الواشنطن بوست تسلط الضوء على التداعيات الإنسانية في اليمن جراء التصعيد بالبحر الأحمر وتصنيف الحوثي منظمة إرهابية
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
قالت صحيفة "الواشنطن بوست" إن تصاعد العنف في البحر الأحمر يمكن أن يعرض اليمن الهش للخطر، وسينعكس ذلك على الأعمال الإنسانية في البلاد التي تشهد حربا منذ تسع سنوات.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها ترجم أبرز مضمونه "الموقع بوست" إن عمال الإغاثة يحذرون من أن المواجهة العسكرية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والمسلحين الحوثيين تهدد بتعميق الأزمة الإنسانية في اليمن، حيث تكافح منظمات الإغاثة بالفعل لتلبية احتياجات البلاد.
وقالت "أدى ما يقرب من عقد من الحرب الأهلية في الدولة الواقعة في شبه الجزيرة العربية إلى طرد ملايين الأشخاص من منازلهم، وتفاقم الفقر وانتشار المجاعة. والآن هناك صراع جديد – حيث يطلق المقاتلون الحوثيون الصواريخ على السفن التجارية؛ إن قيام القوات الأمريكية والبريطانية بالرد هو ما يعطل الجهود المؤقتة لتحقيق السلام".
وتركت سنوات الحرب أكثر من ثلثي السكان – 21 مليون شخص – "في حاجة ماسة إلى الغذاء والماء والمساعدات المنقذة للحياة"، حسبما أفادت 26 منظمة إغاثة هذا الشهر، معربة عن "قلق بالغ إزاء الآثار الإنسانية للحرب الأخيرة". التصعيد العسكري".
وكتبت مجموعات من بينها منظمة كير ولجنة الإنقاذ الدولية ومنظمة إنقاذ الطفولة: "نحث جميع الجهات الفاعلة على إعطاء الأولوية للقنوات الدبلوماسية على الخيارات العسكرية لتهدئة الأزمة وحماية التقدم في جهود السلام".
وأكدت أن أحد المخاوف الرئيسية هو قرار إدارة بايدن هذا الشهر بإعادة الحوثيين إلى القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية - وهي محاولة لعزل المجموعة التي يحذر عمال الإغاثة من أنها قد تؤدي إلى تعقيد الجهود المبذولة لتقديم الإغاثة في مشهد إنساني هش بالفعل.
وقالت بشرى الدخينة، مديرة المنطقة ومنسقة الشؤون الإنسانية في منظمة كير اليمن: "كان الوضع بالفعل صعباً للغاية".
وقالت: "هذا التصنيف [الأمريكي] يضيف طبقة أخرى من التحديات لمنظمة كير وجميع الجهات الإنسانية الفاعلة الأخرى العاملة في اليمن".
وقال أحد عمال الإغاثة المقيمين في اليمن: "هناك الكثير من المخاوف بشأن كيفية تأثير ذلك على القطاع الإنساني". وتساءل "هل سيكون لهذا ضمانات كافية للبنوك الدولية وشركات الشحن والموردين؟"
ويعتمد اليمن على الواردات في الغالبية العظمى من احتياجاته من الغذاء والدواء والوقود. وتشعر جماعات الإغاثة بالقلق من أن التصنيف الأمريكي قد يعرض الهدوء الحالي في القتال للخطر وقد يدفع الدول الأخرى إلى فرض قيودها الخاصة.
وقال عامل الإغاثة إنه إذا حدث ذلك، "فسوف نرى الأسعار ترتفع؛ وسوف نشهد ارتفاعاً في الأسعار". قد نرى مؤشرات على أزمة وقود، ومن المؤكد أن الوضع الاقتصادي سيزداد سوءاً، مع عدم وجود اتفاق سلام على الأرض”.
وقد يؤدي هذا التصنيف إلى تعقيد عملهم بشكل خاص في أماكن مثل صعدة، المحافظة الشمالية التي ولدت فيها حركة الحوثيين وحيث تتعمق علاقات الجماعة بشكل خاص.
"عندما نكاد نجد الدعم والتمويل لأنشطة معينة، ونكون قد التزمنا بالفعل بمساعدة الأشخاص المحتاجين... وفجأة نقول: "أوه، نحن آسفون، لن نتمكن من إنهاء ذلك". وقال الدخينة من منظمة كير اليمن: "إنه ليس بالأمر السهل القيام به".
وقال أحد المسؤولين إن الإدارة تؤخر دخول العقوبات حيز التنفيذ لمدة 30 يومًا، لتوفير المعلومات لشركات الشحن وشركات التأمين ومجموعات الإغاثة، "لتجنب تقليل المخاطر وتوفير الوضوح" حتى لا يكون للعقوبات "تأثيرات غير مقصودة، خاصة على إيصال المساعدات المنقذة للحياة والمساعدات الإنسانية”.
وقالوا إن المسؤولين اختاروا تصنيف "الإرهاب العالمي المحدد خصيصًا" بدلاً من "منظمة إرهابية أجنبية"، لأنه يسمح لهم بتقديم عمليات منحوتة أكثر فعالية وحماية المنظمات الإنسانية والتجارية في اليمن من الملاحقة القضائية بتهمة دعم الإرهاب.
وقال أحد المسؤولين: "لقد كنا نتواصل عن كثب... حتى يفهم شركاؤنا ما هو هذا وما ليس كذلك". "إنها ليست منظمة إرهابية أجنبية."
وحتى مع هذه الضمانات، لا يزال سكان اليمن في خطر. قال شخص يعمل في نظام الرعاية الصحية في اليمن إنه منذ أكثر من ثماني سنوات، دعم المجتمع الدولي "التدخلات الطارئة" لإبقاء اليمنيين على قيد الحياة عندما كانت البلاد بحاجة إلى التعافي والتنمية.
وقال الشخص الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام: "إنها فترة طويلة للغاية"، ولكن بدون "عنصر السلام"، يجب أن تستمر التدخلات.
تقول الصحيفة أن أحد التطورات الإيجابية المحتملة - الإعلان عن اتفاق سلام بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية - بدا وشيكًا قبل بضعة أشهر فقط. أما الآن، كما يقول محللون يمنيون، فيبدو أن الأمر قد تأخر بسبب الصراع الجديد.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر الحوثي أمريكا اغاثة الإنسانیة فی منظمة کیر فی الیمن
إقرأ أيضاً:
الجنجويد منظمة إرهابية
(١) ينادي الكثير من أبناء الوطن الشرفاء بإعلان مليشيا الجنجويد منظمة إرهابية، ويحاول أنصارها المعلنين والمستترين التمويه على ذلك، بمزاعم متعددة أهمها أن لا تعريف محدد ومتفق عليه للإرهاب على المستوى الدولي، وأن من يراهم البعض إرهابيون، يراهم آخرون مقاتلين من أجل الحرية. وهؤلاء المدافعون عن المليشيا المجرمة، ينسون أن قانون مكافحة الإرهاب السوداني الصادر في العام ٢٠٠١م، قد عرف الإرهاب تعريفا واسعا يسمح بتوصيف أفعال هذه الجريمة بل والحكم على قيادتها ومنسوبيها بعقوبات تصل الإعدام في منتهاها. فالمادة (٢) من القانون المذكور، تنص على أن الأرهاب هو كل فعل من افعال العنف أو التهديد يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي او جماعي يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذاءهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالأموال العامة أو الخاصة أو بأحد المرافق العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية أو الاستراتيجية للخطر. والتعريف الذي وضع بالأساس لقمع المعارضين للحركة الاسلامية ونظام الانقاذ حينها، ينطبق على جميع افعال مليشيا الجنجويد المجرمة، ويؤسس لتجريمها وادانة قيادتها ومنسوبيها بالجرائم الواردة بالقانون المذكور، والبينة متوفرة وبكثافة لهذه الإدانة.
(٢)
حتى القانون الدولي في محاولاته لتعريف الإرهاب، يسمح بتوصيف مليشيا الجنجويد المجرمة على أنها منظمة إرهابية. فالاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب الموقعة في ديسمبر ١٩٩٩م تعرف الإرهاب بأنه أي عمل يهدف إلى التسبب في موت شخص مدني أو أي شخص آخر أو إصابته بجروح بدنية جسيمة عندما يكون هذا الشخص غير مشترك في أعمال عدائية في حالة نشوب نزاع مسلح. جميع أعمال المليشيا المجرمة تقع تحت هذا التعريف، فهي قتلت وجرحت وشردت واغتصبت المدنيين الذين لا علاقة لهم بأي أعمال عدائية من قريب أو بعيد. والتوسع في تتبع دراسة الأمر من ناحية قانونية، يؤكد لا محالة أن المليشيا المجرمة، ترتكب أفعالاً إرهابية وفقا للقانونيين الوطني و الدولي، مما يؤسس للمطالبة بإعلانها منظمة إرهابية. وإن كان من المفهوم عدم إعلانها كذلك على مستوى دولي حتى الان بإعتبار أنها مسنودة من دول إقليمية منخرطة في مشروعات دولية، فمن غير المفهوم عدم تقديم قياداتها ومنسوبيها إلى العدالة من قبل سلطة الأمر الواقع في بورتسودان حتى هذه اللحظة!! فتلك السلطة حركت إجراءات ضد القوى المدنية المعارضة وزعمت تقديم طلبات لإحضارها للمحاكمة عبر الإنتربول، لكنها لم تفتح بلاغات تحت قانون الإرهاب ضد قيادة المليشيا المجرمة التي تتهم القيادات المدنية بالتعاون معها!! ويبدو أن الهدف سياسي تفاوضي مستقبلي، لكنه يفصح تماما عن بعد المسافة بين سلطة الامر الواقع والمدنيين، وقربها بين طرفي اللجنة الامنية للانقاذ المتحاربين.
(٣)
وقد يتساءل البعض عن فائدة إعلان المليشيا المجرمة كمنظمة إرهابية على مستوى دولي والتمهيد لذلك بإجراءات محلية ضدها، طالما أنها مستمرة في القتل والترويع والتجويع والاستباحة، والإجابة هي أن هذا الإعلان يحجم هذه المليشيا المجرمة ويضر بها ضرراً بالغا. فهو سيضيق من تعاون الدولة الاقليمية الداعمة لها، والتي ستصبح في حرج كبير وحذر في دعمها بالسلاح والمال، لأن اكتشاف هذا الدعم الذي لم يعد بالإمكان إخفاءه، ودفع سلطة الامر الواقع إلى إيداع شكوى ضدها لدى مجلس الامن، يعني تصنيفها دولة راعية للارهاب. كذلك الإعلان يسمح بمحاصرة قيادة المليشيا المجرمة وتقييد حركتها، ويعزز فرصة نظر الدعاوى ضدها وفقا لمبدأ الاختصاص العالمي لدى بعض الدول، ويؤسس لحظر دخول قياداتها للدول، وإصدار عقوبات فردية ضدهم. كذلك الإعلان يسمح بتتبع هذه المليشيا دوليا ويمنع الدول المجاورة من تقديم اي تسهيلات لها، وسيساعد في محاسبتها ومحاسبة منسوبيها داخليا حين يحين موعد المحاسبة على الجرائم المروعة التي ارتكبتها ويقيننا انها أقرب مما يتصور المجرمون.
فإعلان منظمة تفتقر للمشروع السياسي والدعم الشعبي، وترتكب جرائم يندى لها الجبين ضد المدنيين العزل، يجردها من عوامل الأمان المتوهمة المحيطة بها، ويمنعها من نيل المساعدة من الدول التي تدعمها سرا وعلانية، ويحشرها في زاوية ضيقة ويقيد حركتها وحركة داعميها. وهو ايضا يلغي وجودها في الخارطة السياسية مستقبلاً، ويمنعها من رسملة تقدمها في الميدان سياسياً، ويجعل سلوكها أثناء الحرب وبالا عليها ويحملها نتائجه القانونية والسياسية معاً.
(٤)
وتخوف البعض من تداعيات إعلان المليشيا المجرمة منظمة إرهابية على دولة السودان نفسها، أمر مقدر ومفهوم بالطبع. وذلك لأن الوثيقة الدستورية المعيبة سارية المفعول، شرعنت هذه المليشيا المجرمة وجعلتها والجيش المختطف على قدم المساواة كطرفين للمؤسسة العسكرية الوطنية، وهذا هو أحد أكبر رزايا تلك الوثيقة، التي يتحمل وزرها الجيش المختطف وقوى الحرية والتغيير معا بلا شك. وهذا يعني ان الإعلان يضع السودان في وضع الدولة الراعية للارهاب، بإعتبار أن أحد طرفي مؤسستها العسكرية منظمة إرهابية. لكن هذا التخوف – على أهميته – مردود عليه بأن خروج السودان كدولة من وضع الدولة الراعية للإرهاب حتمي بمجرد تفكيك هذه المليشيا وحلها كما يطالب الشعب، وأن السودان بالأصل خرج من ذلك الوضع مؤخرا بعد ثورة ديسمبر المجيدة، مما يؤكد أن التحول السياسي من الممكن أن يؤسس لمثل هذا الخروج بالرغم من فداحة الثمن، وفوق ذلك دولة السودان في وضعها الحالي ليست دولة بالاساس حتى ترعى الأرهاب او لا ترعاه. فمخاطر عدم إعلان المليشيا كمنظمة إرهابية، أكبر من مخاطر اعتبار السودان دولة راعية للإرهاب الذي مازال المواطن يعاني من تبعاته أصلا.
والمطلوب هو القيام بحملة واسعة من قبل القوى المدنية السودانية المتمسكة بثورة ديسمبر وأهدافها، للمطالبة بإعلان المليشيا المجرمة منظمة إرهابية، حتى يتسنى عزلها وقص أجنحتها وتحجيم دعم الدول صاحبة المصالح غير المشروعة في بلادنا لها. ولا نستبعد أن تقوم بعض القوى المدنية بإعاقة مثل هذا النشاط مثلما أعاقت حل المليشيا المجرمة وقبلتها شريكا في شراكات الدم السابقة، أو على الاقل ان تحجم عن المشاركة فيه، ولكن هذا يجب ألا يوقف مثل هذا الجهد المطلوب.
وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!!
د.أحمد عثمان عمر-الدوحة-قطر
١٥/١١/٢٠٢٤
إنضم لقناة النيلين على واتساب