاملة داخل الولايات المتحدة الأميركية وخارجها.

ما الذي يريده الناخبون من الرئيس ترامب؟ وما التحديات المنتظرة؟ وما المقبول وغير المقبول عند أنصار ترامب في اليوم الأول من الرئاسة؟ وكيف كسب الرئيس القادم قلوب الناخبين الأميركيين السود؟

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2استبيان: الهجرة رغبة الشباب العربي ولو دون وثائقlist 2 of 2مركز أبحاث أميركي: بايدن وترامب محرجان.. "استبدلوهما"end of list

أجرى مركز بيو للدراسات والأبحاث، في أكتوبر/تشرين الأول 2024، دراسة لفهم آراء الأميركيين، بمن فيهم الناخبون المسجلون، بشأن الرئاسة الجديدة للبيت الأبيض وتوقعاتهم لها.

وأظهرت الدراسة نسبا متزايدة للناخبين المؤيدين لترامب، الذين يرون أنه سيغير واشنطن للأفضل، بينما قال 12% فقط إنه لن يغير الأمور كثيرا.

كما رأى مؤيدو كامالا هاريس أن ترامب من المحتمل أن يغير الأمور، لكن 92% قالوا إن ترامب سيغير الأمور للأسوأ.

كانت القضية الأهم بالنسبة للجمهوريين هي اقتصاد البلاد هذا العام، كما احتلت الهجرة المرتبة الثانية، إذ قال 82% إنها كانت مهمة جدا لتصويتهم، وهذه النسبة تشكل زيادة واضحة مقارنة بنتائج الاستطلاع الذي أجراه المركز في عام 2020، عندما أعرب نحو 61% من أنصار ترامب عن أنها مهمة جدا بالنسبة لهم.

ومن القضايا الأقل أهمية لناخبي ترامب هي قضية التغير المناخي، فقد قال 11% فقط من المستطلعة آراؤهم إنها مهمة جدا، وكان الحال نفسه في قضية عدم المساواة العرقية والإثنية، وكانت قضية الإجهاض ذات أهمية لـ35% منهم.

أنصار ترامب المشاركين في الدراسة أبدوا رأيا موحدا بشأن عدة قضايا ثقافية.

ومن بين تلك القضايا التي اتفقوا عليها بشكل عام، قضية الجنس البيولوجي، واعتقد 92% منهم أنها غير قابلة للتغيير، وكان لـ7% فقط رأي آخر وهو أنه يمكن للشخص أن يكون رجلا أو امرأة حتى وإن كان ذلك مختلفا عن الجنس الذي وُلِد به، وفضل أغلب الناخبين امتلاك الأسلحة على أنه يزيد من الأمان أكثر مما ينقصه.

وأظهرت الدراسة نسبة 83% من الناخبين، يرون أن نظام العدالة الجنائية لا يتعامل بقسوة كافية مع المجرمين.

كما زعم 75% من المستطلعة آراؤهم أن إرث العبودية يؤثر بشكل كبير على وضع الأشخاص السود في المجتمع الأميركي اليوم.

بالمقابل، عبر أغلبية أنصار هاريس عن آراء معارضة تماما لجميع القضايا سابقة الذكر.

وعند سؤال المشاركين في الدراسة عما إذا كانت المكاسب التي حققتها النساء في المجتمع قد جاءت على حساب الرجال، أجاب الأغلبية بـ"لا".

وكما يبدو في الاستطلاع أن الناخبين الأميركيين المناصرين لترامب لا يشعرون بالحماس لفصل الدين عن السياسات الحكومية، فقد أيدها 55%، مقابل 87% من أنصار هاريس الذين رأوا أن لا علاقة للدين في السياسة.

طالما اختلف الجمهوريون والديمقراطيون حول حجم ونطاق الحكومة، واستمر الخلاف حتى الدورة الانتخابية الأخيرة.

وبحسب الاستطلاع، فإن 72% من أنصار ترامب يعتقدون أن المساعدات المقدمة للفقراء تعود عليهم بالأذى أكثر من نفعها.

وفي الوقت نفسه، عارضت أغلبية متقاربة من مؤيدي هاريس وترامب المستطلعة آراؤهم أي تخفيضات في برنامج الضمان الاجتماعي.

كان لدى الجمهوريين وجهات نظر سلبية بشأن الأوضاع الوطنية، وذلك قبل شهر واحد من الانتخابات، فقد كان 5% منهم فقط راضين عن الطريقة التي تسير بها الأمور في البلاد، وأظهر 9 من كل 10 قلقهم بشأن أسعار الغذاء والسلع الاستهلاكية، وكان مؤيدو هاريس غير راضين أيضا، لكن بدرجة أقل وبنسبة وصلت إلى 62%.

وكان التشاؤم الاقتصادي هذا العام واضحا في العديد من دول العالم، بما فيهم الولايات المتحدة، حيث بدت التقييمات السلبية للاقتصاد بين أعضاء الحزب غير الحاكم أعلى بكثير من مؤيدي الحزب الحاكم.

وقال 9 من كل 10 مؤيدين لترامب إنه واضح في سياساته خاصة في معالجة الهجرة غير القانونية وقضايا الاقتصاد والسياسة الخارجية، وإن هاريس أقل وضوحا في مواقفها، ورأوا أن الموضوع الوحيد الذي تأخر فيه ترامب هو الرعاية الصحية.

 

ما المقبول وغير المقبول عند أنصار ترامب في اليوم الأول من الرئاسة؟ ما رأي مؤيدي ترامب في بعض الخطوات غير المسبوقة التي اقترح أنه قد يتخذها في أيامه الأولى في المنصب؟ في الاستطلاع الذي أُجري في سبتمبر/أيلول:

توقع 58% من مؤيدي ترامب استخدام الأوامر التنفيذية في سياسته، إذا لم يتمكن من تمرير أولوياته عبر الكونغرس.

و54% قالوا إنه سيكون من المقبول لهم أن يأمر مسؤولي إنفاذ القانون الفدراليين بالتحقيق مع خصومه الديمقراطيين.

وفي الوقت نفسه، رفض 58% منهم إقالة العاملين في الحكومة؛ بسبب عدم الولاء له.

وبنسبة متطابقة رفض 57% من مؤيديه العفو عن أصدقائه ومؤيديه المدانين بالجرائم.

كما طالبت أغلبية كبيرة من الناخبين المشاركين ترامب بالتركيز على معالجة مخاوف جميع الأميركيين، لا المؤيدين له فقط، وطالبوه التعاون مع الحزب المعارض في الكونغرس.

مقالات مشابهة

  • أكثر من 44 ألف شهيد في اليوم الـ412 لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة
  • مئات المهاجرين ينطلقون من المكسيك سيرا على الأقدام لدخول أميركا قبل تنصيب ترامب
  • بعد فوز ترامب.. نتنياهو يفتح النار على بايدن
  • ترامب يختار سفير أميركا لدى حلف الناتو
  • «الهجرة والرسوم».. تحديات في ولاية ترامب مع دول أمريكا اللاتينية
  • بري استقبل هوكشتاين.. وتلقى برقية من بايدن: أقدر شراكتكم في العمل الذي ينتظرنا
  • ما الذي يريده الأميركيون من ترامب وما التحديات المنتظرة؟
  • تسويات متأخرة على حافة هاوية: أي سيناريوهات ستشهدها حرب غزة ولبنان في ولاية ترامب الـ2؟
  • لبنان وسوريا ما بعد انتخابات أميركا
  • كاتبة تتحدث عن حقيقة باردة وراء انتصار ترامب.. العالم في حالة أزمة