في الوقت الذي تستعر فيه نار الخلاف بين الحكومة الفدرالية الأميركية من جهة، وحاكم ولاية تكساس من جهة أخرى على خلفية قضية الهجرة غير النظامية، يستعد صناع فيلم "الحرب الأهلية" (Civil War) الأميركي لعرضه في الأسبوع الثاني من أبريل/نيسان 2024.

وتحاول حكومة تكساس إغلاق نقاط الدخول عبر تثبيت أسلاك شائكة، بينما ترفض إدارة الرئيس جو بايدن الأمر، مما أدى إلى خلافات شديدة، دفعت بالحاكم إلى التلويح باستقلال الولاية الغنية بمواردها عن الولايات المتحدة.

وأعاد ذلك التلويح المأساة الكبرى في التاريخ الأميركي، وهي الحرب الأهلية (12 أبريل/نيسان 1861-9 أبريل/نيسان 1865) التي نشبت بين ولايات الشمال وولايات الجنوب حول الاتحاد، وكانت تلك الحرب قد انطلقت من تكساس، لكن ما زاد الرعب هو تأييد 25 ولاية أميركية لدعوة حاكمها.

ويشير المخرج أليكس غارلاند في فيلمه الجديد إلى الشرخ الأميركي، إذ تدور الأحداث حول حرب أهلية تندلع في الولايات المتحدة بعد قرار مجموعة من الولايات الانفصال عن الاتحاد الفدرالي وتشكيل دولة مستقلة، ويرصد الفيلم فريقًا من الصحفيين يسافرون عبر الولايات خلال الحرب التي تزداد انتشارا في جميع أنحاء البلاد.

لم يكن غارلاند وحده الذي تحدث عن حرب أهلية أميركية جديدة، بل قدمت السينما العديد من الأعمال التليفزيونية والوثائقية والإذاعية، بينها "الولايات المنقسمة الأميركية" (The Divided States of America)، فضلا عن عدد من الأفلام الروائية والمسلسلات التلفزيونية.

فيلم "الحرب الأهلية" (Civil War)

في المقطع الترويجي لفيلم "الحرب الأهلية" (Civil War)، يسأل جندي مواطنا أميركياً: أي نوع من الأميركيين أنت؟ لأن المواطنين في واحدة من أقوى الإمبراطوريات في التاريخ انقسموا -كما انقسموا سابقا- إلى اتحاديين وغير اتحاديين، ولم يعد القتل على الهوية فقط، بل القتل طبقا لرأي الضحية في الدولة.

ويأتي الفيلم تحت شعار "سباق إلى البيت الأبيض في أميركا في المستقبل القريب على حافة الهاوية"، والذي يظهر مكتوبا على الشاشة في المقطع الترويجي، ويحتوي على مشاهد لجنود ودبابات عسكرية تدمر المدن الأميركية وسط حالة من الفوضى.

ويسأل أحد الصحفيين الرئيس الأميركي الذي استمر 3 دورات رئاسية في منصبه، "هل تندم على استخدام الضربات الجوية على المواطنين الأميركيين؟"، قبل أن يصل المقطع الترويجي إلى ضربة عسكرية تؤدي إلى تدمير نصب لنكولن التذكاري، ويقول الرئيس في تعليق صوتي رداً على ذلك بما يشبه الصراخ، "فليبارك الله أميركا".

يقول الممثل نيك أوفرمان، الذي يجسد دور الرئيس الأميركي، في المقطع الترويجي، "إن مواطني أميركا، ما يسمى بالقوات الغربية في تكساس وكاليفورنيا، عانوا من هزيمة كبيرة جدًا على يد جيش الولايات المتحدة".

الفيلم من بطولة كيرستن دونست، وفاغنر مورا، وكايلي سبايني، وستيفن ماكينلي هندرسون، وسونويا ميزونو، وجيسي بليمونز، ونيك أوفرمان، ويضع المشاهدين في أجواء حرب أهلية أميركية جديدة. يبدأ المقطع الدعائي بمشاهد الدمار في جميع أنحاء البلاد وتقارير إخبارية تفيد بأن "19 ولاية انفصلت".

