معرض الكتاب يناقش "التراث الثقافي وترسيخ الهوية المصرية"
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
نظمت القاعة الرئيسية في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ٥٥ ندوة تحت عنوان "التراث الثقافي وترسيخ الهوية المصرية"، بحضور كل من الدكتور أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، والدكتور حلمي النمنم، وزير الثقافة الأسبق، والنائب عمرو عزت، والدكتورة نهلة إمام، مستشارة وزير الثقافة لشؤون التراث اللامادي، وذلك بالتعاون مع شباب تنسيقية الأحزاب.
في البداية، قام حلمي النمنم بتهنئة الدكتور أحمد بهي الدين وفريق العمل على نجاح معرض القاهرة الدولي للكتاب، وعبّر عن شكره لتنسيقية شباب الأحزاب، مُشيدًا بالدور السياسي الذي تلعبه وإثبات وجودها في الشارع المصري.
وأشاد النمنم بثبات وراسخية الهوية المصرية، مُظهرًا عمقها في التاريخ. أكد أن مصر قد مرت بالعديد من الأزمات السياسية والاقتصادية، ورغم ذلك تظل قوية وقادرة على التغلب على التحديات. استعرض نموذجًا لذلك في نكسة عام ١٩٦٧ وكيف نجحت مصر في تجهيز جيش قوي والفوز في حرب أكتوبر ١٩٧٣. أكد على أهمية الثقة في الهوية كوسيلة لتحقيق النجاح في التغلب على الأزمات.
وأضاف أن هذه الثقة تأتي من عمق التاريخ والموقع الجغرافي لمصر، حيث يمتد التاريخ المكتوب لأكثر من ٧٠٠٠ سنة، والتاريخ غير المكتوب يمتد لمئات الآلاف من السنين. وأشار إلى أهمية جغرافية مصر ونهر النيل، الذي يمر في ١٣ دولة، ولكن مصر هي البلد الوحيد الذي استفاد منه بشكل إيجابي، محولًا إياه إلى مصدر للزراعة والتنمية، بينما بقية الدول تواجه تحديات مختلفة.
فيما أكد النائب عمرو عزت تأثر هويتنا بالعولمة وتكنولوجيا المعلومات، قائلاً: "مصر هي مهد الحضارة، ولكن التراث المصري يمر بأزمة ثقافية بسبب العوامل المتعلقة بالعولمة وتكنولوجيا المعلومات."
وحدد "عزت" عدة توصيات للخروج من هذه الأزمة من خلال نشر الوعي والثقافة في مختلف أنحاء مصر من خلال مشروع وطني. مشدداً على ضرورة وجود مشروع ثقافي يواجه التحديات المتعلقة بالعولمة، ويقف ضد الثقافات التي تتعارض مع الهوية الثقافية المصرية ولا تتماشى معها. دعا أيضاً إلى استخدام دور الثقافة وتنظيم دورات تدريبية لتعزيز الهوية، وإعادة النظر في التراث المصري.
من جانبه، قال الدكتور أحمد بهى الدين: "الهوية تتأرجح بين أمرين مهمين، بين الثبات والحيوية. الثبات يشكل قلقًا كبيرًا، لأن الثقافة المصرية أنجبت ثقافة حية، حيث جاءت مصر ثم جاء الإنسان. يجب علينا أن نفرق بين طبيعة الحضارة الإنسانية والحضارة المصرية. ينبغي لنا البحث عن الهوية داخلنا. عندما كنا ندرس الأدب الشعبي، كان علينا أن نتعمق في علم المصريات وعمق العديد من العلوم".
وأضاف: "يجب علينا أن نسأل أنفسنا هل نحن بحاجة إلى التراث وما هي الصيحة التي عادت للحديث عن التراث والهوية؟ هل هو أمر مستحدث؟ وهل هي قضية عادلة؟ التراث على المستوى الأكاديمي لا يعود بالتزامن مع العولمة وإنما يعود إلى القرن التاسع عشر".
