حوار يكشف: كيف سيؤثر “طوفان الأقصى” على الحكومة والداخل الإسرائيليّ مستقبلا؟
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
أثير – مكتب أثير في دمشق
يؤكد الأستاذ خالد العبود عضو مجلس الشعب السوريّ وعضو المكتب السياسيّ لحزب الوحدويين الاشتراكيين في سوريا أن الموقف العُماني انحاز بصورة واضحة نحو الأشقاء الفلسطينيين، وكان موقفا واضحا وسباقا لمحاكمة “نتنياهو” دوليّا، قائلًا في حوار أجرته معه “أثير” بأن عُمان تؤدي دورا راشدا ووازنا لم يفقدها بوصلتها المعهودة؛ فإليكم تفاصيل الحوار:
– ما تأثير “طوفان الأقصى” على الساحتين الإقليمية والدولية، وعلى الحكومة والداخل الإسرائيليّ مستقبلا؟
نعتقد أنّ هناك تأثيرا عميقا، أحدثه “طوفان الأقصى”، وهو سوف يظهر لاحقا وبشكل جليٍّ، على مستوى خرائط النفوذ، إقليميّا ودوليّا، كون أنّ هناك انزياحاتٍ كبرى حصلت على عناوين رئيسيّة، وتحديداً على مستوى الصراع العربيّ – الصهيونيّ، وهي انزياحاتٌ سوف تسهمُ في تحديدِ مستقبل المنطقة، ومعادلات وخرائط النفوذ الإقليميّة والدوليّة، لن تبقى على حالها، في ظلّ إخفاق كيان الاحتلال في تحقيق أهدافه التي شنَّ عدوانَهُ من أجلها، إضافةً إلى انكشافِهِ وتعريةِ ما كان يتباهى به، طيلة عشرات السنوات الماضية، وما كان يسعى لتسويقه وادعائِهِ، حول “ديمقراطيّة” كيانِه، و”حريّة” أو “مدنيّة” هذا الكيان، والذي يعدهما “نموذجاً إقليميّاً”، وهي كلّها سقطت جميعها، بعد مئات المجازر والمذابح التي ارتكبها، في عدوانه على غزّة.
– إلى أي مدى أعاد “طوفان الأقصى” القضية الفلسطينية إلى الواجهة؟
تقديرنا أنّ القضية الفلسطينيّة كانت تخضع لعملية تصفية كبرى، تشارك فيها قوى إقليمية ودوليّة، من خلال إخضاع المنطقة لعملية فوضى عميقة، تجلّت بعدوان “الربيع العربيّ”، الذي شكّل حاملَ “صفقة القرن”، من خلال اعتراف “ترامب” بـ “القدس” عاصمة للكيان الصهيونيّ، ثم العمل على ترحيل أهل غزّة إلى سيناء، وترحيل أهل الضفّة الغربيّة إلى الأردنّ. وفي “طوفان الأقصى” وُضِعتْ عناوين الترحيل على سكّةِ التنفيذ، بالقوّة المباشرة، غير أنّ هذا المشروع قد فشل، إن كان من غزّة أو من الضفّة الغربيّة، وهذا يعني أنّ “الصفقة” قد فشلت، ولم يعد بالإمكان تنفيذها، ويعني بالضرورة أنّ مشروع تصفية القضية لم يمرّ، ورافق هذا الفشل عدوانٌ هائلٌ على أهل غزّة وأهل الضفّة الغربيّة، ذهب ضحيّتُه أكثر من 26 ألف شهيد فلسطينيّ، فانكشف جوهر حقيقة “إسرائيل”، وانفضح هذا الكيان تماماً، أمام رأي عالميٍّ واسعٍ، الأمر الذي أدى، وسيؤدي أكثر، إلى إعادة التركيز على “إسرائيل” باعتبارها كيان احتلالٍ، وهو ما دفع بالقضية الفلسطينية كي تكون قضية كونيّة وإنسانيّة، بدلاً من كونها قضيّة سياسيّة، وهنا يكمن تغيّرٌ جذريٌّ كبيرٌ دفع القضية الفلسطينيّة، وبشكلٍ مركّبٍ، كي تحيا وتكون في واجهة الأحداث، وعلى كلّ المستويات، أيضاً ما حصل في “لاهاي”، وتحديداً على مستوى موقع “إسرائيل”، دوليّاً، فإنَّ هناك تحولاتٍ عميقةً وجوهريّةً، وهي تتجلّى في نقطتين اثنتين:
– أن تتجرأ دولةٌ على رفع دعوى، في المحكمة الدوليّة، تتّهمُ بها “إسرائيل” بارتكابها جرائم إبادة جماعيّة، بحقّ الشعب الفلسطينيّ، وأن تُقبل هذه الدعوى من قبل هذه المحكمة الدوليّة، فهذا تحوّلٌ كبيرٌ وجذريٌّ في موقع “إسرائيل” دوليّاً، وبخاصّةٍ عندما ندرك أنّ دولة جنوب إفريقيا، لم تكن وحيدةً في هذا الاصطفاف الدوليّ، ممّا فعلته “إسرائيل” في غزّة
– أن تستجيب المحكمة الدوليّة لهذه الدعوى، وتأمر “إسرائيل” باتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة، والتحريض المباشر عليها، وترفض الطلب الإسرائيلي برفض الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا، دون قدرة “إسرائيل” على استعمال نفوذها الدوليّ، ومعها اصطفافٌ غربيٌّ واسع، من التأثير على هذه المحكمة، فهو تحوّلٌ هامٌّ له انعكاساتٌ وتبعاتٌ وملحقاتٌ كبيرةٌ، على مكانةِ ودورِ وموقع “إسرائيل” على خارطة الفعل والنفوذ والتأثير الدوليّ، وهو ما سيعبّر عنه واقعيّاً وموضوعيّاً، خلال المرحلة القادمة.
– ما حجم ومدى تأثير دخول أطراف المقاومة، في الصراع بشكل مباشر، ومدى انعكاسه في اتساع رقعة الصراع واشتداده؟
لقد نجحتْ أطراف حلف المقاومة، في إدارة هذه المنازلة نجاحاً عميقاً، وذلك من خلال تكتيكٍ سياسيٍّ وعسكريٍّ، أدّى إلى نتائج مركبّة ومهمة منها:
-كشف وفضح هذا الكيان، باعتباره كياناً غاصباً ومحتلّاً، وهذه واحدةٌ مهمة سوف يتمّ البناء عليها، على مستوى موقع وعلاقات الكيان مع كثيرٍ من دول العالم وحكوماته وقواه السياسيّة.
-منع هزيمة المقاومة في غزّة، الأمر الذي أدى إلى إفشال “مشروع الترحيل”، أو القضاء على المقاومة، من خلال غطاء سياسيٍّ كبيرٍ للدور الذي لعبته المقاومة، ومن خلال دعمٍ عسكريٍّ كبيرٍ، كانت تقوم به أطراف الحلف، حتى خلال أيام وساعات العدوان على غزّة.
-العمل على ترسيخ مفهوم “تمرين اشتباك كامل”، مع محور العدوان على مستوى الإقليم، في فلسطين وفي لبنان وفي اليمن وفي العراق وفي سورية، حدّد ولأوّل مرّة بـ “النار”، خارطة النفوذ الإقليميّ لهذا الحلف.
ونعتقد أيضا أنّ اتّساعَ رقعة المواجهة، والتي انخرط بها محور المقاومة، سوف يسهم عميقا في تأصيل صعود نظامٍ دوليٍّ جديدٍ، يقوم على ثنائية قطبيّة، لن تكون بعيدةً عنه، أو منه، قوى رئيسيّة على مستوى العالم، تتقدّمها كلٌّ من روسيا والصين، وسوف يتراجع على أساسِ هذا النظام الصاعد، نظامُ القطب الواحد، هذا النظام الذي سيطرت من خلاله الولايات المتحدة، على أجزاء واسعة من العالم، ونهبت وقتلت واحتلت، ولسنوات عديدة، وتحت ذرائع وعناوين متنوعة. أما بالنسبة لتمايز وتباين مواقف بعض الحكومات والدول تجاه الحدث الفلسطيني، فبينما وِصَفَ بعضها بالسلبية برزت مواقف أخرى مغايرة إيجابية.
– ما رأيك بالمواقف الدولية تجاه الحدث الفلسطينيّ، وبخاصّةٍ الموقف العُمانيّ؟
قلنا منذ اللحظات الأولى لـ “طوفان الأقصى”، ومن ثمَّ لعدوانِ الاحتلال على غزّة، بأنَّ شيئاً لم يتغيّر في رئيسيّات الاصطفافاتِ التاريخيّة، تلك الاصطفافاتِ التي حكمت أساس الصراع الكونيّ، والذي كان جذره خلال العقود الثلاثة الماضيّة، يتمثّلُ في مشروعٍ غربيٍّ تقوده الولايات المتحدة، يصطفُّ إلى جانبها نسقٌ غربيٌّ معروف، إضافة إلى كيان الاحتلال، وأهدافُ هذا المشروع كانت تتجلّى في ترسيخ نظامٍ دوليّ يقوده قطبٌ واحدٌ، في حين أنّ هناك مشروعاً آخر، تعمل عليه قوى صاعدة عديدة، وتدفع إلى ترسيخ نظامٍ دوليٍّ آخر، أساسُهُ مفهوم القطبيّةِ المزدوجة. أمّا بالنسبة لبعض المواقف العربيّة الأخرى، وتحديداً تلك الدول التي انحازت، حقيقةً، للوقوف إلى جانب أهل غزّة، فهي مواقفُ أسهمت في تشكيل ظهيرٍ سياسيٍّ مهم وضّحَ وفضحَ حقيقة مشروع القضاء على مقاومة غزّة، وصولاً إلى ترحيل أهلها، والموقفُ العُمانيُّ كان موقفاً واضحاً بالانحياز المطلق لحقّ الشعب الفلسطينيّ في دولته، إضافةً إلى أنّ عُمان كانت السبّاقة في المطالبة بمحاكمة “نتنياهو” دوليّاً، لجرائمه التي ارتكبها جيشُهُ في غزّة، كما أنّها عملت جاهدةً على التنسيق مع بعض الدول الإقليميّة، سعياً منها لتثبيت المطالبة، بإيقاف هذا العدوان الوحشيّ..
-كيف تنظر للعلاقة بين سلطنة عمان وسورية، وخاصة بعد لقاء رؤساء البرلمانات والوفود العربية، أثناء مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي في بغداد، وتأكيد رئيس الوفد البرلماني العماني حمود اليحيائي ضرورة الوقوف إلى جانب سورية، لتجاوز صعوباتها، كي تعود إلى ما كانت عليه؟
تتَّصف السياسة العُمانية بالسياسة الوازنة، وكذلك مواقفها، فهي مواقف راشدة، تختلف في ذلك عن كثيرٍ من الدول العربيّة الأخرى، حيث تجلّى ذلك، في موقف عُمان ممّا كان يحصل في بعض البلاد العربيّة، خلال السنوات العشرة من عمر المنطقة، وتحديداً ممّا كان يحصل في سوريّة، وهذا حقيقة لم يكن مفاجئاً أو غريباً بالنسبة لنا، فنحن نعرف تماماً كيف تفكّر القيادة العُمانية، لذلك نرى أنَّ الموقف العُمانيّ من سورية، أو ممّا حصل في سورية، كان موقفاً يدفع باتجاه الاستقرار والأمن والدفاع عن استقلال سورية وقرارها، ولم ينجرف الموقفُ العُمانيّ، أو يُستعمَل، كما كانت مواقف بعض الدول العربية الأخرى، كي يكون خنجراً في ظهرها، وهذا كان واضحاً منذ الأيام الاولى، لعدوان “الربيع العربيّ” عليها، وكان الموقف العُمانيّ رئيسيّاً في العمل على التقارب مع سورية، ودفع البرلمانات العربية كي تكون مع سورية، وهو ما أكده رئيس الوفد البرلماني العُماني، عندما يقول: “كنّا معكم، واليوم معكم، ومستقبلاً معكم”، وهذا في الحقيقة كان تكثيفاً وتلخيصاً شديداً لدور وموقف العُمان الشقيق، قيادة وشعباً، ممّا حصل في سوريّة. أمّا على مستوى العلاقات بين البلدين، وترجمة لهذه العلاقات إلى تعاونٍ مشترك، فإنّنا نؤكّد أنّ أفضل العلاقات السوريّة – العربية، هي العلاقات مع عُمان، من خلال عشرات الاتفاقيات بين البلدين، وفي مجالات عدّة، أهمها اتفاقيات التعاون الاقتصادي والاستثماريّ، واتفاقيات في المجال الثقافيّ والتعليميّ، واتفاقيات التعاون في مجال النقل البحريّ التجاري، واتفاقيات لتنظيم خدمات النقل الجويّ، كما أنّ هناك تعاوناً قريباً قادماً، يرمي إلى مزيدٍ من ترجمة هذه العلاقات الأخوية الخاصة بين البلدين.
– في رأيك؛ ما مدى فعالية وجدوى دور سلطنة عُمان، عربيّا وإقليميّا، تجاه قضايا المنطقة؟
عُمان تؤدي دوراً راشداً ووازناً، رغم المحيط الذي تعمل به، أو تمارس به هذا الدور، فهي تغرّد خارج سربٍ إقليميٍّ ورّطته قوى دوليّة، واستعملتْهُ في وجهِ مصالح أبناء شعوب المنطقة، وعبثت بمقدراته بشكل مخيفٍ جدّاً، وذلك خلال السنوات الماضية من عمر المنطقة، ولم تفقد عُمان بوصلتها حتى في مراحل صعبة جدّاً، من عمر المنطقة والإقليم، ولم تُستغل، أو لم تستطع القوى الكبرى استغلالها، أو العبث بها، فقد حافظت على اتزانها والتزامها بالدفاع عن حماية مصالح شعبها، كما أنّها بقيت إلى جانب قضايا أمّتها، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينيّة، وهي حافظت على موقعها الفاعل على خارطة نفوذ الإقليم، وبقيت تمارس هذا النفوذ بجرأة وإقدام، دون الخضوع لابتزازها من بعض القوى الإقليميّةِ، أو رسائل الضغط التي مُورست ضدها، من قبل قوى دوليّةٍ عديدة، ولم تتورّط في لعبةِ الاستعمال التي وقعت بها بعض الدول العربيّة، فهي بقيت صاحبة الدور الرائد والمفيد، إن كان على مستوى دورها في فلسطين أو في اليمن أو في السودان أو في سورية، وهي بذلك حقّقت إنجازاً كبيراً، لها ولباقي الدول العربية، حين كرّست مفهوم الدور المفيد، في قضايا الأمّة، وتحديداً في القضية الفلسطينيّة؛ لهذا بقيت صاحبةَ الدور المهم، في كلّ ملفات المنطقة، وبخاصّةٍ ملفات النزاعات التي حصلت على مستوى الإقليم، وبالتحديد منها النزاعات العربيّة، كونَ أنّ قدرتها على قراءة المتغيرات، كانت رئيسيّة في استشراف ما كانت تُدفع إليه دول المنطقة، وتحديداً بعض دولنا العربية.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: القضیة الفلسطینی ة الدول العربی طوفان الأقصى هذا الکیان على مستوى الدولی ة العربی ة من خلال دولی ة کانت ت ما کان من جهة دولی ا
إقرأ أيضاً:
كبير صحافيي ماركا في حوار فيديو مع Rue20 : براهيم دياز لاعب موهوب ومنضبط سيفيد المغرب وريال مدريد كثيراً مستقبلاً
زنقة 20. مدريد – حوار خاص
صرح الصحفي الإسباني خوسيه فيليكس دياز أن اللاعب إبراهيم دياز يُعدّ واحدًا من أبرز المواهب في ريال مدريد، مؤكدًا أنه يتمتع بمهنية عالية وشجاعة استثنائية.
وتحدث دياز في حوار لجريدة Rue20 الإسبانية، عن الصعوبات التي واجهها اللاعب عند انضمامه للنادي الملكي، وكيف استطاع تجاوزها بفضل التزامه وأدائه المتميز. وأشار إلى أن إبراهيم لديه قدرة كبيرة على تغيير مجريات المباريات عند مشاركته، ويُتوقع أن يحقق دورًا أكثر أهمية في المستقبل.
فيما يتعلق بارتباط إبراهيم بالمنتخب المغربي، أشار دياز إلى أن اختيار اللاعب تمثيل المغرب ساعده على تعزيز ثقته بنفسه وشعوره بالتحرر من الضغوط التي يواجهها في ناديه. كما أكد أن تجربته الدولية تُسهم في تحسين أدائه داخل ريال مدريد، رغم اختلاف الأجواء بين المنتخب والنادي.
أما عن كرة القدم المغربية، أشاد دياز بالإنجازات التي حققتها المغرب خلال مونديال قطر، معتبراً أن المنتخب المغربي اكتسب احترامًا عالميًا بفضل أدائه التنافسي. وخص بالذكر اللاعبين البارزين مثل أشرف حكيمي، بالإضافة إلى مواهب شابة أخرى يُتوقع لها مستقبل واعد.
في ختام المقابلة، تطرق دياز إلى تنظيم كأس العالم 2030 بين إسبانيا، المغرب والبرتغال، مشيرًا إلى أن هذه البطولة ستكون فرصة استثنائية للمغرب لإظهار قدراته على المستوى العالمي، خاصة مع استضافة جزء كبير من المباريات في المغرب وإسبانيا.