يلعب كيرستن دونست دور مصور فوتوغرافي في عالم تستخدم فيه الغارات الجوية الحكومية ضد المدنيين ويتم إطلاق النار على الصحفيين بمجرد رؤيتهم في مبنى الكابيتول.

الحرب الأهلية في أفلام الأبطال الخارقين

لم تتوقف السينما الوثائقية أو الدرامية منذ العام 1980 عن التحذير من انفصال ولايات الاتحاد في أميركا، ولعل تلك التحذيرات والإشارات التي وردت في العديد من الأفلام الدرامية التجارية والفنية تشير إلى دور العمل الفني بشكل عام والسينما بشكل خاص في التنبؤ بمستقبل مجتمعاتها.

ولم تكن حرب "مارفل" الأهلية بفيلم "سوبر مان ضد باتمان: فجر العدالة" (Batman v Superman: Dawn of Justice) الذي صدر في العام 2016، إلا توقعاً لذلك الصدام الذي ظل كابوسا أميركيا خالصا للباحثين والمبدعين ومساحة للحوار غير مريحة بالنسبة للسياسيين.

وتبدو القصة وكأنها مرآة للتناقضات الحادة والعديدة التي تمور داخل المجتمع الأميركي، إذ يشعر عامة الناس بالقلق من وجود سوبرمان على كوكبهم والسماح لـ "فارس الظلام" -باتمان- بالمطاردات في شوارع غوثام، وأثناء حدوث ذلك، يحاول باتمان الذي يشعر بالخوف، بمحاولة للتغلب على خوفه ومهاجمة سوبرمان.

وفي الفيلم المنافس" كابتن أميركا: الحرب الأهلية" (Captain America: Civil War) الذي صدر في العام 2016، تتأكد الصورة وتحولاتها، فمع خوف الكثير من الناس من تصرفات الأبطال الخارقين، تقرر الحكومة الضغط لسن قانون تسجيل الأبطال، وهو قانون يحد من تصرفات البطل.

ينتج عن هذا انقسام بين الأبطال الخارقين، حيث يقف الرجل الحديدي مع هذا القانون، مدعيًا أنه يجب مراقبة أفعالهم، وإلا سيستمر تدمير المدن، لكن كابتن أميركا يشعر أن إنقاذ العالم يمنحهم الحق في التصرف بحرية تامة، وأنه لا يمكنهم الاعتماد على الحكومة لحماية العالم.

يتصاعد الأمر إلى حرب شاملة بين فريق الرجل الحديدي (الرجل الحديدي، النمر الأسود، الرؤية، الأرملة السوداء، آلة الحرب، والرجل العنكبوت)، وفريق كابتن أميركا (الكابتن أميركا، بوكي بارنز، فالكون، سكارليت ويتش، هوكي، وأنتمان).

"الولايات المنقسمة الأميركية"

وفي الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية لعام 2016، صدرت سلسلة "الولايات المنقسمة الأميركية" (The Divided States of America)، وهي سلسلة وثائقية تتميز بسرديات حول عدم المساواة في التعليم والإسكان والرعاية الصحية والعمل والعدالة الجنائية والمساواة بين الجنسين والنظام السياسي.

ويمزج صناع العمل هذا الواقع، بخيال يعيش في حالة رعب على أميركا المستقبلية التي يمزقها الانقسام السياسي والاجتماعي، مما يؤدي إلى اندلاع صراع أهلي. ورغم أن الفيلم خيالي، فإنه يقدم صورة قاتمة لعواقب الاستقطاب الشديد والتطرف الأيديولوجي.

أما في العام 1984، فصدر فيلم " الفجر الأحمر" (Red Dawn) وهو فيلم أكشن من إخراج جون ميليوس، ويدور حول مجموعة من المراهقين يشكلون حركة مقاومة حرب عصابات عندما يتم غزو مدينتهم الصغيرة من قبل القوات السوفيتية والكوبية. رغم أنه لا يصور حربًا أهلية داخل الولايات المتحدة، فإنه يصور سيناريو متخيلًا للاحتلال الأجنبي والتمرد الأميركي.