وتابع بهي الدين: "عندما انتهت الإمبراطورية بأشكالها التقليدية، دخل العالم في إمبراطورية أخرى ناعمة، بدأت مع العولمة. العولمة تبدو وكأنها كلمة حية وكأنها تكونت في الوقت الحالي، ولكن ربما تكونت في أواخر تسعينيات القرن الماضي عندما ظهر العالم في مجتمع يعرف بمجتمع المعلومات. وصلنا إلى المرحلة الحالية والتي تسمى بمجتمعات المعرفة التي أصبحت محكومة بركيزة أساسية وهي اقتصاد المعرفة. وهل المعرفة يمكن أن تشكل اقتصادًا يقوي الشعوب؟ لأن هناك بنية أساسية جاهزة لاستيعاب المعرفة. السوشيال ميديا هي أداة، والمنصات أداة، والهاتف النوعي أداة لتشكيل معرفة المعرفة".
من ناحيتها، عرّفت الدكتورة "نهلة إمام" الهوية بأنها إحساس شخصي بالانتماء إلى مجتمع معين، حيث يعد الفرد جزءًا من الكل. شددت على أنه في فترات الأزمات يظل التراث مرتبطًا بالهوية، حيث تتحول الرموز مثل الكوفية الفلسطينية إلى مواقف تعبيرية، حيث يرتبط ارتداؤها بدعم القضية الفلسطينية، ويعبر العلم عن الهوية، بالإضافة إلى الصليب وغيره من الرموز البسيطة التي تعزز الهوية.
وأضافت: "التراث هو فترات تراكمت لإنتاج الإنسان في الوقت الحاضر، حيث اختفت العديد من عاداتنا ولكن هناك ديناميات للعناصر، حيث تموت بعض الأشياء لتولد أخرى، وخوفنا على التراث يظل مبررًا صحيًا".
ونفت "إمام" قدرة التكنولوجيا على تهديد التراث، مشيرة إلى أنها أداة مثل السكين يمكن استخدامها لأغراض إيجابية أو سلبية. أكدت أن التكنولوجيا يمكنها إحياء العمق الثقافي وتيسير اندماج ثقافتنا مع الغرب.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
شرفة آدم.. حسين جلعاد يصدر تأملاته في الوجود والأدب
صدر في بيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب "شرفة آدم.. تأملات في الوجود والأدب" للشاعر والصحفي الأردني حسين جلعاد، وهو عمل يجمع بين التأمل الفلسفي والطرح الأدبي العميق، مستعرضًا تجارب ثقافية متنوعة ومحاور أدبية ذات طابع عالمي وعربي.
الكتاب يقع في 315 صفحة، ويتناول موضوعات تتقاطع بين الفلسفة والأدب، ويضيء على تجارب روائية وشعرية، إضافة إلى استكشافات فكرية لمبدعين وكتّاب أثروا الساحة الأدبية العربية والعالمية. ويتضمن مقالات نقدية وحوارات صحفية أجراها المؤلف مع رموز أدبية بارزة، إلى جانب تحليلات مستفيضة لأعمال روائية وشعرية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثينlist 2 of 2جدل الغنائية والدرامية.. في نماذج من الشعر الفلسطيني الحديثend of list نصف تفاحة.. تأملات في المعرفة والأدبويستهل المؤلف كتابه بمقدمة تحت عنوان "نصف تفاحة" حيث يتأمل في فكرة المعرفة الإنسانية الناقصة، مستلهمًا من قصة شجرة المعرفة أو حكاية آدم وحواء مع التفاحة التي أكلا منها. ويقول المؤلف في مقدمته:
"إذا كانت الفاكهة المحرمة التي أكلها آدم وحواء في الجنة هي التفاحة فعلًا، فإنها حتمًا سقطت من أيديهما بعد القضمة الأولى، لقد راعهما هول المعرفة، والأفدح أنهما اقترفا الممنوع. ما تبقى من التفاحة سقط على الأرض، وبقينا نحن البشر الفانين نقتات عليها.. لكن الجانب المضيء من الحكاية أيضًا أننا بعد الهبوط إلى الأرض تبقى لنا أن نعرف، وأن نبحث عن المعرفة، عن الحكمة التي قد تجيب على كل الأسئلة التي هبطت مع آدم ونصفه".
