خبير أميركي: الصين لديها خطة واضحة في الشرق الأوسط.. هل أميركا كذلك؟
تاريخ النشر: 18th, July 2023 GMT
نشرت مجلة "ناشونال إنترست" (National Interest) الأميركية مقالا لهارلي ليبمان، عضو مجلس إدارة صندوق الشراكة من أجل السلام التابع لوكالة التنمية الدولية الأميركية، انتقد فيه السياسة الخارجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط ووصفها بالمتناقضة.
وذكر الكاتب أن الولايات المتحدة تحتفظ بنظام من الشراكات الإستراتيجية تهدف إلى مواجهة التهديدات المتبادلة، وتحافظ على وجود بحري قوي في المنطقة لا يحمي طرق التجارة الحيوية للولايات المتحدة والاقتصاد العالمي فحسب، بل يجري بشكل روتيني مناورات متعددة الشركاء أيضا، وفي الوقت نفسه تسعى إلى التوجه نحو المحيطين الهندي والهادي.
وعلق بأن هذا الأمر خلق فراغا تسعى الصين لملئه باستخدام سياسة ما يعرف بعدم الانحياز مع شركاء إقليميين من حلفاء وأعداء الولايات المتحدة على حد سواء.
وأوضح أن الصين تعزز العلاقات الاقتصادية العملية مع الدول على أساس معاملاتي بحت لتحقيق الأمن عبر التنمية. وهو ما لخصه السفير لي تشنغ ون -في منتدى التعاون الصيني العربي- الذي أعلن عام 2016 أن "المشاكل المتأصلة في الشرق الأوسط تكمن في التنمية، والحل الوحيد هو التنمية أيضا".
ومع تعمق هذه الروابط الاقتصادية، ستسعى الصين إلى ترسيخها بعلاقات أمنية تتعارض حتما مع المصالح الأميركية.
إستراتيجية الصين لإقامة علاقات اقتصادية كأساس للعلاقات الأمنية مع الحفاظ على سياسة عدم الانحياز غير مستدامة، ولا يمكن للصين أن تعزز تعاونها النووي مع السعودية والإمارات من دون إثارة حفيظة إيران
إستراتيجية غير مستدامةويضيف الكاتب أنه في غياب التقنيات الأميركية المتقدمة، تتماشى مبادرة الحزام والطريق الصينية مع رؤية السعودية 2030، التي تلتزم بتطوير المراكز التجارية والتقنية ومرافق التصنيع والذكاء الاصطناعي والصناعات الرقمية والبنية التحتية للمدن الذكية.
وهذا يضع السعودية كجوهرة تاج لمبادرة الحزام والطريق، نظرا لموقعها المهم على مسار يسمح للصين بالوصول إلى أوروبا وأفريقيا عبر إيران والإمارات ومصر والجزائر. وهذا بمثابة الأساس الذي تستند إليه الصين في سعيها لإقامة شراكات إستراتيجية شاملة مع الشرق الأوسط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
الباركود وسياسة الهضم
سعيدة بنت أحمد البرعمية
يمكنني تشبيه غزّة بالباركود؛ فمن خلال المسح الذي تعرضت له انكشف ما كان مستترًا من حقائق وأخبار لم تكن واضحة قبل السابع من أكتوبر لعام 2023م، تم أخيرا بعد 15 شهرًا من بدء معركة طوفان الأقصى، الاتفاق بشكل أو بآخر على وقف إطلاق النار في الوقت الذي لوت فيه غزّة ذراع الحرب الأمريكية وأجبرها صمود البقاء للجلوس على طاولة المفاوضات.
كان بإمكان أمريكا وقف هستيريا الحرب على غزة منذ بدء شرارتها الأولى؛ لكنها وجدت فيها المنفذ الملائم لشن عدوان آخر على الشرق الأوسط كعادتها، فجلبت ما استطاعت من قوة وعتاد وخبث وشيطنة مجلجلة بالموت على الأطفال والنساء في غزّة وبالغت في إشباعهم بالمجاعة والأمراض والإبادة وهضم الأراضي والممتلكات على يد الأرعن بيبي؛ لكنها في المُقابل تعرّت من بقايا الإنسانية والديمقراطية التي كانت ما تزال تخدع بها بعض شعوب العالم خاصة شعبها الأمريكي.
تضع أمريكا لكل مرحلة تمساحها، فبعد الحرب الأخيرة على الشرق الأوسط في مرحلة إدارة بايدن؛ فإنّ المرحلة الآتية تتطلب اختيار تمساح ماهر يمكنها من تسديد فاتورة الحرب ولديه خبرة في طرق الباب الإنساني والتسوّل المجوني في الشرق الأوسط؛ فقد حان إعمار المدن الأمريكية وتسديد فاتورة الحرب، وهذا الدور لا يجيده سوى أبو الجميلة إيڤانكا؛ لذا يتولى ترمب مجددا الرئاسة بالرغم من أنه عاش في وقت ما مرحلة لا نظير لها من النبذ في أمريكا حرم فيها حقه في استحدام منصات التواصل الاجتماعي الأمريكية، وبالرغم من الحملات الإعلامية التي شُنّت ضده ومسّت بشخصه ومكانته؛ تشاء الأحداث جعله تمساح المرحلة المُقبلة لضخ الأكسجين في رئة أمريكا التي أوشكت أن تتلفها غزة والحرائق الطبيعية في المدن الأمريكية؛ يؤهله لذلك نجاحه في المهمة ذاتها سابقًا أثناء ولايته الأولى بعد الحرب على العراق وأفغانستان؛ فهو الأبرع على الإطلاق في جلب الأموال لأمريكا من الشرق الأوسط عامة والخليج خاصة.
هل هُزمت إسرائيل؟
يرى البعض أنَّ إسرائل لم تُهزم، لأنَّ وقف إطلاق النَّار كان بواسطة الضغط الأمريكي ولخدمة شؤون أمريكية، وأنّ بإمكانها مواصلة الحرب والقضاء على حماس، خاصة وأنّ في الحكومة الإسرائيلية من يُعارض القرار، وذهب آخرون إلى أنّ هدف إسرائيل الرئيسي ليس القضاء على حماس فحسب؛ وإنما توسيع دائرة الحرب والتوغل أكثر في المنطقة بحجة محاربة حماس؛ لذلك أوجدت عداءات واشتباكات أخرى في لبنان وإيران واليمن وسوريا. وهناك من يرى أنّ إسرائيل قد هزمت منذ اليوم الأول للحرب ولولا الدعم الغربي لما استمرت الحرب حتى الآن؛ وأنّ المسؤول الأول والأخير عن الحرب هي أمريكا بدليل استخدامها "الڤيتو" أكثر من مرة وتمويل الحرب والاقتناع بأهمية المفاوضات في هذا الوقت بالذات؛ فالكيان ليس إلا أداة للجرم الأمريكي والقرار بوقف الحرب في هذا الوقت لم يكن لأنَّ أطفال وشعب غزة يستحق الحياة كما أشار بلينكن في خطابه، الأمر الذي يُثير الاستغراب من الصحوة الإنسانية المتأخرة بعد الكثير من الإصرار على الإبادة والتطهير العرقي، وعلى أيّ حال ظلّت حماس القوة القاهرة والكلمة المسموعة واليد العليا ومدرسة الصمود إلى آخر دقيقة في الحرب وما تزال.
وإذا نظرنا للأهداف في هذه الحرب يتجلى المشهد الصهيوني في كون الإبادة الهدف المنشود جرّاء هذه الحرب مهما كلّف الأمر ومهما عارض القيم والإنسانية؛ بينما يتجلى هدف المقاومة في التشبّث بالأرض والعمل على البقاء؛ فكان الثمن باهظًا بطبيعة الحال؛ لكن في المقابل تنتصر حرب السنوار بالرغم من تكاتل القوى عليها؛ لتعيد الدرس الفلسطيني ذاته في فلسفة الوجود واستحقاق البقاء؛ فحين نقول تنتصر حماس؛ فالفعل المضارع يرمز لاستمرار تنفيذ أهداف المقاومة في الصمود والاستحواذ وتحرير كلّ الأراضي المحتلة وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، نعم آمنّا بفكرة المقاومة وما زلنا نؤمن بقدرتها على التحرير.
كان هدف المقاومة واضحًا وثابتًا وكلما زادت الخسائر يتجذّر المقاتل بأرضه أكثر ويقاتل بشراسه، لم تتقهقر صفوف المقاومة يوما باستسهاد القادة ولا باعتقال ذويهم ولا باستهداف القصف أحيائهم ولا بحجم التآمر والخذلان العربي من حولهم؛ فالغاية كانت أعظم من أن يشاركها عظيم، وهذا ما قهقهر صفوف العدوان والأحزاب أمامها وأسقط شعاراتهم وألحق بهم هزيمة القرن الحادي والعشرين.
على نحو الإبادة كان العالم يستشهد بماحدث في هيروشيما ومحرقة الهولوكوست، وأثبت الحال أنّ غزّة سقط عليها ما يضاعف قنبلة هيروشيما وما يفوق حادثة الهولوكوست، وصمدت صمودا لا يقابله صمود وشجاعة تدرس للشعوب وللمقاتلين في المدارس الحربية؛ وأمّا على مستوى المعارك فكانت معركة ستالينغراد المعركة التاريخية بلا منافس في الشدّة والبأس والفقد، إلى أن فرض السنوار بأس طوفانه؛ فتضاعف صمود طوفان الأقصى وفاق معركة ستالينغراد، واستمر بشدّته إلى أنْ تباكى العدو وانبطح انبطاح المهزوم في مستنقع المفاوضات؛ فسجلت حرب السنوار أولى انتصارات بداية النهاية وتستمر انتصارات الطوفان إلى أنْ نصلي في الأقصى المبارك.