وفي عام 1998 صدر فيلم "الحصار" (The Siege) للمخرج إدوارد زويك، وفيه تفرض الأحكام العرفية ردًا على سلسلة من الهجمات الإرهابية في مدينة نيويورك، ليستكشف الموضوعات المسببة للحرب، مثل الحريات المدنية، وتجاوز الحكومة، وتآكل المعايير الديمقراطية في أوقات الأزمات. والفيلم من بطولة دينزل واشنطن وبروس ويلز وآنيت بينينغ وتوني شلهوب.

أما فيلم "حكاية الخادمة" (The Handmaid’s Tale) الذي طرح في العام 1990، فهو مستوحى من رواية الكاتبة الكندية مارغريت أتوود، ويذهب إلى ما بعد الحرب الأهلية، حيث يرى الولايات المتحدة الأميركية وقد أصبحت تسمى "جمهورية جلعاد"، وتم تقييد حقوق المرأة بشدة، وسيطر النظام الشمولي على المجتمع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الحرب الأهلیة فی العام

إقرأ أيضاً:

إستيبانيكو أو مصطفى الزموري.. أول مستكشف أفريقي يصل إلى جنوب غرب أميركا

مستكشف ولد عام 1503 في مدينة أزمور الواقعة على الساحل الأطلسي للمغرب، وتوفي في ولاية نيومكسيكو بالولايات المتحدة الأميركية عام 1539م. نشأ مسلما ثم تنصر بعدما اشتراه البرتغاليون إبان احتلالهم السواحل المغربية وباعوه لنبيل إسباني يدعى أندريس دورانتيس دي كارانثا عام 1520م، وأطلق عليه اسم استيبان دورانتيس أو إستيبانيكو (تصغير لاسم استيبان).

شارك في بعثة استكشافية إلى أميركا برفقة سيده الذي كان مهووسا بقصص المغامرات والثروات التي سمعها من البحارة الذين عادوا مما كان يسمى العالم الجديد.

تعرضت البعثة في طريقها لكوارث وعواصف انتهت بغرق السفن، ونجا 4 أشخاص فقط من بينهم إستيبانيكو بعد أن جرفتهم الأمواج إلى ساحل ولاية تكساس.

ظل إستيبانيكو ورفاقه أسرى لدى القبائل الأصلية 6 سنوات، إلى أن نجحوا في الفرار وجابوا غرب الولايات المتحدة 4 سنوات، وكان يتقدم المجموعة بفضل مهاراته في التواصل مع القبائل الأصلية بلغة الإشارة وسرعة تعلمه لغاتهم المحلية، مما جعله شخصية محورية في هذه الرحلة.

كلفه نائب الملك الإسباني في أميركا بمهمة جديدة هي إرشاد بعثة لاستكشاف المدن السبع الأسطورية الغنية بالكنوز، إلا أن الرحلة انتهت بقتله بسهام قبيلة زومي في ما يعرف حاليا بنيومكسيكو.

الولادة والنشأة

وُلِد سعيد بنحدو -المعروف أيضا باسم مصطفى الزموري- عام 1503 في مدينة أزمور الواقعة على بعد كيلومترات من مدينة الجديدة حاليا جنوب غربي المغرب، وكانت حينئذ تحت الاحتلال البرتغالي.

تقول بعض المصادر إن مجاعة ضربت البلاد عامي 1520 و1521 دفعت عائلته إلى بيعه لتاجر رقيق برتغالي مقابل الحصول على الطعام، وأخذه التاجر إلى شبه الجزيرة الإيبيرية على متن سفن نقل العبيد وباعه لنبيل إسباني يدعى أندريس دورانتيس دي كارانثا.

إعلان

تحول إلى المسيحية بإصرار من سيده الجديد الذي منحه اسم إستيبان دورانتيس وكان يناديه باسم إستيبانيكو وهو تصغير لاسم إستيبان.

