في غياب العدل الدولي
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
سعيدة بنت أحمد البرعمية
يبدو لي أنّ أكثر ما اتّسم به العام المنصرم هو الزلازل، كان عامًا كارثيًا ودمويًا بدرجة كبيرة، سجّل قتل الكثير من البشر بفعل زلازله الجيولوجية والآيديلوجية؛ فبالإضافة للضحايا الزلزالية في تركيا وسوريا وما تلتها من الهزات الأرضية في أجزاء مختلفة من العالم وما أحدثته من الموت والدمار.
غير أنّ هناك زلزالًا آيدلوجيًا ضرب منطقة الشرق الأوسط ووصلت تصدعاته كل جزء من أجزاء العالم، إنه زلزال السابع من أكتوبر، الذي زلزل الكيان وأظهر الحقائق ورفع بفيضانه منسوب الصدق وخفض منسوب الكذب وألصقه بالقاع أسفل المياه الراكدة، لقد أحدث هذا الزلزال تسونامي أغرق الكيان الصهيوني ودحض الكثير من الأيدلوجيا المسلّم بها في منطفة الشرق الأوسط والعالم؛ فأظهر مدى الهشاسة التي يركن إليها الكيان، ومدى اللعنة والشرذمة الأيدلوجية والجيوسياسية والبيولوجية التي هوعليها.
اتفق الكثير من الناس من بينهم السياسيون والمحللون على أن الكيان يستهدف المدنيين من النساء والأطفال دون الأهداف العسكرية، وأنه يحارب بعشوائية دون تخطيط؛ لكنّي اختلف هنا معهم وأرى أنّ استهداف المنشآت التعليمية والصحية والمساجد أمر يمشي وفق مخطّط مدروس ومنظّم؛ فقد تابعنا قصف المدارس المدرسة تلو الأخرى، والمستشفيات المستشفى تلو الآخر، كذلك بالنسبة للمساجد وبقية المنشآت التي يمكن أن تحتوي على الذخيرة، الذخيرة التي تتميز بها فلسطين عن غيرها من الدول التي شهدت وواجهت وخاضت الحروب.
إنهم تحديدًا يستهدفون مصانع الذخيرة الفلسطينية الفعليّة، يستهدفون الحرث والنسل، يعي الكيان جيدًا أن الأطفال هم ذخيرة فلسطين الباقية التي تشكّل لهم دائمًا القلق وترهق بقاءهم وتهدد وجودهم، وأن النساء مصانع هذه الذخيرة؛ لذلك يوجهون كامل عتادهم نحو هذه الذخيرة ومصانعها.
إنّ جثث الأطفال المتناثرة والمبعثرة على الأرض، لم تكن سوى آليات عسكرية وقوى نووية دمرها الاحتلال وعلى كلّ منها مكتوب اسم الآلة واسم المصنع الذي صنعت فيه.
يقول أحد المستشرقين: "إذا أردت هدم حضارة أمّة؛ فهناك ثلاث وسائل يجب هدمها، الأسرة، والتعليم، وإسقاط القدوات والمرجعيات".
الكثير من الثقافات الغربية تدلّت ومازالت تتدلى على الشرق الأوسط لهدم الأسرة لا يتسع لي ذكرها جميعها في هذا المقال، لعلّ آخرها وجود كريستيانو وجورجينا وأبنائهما في قبلة المسلمين منذ أكثر من عام، لم يكن كريستيانو لاعبًا فحسب؛ إنما مؤثر وربما جورجينا الأكثر تأثيرًا، تعرفنا من خلالهما على ثقافة التعايش مع مكون أسري مبني ونسله على الزواج غير الشرعي، برأيي فشلت كلّ الأفكار الغربية في استعمار النشء الفلسطيني بفضل الدور الأسري الواعي والمجاهد؛ لذلك يتم قتله.
رأينا هدم المدارس في فلسطين بلا هوادة وهذه الوسيلة الثانية التي أشار إليها المستشرق، ورأينا غياب الكثير من المرجعيات والقدوات وغياب رأيها وهذا يعني أنّهم صاروا في قبضة اليد؛ لهذا كشّر بايدن عن أنيابه وأعلن بكل وقاحة أنّه صهيوني وأنّ هذه الحرب دينية، وهذه الوسيلة الثالثة.
بناءً على المعطيات التي رأيناها سوياً منذ أكثر من مئة يوم، يجب أن ندرك أن الصهاينة يحاربون وفق مخطط هم يدركونه أكثر منّا، وأن المنطقة أمام منعطف تاريخي خطير وتحولات زلزالية خطيرة تقودها الدوافع الأمريكية الطامعة ودور الكيان الصهيوني مجرّد أداة أمريكية وبريطانية لتحقيق شرق أوسط جديد، كما ندرك أنّ هناك من يقاتل ومن يُقتل وعلى مقربه منهما من يتفرج غير مبالٍ، وبين الثلاثة من خان ويخون ويستفيد من الأحداث على قدر مهاراته والتواءاته.
لا شك أنّ هناك هزيمة عسكرية منكرة لهذه القوى في غزة، وثورة فكرية عالمية تندد بالعجرفة الغربية وجرائم الصهاينة؛ ولكن هناك خسائر كبيرة ومجاعة وقلق وكلّ ما يمكن أن يهدد استمرار الحياة والتعليم ويحارب الدين.
ثار المناهضون للإنسانية في مختلف أنحاء العالم؛ حيث أنكر الإنسان الغربي ما يحدث للآخر العربي وندّد بالقهر والظلم والقتل، وفي أمريكا نفسها ووقف الإنسانيون يهتفون: "تحيا فلسطين وتسقط الصهيونية"، كغيرهم من أنصار الإنسانية في أنحاء العالم، يقابل الحال في شرقنا الأوسط سكون مريب يشبه سكون الغروب، لا نجد له تفسير؛ المسلمون يسلّمون ويستسلمون!
أتساءل: هل شهد العالم ظلما أكبر مما حدث ويحدث الآن في فلسطين منذ بدء الاحتلال وإلى هذه اللحظة، هل شهد العرب خيانة كالتي تحدث الآن، أيّ خيانة هذه وأيّ عروبة تقتل العروبة!
لم يمت الأحرار في فلسطين؛ إنما انتحرت العروبة في قعر دارها، وغاب الحق وسط الظلم، وبرزت قرون الشياطين، وعمّ فساد الفاسدين، وتوغلّ إجرام المجرمين، سفك للدماء واستباحة للحرمات وهدم للمنجزات وهيمنة أيدولوجية وجيوساسية وعجرفة غربية، وتكاتل للظلم بأبشع صوره!
وماذا بعد قرار محكمة العدل الدولية؟
شرق أوسط جديد!
لم يتحقق العدل المتوقع، أتساءل إن لم تحقق المحاكم العدالة بالشكل الحازم والصارم لدحر الظلم وإحقاق الحق؛ فماذا يمكن أن تحقق!
كان المتوقع أن يكون الأمر بوقف إطلاق النار ومحاكمة الصهاينة ومن والاهم هو العدل المحقق من محكمة العدل الدولية؛ لكنه كان قرارا، قابل الصهاينة القرار بالقرار وقابلت أمريكا القرار نفسه بالعزم والإصرار على مواصلة الحرب؛ وكأنه تبادل للأدوار والسلطة بين العدل والظلم؛ فجمدت تمويلها لدعم (الأونروا) وأرسلت عشرات المقاتلات من نوع F35 وF15 ومروحيات أباتشي.
أمريكا المهزومة عسكريًا في اليابان وفيتنام والعراق وأفغانستان لا تأبى للعدالة ولا للانتصارات الحقيقية؛ ما يعنيها الانتصار على طريقتها، السلب والنهب على نهج الاستعمار.
