الضمانة العاجلة للحق في الحياة
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
◄ كانت كل تداعيات العدوان واضحة أمام القضاة، ومن ثم كان يستوجب قرار وقفه بصورة عاجلة
د. عبدالله باحجاج
نتفق نختلف هذا من البديهيات البشرية.. من هنا يُمكن القول إنَّ قرارات محكمة العدل الدولية الصادرة يوم الجمعة الماضي بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا حول الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في غزة، ليست في مستوى تطلعاتنا كمُسلمين وعرب، وكل من يشاطرننا حق الإنسان في الحياة بصرف النظر عن وطنه ولونه وعقيدته، وهم أولئك الذين يخرجون بالملايين للشوارع في كل أنحاء العالم ضد العدوان على غزة، وهم أولئك الذين سخروا أقلامهم وفكرهم ونضالاتهم السياسية والفكرية ضد الإبادات الجماعية المتواصلة في غزة، وهم أولئك الذين لديهم إحساس على مدار الساعة بدور الجوع في فقدان الحق في الحياة.
وعوضًا عن الانتصار لهذا الحق، راهنت على مدد زمنية طويلة نسبياً (شهر) بشأن التدابير المؤقتة، وكأن شلالات الأرواح في غزة قد توقفت، وهي تعلم أن العدوان مستمر والمذابح البربرية تتوالى يوميًا، كما راهنت على مجلس الأمن الدولي، وهي تعلم بأن واشنطن ولندن وباريس قد نصبت نفسها فيه كمدافعين عن الكيان الصهيوني بصورة عمياء، وهي تعلم أنها- أي تلكم الدول- هي طرف أصيل في كل ما حدث تاريخيًا في فلسطين المحتلة، ويحدث منذ أربعة أشهر في غزة على وجه التحديد، ومن لم يحركه المذابح الجماعية والجرائم الإنسانية الأخرى في غزة، فهل ستلزمه قرارات المحكمة؟
إنَّ مشهد القرارات يبدو في سيرورته كمنحة زمنية قانونية وسياسية للصهاينة وأنصارهم لتنفيذ خططهم في غزة، وستلي هذه المنحة منح أخرى تستغرقها النقاشات داخل مجلس الأمن وطبيعة الجدال حول مدى الالتزام من عدمه وأسبابه ومعوقاته، والسيرورة القضائية لا تعني بالضرورة أنها مؤامرة، وإن كانت تحمل ملامحها، وإنما هي ضمن سياقات العملية القضائية الدولية وما سيستتبعها من إجراءات دولية لاحقة، فكلنا نعلم أن قرارات المحكمة تنقل فورًا بواسطة الأمين العام للأمم المتحدة لمجلس الأمن؛ باعتبار أنَّ قراراتها مُلزمة، وعلى كل الأعضاء الالتزام بها، فهل نتوقع مثلا أن تقدم واشنطن ولندن على إدانة الكيان المحتل، وتحميله مسؤولية الجرائم والإبادات داخل مجلس الأمن؟ من هنا فإنِّه سيتم اللجوء الى إخراجات سياسية، وإلى نقاشات عقيمة بشأن الالتزام من عدمه، وطوال هذه الفترات الزمنية القانونية يواصل الكيان المحتل عدوانه ويسقط ضحاياه بحجج لن تنقُصها المبررات التي ستتصدى لتسويقها واشنطن ولندن داخل مجلس الأمن، كحجة رفض المناطق الآمنة وحجة اتخاذ رجال المقاومة المنشآت المدنية مقارًا لعملياتهم.. إلخ.
كان ينبغي على محكمة العدل الدولية أن يكون من أهم قراراتها المستعجلة وقف العدوان / الحرب فورًا، وإدخال المساعدات الغذائية والطبية لغزة عاجلاً إذا ما أرادت الحفاظ على الحق في الحياة للشعب الفلسطيني، وهذا ما كانت تتأمله ناليدي باندور وزيرة خارجية جنوب أفريقيا عندما قالت- في مؤتمر صحفي- إنَّ هناك خيبة أمل من عدم استصدار قرار من المحكمة بوقف الحرب، فمن سيحكم على مدى التزام الصهاينة بقرارات المحكمة؟ سنجد الكيان الصهيوني وأنصاره فقط في ظل إخفاق المحكمة في تشكيل لجان تقصي الحقائق.
إنَّنا أمام قرارات يستحيل معها وقف المذابح بسبب عقيدة ما يسمى بالجيش الإسرائيلي التي تكشف عنها جرائمه البربرية ومذابحه التي طالت أغلبها الأطفال والنساء، كما إن هناك ألوية في ما يُسمى بالجيش الإسرائيلي مكوَّنة من المنظمات اليهودية الإجرامية، فمثلًا فقد تم تشكيل لواء "جولاني" من عناصرها، وهو من أشهر الألوية، كما قد تم الاستعانة بعناصر متطرفة من أنحاء العالم، وكلهم يحملون الحقد ضد المسلمين، ويعتبرون- مع الصهاينة- المسلمين عدوهم المشترك منذ 1400 عام كما يصرحون بذلك علانية.
كانت كل تداعيات العدوان واضحة أمام القضاة، ومن ثم كان يستوجب قرار وقفه بصورة عاجلة، ونركز هنا على المذابح والإبادة الجماعية التي قبلت بها المحكمة كحجة بنت عليها قراراتها، فلماذا لم تتخذ قرار وقف العدوان؟ هنا حالة استغراب كبرى، وربما تنكشف لاحقًا بما جرى وراء الكواليس، فقضاة المحكمة يعلمون فعلًا بالآلاف الذين راحوا ضحية المذابح في غزة، وصلت في أحد الأيام إلى أربع مذابح، ولنا في مذبحة مستشفى المعمداني ما ندلل به على الخطأ التاريخي للرهان على المعتدي لتجنب مذابحه وجرائمه، فهذه المذبحة هي من أكبر المذابح في حق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، فقد قصف طيران الصهاينة المستشفى الذي كان يحتمي فيه المدنيون والمهجرون.. فسقط 500 شهيد وعشرات الجرحى.
من حق الشعب الفلسطيني الحياة، وهذا هو القاسم المشترك للإنسانية جمعاء، قد نختلف على ما عداه لكن هذا الحق لن يختلف عليه أحد، وكل من يُبيح المذابح فهو لا ينتمي للإنسانية، وإطاله أمد العدوان إباحة لهذا الحق، لذلك كان يستوجب الضمانة العاجلة لحق الفلسطينيين في الحياة من محكمة العدل الدولية، وهذا لم يحدث.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نائب وزير الصحة تشيد بجهود محافظة المنوفية في إدارة الملف السكاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أشادت الدكتورة عبلة الألفي، نائب وزير الصحة لشؤون السكان وتنمية الأسرة ورئيس المجلس القومي للسكان، بجهود محافظة المنوفية في إدارة الملف السكاني وخفض معدلات المواليد، مؤكدة أهمية مواصلة هذه الجهود من خلال دعم تنفيذ الخطة العاجلة للتنمية البشرية وتحسين الخصائص السكانية في المناطق منخفضة المؤشرات السكانية داخل المحافظة.
جاء ذلك خلال اجتماع المجلس الإقليمي للسكان الذي عُقد مساء اليوم برئاسة اللواء إبراهيم أبو ليمون، محافظ المنوفية، وبحضور محمد موسى نائب المحافظ، واللواء ضياء قطب سكرتير عام المحافظة، إضافة إلى قيادات تنفيذية وممثلي الوزارات والهيئات الحكومية ورجال الدين.
وأكدت الألفي أن التقدم المُحرز في الملف السكاني يُجسّد التعاون الوثيق بين مختلف جهات الدولة لتطبيق محاور الخطة العاجلة، التي تهدف إلى تحقيق الاستراتيجية الوطنية للسكان بحلول عام 2027، ولفتت إلى أن هذه الخطة تركز على تحسين الخصائص السكانية وتحقيق المباعدة الحقوقية بين الولادات بفترة تتراوح من ثلاث إلى خمس سنوات، حفاظًا على صحة الأم والطفل.
وأشارت نائب الوزير إلى أن تنفيذ الخطة العاجلة بدأ في يناير الماضي ويستمر لمدة ثلاث سنوات، مستهدفًا تحسين المؤشرات السكانية بـالمناطق التي تسجل انخفاضًا ملحوظًا في المؤشرات السكانية، من خلال التركيز على الجوانب المرتبطة بالجوانب الديموغرافية، والصحية، والتعليمية، ومعدلات الإعالة، والوفيات، وتنظيم الأسرة، ونصيب الفرد من الجمعيات الأهلية.
وتسعى الخطة إلى خفض معدل الإنجاب الكلي للمرأة المصرية إلى 2.1 طفل لكل سيدة، مع معالجة عدد من القضايا الاجتماعية البارزة مثل زواج الأطفال، الجهل التعليمي، بطالة السيدات، الأمية، وعمالة الأطفال، كما تشمل الخطة العمل على الحد من معدلات التقزم والسمنة والأنيميا، مع التركيز على رعاية الطفولة المبكرة وكبار السن.
وفي سياق متصل، أوضحت الألفي أن مركزي منوف وأشمون في محافظة المنوفية من بين المناطق المستهدفة، مشيرة إلى بدء تنفيذ الخطة العاجلة في مركز منوف، وتشمل أهداف الخطة هناك زيادة متوسط عدد الأطباء وأطقم التمريض، وسد العجز في أطباء النساء والتوليد بوحدات الرعاية الصحية، بما يسهم في القضاء على الخدمات غير الملباة.
وأكدت أن الخطة تركز أيضًا على تعزيز الوعي بأهمية المباعدة الحقوقية بين الولادات من ثلاث إلى خمس سنوات لضمان الرعاية الصحية المثلى للأطفال خلال أول ألف يوم من حياتهم ، وأعربت عن سعادتها بالتفاعل الإيجابي من قبل الجهات التنفيذية في المحافظة، مشيرة إلى أن هذا التعاون أثمر عن تغطية وحدات الرعاية الصحية الأولية بأطباء النساء والتوليد بنسبة 100% ليوم واحد أسبوعيًا، مع التوصية بزيادة هذه التغطية إلى يومين أسبوعيًا.
ودعت نائب وزير الصحة إلى تسريع الجهود لسد العجز في أطباء النساء والتوليد، كما وجهت الدعوة إلى المجتمع المدني والقطاع الخاص لدعم الخطة العاجلة لتحسين الخصائص السكانية، مؤكدة أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص أثمرت عن نجاحات كبيرة في مشروعات قومية طموحة، وأشارت إلى أهمية تمكين الأسر اقتصاديًا في المناطق منخفضة المؤشرات السكانية.
وشددت الألفي على ضرورة تكثيف دور رجال الدين في التوعية بالرسالة السكانية الحقوقية، داعية إلى الاستفادة من جهود الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، والكنيسة في كسب تأييد المواطنين لهذه الرسالة التي تركز على المباعدة الحقوقية بين الولادات.
وفي ختام الاجتماع، أكد محافظ المنوفية اللواء إبراهيم أبو ليمون أهمية إزالة جميع العقبات التي قد تعيق تنفيذ الخطة العاجلة في المحافظة، مشددًا على المتابعة الدورية لأنشطة الخطة، وتعزيز التعاون مع جامعة المنوفية ، إضافة إلى دراسة سبل توفير ساعة سكانية في ميادين المحافظة لتوعية المواطنين بأهمية القضية السكانية.
IMG-20250222-WA0067 IMG-20250222-WA0065 IMG-20250222-WA0061 IMG-20250222-WA0063 IMG-20250222-WA0059 IMG-20250222-WA0057 IMG-20250222-WA0055 IMG-20250222-WA0053 IMG-20250222-WA0051 IMG-20250222-WA0049