ذكرته عدد من الكتابات التي وثقت تفاصيل البعثة الاستكشافية إلى فلوريدا في القرن 16، ووصفته بأنه أسود البشرة، لكن المؤرخين المعاصرين زعموا أنه كان ذا بشرة مختلطة وأن أوصافا مثل "عربي أسود" أو "مورو"، التي استعملت لوصفه هي مصطلحات تشير إلى السكان البربر (الأمازيغ) في شمال أفريقيا.

رحلة الاستكشاف

كان أندريس دورانتيس مهووسا بالقصص التي انتشرت في شبه الجزيرة الإيبيرية في القرن 16 عن الثروات والكنوز في العالم الجديد، فقرر الانضمام إلى بعثة استكشافية متوجهة إلى أميركا مع عبده إستيبانيكو.

انطلقت البعثة في 17 يونيو/حزيران 1527 من ميناء سان لوكار دي باراميدا في إقليم قادش بقيادة بامفيلو دي ناربايث، الذي كلفه الملك كارلوس الخامس باستكشاف سواحل فلوريدا على متن 5 سفن تحمل نحو 600 شخص.

وصلت البعثة إلى جزيرة سانتو دومينغو، وهي حاليا عاصمة جمهورية الدومينيكان في بحر الكاريبي، ومكثوا فيها حوالي 45 يوما للحصول على الإمدادات الضرورية، وفيها تخلى نحو 140 رجلا عن الرحلة بعد أن قرروا المكوث في الجزيرة.

استأنفت السفن مسارها في اتجاه ميناء سانتياغو في كوبا ومنها إلى ترينيداد، وفيها تعرضت السفن وهي راسية في الميناء لعاصفة كبيرة تسببت في تدميرها ومقتل عشرات الرجال الذين كانوا على متنها، ولم ينج إلا الذين كانوا قد نزلوا إلى الشاطئ ومنهم إستيبانيكو وسيده دورانتيس.

في 12 أبريل/نيسان 1528 وصلت البعثة إلى خليج تامبا في فلوريدا، وقسم دي ناربايث الرجال إلى مجموعتين استكشافيتين: برية وبحرية.

ركب إستيبانيكو مع مجموعة من الرجال البحر لاستكشاف سواحل الشمال الأميركي، فتعرضوا لعواصف وكوارث أدت إلى تقليص المجموعة من 80 رجلا إلى 15، وأخيرا إلى 4 رجال نجوا من تحطم سفينتهم على سواحل جزيرة غالفستون، وهم: ألفار نونيث كابيثا دي فاكا وألونثو ديل كاستيلو مالدونادو، وأندريس دورانتس دي كارانثا وإستيبانيكو.

إعلان

ويعتقد أن الثلاثة من أوائل المستكشفين الأوروبيين الذين وطئت أقدامهم هذه الأرض التي أصبحت فيما بعد تحمل اسم تكساس وإستيبانيكو أول أفريقي يحقق ذلك.

مكث الأربعة في هذه الأراضي 10 سنوات، 6 منها في الأسر لدى السكان الأصليين عانوا خلالها من الجوع والبرد وأجبروا على العمل الشاق، إلى أن نجحوا في الفرار من آسريهم وقضوا 4 سنوات يجوبون جنوب غربي الولايات المتحدة الأميركية وسط نباتات كثيفة وجبال وعرة وتضاريس صعبة.

تقول المصادر إن استيبانيكو كان يتقدم المجموعة ويجري الاتصالات الأولية مع القبائل التي يصادفونها في طريقهم، وقد أفادته في مهمته مهاراته في استخدام لغة الإشارة وسرعة تعلم لغات القبائل الأصلية ومعرفته بالعلاجات الطبية، فكان شخصية محورية في هذه الرحلة.

