مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
د. قاسم بن محمد الصالحي
لست وحدي كنت أترقب منذ بضع أسابيع في هذا العالم الذي يموج ظلمًا وعدوانًا، أبحث من خلال جهاز تحكم شاشة التلفاز، عن قناة تنقل الحدث مباشراً لما قد تقدم به الفريق القانوني لجنوب أفريقيا، وتسليمه الملف إلى مقرر محكمة العدل الدولية بتاريخ 2023/12/29م، كنت أتحدث مع نفسي ولا أجد أحدًا حولي، لكن ما شدني في تلك اللحظة هو الرقي الحضاري والأخلاقي الذي وصلت إليه جنوب أفريقيا، بعد حقبة طويلة من الاضطهاد والتمييز العنصري، رقي فيه إشارة صريحة إلى أن جنوب أفريقيا استوعبت النضال الحقيقي من أجل الحرية والعدالة والمساواة، هي القيم التي ناضل من أجلها الآلاف وعلى رأسهم المناضل نيلسون مانديلا، كما لا أجد ما أحتمي به من هواجس لم تجد غيري لتنتابه في هذا الوقت العصيب، شعرت أنها تُجمع طاقتها السلبية في شعاع واحد يتعامد على رأسي تمامًا، ولم لا؟! فهي لم تجد غيري.
درجات قفزت بجنون خلال السنوات الأخيرة، لا تكتفي باختراق المحظور بل صارت تخترق القيم الإنسانية وتحرق البشرية.. وصارت وحشيتها تخترق النفوس، وتزيدها همًّا وغمّا.. كما امتلأ العالم بالمشوهين خلقياً وفكرياً، عقول فارغة ونفوس مريضة.. لكن لماذا لا يوجد غيري في هذه اللحظة؟ أتكون مقدمة لاستجابة السماء لدعاء المظلومين؟ فيأُخِذَ أصحاب البذاءات والأفكار المتدنية من هذه اللحظة، تمهيدًا لأخذهم جميعًا! وما أكثرهم!.. آه، أخيرًا! أتمنى أن يكون ما أراه على المدى القريب، محطة لمراجعة الحق بالفعل وليس سرابًا، ها أنا أدنو من الحقيقة كما تدنو الهواجس من رأسي.. أتصبب عرقًا غزيرًا، الصداع يكتنف رأسي.
حضر قضاة المحكمة بعد طول انتظار، ألقيت جسدي على مقعد من ثلاثة، لكن الهواجس ما زالت تستهدف رأسي؛ لا توجد مظلة من أي نوع تظلل العدالة.. أتذكر أني سمعت أحدهم يقول ذات مرة: كانت توجد مظلوميات قبل بضع سنين لكن ريح الظلم العاصف اقتلعتها وأطاحت بها بعيدًا، وقال آخر: لقد شوهت الحقائق، وفي جلستي هذه صرت أميل إلى الرأي الذي ينادي بأنه لم توجد عدالة من الأساس في هذا العالم.. أشعر بالغثيان، آه لو تأتي عدالة السماء في موعدها لتنقذ الإنسانية من احتفاء الظلم المبالغ فيه!.. حرارة جسدي ترتفع، الهواجس تحاصرني، بدأت كلمات رئيسة المحكمة تتسلل إلى داخل رأسي، تمس عقلي، النبض يتسارع، يهرول النفس خلفه، أين العدالة؟ كيف أصبحت الرؤية لدى المحكمة مع سطوع شمس الحقيقة؟!.. آه الظلم!.. الدم يغلي في رأسي، عقلي يذوب، الأفكار تتداخل، تتسارع، تتصارع.
لم استغرب أن الفريق القانوني للكيان الصهيوني يهود، من بينهم أستاذ القانون الدولي البريطاني اليهودي "مالكولم شو" صاحب مؤلفات عدة في القانون الدولي ومنها الإبادة، غير أن الذي صدمني وقوفه أمام أعلى هيئة للعدالة الدولية، وقوله إن جريمة الإبادة تستوجب وجود نية وقصد لارتكابها، وأن الكيان الصهيوني لم ينتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة لعدم توافر نية ارتكابها؟!، بل زاد على ذلك أنه اتهم حماس بارتكاب إبادة جماعية ضد الكيان؟!، وكأن ما حدث في فلسطين طوال 75 سنة لم يكن هناك نية وراء ذلك، بل كل ذلك حدث صدفة.. غير أنَّ الفريق القانوني الجنوب أفريقي فند جازما أن كل جرائم الكيان الصهيوني تم ارتكابها في غزة على مدى 70 عامًا، ارتكبت بيد جيش الكيان المحتل، وبتحريض من قادته وسياسيين، تضمن ملف الدعوى جملة من الطلبات المستعجلة واللاحقة التي على المحكمة إصدار قرارات بشأنها.