إعلانوهذه التأملات تمهد للقارئ منهجية الكتاب، حيث يطرح جلعاد فكرة أن الأدب هو نصف التفاحة المتبقية من المعرفة، وهو الوسيلة التي تعكس صراعات الإنسان وأسئلته الوجودية.
ويضم الكتاب بين دفتيه تأملات عميقة في عوالم الأدب، حيث يتناول جلعاد أعمال مبدعين بارزين مثل غالب هلسا وأمجد ناصر وأبو الطيب المتنبي وبوبي ساندز وهنري ميلر وإبراهيم نصر الله وإدوار الخراط، وسميحة خريس وزياد العناني ورمضان الرواشدة وعبد العزيز آل محمود.
كما يقدم حوارات شائقة مع قامات أدبية وفكرية، منهم قاسم حداد وإلياس فركوح ومحمد بنيس ومؤيد العتيلي وإدواردو سانجونيتي وواسيني الأعرج وتيسير نظمي وشاكر لعيبي وأمير تاج السر، وحكمت النوايسة وزياد بركات ومحمد العامري وسيف الرحبي وإسكندر حبش وأحمد راشد ثاني. ويناقش المؤلف مع أسماء لامعة في عالم الكتابة قضايا تتراوح بين دور الأدب في مقاومة الاستبداد، وتأثير الحداثة على الشعر العربي، وخصوصية الرواية العربية في ظل التحولات السياسية والاجتماعية.
ويضم الكتاب عدة محاور أدبية ونقدية، منها تحليل لأعمال شعراء وروائيين عرب وعالميين، مثل محمود درويش وبابلو نيرودا وآرثر ميلر، إلى جانب قراءات معمقة في الفلسفة وتأثيراتها على الأدب، مثل علاقة الأديب الأردني غالب هلسا بالفكر الفلسفي.
كما يخصص جلعاد مقالات لدراسة الشعر الحديث، متناولًا قضايا مثل "فضيحة الشعراء.. جماهيرية الشعر في الزمن الجميل"، و"فلسفة الإيقاع في الشعر العربي"، إلى جانب مناقشة أعمال روائيين مثل الجزائري واسيني الأعرج في روايته "الأمير" وأثر الأدب في بناء الهوية الثقافية.
رموز عالميةويقدم جلعاد في كتابه إضاءة لعدد من الرموز الأدبية والفكرية العالمية التي أثرت بعمق في تاريخ الأدب والثقافة، مثل بابلو نيرودا الذي حول الشعر إلى أداة ثورية واجتماعية، مسلطًا الضوء على دور الشعر في تشكيل الوعي الجمعي، وكذلك ساندز الشاعر والمناضل الأيرلندي الذي جسد في قصائده صراع الحرية والمقاومة مما جعل أدبه متجاوزًا للحدود القومية.
إعلانكما يناقش تأثيرات الفكر الفلسفي والأدبي الغربي على الأجيال الجديدة من الكتاب، مستعرضًا محطات من حياة وأعمال آرثر ميلر الذي كشف زيف "الحلم الأميركي" من خلال أعماله المسرحية مثل "موت بائع متجول" وكيف تداخلت السياسة بالمسرح عنده، مما يجعله أحد أعمدة النقد الاجتماعي الحديث في المسرح العالمي.
ويتضمن الكتاب حوارًا خاصًا أجراه جلعاد مع الشاعر الإيطالي سانجونيتي الذي كان يُعتبر آنذاك أهم شاعر إيطالي حي، حيث ناقش معه رؤيته للشعر المعاصر، ودور الأدب في مواجهة التحديات السياسية والثقافية، إضافة إلى استعراض ملامح تجربته الشعرية التي تميزت بالبعد الفلسفي والتأمل العميق في قضايا الوجود.
نافذة على الفكر الإنسانييُعتبر هذا الكتاب إضافة مهمة للمشهد الثقافي العربي، حيث يُقدم رؤية نقدية وتحليلية لعالم الأدب والفكر، كما يطرح تساؤلات حول دور المعرفة والأدب في تشكيل وعي الأفراد والمجتمعات.
ويقول جلعاد "الأدب ليس مجرد وسيلة ترفيهية، بل هو أداة قوية لفهم أنفسنا والعالم من حولنا. إنه مرآة تعكس صورتنا الحقيقية، بعيدًا عن الأقنعة التي نرتديها في الحياة اليومية".
ويضيف في مقدمة الكتاب "الأدب يمنحنا القدرة على استكشاف الأسئلة الوجودية ومواجهة المخاوف والتحديات. من هذه الشرفة، نرى كيف يتجلى الإبداع كوسيلة للبحث عن الحقيقة، وكيف يمكن للكلمات أن تكون نوافذ تنفتح على عوالم جديدة".
أهمية الكتاب في المشهد الأدبييمثل "شرفة آدم" وثيقة أدبية تؤرخ لمسيرة الصحافة الثقافية على مدار ربع قرن، حيث يعيد المؤلف نشر مقالاته ولقاءاته التي أجراها مع كتّاب وشعراء وروائيين تركوا بصماتهم في الأدب العربي والعالمي. كما يعكس الكتاب التحولات التي شهدها الأدب العربي، متتبعًا تأثيرات العولمة والتكنولوجيا على طرق إنتاج واستهلاك الأدب.
وحسب منهج الكتاب فإن المؤلف لا يقدم مجرد مقالات ولقاءات أدبية، بل "شهادة على زمن ثقافي" تسلط الضوء على لحظات مهمة في تطور الأدب والفكر في العالم العربي.
إعلانويختم جلعاد كتابه بدعوة القراء إلى مواصلة التفكير والنقاش حول القضايا الأدبية والفكرية، مشيرًا إلى أن الأدب هو مساحة لاكتشاف الهوية والانفتاح على الآخر. ويوضح بقوله "لكل واحد منا شرفته، ونصف تفاحته. ولا ندري إن كانت هذه التفاحة الناقصة هي رمز للكمال المنشود، أم رمز لكل ما هو منقوص في حياتنا: الحب الذي نخسره، الأفكار التي تُجهض، الحكايات التي تُروى ولا تنتهي، والأسئلة التي لا تجد جوابًا".
وبهذا الطرح، يفتح جلعاد نافذة فكرية جديدة، تدعو القارئ إلى الانخراط في رحلة تأملية عبر الأدب والوجود، عبر "شرفة آدم" التي تجمع بين النقد الأدبي، والفلسفة، والحوارات الثقافية التي تسهم في تشكيل وعي جديد.
يُذكر أن المؤلف من مواليد عام 1970، وهو شاعر وقاص وصحفي أردني، ويعمل في موقع الجزيرة نت، وهو عضو رابطة الكتّاب الأردنيين، وشغل عضوية هيئتها الإدارية (2004-2005) وهو عضو اتحاد الكتاب والأدباء العرب.
واختير جلعاد عام 2006 سفيرا للشعر الأردني لدى حركة شعراء العالم، وهي منظمة أدبية مقرها تشيلي وتضم في عضويتها آلاف الشعراء، كما اختارته مؤسسة "هاي فِسْتِيفَل" (Hay Festival) -بالتعاون مع اليونسكو ووزارة الثقافة اللبنانية- ضمن أفضل 39 كاتبا شابّا في العالم العربي والمهجر (جائزة بيروت 39) بمناسبة اختيار بيروت عاصمة عالمية للكتاب عام 2009.
وصدر له في الأدب "العالي يُصْلَب دائما" (شعر، دار أزمنة، عمّان، 1999)، و"كما يخسر الأنبياء" (شعر، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2007)، و"عيون الغرقى" (قصص قصيرة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2023). و"شرفة آدم" (نقد أدبي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2025). كما صدر لجلعاد منشورات فكرية وسياسية هي: "الخرافة والبندقية.. أثر العولمة في الفكر السياسي الصهيوني" عام 1999، ومن قبله "المسألة الكردية وحزب العمال الكردستاني" عام 1997.
إعلان