وحكى كابيثا دي فاكا، أحد أفراد المجموعة في كتابه المعنون "حطام السفن" الذي نشر عام 1555 ودوّن فيه تفاصيل هذه الرحلة، كيف تمكنوا من معالجة عدد من المرضى بطرق علاج تعتمد على تنظيم التنفس وتلاوة الصلوات المسيحية ورسم إشارة الصليب، وأكسبهم النجاح في علاج حالات مستعصية سمعة وسط القبائل التي استقبلتهم بالهدايا، حتى إنهم اعتبروهم آلهة وأطلقوا عليهم اسم "أبناء الشمس".

وذكر دي كابيثا إستيبان في كتابه حوالي 10 مرات، وكان يطلق عليه أحيانا اسم إستيبانيكو وفي صفحات أخرى يذكره باسم الأسود، وفي آخر صفحة في الكتاب عندما سرد أسماء وصفات مرافقيه في الرحلة وصفه بأنه "إستيبانيكو عربي أسود أصله من أزمور".

ومع ذلك تم تهميش دوره في الكتب التي تناولت هذه الرحلة، ويعزو المؤرخون المعاصرون ذلك إلى أن روايتي كابيثا دي فاكا ودورانتيس كُتبتا لتمجيد شجاعتهما وإعطاء قيمة لدورهما في هذه الاستكشافات بهدف كسب ود الملك الإسباني لنيل فرص ومواقع رفيعة في العالم الجديد.

إعلان البعثة الثانية

وصل الرباعي في نهاية رحلتهم إلى مستوطنة إسبانية قرب كولياكن في ما يعرف الآن بولاية سينالوا في شمال غرب المكسيك عام 1536، واستقبلهم حاكمها نونيو بلتران دي جوثمان بترحاب وزودهم بالملابس والخيول، وأبلغ نائب الملك في "إسبانيا الجديدة" -وهو الاسم الذي أطلق على الأراضي في أميركا التي كانت تابعة للإمبراطورية الإسبانية- أنطونيو دي ميندوثا.

حكى الأربعة لدي ميندوثا تفاصيل عن رحلتهم وقصصا عن مدن غنية في الشمال، وهو ما توافق مع ما سمعه عن المدن السبع الأسطورية الغنية بالذهب والفضة والأحجار الكريمة والكنوز.

أثارت هذه الحكايات رغبة دي ميندوثا في استكشاف هذه الأراضي الجديدة والاستيلاء على ثرواتها، فعرض على أعضاء المجموعة قيادة بعثة استكشافية للمنطقة لكنهم رفضوا، فقرر شراء إستيبانيكو من أندريس دورانتيس وتعاقد معه ليكون دليلا في رحلة استكشاف المدن السبعة في الشمال، التي أطلقوا عليها اسم "سيبولا".

خرجت الحملة للطريق في 7 مارس/آذار 1539 بقيادة راهب فرانسيسكاني يدعى ماركوس دي نيثا، وضمت مئات المكسيكيين الأصليين الذين وُعدوا بإنهاء عبوديتهم إذا شاركوا فيها.

قسم الراهب الحملة إلى مجموعتين: الأولى بقيادة إستيبانيكو ومهمتها استكشاف الطريق والحصول على المعلومات من القبائل الأصلية التي تصادفهم في الطريق حول أماكن مأهولة وغنية، والمجموعة الثانية ظلت معه، ووضع نظاما للتواصل بينهما.

واتفقا على أنه إذا حصل إستيبانيكو على أخبار ومعلومات معقولة يرسل للراهب صليبا أبيض بحجم راحة اليد، وإذا كانت الأخبار ذات قيمة كبيرة يرسل صليبا بحجم راحتي اليد، أما إذا كانت الأراضي التي وصل إليها أفضل من تلك التي استوطنوها في إسبانيا الجديدة يرسل صليبا كبيرا.

انطلق إستيبانيكو مع مجموعته الاستقصائية إلى أن وصل إلى هاويكو، أكبر قرية من 6 قرى لقبيلة زوني، الواقعة فيما يعرف حاليا بولاية نيومكسيكو في الولايات المتحدة الأميركية.

إعلان

في الرسائل والتقارير التي أرسلها دي ميندوثا للملك الإسباني، ذكر اسم إستيبان دورانتيس بوصفه مرشد هذه البعثة.

الوفاة

على الرغم من شهرته ومهاراته في التواصل مع القبائل الأصلية، فإن وصول إستيبانيكو إلى هاويكو سيشكل نهاية لرحلته الطويلة.

تقول الروايات إنه عندما حاول الاقتراب من القرية مع مرافقيه ظنوهم جواسيس فانهالوا عليهم بالسهام، وزعم أحد المرشدين بعد عودته إلى الراهب ماركوس أن إستيبانيكو أصيب بسهم قاتل ومات، وذلك عام 1539.

بينما تُشير بعض الروايات إلى أنه أساء إلى شعب الزوني فأعدموه وقطعوا جثته إلى أشلاء، وهناك رواية أخرى مفادها أن الزوني لم يقتلوه بل إن إستيبان دبّر موته بمساعدتهم لينال حريته، ويدعم هذه النظرية عدم العثور على جثته.

إرث ثقافي وتاريخي

بعد قرون من وفاته احتفت الولايات المتحدة الأميركية بإستيبانيكو بوصفه أول أفريقي يصل إلى الجنوب الغربي فنصب له في ولاية تكساس تمثال برونزي.

واحتفت السفارة الأميركية بالرباط عام 2021 بمرور قرنين من الصداقة التي تربط المغرب والولايات المتحدة باستخدام قصة إستيبانيكو مثالا على الروابط التاريخية بين البلدين.

خريطة للولايات المتحدة الأميركية تبين بعض المناطق التي استكشفتها بعثة إستبانيكو (الجزيرة)

وقالت السفارة حينها في صفحتها الرسمة على فيسبوك إن مصطفى الزموري يعد من أوائل المغاربة الذين حلّوا بأميركا، وأول شخص من أصول أفريقية يستكشف جنوب غربي أميركا.

واهتم المؤرخون المعاصرون والكتاب والأدباء بسيرة إستيبانيكو وجمعوا الشذرات المتفرقة التي تناولت حياته في عدد من الكتب التي وثقت الرحلات الاستكشافية لأميركا في القرن 16.

ونشر الأميركي جون أبتون تيريل كتاب "إستيبانيكو الأسود" عام 1968، ويُصنف واحدا من أكثر الكتب ثراء بالمعلومات عن هذه الشخصية، وفي عام 1974 أصدرت هيلين راند باريش رواية تاريخية موجهة للشباب عنوانها "إستيبانيكو"، وفي عام 2015 صدر للروائية المغربية المقيمة بالولايات المتحدة الأميركية رواية "ما رواه المغربي" باللغة الإنجليزية.

إعلان

وفي المغرب، صدر كتاب "إستيفانيكو: على خطى مستكشف أفريقي ملهم"، للكاتب المغربي عبد القادر الجموسي والباحث احساين ألحيان، ورواية "إستيبانيكو" للكاتب المغربي محمد البوعبيدي، و"جزيرة البكاء الطويل" لعبد الرحيم الخصار.

مقالات مشابهة

  • حاكم أم القيوين يتقبل التعازي من سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى الدولة في وفاة الشيخة حصة بنت حميد الشامسي
  • أنا مسلم بريطاني فهل سأكون موضع ترحيب في أميركا ترامب؟
  • 2 أبريل 2025 يوم التحرر الأميركي.. ماذا يقصد ترامب؟
  • تهديدات ورد وتحذير.. إلى أين يتجه الصراع الأميركي الإيراني؟
  • فون دير لاين تعلن سبل الرد على “الحرب التجارية” مع الولايات المتحدة
  • لعنة الرسوم الجمركية.. الكنديون يعزفون عن السفر إلى أميركا
  • الصين تعلمت الدرس من اليابان.. كيف تهزم البحرية الأميركية؟
  • الحرب الأهلية تعريفها وأنواعها
  • إستيبانيكو أو مصطفى الزموري.. أول مستكشف أفريقي يصل إلى جنوب غرب أميركا
  • نيويورك تايمز تكشف تفاصيل خفية عن الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا