بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية)- اتساقا مع ماذكرته في المقال السابق عن تاريخ الدبلوماسية، أود بداية أن ألفت نظر حضراتكم الى حقيقة تاريخية، وهي أنه ليس صحيحاً مايُذكرمن أن أول مؤلف في الدبلوماسية هو كتاب فرانسوا كالبير أحد دبلوماسي لويس الرابع عشر، الذي بعنوان (طريقة التفاوض مع الملوك) الذي تم تأليفه عام 1716، لأن السيرة النبوية سجلت تفاصيل مفاوضات الرسول مع الملوك والأباطرة، ونشرت رسائله إليهم، وأيضا سجلت الإتفاقيات التي أبرمت مع غير المسلمين، علي سبيل المثال صلح الحديبية مع قريش، وكلها وثائق تتوفر لها جميع الشروط لتكن جديرة بوصف الوثائق الدبلوماسية.

وحقيقة أخرى، أنه كان هناك وجود للدبلوماسية قبل الإسلام (في العصر الجاهلي) حيث كانت هناك علاقات ودية بين العرب وجيرانهم، وكان هناك مراسلات وبعثات دبلوماسية بين العرب مع بعضهم البعض، وبينهم وبين الشعوب والأمم الأخرى، منها ما كان في مواسم الحج، وسير الوفادات والشعراء إلى ملوك فارس والحيرة وغسان وحمير .. الخ، فقد كانت كلها وسائل للاتصال والعلاقات الدبلوماسية.

إلا أنه ورغم وجود الدبلوماسية عند العرب قبل الإسلام، لكنها لم تكن بنفس الأهمية التي كانت عليها في فترة الدولة الإسلامية، فلقد كانت الدبلوماسية في أبهى صورها في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في القرن السابع الميلادي بعد استقرار دولة الإسلام الأولى بالمدينة، وتغيرت لتصبح غير مقتصرة على العلاقات التجارية فحسب، وتحولت من علاقات محدودة مع الغير إلى علاقات واسعة ومتعددة.
فكانت الدبلوماسية إحدى أدوات النبي محمد صلي الله عليه وسلم في قيام الدولة الإسلامية، بأشكال عدة منها، التفاوض مع خصومة وإبرام الصلح معهم، قيام حوار مع الغير، وعقد اتفاقيات إحترام متبادل وتعايش في سلام مع الأديان الأخرى.. الخ من الأشكال الأخرى التي كانت حينذاك.
ومن الحقائق التاريخية الهامة التي من الجدير التذكير بها هنا، هي أن عصر الإسلام لم يكن عصرا واحد، وإنما كانت عصور عدة، اختلفت فيها الاوضاع والأمور في أشياء كثيرة من بينها الدبلوماسية، فلقد كان هناك العصر الأول للإسلام الذي كان فيه حضرة النبي محمد صلي الله عليه وسلم، ثم تلاه عصر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، ثم عهد العباسيين والأمويين، ثم العهد الفاطمي والمملوكي، ثم الدبلوماسية في القرون الوسطى، ثم الدبلوماسية في العهد العثماني.
وبعد إذن حضراتكم أتناول بشئ من التفصيل شكل ودور وهدف الدبلوماسية في كل عصر من هذه العصور في المقالات القادمة إن شاء الله.
مراجع للمقال:
· د/ أحمد المهدي، الدبلوماسية في العصر النبوي، الدار العربية للطباعة، بيروت، 2006، 14.
. دور الدبلوماسية في التسوية السلمية للنزاعات، أ/ فاطمة سالم عيسى البشير، رسالة ماجستير،كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة،2010.

يسعدني التواصل وإبداء الرأي [email protected]

 

Tags: الدبلوماسيةالشريعةالقانون!

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: الدبلوماسية الشريعة القانون الدبلوماسیة فی

إقرأ أيضاً:

دعاء الأم على أبنائها.. هل يستجاب حتى ولو كانت ظالمة ؟

قال الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الظالم دعوته مردودة عليه، فالإنسان يدعو الله سبحانه وتعالى وإنما عند الله لا يطلب إلا بطاعته.

هل دعاء الأم على أبنائها مستجاب حتى ولو كانت ظالمة؟

وأضاف الشيخ محمود شلبي، فى إجابته عن سؤال «هل دعاء الأم الظالمة مستجاب؟»، أنه طالما لم يصدر من الأبناء تقصير أو عقوق تجاهها فإن عملها يعد محرما في الشرع وهي آثمة لأنها معتدية بغير حق ومضيعة للأمانة التي ائتمنت عليها، فدعاء الظالم لغو لا حرمة له في الشرع ولا يستجيب الله لدعائها لأنه دعاء بالإثم والقطيعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة".

هل الدعاء يُزيد الرزق؟.. انسى الفقر نهائيًا بـ3 أعمال وآيةدعاء آخر أسبوع من شوال .. 9 أدعية تجعل لك من كل همّ فرجاًدعاء لطفلك الرضيع يجعله ينام بسكينة وهدوءأفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك .. واظب عليه

وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن هذا الدعاء يعتبر اعتداءً في الشرع وقد نهى الله عن ذلك فقال تعالى: "ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، وقد ورد في السنة النهي عن ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم"، رواه أبو داود.