بعيد تلاوة حيثيات الدعوى من قبل رئيسة المحكمة، تأكد لي ما وقر في ضمير محكمة العدل الدولية، مبينة أن هناك انتهاك لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، وما يؤكد ذلك العمليات العسكرية الصهيونية والتصريحات السياسية المحرضة على القتل والتدمير والتهجير والتهديد بالقوة النووية، وبعد سماع المحكمة لكل الأطراف ودراسة الطلبات العاجلة قبلت الدعوى المقدمة من جمهورية جنوب أفريقيا، باعتبار أن الأحداث في غزة تخضع لنصوص الاتفاقية وأن العمليات العسكرية ضد الشعب الفلسطيني في غزة كمجموعة محمية، وما ترتب عليها من آثار كالقتل والتشريد والتهجير والهدم والتجويع والحرمان من الأمن والطمأنينة والغذاء والعلاج والتعليم كلها تشكل خرقا وانتهاكا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبتها، التي هي ملزمة لكل الأطراف التي وقعت وصادقت عليها.. عاودتني الهواجس.. المحكمة لا تملك سلطة تنفيذ قرارتها وأوامرها.. عدت محدثا نفسي.. لكن ستحيل قرارها إلى مجلس الأمن الدولي، وفي حال اعترض أحد الأعضاء الذين يملكون ورقة الفيتو ومنها الولايات المتحدة، التي اعتادت الوقوف بجانب الكيان الغاصب، فإن قرارها سيؤول إلى الأمين العام للأمم المتحدة لطرحه للتصويت عليه في الجمعية العامة.. الإحباط لازال يلازمني.. لأن التنفيذ في حال حصوله على الأغلبية يتطلب موافقة مجلس الأمن.
هل توصلت إلى نتيجة تبدد الهواجس التي انتابتني قبيل النطق بقرارات المحكمة الدولية؟.. نتيجة لا يمكن التحقق منها للأسف، إنها نتيجة بلا برهان، عضلات جسدي تختلج جميعاً، نار تسري في جسدي، مخي يغلي، ثقل يطبق على صدري، لا أستطيع التنفس.. أخيرا، هل هذا كل شيء؟!، ما الذي يرمي إليه قرار المحكمة.. هو بصيص نور لمراجعة الحق.. هل أبصر ما يثير عقلي ويستأصل الظلمة من صبري.. نعم، ربما ما أصدرته محكمة العدل الدولية، هو أكبر انتصار للقضية الفلسطينية، وهو مكسب لأحرار العالم من المناضلين وعموم الناس في مختلف دول العالم، لأن أهم ما كشفته هذه المحاكمة غياب رجال القانون في الدول العربية والإسلامية لاتخاذ مثل هذا الإجراء على مدى عقود، رغم تكرار أعمال المجازر والمذابح والتشريد والتهجير منذ عام 1948م، رغم سطوع الحقيقة، التي لا تخفى إلا على من لا بصيرة لديه، في حين تلقفها القانونيون الأجلاء في جمهورية جنوب أفريقيا ليصارعوا الظلم الصهيوني وأعوانه.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الحق في الدواء يطالب بإعادة مناقشة قانون المسؤولية الطبية.. ويكشف الأسباب
كتب- أحمد جمعة:
أكد محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، أن قانون المسؤولية الطبية يحتاج إلى إعادة تقييم شاملة لضمان حقوق جميع الأطراف المعنية، سواء كانت حقوق المرضى أو الأطباء.
وأوضح فؤاد أن "الغرض من القانون يجب أن يكون حماية المرضى وضمان حقوقهم، وليس التقييد أو السجن أو حتى الحبس الاحتياطي"، مشيرًا إلى أن هناك العديد من التحديات في النظام الطبي الحالي، أبرزها أخطاء بشرية ناتجة عن ظروف بيئة العمل داخل المستشفيات، مثل تأجيل العمليات بسبب نقص المستلزمات أو غياب الأطباء.
وقال في بيان اليوم: "من 10 سنوات نؤكد على أن الغرض (ليس التقييد أو السجن أو حتى الحبس الاحتياطي) لكن الأمور مع متغيرات حدثت في أمور أولها: حق المريض الذي يقع ضحية نتيجة (أخطاء بشرية أو بسبب بيئة المستشفيات نفسها وتجهيزاتها)، مثال: أن كثيرًا ما يتم الاستعداد للعملية بنظام الدور، وقبل الدخول يتم تأجيلها لعدم توافر مستلزم أو بنج أو غياب الأطباء (أرجو مراجعة جولات وزير الصحة وتسجيل حالات الغياب بالمئات)، هذا مثال معروف".
وأضاف: "للطبيب كإنسان احتياجات مكلفة، مثل الدراسات العليا والماجستير والدكتوراه والزواج وتكوين أسرة وامتلاك سيارة.. هل يكفيه مرتب الحكومة؟ بالطبع لا، لذلك يجب أن يعمل في مستشفى حكومي للحصول على اليافطة، ثم يكمل في مركز طبي، وبعدها يذهب إلى العيادة، وهذا الطبيب مرهق يوميًا بعمل 24 ساعة، إذًا الخطأ البشري وارد بشكل طبيعي حتى لو كان إهمالًا، فالقانون لا يفرق في العادة".
وتابع: "تم تعديل النظام التعليمي الطبي للجامعات التي تقبل 70%، وتم اختصار سنوات الدراسة بالكليات إلى 5 سنوات فقط غير الامتياز، هل نحن أمام طبيب كفء مثل الذي حصل على 99% مثلاً؟ شخصيًا، أعرف خبراء في الطب يحذرون من هذا.. لا أريد أن أُسوّد الدنيا، لكن في 2022، النيابة الإدارية رفعت تقريرًا رسميًا للرئيس بتسجيل 553 شكوى في عام ضد أطباء نتيجة أخطاء كما قالت".
وشدد على أن الأمر بحاجة إلى إعادة مناقشة القوانين المتعلقة بالمسؤولية الطبية بشكل مجتمعي، وإعادة صياغة مواد العقوبات، على أن تتم هذه العملية بمشاركة نقابة الأطباء لضمان تمثيل حقيقي لكافة الأطراف.
وقال: "نحن نريد قانونًا عادلًا للجميع، أولاً حق المريض، ثم حق الطبيب والمنظومة التي تقدمها الدولة، لا يجب أن نتوقف عند بند العقوبات فقط".
اقرأ أيضا..
السيسي يثمن التضحيات الكبيرة لأبناء جهاز الشرطة وعائلاتهم في مواجهة الإرهاب
توجيه بهدم المبنى القديم.. وزير الصحة يتفقد مشروع إنشاء مستشفى ناصر العام ببني سويف
محمود فؤاد المركز المصري للحق في الدواء قانون حماية المرضى الأطباء قانون المسؤولية الطبية
تابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقة الأطباء تتواصل مع التمريض للنقاش بشأن قانون المسؤولية الطبية أخبار نص قانون المسؤولية الطبية قبل مناقشته بمجلس الشيوخ -مستند أخبار ننشر نتيجة حركة نقل الأطباء البشريين 2024 بالتأمين الصحي (قائمة كاملة) أخبار وزير الصحة يكشف تفاصيل مشروع قانون "المسؤولية الطبية": منفتحون على أخبار أخبار مصر الرئيس السيسي: الدولة المصرية ضاعفت عدد الجامعات في السنوات الماضية منذ 7 دقائق قراءة المزيد أخبار مصر عضو بالشيوخ يوضح دلالة حضور الرئيس السيسي اختبارات القبول بالكليات منذ 9 دقائق قراءة المزيد أخبار مصر "الحق في الدواء" يطالب بإعادة مناقشة قانون المسؤولية الطبية.. ويكشف منذ 11 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر الرئيس السيسي عن المنشآت الحكومية بالعاصمة الإدارية: تتحمل تكلفتها منذ 13 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر الرئيس السيسي عن المنشآت الحكومية بالعاصمة الإدارية: تتحمل تكلفتها منذ 14 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر النائب كريم السادات يحتفل بعقد قرانه على كريمة رجل الأعمال أحمد أبو منذ 21 دقيقة قراءة المزيدإعلان
إعلان
أخبار"الحق في الدواء" يطالب بإعادة مناقشة قانون المسؤولية الطبية.. ويكشف الأسباب
أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك لحظة بلحظة مباراة أرسنال وكريستال بالاس 0-0 للإعلان كامل للإعلان كامل 21القاهرة - مصر
21 13 الرطوبة: 59% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك