كلما اشتدت آثار الأزمة الاقتصادية الطاحنة في مصر، كلما زادت وسائل الإعلام المصرية في بث أخبار قرب التوصل إلى حل مشكلة نقص الدولار، بل وحل الأزمة الاقتصادية خلال العام الحالي، كي يعيش الناس على هذا الوهم غير المصحوب بذكر الوسائل العملية لتحقيقه، وحتى يكسب النظام الحاكم قدرا أكبر من الوقت للمكوث في السلطة.
وصاحَب ذلك التوسع في نشر أخبار مسابقة الدورى العام لكرة القدم وحاليا مسابقة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، إلى جانب الاستغراق في نشر أخبار الفنانات والفنانين، والأخبار الدولية التي تخدم هذا الغرض، مع تحجيم مساحات نشر نتائج أخبار القصف اليومي الدامي لسكان غزة والانتهاكات اليومية بالضفة الغربية، في محاولة أخرى لكسب مزيد من الوقت حتى تنجز القوات الإسرائيلية مهمتها المطلوبة، من قبل الأنظمة العربية المتحالفة مع أمريكا وإسرائيل للقضاء على المقاومة الفلسطينية.
وسنذكر بعضا من تلك المخدرات الرائجة في السوق الإعلامية حاليا:
لن يحدث تعويم جديد للجنيه:
في ضوء انتظار المجتمع للخفض المرتقب لسعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، والذي يسميه الإعلام والمسؤولون عادة بالتعويم، تخرج بعض وسائل الإعلام للزعم بأنه لن يحدث تعويم جديد، في مسعى لطمأنة الجمهور من جانبها، وللتأثير على السوق الموازية لسعر الصرف، لكن هذا أمر غير حقيقى لأن البنوك المصرية قد خفضت سعر الصرف فعليا عن السعر الرسمي دون إعلان.
حين تضيف ما يسمى بعلاوة تدبير عملة على المبالغ الدولارية التي تعطيها للجهات الحكومية، وعندما تقوم بتمويل استيراد السلع الأساسية التي يشارك في استيرادها القطاع الخاص، فإنها تمول نسبة من قيمة الصفقة وليس كامل قيمتها، وعندما يجلب القطاع الخاص لها قيمة الصفقة بالدولار، تقوم بأخذ نسبة 120 في المائة من المبلغ المقرر وتحتجز نسبة العشرين لها وتحاسبه عليها بالسعر الرسمي.
زيادة سعر الدولار بعد حديث الجنرال
نسب زيادات الأسعار تفوق كثيرا نسب زيادات الأجور، مما يجعل زيادات الأجور تثير مخاوف الجمهور من زيادات مقبلة في أسعار السلع والخدمات، الأمر الذي يجعل مطلبهم الأساسي هو تحقيق الاستقرار للأسعار دون زيادة في الأجور، كما أن زيادات الأجور تقتصر على العاملين في الدولة والذين يمثلون حوالي 20 في المائة من جملة العاملين في المجتمع
كما أن مجتمع الأعمال والمحلات التجارية تتعامل على سعر السوق الموازية، منذ أن جمد البنك المركزي السعر الرسمي في آذار/ مارس 2022 وحتى الآن، وبالتالي فإن خفض السعر الرسمي للصرف قادم لا محالة سواء بضغط من صندوق النقد الدولي أو بدونه، خاصة وأن حديث الجنرال الأخير بمناسبة عيد الشرطة عن مشكلة نقص الدولار قد خلا من الوسائل العملية الواضحة للتغلب عليها، حين تحدث عن زيادة الصادرات كوسيلة وحيدة، وهو أمر صعب في ظل نقص مستلزمات الإنتاج المستوردة وخروج جانب كبير من القطاع الخاص للاستثمار في الخارج، ولهذا كان أفضل رد للسوق الموازية على حديث الجنرال هو زيادة السعر فيه ليتخطى 65 جنيها للدولار مقابل 31 جنيها للسعر الرسمي.
زيادة جديدة بأجور الموظفين والمعاشات:
تناولت وسائل الإعلام تصريح وزير المالية عن تعليمات رئاسية بزيادة جديدة لأجور الموظفين في الحكومة ولأصحاب المعاشات، كوسيلة لمواجهة التصاعد المستمر لأسعار السلع والخدمات، وهو أمر لم يعد ينطلي على الكثيرين وهم يرون الحكومة تزيد من أسعار الخدمات، سواء في قطارات السكة الحديد أو مترو الأنفاق أو تعريفة الإنترنت وغيرها. وخبرة المصريين التاريخية مع زيادة الأجور أن الحكومة كانت في عهد الرئيس مبارك ترفق مجالات زيادة الأسعار بنفس قرار زيادة الأجور، لكن حكومات العهد الحالي تصدر قرارات زيادة الأجور وقرارات زيادة الأسعار بشكل منفصل لكنه متزامن، وذلك لتدبير موارد في الموازنة تغطي نفقات زيادات الأجور والمعاشات.
الأمر الأهم أن نسب زيادات الأسعار تفوق كثيرا نسب زيادات الأجور، مما يجعل زيادات الأجور تثير مخاوف الجمهور من زيادات مقبلة في أسعار السلع والخدمات، الأمر الذي يجعل مطلبهم الأساسي هو تحقيق الاستقرار للأسعار دون زيادة في الأجور، كما أن زيادات الأجور تقتصر على العاملين في الدولة والذين يمثلون حوالي 20 في المائة من جملة العاملين في المجتمع.
انخفاض معدل النمو:
نشر الإعلام تصريح وزيرة التخطيط عن انخفاض معدل نمو الناتج الحقيقي خلال الربع الأول، من العام المالي الحالي (2023/2024) إلى 2.65 في المائة مقابل 4.4 في المائة بنفس الفترة من العام المالي السابق، وكأنه رغم الظروف التي يمر بها الاقتصاد من نقص للمواد الخام ومستلزمات الإنتاج للصناعة، وتصريح رئيس اتحاد المستثمرين بأن جميع المصانع تعمل بنصف طاقتها، وأثر انقطاع الكهرباء اليومي على الورش والوحدات الإنتاجية، واستمرار حالة الركود في الأسواق حسب مؤشر مدير المشتريات للشهر الثامن والثلاثين على التوالي، فإن هناك نموا للاقتصاد.
محاولة مكشوفة لإبعاد أي نقد عن الجنرال الذي تسببت مشروعاته القومية في زيادة الدين الخارجي والداخلي، مما جعل الاقتصاد المصري رهينا لدفع أقساط وفوائد الدين الخارجي الضخمة، والتي تبلغ 42 مليار دولار هذا العام، مما جعل الحكومة توجه كل اهتمامها لسداد تلك الأقساط وتأجيل بعضها والاقتراض الجديد لسداد الأقساط التي يحل أجلها، وذلك على حساب توفير الموارد الدولارية المطلوبة لاستيراد مستلزمات الإنتاج والغذاء
فالخبراء يشككون في معدلات النمو التي تعلنها وزارة التخطيط، وكذلك في المؤشرات التي تعلنها الجهات التابعة لها وأبرزها جهاز الإحصاء، الذي يزعم أن نسبة البطالة بلغت 7.1 في المائة خلال الربع الثالث من العام الماضي، رغم خروج كثير من المنتجين للاستثمار في الخارج في ظل مزاحمة الجهات التابعة للجيش، وأثر نقص الدولار على الشركات، واستغناء كثير من الشركات عن جانب من العمالة لديها، مع إصدار مؤشري التضخم والفقر اللذين لا يحظيان بالثقة سواء من جانب المتخصصين أو الجمهور.
انتقاد وزير التموين بسبب نقص السلع:
شهد الجمهور المصري مسرحية هزلية في البرلمان مؤخرا، كان أبطالها عددا من النواب الذين تباروا في توجيه عبارات قاسية لوزير التموين بسبب نقص بعض السلع وارتفاع الأسعار، وذلك في محاولة مكشوفة لإبعاد أي نقد عن الجنرال الذي تسببت مشروعاته القومية في زيادة الدين الخارجي والداخلي، مما جعل الاقتصاد المصري رهينا لدفع أقساط وفوائد الدين الخارجي الضخمة، والتي تبلغ 42 مليار دولار هذا العام، مما جعل الحكومة توجه كل اهتمامها لسداد تلك الأقساط وتأجيل بعضها والاقتراض الجديد لسداد الأقساط التي يحل أجلها، وذلك على حساب توفير الموارد الدولارية المطلوبة لاستيراد مستلزمات الإنتاج والغذاء، مما أسفر عن زيادات بالأسعار نتيجة نقص المعروض من السلع الغذائية والدوائية وغيرها.
وبالتالي، لم توفر الحكومة لوزارة التموين ما يكفي لاستيراد الكم المطلوب من السلع، مثلما قامت بتوجيه الغاز الطبيعي للتصدير على حساب تدبير احتياجات محطات توليد الكهرباء، والنتيجة استمرار الانقطاع اليومي للكهرباء منذ شهر تموز/ يوليو الماضي وحتى الآن وعدم تحديد موعد انتهاء ذلك.
الاحتفال بمرور عشر سنوات على صدور الدستور:
تحرص وسائل الإعلام على نقل التصريحات المتكررة من قبل قيادات الأحزاب الموجودة والقيادات البرلمانية وغيرهم من المسؤولين؛ بالإشادة بالموقف الرئاسي من أحداث غزة، للإيهام بأن مصر تريد إدخال المساعدات ولكن تعنت الجانب الإسرائيلي هو المتسبب في محدودية تلك المساعدات، الوارد معظمها من بلدان أخرى، مشهد مفضوح للكافة للتغطية على المشاركة الرسمية المصرية في حصار غزة
توسعت وسائل الإعلام في نشر احتفال المحكمة الدستورية العليا بمرور عشر سنوات على صدور الدستور عام 2014، وتصريحات رئيس المحكمة وإشادته بحرص القيادة السياسية ووعيها بأهمية إعلاء القيم الدستورية وتعميق مبادئ الدولة القانونية، وهو أمر نراه مفتقدا للحس السياسي حين يتم تذكير المجتمع بأن هناك هناك دستورا قد صدر منذ عشر سنوات، يتضمن العديد من مبادئ حرية الرأي والتعبير، وصيانة الملكية الخاصة وغيرها من النصوص المعطلة عمليا منذ صدوره، بينما يعيش المجتمع حالة من القمع وغياب الرأي الآخر والانسداد السياسي، وما زال هناك عشرات الآلاف من المعتقلين في السجون منذ صدور هذا الدستور، ولا أحد يعرف متى ينتهي هذا الاعتقال، ولا حتى لمن أمضوا مدة أحكام حبسهم منهم.
الإشادة بالموقف الرئاسي تجاه أحداث غزة:
تحرص وسائل الإعلام على نقل التصريحات المتكررة من قبل قيادات الأحزاب الموجودة والقيادات البرلمانية وغيرهم من المسؤولين؛ بالإشادة بالموقف الرئاسي من أحداث غزة، للإيهام بأن مصر تريد إدخال المساعدات ولكن تعنت الجانب الإسرائيلي هو المتسبب في محدودية تلك المساعدات، الوارد معظمها من بلدان أخرى، مشهد مفضوح للكافة للتغطية على المشاركة الرسمية المصرية في حصار غزة، أملا في تحقيق الجيش الإسرائيلي القضاء على المقاومة، للحصول على المكافأة الأمريكية والغربية التي تساعد في علاج نقص الدولار، وللتغطية على الموقف المخزي الذي يكتفي بالتصريحات الداعية لوقف إطلاق النار، دون اتخاذ أية إجراءات عملية مساندة لسكان غزة، أو إجراءات تجاه المجازر الإسرائيلية المستمرة وضخامة أعداد الضحايا والنقص الحاد للمواد الغذائية والطبية والوقود.
twitter.com/mamdouh_alwaly
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر الإعلام غزة مصر غزة الإعلام أزمات تضليل مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدین الخارجی وسائل الإعلام السعر الرسمی نقص الدولار العاملین فی فی المائة
إقرأ أيضاً:
ذكرى رحيل فاتن حمامة..أيقونة السينما المصرية التي خلدت تاريخها بفن راقي
عرض برنامج "صباح الخير يا مصر" على القناة الأولى المصرية، تقريرًا تلفزيونيًا يستعرض أبرز محطات الفنانة فاتن حمامة، سيدة الشاشة العربية، في ذكرى رحيلها التي توافق اليوم الجمعة 17 يناير.
وتعد فاتن حمامة واحدة من أعظم نجمات السينما المصرية والعربية، حيث تركت بصمة خالدة في عالم الفن بأعمالها التي تعيش في قلوب عشاق السينما حتى اليوم. قدمت العديد من الأعمال المميزة في السينما والدراما التلفزيونية، وأصبحت رمزًا للأناقة والجاذبية.
منذ "يوم سعيد" حتى "أرض الأحلام"بدأت فاتن حمامة مسيرتها الفنية في عام 1940 من خلال فيلم "يوم سعيد"، وامتدت حتى آخر أعمالها في "أرض الأحلام" عام 1993. طوال هذه السنوات، قدمت أكثر من 100 عمل سينمائي ودرامي، توزعت بين الأفلام المميزة مثل "نهر الحب"، "دعاء الكروان"، و"سيدة القصر"، بالإضافة إلى المسلسل التلفزيوني الشهير "ضمير أبلة حكمت".
قدمت فاتن حمامة في هذه الأعمال العديد من الأدوار التي عالجت قضايا اجتماعية وسياسية، مما جعلها رمزًا للمرأة القوية والمثابرة.
جوائز وتكريمات مستحقةحصلت فاتن حمامة على العديد من الجوائز والتكريمات طوال مسيرتها الفنية، وكان لقب "سيدة الشاشة العربية" شاهدًا على مكانتها الفنية الرفيعة. وقد تميزت بأدائها المتنوع الذي جعلها من أبرز الوجوه في السينما المصرية والعربية.
حياة شخصية مليئة بالحب والتحدياترغم النجاح الكبير الذي حققته في مجال الفن، كانت حياة فاتن حمامة الزوجية مليئة بالتحديات والقصص الشخصية المثيرة. تزوجت ثلاث مرات، ومرت بحياة زوجية متنوعة، أثرت على مسيرتها وأعمالها.
الزواج الأول.. فاتن حمامة وعز الدين ذو الفقار
تزوجت فاتن حمامة من المخرج عز الدين ذو الفقار بعد قصة حب نشأت خلال تصوير فيلم "خلود"، الذي جمعهما في دورين تمثيليين وإخراجيين. استمرت علاقتهما لمدة 6 سنوات، أنجبا خلالها ابنتهما نادية. وتعاون الثنائي في عدة أفلام مهمة مثل "موعد مع الحياة" و"موعد مع السعادة"، وقد كانت هذه الفترة من حياتها مليئة بالتحديات والنجاحات.
تعتبر علاقة فاتن حمامة بالفنان عمر الشريف من أشهر الزيجات في تاريخ السينما العربية. شكلا معًا ثنائية فنية لا تُنسى، حيث تألقا في العديد من الأفلام الناجحة مثل "صراع في الوادي" و"فتاة من فلسطين". ورغم انفصالهما في عام 1974 بعد زواج دام 19 عامًا، ظل الجمهور يربط بينهما لعقود طويلة، حيث كانت علاقة مليئة بالمشاعر والذكريات التي لا تزال حية في أذهان الجمهور.
الزواج الثالث..فاتن حمامة ومحمد عبد الوهابفي عام 1975، تزوجت فاتن حمامة من الطبيب محمد عبد الوهاب، واستمر هذا الزواج حتى وفاتها في 2015. ورغم أن هذا الزواج ظل بعيدًا عن الأضواء مقارنة بعلاقتها الشهيرة مع عمر الشريف، إلا أن زواجهما استمر 40 عامًا، وتميز بالعلاقة المستقرة والمليئة بالحب والتفاهم.
رحيل سيدة الشاشة العربيةتوفيت فاتن حمامة في 17 يناير 2015، ولكن إرثها الفني لا يزال حيًا، وذكرى أعمالها ستظل في قلوب كل محبي السينما العربية.