وأشار إلى أنه لا يصح للإنسان أن يكون ظالمًا ومعتديا وآثما ويدعو الله، قائلًا: "فلا تخافوا من دعوات والدتكما فهى دعوة جائرة ليس لها وجه حق".

هل دعاء الأم على ابنتها مستجاب

ورد سؤال لمجمع البحوث الإسلامية، مضمونه "هل الأم اذا دعت على ابنتها يُتقبل منها الدعاء؟".

وأجاب مجمع البحوث، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قائلًا: "إن دعاء الأم على ابنها أمر في غاية الخطورة، وهو مظنة الإجابة، والواجب على هذه البنت أن تحقق رضاها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، ما دام أنه غير محرم شرعا".

وأكد المجمع أنه يجب على هذه الفتاة أن تحسن إلى أمها وتبرها، فإن فعلت ذلك، فلا يضرها دعاؤها عليها؛ لأنه اعتداء منها في الدعاء وهو غير مقبول.

واستدل مجمع البحوث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم"

هل دعاء الوالدين على أبنائهم مستجاب

أكد الدكتور إبراهيم رضا الداعية الإسلامى أنه لا يجوز للوالدين الدعاء على أبنائهم وذلك لأن الله يستجيب لدعواتهما لما لهما من مكانة عند الله سبحانه وتعالى .

وأضاف «إبراهيم» خلال فيديو مسجل له، أنه يستحب الدعاء للأبناء حتى لو كان عاقًا أو عاصيا ليهديه الله.

بركة دعاء الأم

بركة دعاء الأم إنما تصحب الإنسان طوال حياته، وتكون بابًا واسعًا لرحمة الله به يوم القيامة، بل تمتد إلى بركة في دعاء الولد البار.

فالبار بوالديه حق البر مستجاب الدعوة، وهناك قصةعن أويس بن عامرٍ التي أخرجها الإمام مسلم في صحيحه.

واستدل بما رواه مسلم، أنه كَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ -رضي الله عنه- إِذا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمنِ سأَلَهُمْ: «أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟" حتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ -رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ: "أَنْتَ أُوَيْس بْنُ عامِرٍ؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟" قَالَ: نعَمْ، قَالَ: "فكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرِئْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "لَكَ والِدَةٌ؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- يقول: يَأْتِي علَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُو بِها بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى الله لأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ، فَاسْتَغْفِرْ لي"، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: "أَيْنَ تُرِيدُ؟" قَالَ: الْكُوفَةَ، قَالَ: "أَلا أَكْتُبُ لَكَ إِلى عَامِلهَا؟" قَالَ: أَكُونُ في غَبْراءِ النَّاسِ أَحبُّ إِلَيَّ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ العَامِ المُقبل حجَّ رجلٌ من أشرافهم، فوافى عُمَرَ، فَسَألَهُ عَنْ أُوَيْسٍ، فَقَالَ: تَرَكْتُهُ رَثَّ البيت، قليل المتاع، قالَ: "سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول: يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادٍ مِنْ أهْلِ اليَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ،ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ, كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أقْسَمَ عَلَى الله لأَبَرَّهُ, فَإنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ"، فَأتَى أُوَيْسًا فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: أنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لي، قَالَ: لَقِيتَ عُمَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ» رواه مسلم.

وفي كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- إشارة إلى أن استجابة الله -عز وجل- لدعاء أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ كان بسبب بره أمه.

والإنسان البار بوالديه يظل بارا بهما معترفا بفضلهما مكرما من كانا يكرمان طول حياته، فعن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا خرج إلى مكة كانت له دابة يتروح عليها إذا مل ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه، فبينما هو يوما على هذه الدابة إذ مر به أعرابي فقال: ألست فلان بن فلان قال : بلى فأعطاه الدابة وقال اركب هذه، والعمامة، وقال: اشدد بها رأسك، فقال له بعض أصحابه: غفر اللَّه لك! أعطيت هذا الأعرابي دابة كنت تروح عليها، وعمامة كنت تشد بها رأسك، فقال: إني سمعت رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يقول: «إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي» وإن أبا هذا كان ودا أي صديقا لعمر "رَضِيَ اللهُ عَنْهُ".

مقالات مشابهة

  • ما هي الإمتيازات التي كانت تدافع عنها د. هنادي شهيدة معسكر زمزم
  • بعد فتواه عن الميراث.. سعد الدين الهلالي يدعو لتغيير اسم علم الشريعة
  • غدًا..انطلاق المؤتمر الدولي الخامس لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر
  • غدا.. انطلاق مؤتمر كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر حول بناء الإنسان
  • محاكمة مبديع تفضح "لجان الأظرفة" غير المؤهلة... ومتهم: كانت هناك أطر مؤهلة لم يتم توظيفها
  • وكيل الأزهر: المرأة أكثر حظا في الإسلام ولكن لمن يفهم الأحكام التشريعية
  • وكيل الأزهر يستقبل رئيس الهيئة العليا للإفتاء بجيبوتي لبحث سبل التعاون المشترك
  • قنوات المشروع تحتاج إلى 100 سنة لكي ترجع إلى ما كانت عليه قبل دخول الدعم السريع للجزيرة
  • المصارف الإسلامية التي أعادت الاعتبار للمال.. ماذا حدث لها؟
  • دعاء الأم على أبنائها.. هل يستجاب حتى ولو كانت ظالمة ؟