موقف لن تتمناه لعدوك.. ما العمل في حال واجهت أسدًا في البرية؟
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في شهر يوليو/ تموز من عام 2022، كان ستيف كونرادي، المؤسس المشارك لشركة Discover Africa Safaris في الأدغال بالقرب من نهر "خواي" شمال بوتسوانا.
ومع أنّه ليس مرشدًا محترفًا، إلا أنّ الجنوب إفريقي ذهب إلى براري إفريقيا لأول مرة في عام 1976، وزارها لمرات لا تحصى منذ ذلك الحين.
ولكن للمرة الأولى منذ 30 عامًا، كانت عائلته معه.
وبسبب عائلته، كانت هذه الرحلة مختلفة.
ويقول كونرادي: "كنّا نجلس حول نار المخيم"، وأخبره أخوه برغبته في رؤية أسدٍ في البرية".
وكان قد سمع كونرادي بالفعل أصوات الأسود ذلك المساء، لكنها كانت بعيدة جدًا.
وقال:"كانوا يشقون طريقهم نحونا ببطء بقيت مستيقظًا تلك الليلة… كنت أسمعهم يقتربون".
ومع بزوغ الفجر، اكتشف كونرادي آثار أقدام جديدة في المنطقة الرملية الناعمة على ضفة النهر حيث كانوا يخيمون.
وبعد اجتماع عائلته المكوّنة من 11 شخصًا، بما في ذلك 4 أطفال، في 3 مركبات سفاري، قاد كونرادي الطريق نحو الأسود.
وأخرج كونرادي رأسه من النافذة ليراقب الآثار للتأكد من أنّهم على المسار الصحيح.
ووصلت القافلة إلى مفترق الطرق. ونظرًا إلى وهج الشمس وصعوبة العودة في حال اختيار الطريق الخطأ، قرر كونرادي ترك مركبته للحصول على نظرة أفضل.
وأثناء تركيز عينيه على الأرض، بدأ كونرادي في شق طريقه سيرًا على الأقدام. وعندها انتقلت الأمور إلى المستوى التالي بشكلٍ غير متوقع.
واستذكر كونرادي: "من الواضح أن مجموعة الأسود رأتني أخرج من السيارة، وبحلول الوقت الذي خطوت فيه 5 أو 6 خطوات، كانوا قد وقفوا أيضًا".
وحينها وجد كونرادي نفسه ووجهًا لوجه مع 16 إلى 18 أسدًا واقفًا وواعيًا تمامًا.
ولحسن الحظ بالنسبة لكونرادي، وعائلته في بوتسوانا، كان يعرف بالضبط ما يجب فعله عندما واجه بشكلٍ غير متوقع هذه المجموعة من الأسود، التي لم تكن جائعة، ولم تقدم أي مؤشرات على هجوم وشيك.
وقال كونرادي إنّه عندما وقف على مكانه، نادته زوجته وشقيقه لإخباره أنّهما رصدا مجموعة الأسود أيضًا، وأوضح: "لذا كان هناك القليل من الضجيج حول المركبات ووقفت الأسود، وبعد هذا الضجيج البسيط، ابتعدوا فحسب في حالة استرخاء شديدة للغاية في الواقع".
سحر وخطر محتملويتمتع "ملك الغابة" بتاريخ طويل، ويحتل مكانة مميزة في الثقافة المصرية.
وجابت الأسود المناطق شبه الصحراوية على جانبي النيل حتى بدأت تختفي هناك خلال فترة الدولة الحديثة (1550-1070 قبل الميلاد تقريبًا).
وتعد الأسود الإفريقية قادرة تمامًا على مهاجمة البشر وقتلهم وحتى أكلهم، ويقدر بشكل عام أن حوالي 250 شخصًا يموتون سنويًا بسبب هجمات الأسود.
ونظرًا لحدوث الهجمات في مناطق معزولة غالبًا، فمن الصعب جمع أرقام محددة. ومع ذلك، فإن التقديرات تبدو صحيحة بالنسبة لفيليب موروثي، كبير العلماء ونائب رئيس حفظ الأنواع والعلوم في المؤسسة الإفريقية للحياة البرية (AWF).
وأمضى موروثي عقودًا في دراسة هذه القطط الكبيرة، وغيرها من الحيوانات الإفريقية في مقرّه بكينيا.
ورُغم تركيز الأشخاص على القوة الوحشية للحيوان، وقدرته على القتل، إلا أنّ الأسد البري هو الذي يواجه مشكلة بالفعل، بحسب موروثي.
من الأنواع المعرضة للخطرووفقًا لموروثي، لم يبقَ سوى حوالي 23 ألف أسد فقط في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ومعظم هذه الحيوانات موجودة شرق وجنوب إفريقيا. ولفت إلى عيش حوالي ثلث الأسود في العالم في دولة واحدة، وهي تنزانيا الواقعة في شرق إفريقيا.
وصنّّف الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة الأسود كحيوانات معرضة للخطر.
وانخفض عدد الأسود الإفريقية بنحو 43% خلال العقدين الماضيين، وفقًا للمؤسسة الإفريقية للحياة البرية.
وقال موروثي إنّ الأسباب الرئيسية لهذا الانخفاض تشمل الصراع بين الإنسان والأسود في ظل توسع الناس باتجاه مناطق الصيد، وانخفاض الفرائس المفضلة لدى الأسود مثل الحمار الوحشي، والجاموس.
قطط كبيرة وهجمات نادرة مجموعة من الأسود تشق طريقها عبر طريق ترابي في حديقة هوانج الوطنية في غرب زيمبابويCredit: Shumba138/iStockphoto/Getty Imagesحجم الأسود، وعضلاتها، بالإضافة إلى عضّاتها القوية، ومخالبها الحادة عبارة عن عوامل يمكن أن تكون مميتة خلال هجمات نادرة. واحتمالات النجاة ليست في صالح أشخاص غير مسلحين.
ووجدت دراسة نشرتها مجلة PLOS Biology نظرت في هجمات الحيوانات الكبيرة آكلة اللحوم على البشر في جميع أنحاء العالم أنّ "السنوريات الكبيرة مثل النمور والأسود تسببت في المزيد من الوفيات بشكلٍ عام، مع كون 65% من هجمات السنوريات قاتلة".
ولكن لا يعني ذلك ضرورة بإلغاء رحلة السفاري التي تحلم بها، إذ أكّد موروثي أنّ السياح نادًا ما يتعرضون لمثل هذه الهجمات.
ويتفق أندريه فان كيتس، المؤسس المشارك ومدير شركة Discover Africa، على ذلك، فقال لـCNN إنّ الحوادث التي يتعرض لها رواد رحلات السفاري قليلة ومتباعدة.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أفريقيا حيوانات مفترسة
إقرأ أيضاً:
بنك الجينات.. منظومة وطنية لحفظ الأصول الوراثية للحيوانات البرية ذات القيمة الاقتصادية
تمثل سلطنة عمان إحدى أكثر الدول تفردا في المنطقة للحفاظ على تكاثر الحيوانات البرية في موائلها الطبيعية، إلا أن ذلك لم يُثنِها عن أخذ زمام المبادرة بتأسيس مشروع بنك الجينات لحفظ الأصول الوراثية للحيوانات البرية المعرّضة للانقراض من قبل هيئة البيئة بالتعاون مع مركز "موارد" التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وشؤون البلاط السلطاني، وجامعة الشرقية. ويمثل التغيّر المناخي أحد أبرز التحديات في التأثير على استدامة الحيوانات البرية في بيئتها الطبيعية، وقد قطع مشروع بنك الجينات أشواطا متقدمة، وكانت لجريدة "عمان" زيارة إلى هذا المشروع الوطني؛ للاطلاع على آليات حفظ العينات وحجم التقدم المنجز في هذا المشروع الذي يمثل قيمة اقتصادية إضافية للحفاظ على الموارد الوراثية وضمان استدامتها لاستخدامها مستقبلا.
بنك الجينات
وقالت نوال بنت خلفان الشرجية، أخصائية نظم بيئية ورئيسة فريق عمل مشروع إنشاء بنك الجينات بهيئة البيئة: يعد إنشاء مشروع بنك الجينات لحفظ الأصول الوراثية للحيوانات البرية من المشاريع البيئية النوعية، إذ تمثل البنوك الجينية مصادر لثروة وطنية ذات قيمة عالية بسبب احتوائها على الموارد الوراثية التي تتضمن جينات فريدة ومتنوعة، حيث تُنشأ بنوك الجينات لتخزين وحفظ الموارد الوراثية الحيوانية، ويمكن لبنك الجينات استقبال أي مادة وراثية مجمدة من مختلف المؤسسات الوطنية ومراكز البحوث في سلطنة عمان ومن جميع الجهات الخارجية الموثوقة.
مرافق تخزين
وأشارت إلى أن بنوك الجينات الحيوانية هي بمثابة مرافق تخزين للموارد الوراثية بكافة أنواعها مثل الدم، الشعر والبويضات، بالإضافة إلى الأنسجة، والخلايا، وغيرها، ويعد الحفظ عن طريق التجميد (Cryopreservation) إحدى الطرق المثلى التي تساعد في الحفاظ على التنوع الوراثي لسلالات الحيوانات البرية لضمان استدامتها ومنعها من الانقراض، مشيرة إلى أن بنوك الجينات تُستخدم على نطاق واسع في العديد من البلدان للحفاظ على مواردها الوراثية بغرض حمايتها من التقلبات غير المتوقعة، وكذلك تُستخدم في إعادة توطين الحيوانات في الحياة البرية من خلال إعادة تشكيل العشائر الحيوانية من السلالات ذات الأهمية الاقتصادية أو المهددة بالانقراض، بالإضافة إلى الحفاظ على المادة الوراثية كنسخة احتياطية يمكن الاستفادة منها مستقبلا وإعادة استخدامها عند الحاجة.
ضمان استدامتها
وأوضحت أن هذا المشروع يمثل أداة حيوية لمواجهة التحديات والتأثيرات الناجمة عن تغير المناخ، حيث يسهم التغير المناخي في فقدان الموائل الطبيعية للأنواع مما يؤدي إلى تناقص أعدادها أو فقدانها، ومن هنا تأتي أهمية هذا المشروع الذي يهدف إلى حفظ الأصول الوراثية من الحيوانات البرية خاصة المهددة منها بالانقراض؛ لضمان استدامتها وإمكانية استعادتها في حالة فقد السلالات الحيوانية بسبب الأمراض أو الكوارث الطبيعية، كما أن المشروع يتيح الفرصة أمام الباحثين والطلبة المهتمين بإجراء الدراسات البحثية من خلال تسهيل إمكانية حصولهم على جزء من هذه الموارد لإجراء الأبحاث البيئية، مع الوضع في الاعتبار إنشاء قاعدة بيانات متخصصة للأنواع الحيوانية البرية وتوثيقها وربطها بقواعد البيانات الدولية.
آلية عمل المشروع
وتطرقت نوال الشرجية إلى آلية عمل المشروع قائلة: يتم تنفيذ هذا المشروع على مدى ثلاث سنوات بالتعاون بين هيئة البيئة ومركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ومركز توليد الحيوانات البرية التابع لشؤون البلاط السلطاني وجامعة الشرقية، حيث تمثل هيئة البيئة الجهة الممولة للمشروع، إذ يقوم فريق المشروع بتطبيق أحدث الآليات المعتمدة دوليا في جمع وحفظ الموارد الوراثية من الحيوانات البرية الموجودة في كافة أرجاء سلطنة عمان مثل المحميات الطبيعية، ومراكز الإكثار والتوليد وغيرها، كما يعمل الفريق على تنظيم آلية تداول الموارد الوراثية التي تم حفظها في بنك الجينات وحوكمة اشتراطات الاستخدام بالإضافة إلى تخزين المعلومات المتعلقة بهذه الموارد في قواعد بيانات دقيقة ومتخصصة.
المراحل المنجزة
وقالت نوال الشرجية: لقد تم إعداد مختبر متكامل وتزويده بكافة الأجهزة والأدوات والمواد المختبرية لتنفيذ أهداف المشروع بحيث يحتوي على مرافق لتحليل العينات ومرافق أخرى لتخزين وحفظ الموارد الوراثية بالتجميد، مؤكدة أن جمع الموارد الوراثية لا يتعلق بالحيوانات البرية الحية فقط وإنما يشمل الحيوانات البرية النافقة، حيث تم تنفيذ 4 ورش عمل تستهدف التوعية بأهمية بنك الجينات وتسلط الضوء على آلية جمع الموارد الوراثية (الأنسجة والشعر) من الحيوانات البرية التي تتعرّض لحوادث الدهس في 4 محافظات مختلفة تضم مسقط، البريمي، شمال الباطنة وجنوب الباطنة، واستهدفت هذه الورش مشرفي النظم البيئية ومَن في حكمهم من العاملين في المحميات الطبيعية ووحدات الرقابة المختلفة، حيث تم توضيح آلية جمع الأنسجة من الأذن وجمع عينات الشعر حسب البروتوكول المُتَّبع وتم توزيع حقائب عدة لجمع العينات لكل محافظة.
وحول معايير اختيار الحيوانات قالت نوال الشرجية: توجد هناك معايير واشتراطات محددة يتم من خلالها اختيار الحيوانات البرية المناسبة لبنك الجينات، حيث يتم إعطاء الأولوية للأنواع المهددة بخطر الانقراض مثل الطهر العربي، والنمر العربي، والغزال العربي، كما تتم مراعاة الاختلافات في النوع الواحد؛ إذ لا بد أن تكون الحيوانات بصحة كاملة وتشتمل على الذكور والإناث وتمثل أعمارا متفاوتة.
جمع العينات
وقالت أصيلة الناعبية، رئيسة قسم البحث وصون الموارد الوراثية بمركز عمان للموارد الوراثية والحيوانية والنباتية "موارد" التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار: في إطار الجهود المبذولة في مركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية (موارد) لحفظ وصون الموارد الوراثية، نعمل حاليا على تنفيذ مشروع بحثي بالتعاون مع هيئة البيئة، وشؤون البلاط السلطاني، وجامعة الشرقية وهو إنشاء بنك الجينات لحفظ الأصول الوراثية للحيوانات البرية بالتجميد خارج موقعها الأصلي، إذ يركز المشروع على حفظ عينات من الأصول الوراثية لأنواع مختلفة من الحيوانات البرية الموجودة في سلطنة عمان، وتشمل هذه العينات الدم والشعر والأنسجة وكذلك حفظ المادة الوراثية "الحمض النووي DNA" لضمان استدامة التنوع الأحيائي لهذه الأنواع من الحيوانات البرية خاصة المعرّضة والمهددة بالانقراض.
وأشارت إلى أنه تم تجميع حتى الآن 199 عينة دم، و126 عينة شعر من 14 نوعا من الحيوانات البرية الموجودة في سلطنة عمان، وتشمل هذه الأنواع: الغزال العربي، وغزال الريم، والمها العربية، والطهر العربي، والوعل النوبي، بالإضافة إلى النمر العربي، والثعلب الأحمر، والأرنب البري، كذلك تم تجميع العينات من الرباح، والنيص، والنمس، وغرير العسل، والضبع المخطط، مشيرة إلى أنه تم استخلاص المادة الوراثية (الحمض النووي) لعينات الدم المأخوذة من هذه الحيوانات باستخدام بروتوكول خاص، والآن نعمل على تحديد البصمة الوراثية ومعرفة التسلسل الجيني (DNA barcoding) لهذه الأنواع من الحيوانات البرية.
وأوضحت أن تحديد البصمة الوراثية يُعد خطوة أساسية في عملية إنشاء بنك الجينات، حيث تضمن هذه الطريقة حفظ المادة الوراثية الصحيحة لكل نوع، وكذلك يساعد في توثيق الأنواع البرية وخاصة المهددة منها بالانقراض أو الأنواع النادرة التي تتناقص أعدادها بشكل سريع، كذلك فإن تحديد البصمة الوراثية لكل نوع يساعد في معرفة الخطوات الأولية لدراسة واكتشاف الاختلافات الوراثية داخل النوع الواحد، كما يمكن استخدام هذه المعلومات لاختيار أفضل العينات لحفظها في البنك الجيني، مما يضمن تمثيلا شاملا للتنوع الجيني للأنواع.
خطوات الحفظ
وقال الوارث بن خالد الفارسي، مساعد باحث بهيئة البيئة: بعد استلام عينات الدم يتم نقلها إلى أنابيب مخصصة لحفظها في درجة حرارة "-80" درجة مئوية لحفظها من التلف، وبعد ذلك يتم أخذ كمية بسيطة من كل عينة لاستخلاص الحامض النووي "DNA" عن طريق بروتوكولات خاصة، وتتم بعد ذلك عملية الاستخلاص إذا تم التأكد من جودة وتركيز الحامض النووي لننتقل بعد ذلك إلى خطوة مضاعفة الحامض النووي للعينات عن طريق تفاعل البلمرة المتسلسل "PCR"، وفي النهاية نقوم بتحديد التسلسل الجيني لهذه الأنواع.