سودانايل:
2024-07-03@18:34:43 GMT

الإيقاد: يوم لم يلتق جنرالا السودان وجهاً لوجه (1-2).

تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT

ربما لم يخسر السودان كثيراً من مقاطعة الفريق ركن عبدالفتاح البرهان لمؤتمر منظمة الهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا (إيغاد) بكمبالا في الـ 20 من يناير الجاري وتجميد عضوية السودان فيها بتاريخ الـ 24 من الشهر نفسه، سواء كان الحق مع تظلم السودان منها أو لم يكن.
فلم يكن البرهان وحده من سجل غياباً عن القمة، فقد غاب عنها رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد معتذراً بسابق ارتباط، في حين كان في كمبالا اليوم التالي يحضر مؤتمراً آخر للدول غير المنحازة.

وغير خاف أنه غاب قصداً لأنه لم يرد أن يستجيب لدعوة "إيغاد" للرجوع عن اتفاقه مطلع يناير مع حكومة أرض الصومال المنشقة عن دولة الصومال، لاستئجار موانئ فيها وقواعد لإثيوبيا لـ 50 عاماً لقاء الاعتراف بها كدولة مستحقة. ووصفت "إيغاد" الاتفاق الذي يعده آبي أحمد وجودياً لدولته التي بلا ساحل، حركة عدائية وخرقاً لسيادة الصومال ووحدته. ورفضت الصومال التفاوض مع إثيوبيا إلا بعد نقض الاتفاق. وربما عبّر المدير السابق لمكتب المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان كاميرون هدسون عن المعنى الذي أردناه بقوله إن "البرهان لن يتكبد أي كلفة بغيابه عن القمة، لأنها لم تسفر عن جديد في مناقشاتها".
فكانت "إيغاد" علّقت إيقاف الحرب في السودان على لقاء بين الجنرالين البرهان وحميدتي وجهاً لوجه، ولا يعرف المرء سابقة تراضت فيها أعلى مستويات القيادة في طرفي الحرب على إيقافها أو نحوه وهي لا تزال مشتعلة كراً وفراً. ولا نعرف مثل لقاء الوجه لوجه بين قادة أطراف الحرب إلا في سياق استسلام طرف للآخر في مثال نهاية الحرب الأهلية الأميركية عام 1865، التي التقى فيها قائد القوات الكونفدرالية الجنوبية روبرت لي مع قائد القوات الفيدرالية يولسيس غرانت ليستسلم، إذ تخدم طواقم من مستويات أدنى في الدبلوماسية والدفاع وغيرهما وظيفة التفاوض نحو الهدن وإيقاف النار والسلام.
أدخل تعويل "إيغاد" على إنهاء الحرب في السودان بالضربة القاضية، أي بلقاء الجنرالين، المفاوضات في سياقات عكرت مناخها بدلاً عن ترويقه ناهيك ببلوغ إنهاء الحرب به. فبدا من نهج لقاء الجنرالين وجهاً لوجه أن حربنا بالفعل عبثية باعثها طموح كل منهما حكم السودان وحده. وكأنهم يوحون بهذا النهج أن الجنرالين ربما، متى التقيا وجهاً لوجه، عقدا صفقة ما للاشتراك في الحكم بحظوظ متفق عليها وكفى الله المسلمين شر القتال، وهذا فهم قاصر لما انطوت عليه هذه الحرب. فخلافاً لمن يريد تثبيت الجنرالين وقسمة الدولة بينهما، فالجنرالان لا مكان لهما في تطلع جماعات سودانية وثورات تتالت عبر عقود لدولة مدنية ديمقراطية. فمنشأ "الدعم السريع" نفسه كان في خصومة نظام مثل دولة الإنقاذ (1989 - 2019) لهذا التطلع فاستأجرته لطي صفحته. وعليه فهو كيان بلا هوية في مثل الدولة الوطنية الحديثة المدنية التي ينعقد للجيش فيها إدارة العنف الشرعي نيابة عن حكومة الدولة.
ولم يكف المتطلعون للدولة المدنية من مطالبة الجيش منذ احتلاله الحكم عام 1958 بالعودة للثكنات. فكلما انقلب وعاد للحكم في 1969 و1989 عاد بالثورات إلى الثكنات، وربما رأى الجيش بنفسه اضطراره اليوم ليدافع عن ثكناته واحدة بعد الأخرى بوجه "الدعم السريع" الذي عثر به في شعوائه للحكم والإصرار عليه، وها هو ينشب براثنه فيه. فالجنرال في الجيش، متى استقام في ثكناته، ممنوع في منظورنا من الطموح في الحكم. ونريد لأفراد الجيش ألا يقسموا، في قول رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة الأميركية مارك منلي، "لملك أو ملكة أو طاغية أو ديكتاتور أو لمن يطمع في أن يكون ديكتاتوراً".
وهذا المطلب في مدنية الدولة الحديثة ما ننوء تحت كاهله في زمن تفاقم ظاهرة الطوائف المسلحة من خارج الدولة من ميليشيات وعصابات ومافيات حتى تكاد تتلاشى الحدود بين السياسة والجريمة، فجاء في الأخبار عن الأكوادور أخيراً أن نفراً من عصابة للمافيا احتلوا محطة تلفزيون ما بعد هرب رفاق لهم من السجن، فتقدم أحدهم إلى الميكرفون ليقول "عندي رسالة للرئيس. حذار أن تعابث المافيا"، فأنزل رئيس الجمهورية دانيل نوابوا الجيش وأعلن حال الطوارئ قائلاً "نحن وهم في حال حرب"، وهذه حالنا وحربنا.
ويستغرب المرء لماذا احتاجت الدول الأفريقية التي زارها حميدتي إلى الحماسة في استقباله كرجل دولة، فيما لم يحتج هو لغير "فوتو أوب" تزين انتصاراته الأخيرة في ميدان الحرب. فتطفلت بإدخال الأنا على صراع الجنرالين العلني حول من له الدولة فعكرت بغير داع سياق المفاوضات التي دعت الجنرالين إليها، بل وقوضته.
ويستغرب المرء لماذا احتاجت الدول الأفريقية التي زارها حميدتي للحماسة في استقباله كرجل دولة فيما لم يحتج هو لغير فوتو أوب تزين انتصاراته الأخيرة في ميدان الحرب. فتطفلت، بإدخال الأنا ego، على صراع الجنرالين العلني حول من له الدولة. فعكرت بغير داع سياق المفاوضات التي دعت الجنرالين لها. بل وقوضته.
وعاد استقبال جنوب أفريقي ورواندا الحفي بحميدتي بما قد لا يرضيانه. فاستهولت الإيكونيميست زيارة حميدتي، وهو الذي تلاحقه الإدانات بالجنوسايد منذ 2004 إلى أن أعملت قواته والمليشيات المتحالفة يدها في شعب المساليت في يوم الناس هذا، لضريح ذكرى ضحايا جنوسايد روندا في كيقالي. فكتبت المجلة تقول: "من الصعب تصور سخرية قدر أعظم من تلك التي يُرحب فيها برجل متهم بالتطهير العرقي في جولة رسمية لنصب لذكرى هذه الجريمة البشعة". أما أمر استقبال جنوب أفريقيا لحميدتي على الرحب والسعة فأشد نكالاً بها. فوجدت نفسها في "خشم" الإسرائيليين كما نقول. فكتبت مجلة "الديلي مافرك" تسأل عن تفسير لمجيئها إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي خصماً لإسرائيل بتهمة ارتكاب التطهير العرقي للفلسطينيين في غزة بعد أسبوع من تناول رئيسها فنجان الشاي مع لورد حرب مضرج اليد بدم ضحايا تطهيره العرقي. وسمت المجلة طريق جنوب أفريقيا من حفل الشاي إلى محكمة العدل "طريقاً شقياً مقرفاً إلى النفاق". وهكذا اعتور نبل جنوب أفريقيا غير المسبوق لوقفتها بجانب شعب فلسطين نقصاً لا يريده أي أحد منا له. ونواصل.

IbrahimA@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

إقليم النيل الأزرق يستقبل 700 ألف نازح والحاكم يؤكد الاستقرار الأمني

حاكم إقليم النيل الأزرق، طالب منظمات الأمم المتحدة بالتدخل العاجل لتقديم العون للنازحين في الإقليم.

الدمازين: التغيير

كشف حاكم إقليم النيل الأزرق أحمد العمدة بادي، عن استقبال أكثر من 700 الف نازح، فيما أكد استقرار وهدوء الأحوال الأمنية، وقال “إن الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة والجيش الشعبي عين ساهرة لحماية الإقليم”.

ونزح آلاف المواطنين من ولاية سنار المجاورة إلى النيل الأزرق، بعد استيلاء قوات الدعم السريع على قيادة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة واندلاع معارك في عدد من مناطق سنار.

وندد بادي- بحسب وكالة السودان للأنباء (سونا) اليوم الأربعاء- بمواقع التواصل التي قال إنها ظلت تنقل معلومات غير صحيحة من جهات غير مسؤولة، وتبث الشائعات لزعزعة الأمن والاستقرار بالإقليم، وأكد أن الأجهزة الأمنية لها بالمرصاد.

وأعلن أن الجيش الشعبي سيسخر خبراته التي اكتسبها خلال أربعين عاماً لحماية الإقليم وكسب الحرب، وقال إنه سيكون جنباً إلى جنب في خندق واحد مع القوات المسلحة، وأضاف أن “القوات المسلحة والقوات المساندة ليس أمامها خيار غير النصر”.

ونادى الحاكم، الشباب بالانخراط في صفوف المقاومة الشعبية، ودعا الإدارة الأهلية إلى التماسك والوحدة.

وطالب منظمات الأمم المتحدة بالتدخل بأعجل ما يكون لتقديم العون للنازحين بالإقليم، وأشار إلى أن الإقليم استقبل أكثر من 700 ألف نازح.

وقال بادي إن الحرب مفروضة على الشعب السوداني وتديرها دول، وطالب الداعمين للحرب من أبناء السودان بضرورة الوعي بمخاطرها ومآلاتها والعودة إلى الصواب.

وشدد على ضرورة عدم نقل الحرب إلى الإقليم وتجنيبه الاحتكاكات العسكرية والعمل للحفاظ على ثرواته وإمكانياته الضخمة وتسخيرها لمصلحة السودان كله.

وندد بتصريحات “أبوشوتال”- قائد بالدعم السريع- وأكد أنه يدعو إلى الفرقة والشتات وتجسيد العنصرية، وأنها لا تخدم قضية المواطن والوطن وهي أجندة مدسوسة.

ونادى بادي أبناء الوطن المنخرطين في صفوف الدعم السريع بضرورة الاحتكام إلى صوت العقل، وقال إنهم يحاربون لهد أركان الدولة ونسفها وليس محاربة البرهان، ودعاهم إلى وقف الحرب وتحقيق السلام والحفاظ على النسيج الاجتماعي والاعتراف بالتنوع.

الوسومإقليم النيل الأزرق استخبارات الجيش الجيش الجيش الشعبي السودان سنجة ولاية سنار

مقالات مشابهة

  • إقليم النيل الأزرق يستقبل 700 ألف نازح والحاكم يؤكد الاستقرار الأمني
  • “إلا بعزة”.. البرهان يحدد شروط التفاوض مع الدعم السريع
  • «تقدم»: اجتماع القاهرة يهدف لايجاد حل لحرب السودان
  • البرهان يحدد شروطا للتفاوض مع الدعم السريع.. وتوسع في خطة مساعدة السودان
  • تعامل الفريق البرهان والقيادات العسكرية المحيطة به مع أزمات السودان الحالية لن تفلح قطعاً
  • إلا بعزة.. البرهان يحدد شروط التفاوض مع الدعم السريع
  • التصعيد وتمهيد الطريق إلي جدة
  • خيار الادارة السودانية المؤقتة في المهجر
  • بعد أن يسدل الستار علي الحرب العالمية الثالثة في السودان يمكن اجراء مناظرة سياسية بين الجنرالين
  • «كروما العسكرية» تستقبل الفارين من حرب الفاشر