رئيس جامعة الأزهر: مصر وإندونيسيا تجمعهما عوامل مشتركة في نشر السلام
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن العلاقات العلميَّة بين مصر وإندونيسيا ممتدة عبر التاريخ، وأن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وكذا جميع القيادات يعتزون بأبناء إندونيسيا من الدارسين في مصر؛ نظرًا لدماثة خلقهم وتقديرهم للعلم والعلماء، وأن خريجي الأزهر الشريف في إندونيسيا يتمتعون بتأثير كبير في مختلف المجالات.
وقال رئيس الجامعة، خلال احتفالية جمعية نهضة العلماء بإندونيسيا بالذكرى السنوية للرئيس الراحل الشيخ عبد الرحمن واحد التي شعارها، الإنسانية والسلام، إن الفقيد الراحل كان علامة بارزة في توطيد العلاقات بين مصر وإندونيسيا، فعندما يذكر التعليم المصري الإندونيسي يحضر اسمه كأحد الخريجين الذين درسوا في الأزهر الشريف، وتجولوا في أروقة الأزهر الشريف، وشوارع مصر، وانبهروا بتاريخ مصر وحضارتها، مشيرًا إلى أن الاحتفال بذكراه يتزامن مع ذكرى الاحتفال بتأسيس جمعية نهضة العلماء التي أسسها جده الشيخ هاشم أشعري في يناير ١٩٢٦م، مؤكدًا أن لعبد الرحمن واحد ولجمعية نهضة العلماء مكانة كبيرة في مصر والأزهر الشريف؛ فكثير من المؤلفات العلمية تحدثت عنهما؛ منها: كتاب الموجز اللطيف في علاقة إندونيسيا بالأزهر الشريف للدكتور حسام شاكر، ورسالة علمية في كلية أصول الدين للدكتور توفيق البيضاوي عنوانها: (جمعية نهضة العلماء ودورها في الدعوة الإسلامية بإندونيسيا) وكذا الكتاب الذي أصدرته سفارة إندونيسيا: (مسيرة العلاقات بين مصر وإندونيسيا، ابتعدت المسافات ودائمًا في القلب يا مصر).
وأضاف أن هذا النتاج العلمي يؤكد أن لجمعية نهضة العلماء دور كبير في نشر السلام وفي توطيد العلاقات العلمية والاجتماعية؛ كونها من أكبر الجمعيات في إندونيسيا التي تنتشر خيراتها في داخل إندونيسيا، ويكثر أعضاؤها خارجها، ولولا نشاط هذه الجمعية ما اجتمعنا هنا الآن، وهذا يبين لنا عالمية هذه الجمعية، التي كان لأبناء الأزهر الشريف دور كبير في قيادتها أمثال الرئيس عبد الرحمن واحد، والشاعر الأديب أحمد مصطفى بشرى.
مصر وإندونيسيا تجمعهما عوامل مشتركة كثيرة تحض على السلامواستكمل: إن مصر وإندونيسيا تجمعهما عوامل مشتركة كثيرة تحض على السلام، ومن أقوى هذه العوامل الأزهر الشريف، الذي حافظ على اللغة العربية، لغة القرآن التي يحمل في آياته كل معاني الإنسانية والسلام، وبسبب الأزهر الشريف قويت تلك اللغة في إندونيسيا، فكانت هناك معاجم للترجمة بين العربية والإندونيسية، منها: معجم عربي إندونيسي للدكتور محمود يونس، أحد خريجي الأزهر الشريف، وصارت هناك مفردات كثيرة للغة العربية متأصلة ومتجذرة في اللغة الإندونيسية تكاد تقترب من ألفي مفردة، وهذا نوع من الاقتراض اللغوي الذي ينشأ نتيجة للاتصال والاحتكاك المباشر بين متحدثي لغة وأخرى، وقد تأثر الإندونيسيون كثيرًا بالتجار العرب، وبأهل مصر خاصة، فاكتسبوا منهم مفردات لغوية، انتشرت بينهم حتى إن أيام الأسبوع تشبه في نطقها أيام الأسبوع عندنا مع بعض الاختلافات مما تفرضه عليهم طبيعة لسانهم.
كما لا يخفى علينا جهود خريجي الأزهر في إندونيسيا واهتمامهم بتدريس اللغة العربية لغة القرآن المعظم في آلاف المعاهد والمدارس بمختلف جزر إندونيسيا، وكذا دورهم الفاعل في خدمة بلادهم في الجوانب الدينية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جامعة الأزهر سلامة داود أحمد الطيب شيخ الأزهر إندونيسيا خريجي الأزهر جمعية نهضة العلماء بإندونيسيا مصر وإندونیسیا الأزهر الشریف جامعة الأزهر فی إندونیسیا نهضة العلماء
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر: موقع الحوار من الدعوة الإسلامية كموقع الرأس من الجسد
قال الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر، إنّ المؤتمر الذي تعقده كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر بعنوان «الدعوة الإسلامية والحوار الحضاري.. رؤية واقعية استشرافية»، مؤتمر مهم أحسنت الكلية في اختيار موضوعه، لافتًا إلى أنّ عنوان المؤتمر السابق للكلية كان «نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن رؤية واقعية استشرافية»، والقاسم المشترك بين المؤتمرين هو الحرصُ على تحديد آفاق الرؤية التي تضع عينا بصيرة على الواقع بهمومه وقضاياه وتضع العين الثانية على استشراف المستقبل لترمق ملامحه من بعيد، والنفوس شغوفة بما يكون في المستقبل تسترق السمع، تتحسس صورته التي ربما لا يمهلها الأجل لتراها رأي عين.
التخطيط للمستقبلودعا رئيس جامعة الأزهر خلال كلمته بالمؤتمر اليوم، إلى ضرورة أن يَعْمَلَ الإنسانُ في يومِه لما يُسْعِدُهُ في غده، مستشهدًا بمقولة سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا»، وأنّ التخطيط للمستقبل والسعي لما يحقق تقدم العباد والبلاد لتُتِمَّ الأجيالُ القادمةُ ما بدأته وتعبت فيه الأجيالُ المعاصرة لهو من أهم وسائل القوة والنجاح والتقدم والازدهار، وقد سبقتنا الأمم بإتقانها هذا التخطيطَ وإحسانِها رؤيةَ آفاق المستقبل التي تقوم على أسس قوية وأعمدة راسخة تؤسس للبناء عليها في المستقبل .
الحوار الحضاريوفي حديثه عن الحوار الحضاري، بيَّن رئيس جامعة الأزهر أنّ موقع الحوار من الدعوة الإسلامية كموقع الرأس من الجسد، ولا يصلح الجسد إلا بالرأس، وتاريخ الحوار موغلٌ في القدم، يعود إلى بَدْءِ خلق الإنسان، حين خلق الله تعالى سيدنا آدم عليه السلام وأمر الملائكة بالسجود له وأمر إبليس بالسجود له، فدار حوار بين الله جل جلاله وبين الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، كما جرى الحوار بينه سبحانه وبين إبليسَ أشقى خلقه، وبينه سبحانه وبين سيدِنا آدمَ وذريتِه الذين كرَّمَهُم الله جل وعلا وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا، وقص الذكر الحكيم هذه الحواراتِ في كثير من سور الكتاب العزيز، ولو شاء سبحانه لأمرهم جميعا فأتمروا، ونهاهم جميعا فانتهُوا، ولكنه جل وعلا يعلمنا أن نلزم الحوار سبيلا مع الأخيار والأشرار، لتتضح الحجة، ويَمِيزَ الحقُّ والباطل، ليحيا من حَيَّ عن بينة ويَهْلِكَ من هلك عن بينة . وهكذا يعلمنا الذكر الحكيم حتى لا نَغْفُلَ عن هذه الوسيلة الإقناعية.
وتابع أنّ السماوات والأرض قامتا بالحوار، فلم يقهرهما خالق القوى والقدر على طاعة أمره حين خلقهما، ولو قهرهما لخضعتا وذلتا، بل خيرهما وحاورهما وسجل ذلك في محكم التنزيل العزيز فقال سبحانه «ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ» (فصلت 11)، مضيفًا أنّ الحوار هو منطق العقول الراشدة التي تسعى للوصول إلى الصواب والسداد، في أناة وحيدة وإنصاف، بعيدا عن التشويش والضجيج الذي يملأ الأفق ويسد المسامع ويعصف بالحق.
الحق والعدل والإنصافوأوضح رئيس جامعة الأزهر خلال كلمته بالمؤتمر اليوم الأحد أنّ الحوار الحضاري هو الحوار الصادق الذي يتغيا الحق والعدل والإنصاف، وليس فيه «حق الفيتو» الذي يغلب فيه صوت الفرد أصوات الجماعة، وكما قالوا «رأي الجماعة لا تشقى البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها».
وأكمل أنّ حق الفيتو الذي تستحل به الدولة العظمى القوية دماء الدول المستضعفة وتستبيح قتل رجالها ونسائها وأطفالها كما يحدث اليوم في غزة في حرب ضروس استشهد فيها أكثرُ من أربعين ألفِ شهيد، منهم أكثرُ من عشرة آلاف طفل لا تتجاوز أعمارهم سن العاشرة، فضلا عن النساء والعجائز.
وأضاف أنّ هذا يحدث منذ سنة كاملة من الإبادة الجماعية التي تقوم بها آلة الدمار الصهيوني على مرأى ومسمع من العالم الذي طالما تغنى بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأقام البرلمانات الدولية وتفاخر باعتمادها على حرية الرأي والحوار الحضاري واحترام العهود والمواثيق الدولية إلى آخر هذه العبارات الطنانة التي لا وجود لها عند التعامل مع المسلمين.