يتقبّل الإنسان بطبيعته الزلازل الجيولوجية مهما كان فتكها به؛ لكنّ فتك الزلازل الأيدلوجية هو الأعنف والأكثر تعقيدًا، إنّ قادة العالم المتجردون من الإنسانية لا يأبون لتفاقم خسائر الحروب؛ فهي جميعها مقابل الأهداف، ما يجب أن نفعله نحن كشعوب والشعوب عادة تناصر الشعوب، هو الاستمرار على المقاطعة، الحرب ليست في فلسطين وحدها؛ بل في كل بيت من بيوتنا، المقاطعة ليست منتجات فحسب، الحرب إعلامية بدرجة كبيرة، نستخدم الفيسبوك والأنستجرام والواتساب والماسنجر وجميعها تدعم الصهيونية، حُورِبنا بحذف منشوراتنا على وسائل التواصل وفرضت علينا قيودًا في النشر وإزالة ما لا يتوافق مع سياستها الآيديولوجية؛ فلم لا تتم مقاطعتها أو الاكتفاء منها بتطبيق أو تطبيقين على الأقل؟!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
صوت الأزهر تخصص عددها الجديد عن تورط الصهاينة في سرقة مساعدات غزة
كتب - محمود مصطفى أبوطالب:
خصصت صحيفة "صوت الأزهر" الصادرة عن الأزهر الشريف، عددها الجديد للحديث عن تورط الكيان الصهيوني في سرقة المساعدات المخصصة لأهالي غزة.
محتويات عدد "صوت الأزهر"وتصدر مانشيت "سرقة المساعدات في غزة برعاية صهيونية" العدد الأسبوعي الجديد لصوت الأزهر، الذي تناول وفاة الحاجة سميحة الشقيقة الكبرى لفضيلة الإمام الأكبر، وكذلك المؤتمر الذي عقدته كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة حول "الدعوة الإسلامية والتواصل الحضاري".
يرأس تحرير الصحيفة، الكاتب الصحفي أحمد الصاوي.
اقرأ أيضًا:
الأمور سارت في اتجاه إيجابي.. مدبولي: بعثة صندوق النقد تفهمت المطالب المصرية
استخراج قرار علاج على نفقة الدولة.. إجراءات وأوراق مطلوبة
الحكومة تغلظ عقوبة سرقة الكهرباء.. حبس سنة وغرامة تصل لمليون جنيه
تسجيل جامع بيبرس بالدرب الأحمر في عداد الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية
صحيفة صوت الأزهر سرقة مساعدات غزة تورط الصهاينة في سرقة مساعدات غزة سرقة المساعدات في غزة برعاية صهيونية وفاة الحاجة سميحة وفاة شقيقة شيخ الأزهر مؤتمر الدعوة الإسلامية والتواصل الحضاري
تابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقة شيخ الأزهر يشكر رئيس مجلس النواب على تعزيته في وفاة شقيقته أخبار الرئيس السيسي يعزي شيخ الأزهر في وفاة شقيقته أخبار عميد المعاهد الأزهرية بفلسطين يُعزي شيخ الأزهر في وفاة شقيقته أخبار "قومي حقوق الإنسان" ينعى شقيقة شيخ الأزهر الشريف أخبار أخبار مصر محافظ الجيزة يجري جولة مسائية مفاجئة بعدد من الأحياء.. ماذا حدث؟ منذ 26 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر مافيش هزار.. تامر أمين: "الحكومة سنت سنانها على سارقي الكهرباء" منذ 33 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر يتم فصلهم عن النظاميين.. ضوابط الحج السياحي للهيئات 2025 منذ 40 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر لن تُزال المبانى القديمة.. آخر مستجدات "التصالح بمخالفات البناء" منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر العمليات المصرفية بالبنك المركزي: عملاء إنستاباي وصلوا لـ 11.5 مليون منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر مواصفات سكن الحج السياحي 2025.. اعرف موقعك من الحرم منذ 1 ساعة قراءة المزيدإعلان
إعلان
أخبار"صوت الأزهر" تخصص عددها الجديد عن تورط الصهاينة في سرقة مساعدات غزة
أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك * إزاي تعرف نتيجة قرعة الحج من موقع وزارة الداخلية بالرقم القومي؟ الحكومة تغلظ عقوبة سرقة الكهرباء.. حبس سنة وغرامة تصل لمليون جنيه 28القاهرة - مصر
28 19 الرطوبة: 37% الرياح: شمال المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك