الجزيرة:
2024-11-14@04:03:46 GMT

طوفان الأقصى.. حرب مختلفة في الدرجة وليست في النوع

تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT

طوفان الأقصى.. حرب مختلفة في الدرجة وليست في النوع

لا تُعطي جردة حساب دقيقة لفصول الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل للشعب الفلسطينيّ في غزة سوى نتيجة واحدة وهي أن ما نسمعه ونراه ونقرأ عنه ليس جديدًا في النوع، إنما هو فقط جديد في الدرجة، أو هو جرعة مكثفة من الآلام، التي تتعدّد أسبابها، لكن نتيجتها، عند كل أهل غزة، واحدة.

فعلى مدار خمسة وسبعين عامًا لم تكُفّ إسرائيل عن فعل ما تقوم به الآن، من قتل واعتقال وسجن، وهدم بيوت على رؤوس أصحابها، ونهب محتويات أخرى، وتجريف أرض وطرق، ومحاولات لا تنقضي لاقتلاع الفلسطينيّ وإبعاده إلى الشتات، أو تضييق العيش عليه حتى يفرّ إلى البعيد.

ما يجري الآن هو إعادة حشد وضغط كل هذه الاعتداءات في دفقة واحدة، رهيبة ومروّعة، من حيث عدد المشاركين فيها من ضباط إسرائيل وجندها، وأنواع الأسلحة المستخدمة وحداثة تصنيعها، وحجم النيران المنطلقة منها، ونطاق القصف الذي تحدّده بما جعل الخبراء يتحدثون عن "أحزمة نيران". ويمتد الاختلاف إلى المدة التي استغرقتها الحرب، والصدى الذي خلقته، والتفاعلات الإقليمية والدولية معها.

رغبة جامحة

كل هذا كان في خدمة رغبة جامحة لدى إسرائيل في الانتقام مما وقع بجيشها في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. من هنا جاء رد الفعل على قدر الإهانة، والأهم منها على قدر شعور إسرائيل، ومن يساندون مشروعها، بأن وجودها نفسه بات مهددًا، وهي مسألة نطق بها مسؤولون كبار في تل أبيب، وخبراء حللوا المشهد في الإعلام العبري، وجاء فوقهم مسؤولون أميركيون وأوروبيون، ذهبوا في تأييد إسرائيل إلى أقصى مدى، وأغمضوا عيونهم عن إبادة الشعب الفلسطينيّ، ونفخوا كثيرًا في أوصال إسرائيل حتى تنتصر بأي شكل، أو بمعنى أدقّ، تخمد مصدر التهديد الذي يحيط بها إلى الأبد.

على الجانب الآخر، جاءت منازعة أو نضال أو كفاح المقاومة مكثفة هذه المرّة. حيث لم تكتفِ بأعمال فردية كان البعض يقوم بها من المنتمين إلى مختلف الفصائل الفلسطينية، سواء كانت اشتباكًا أو دعسًا أو طعنًا أو تفخيخًا وتفجيرًا على طريقة "الذئاب المنفردة" أو حتى إطلاق صواريخ على بلدات ومدن في إسرائيل، إنما كانت عملية عسكرية مغايرة تم التخطيط لها طويلًا، وينظر إليها الخبراء العسكريون حول العالم بتعجب وإعجاب، حتى لو لم يفصحوا عنه.

هذه المغايرة لدى الطرفين جعلتنا أمام فصل مختلف تمامًا من الصراع، يتحدث فيه إسرائيليون عن احتمال السقوط في هزيمة كاسحة، تقود إلى تفكّك الدولة أو زوالها، بينما يتحدث فلسطينيون عن نصر حاسم يقودهم إلى التحرير الكامل الذي طالما حَلَموا به، وأفاضوا في الكلام عنه.

عقدة العقد الثامن

هذا الحديث يُبنى على روايتين متصارعتين أيضًا، تسريان في خلفية المعركة، الأولى: هي رواية إسرائيليّة تدور حول عقدة العقد الثامن، حيث سقطت دولتان سابقتان لليهود في التاريخ قبل أن تبلغا الثمانين عامًا منذ إنشائهما.

وهذه المسألة – بغض النظر عن جدارتها العلمية، لاسيما في ظل حديث توماس كون عن سقوط النماذج الإرشادية وحديث زيمجانت باومان عن الحداثة السائلة- تصنع جزءًا لا يستهان به من إدراك قطاع معتبر من الإسرائيليين للصراع.

والثانية: هي إيمان فلسطينيين، لاسيما من حماس والجهاد، بالتأويلات السارية في الساحات الدينية والتاريخية والسياسية عن نهاية إسرائيل، وفق ما يسمى "الإعجاز العددي" للقرآن الكريم، والذي يعطي وفق ما يطلق عليه "حساب الجُمّل" ما يفيد بأن هذه النهاية يبدأ تحقيقها في عام 2023، حسب آيات وردت في سورة "الإسراء".

وبينما تحلّق التأويلات والإدراكات التوراتية والقرآنية مسربلة بالتّاريخ، نجد لدينا شعورين متناقضين للطرفَين، إذ تشعر إسرائيل بإذلال لا يمكنها قبوله، ويشعر الفلسطينيون بآلام لا يمكن أن تعوضها صفقات سياسية صغيرة تعقب الحرب، لهذا تقوم تل أبيب بالإفراط في الإيذاء؛ أملًا في أن يعيد لها ذلك الهيبة والردع، ويضع أمام انهيارها جدارًا سميكًا، تحتمي به وتكمل طريقها، بينما يفرط الفلسطينيون في التحمل والاستبسال، لأنه لا يوجد هناك ما هو أعتى مما حل بهم.

في ركاب هذا أيضًا لدينا إرادتان متصارعتان لقيادتين يريد كل منهما أن ينال من الآخر بلا شفقة. فقادة إسرائيل في السياسة والحرب يتحدثون عن قتل قادة المقاومة في غزة وخارجها، أو على الأقل ترحيلهم خارج القطاع، بما يحولهم مع الوقت من أسود ضارية إلى دجاج ينقر الأرض بحثًا عن ذكرى غاربة، أو حسرة شاردة.

معادلة صفرية

في المقابل يريد قادة المقاومة أن تدفع الحكومة الإسرائيلية الحالية، خصوصًا رئيسها المتغطرس بنيامين نتنياهو، ثمن ما ارتكبته من جرائم بحق الشعب الفلسطيني، لاسيما أن أعضاءها يواصلون الحرب؛ إنقاذًا لأنفسهم، ومن ثم فإن إسقاطهم يكون جزءًا من حسابات الصمود والنصر.

تراكم الروايات والإدراكات والمشاعر المتناقضة أدى إلى تعزيز حدة الصراع ليأخذ شكل "المعادلة الصفرية" لاسيما مع وجود حكومة يقودها نتنياهو تتكئ على جدار من التطرّف اليميني، يقف في وجه كل من يريد الخروج من مسار الحرب إلى السياسة.

وفي الجانب الآخر تقف القيادة العسكرية لـ "حماس" التي تخشى أن تتم أي تسوية سياسية للجولة الحالية من القتال على حسابها، خاصة إذا صحت الرواية التي قيلت سابقًا بأن عملية "طوفان الأقصى" تمت دون علم القيادة السياسية للحركة.

وتصفير المعادلة بالنسبة لإسرائيل، حتى لو كان مجرد افتراضٍ أو وهْمٍ كبير، هو الذي يقود إلى تكثيف الإيذاء، حيث إن تبني رؤية تقوم على استئصال حماس، وتدمير غزة بحيث لا تصبح صالحة للسكن، وتهجير أهلها، لا يتم إلا بهذا التكثيف، الذي وصل إلى حد وجود تقديرات تقول؛ إن حجم ما ضُربت به غزة يُعادل تسع قنابل نووية صغيرة.

ربما لأن نوع الإيذاء متواصل صارت لدى الفلسطينيين خبرة في التعامل معه، وبات لدى العالم العربي المتابع لأحداث فلسطين بلا انقطاع على مدار ثلاثة أرباع القرن تبلدٌ مزمن، يغيب في أول أيام اشتداد جولات الصراع، ثم لا يلبث أن يعود إلى ما كان عليه، في انتظار جولة أخرى، لا تغيب طويلًا.

لكن درجة الإيذاء مع "طوفان الأقصى" جعلت الأمر فيه بعض اختلاف، فهذه هي المرة الأولى التي يتحدث إسرائيليون عن انهيار الدولة، ويتجاوز حديث الفلسطينيين محطة الصمود إلى طلب النصر.

وإدراك اختلاف الدرجة هنا، لاسيما مع تعدي هذه الجولة حاجز المائة يوم لتسجل أطول مواجهة حتى الآن، يؤثر دون شك، على إجابة الطرفين عن أسئلة حاسمة تتعلّق بمصير الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي كله.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

عمليات كتائب القسام في اليوم الـ403 من "طوفان الأقصى"

غزة - صفا

تواصل كتائب الشهيد عزّ الدين القسام الجناح العسكريّ لحركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) تصديها لآليات الاحتلال الإسرائيلي وجنوده المتوغلين في قطاع غزة ضمن معركة "طوفان الأقصى" ومواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 403 أيام.

وفيما يلي أبرز عمليات كتائب القسام يوم الثلاثاء 12 نوفمبر/ تشرين ثاني 2024:

- كتائب القسام: تمكن مجاهدونا من تفجير أحد المنازل بعبوة شديدة الانفجار فور وصول 10 جنود صهاينة لداخله وإيقاعهم بين قتيل وجريح عصر أمس الاثنين في منطقة أرض سليمان بحي القصاصيب بمعسكر جباليا شمال القطاع

- كتائب القسام: استهدفنا دبابة صهيونية من نوع "ميركفاه" بعبوة العمل الفدائي وجرافة "D9" عسكرية بقديفة "تاندوم" محيط مسجد الياسين في حي تل الزعتر شمال قطاع غزة

- كتائب القسام: في عملية مركبة.. تمكن مجاهدونا من قنص جندي صهيوني واستهداف قوة راجلة بقذيفتين مضادتين للأفراد وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح في مدينة جباليا شمال قطاع غزة

- كتائب القسام: تمكن مجاهدونا من استهداف قوة صهيونية تحصنت داخل أحد المنازل بقذيفة مضادة للأفراد في حي القصاصيب بمخيم جباليا شمال القطاع

- كتائب القسام: تمكن مجاهدونا من استهداف قوة صهيونية قوامها 7 جنود داخل أحد المنازل بقذيفة "TBG" مضادة للتحصينات والإجهاز عليها من مسافة صفر بالأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية قرب مسجد "أولي العزم" في بيت لاهيا شمال قطاع غزة

- كتائب القسام: تمكن مجاهدونا من استهداف دبابة صهيونية من نوع "ميركفاه" بقذيفة "الياسين 105" ومن ثم اعتلائها والإجهاز على طاقمها واغتنام رشاش منها قرب مدرسة "الفاخورة" غرب مخيم جباليا شمال قطاع غزة

- كتائب القسام: استهدفنا جرافة صهيونية من نوع "D9" بقذيفة "الياسين 105" قرب مدرسة "شادية أبو غزالة" غرب معسكر جباليا شمال القطاع

- كتائب القسام: هاجمنا تحشدات العدو في محور "نتساريم" بالاشتراك مع قوات الشهيد عمر القاسم بقذائف الهاون وصواريخ الـ"107"

- كتائب القسام: تمكن مجاهدونا من استهداف قوة صهيونية متمركزة في أحد المنازل بقذيفة مضادة للأفراد وإيقاعها بين قتيل وجريح شمال غرب مدينة غزة

- كتائب القسام: استولينا على طائرة "كواد كابتر" صهيونية خلال مهمة استخباراتية لها وسط مخيم جباليا شمال القطاع

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ405 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • فوضى بوزارة حرب الاحتلال.. استقالات وإقالات منذ عملية طوفان الأقصى (صور)
  • تكريم خريجي دورات “طوفان الأقصى” من موظفي الوحدة
  • ضباط كبار بالجيش الإسرائيلي يعلنون استياءهم بسبب تحقيقات "طوفان الأقصى"
  • يحيى السِّنوار (أبو إبراهيم) .. نور الوعد واليقين
  • تطورات اليوم الـ404 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • عمليات كتائب القسام في اليوم الـ403 من "طوفان الأقصى"
  • الاتجاه المعاكس يتساءل.. أين أصبحت القضية الفلسطينية بعد طوفان الأقصى؟
  • ما الذي سيتغير مع عودة ترامب؟ مآلات طوفان الأقصى واتجاهات السياسة الأمريكية
  • تطورات اليوم الـ403 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة