"سدرة للطب" يبتكر بروتوكولا رائدا لعلاج فرط إفراز الأنسولين لدى الرضع
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
أعلن سدرة للطب عن ابتكار بروتوكول علاجي جديد لطفلة رضيعة تعاني من فرط إفراز الأنسولين الخلقي، وذلك في سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم حيث تم نشر النتائج في مجلة نيو إنغلاند الطبية المرموقة.
قام بتطبيق البروتوكول العلاجي الجديد فريق من أطباء الغدد الصماء بإشراف البروفسور خالد حسين رئيس قسم الغدد الصماء في سدرة للطب.
وقال البروفسور حسين إن الحالة تعود لطفلة كويتية رضيعة تبلغ من العمر ثلاثة أشهر استقبلها سدرة للطب في أوائل العام الماضي حيث كانت حالتها تتدهور بسبب فرط إفراز الأنسولين الخلقي لديها، وكانت تعاني من نقص حاد في نسبة السكر في الدم.
وأوضح أنه بالرغم من أنه يمكن إدارة الحالة باستخدام الأدوية في بعض الحالات الخفيفة، إلا أنه بالنسبة لمعظم الأطفال، لا يمكن السيطرة على نقص السكر في الدم باستخدام الأدوية التقليدية وفي مثل هذه الحالات، تكون الجراحة لإزالة جزء من البنكرياس أو كله (استئصال البنكرياس) هي الخيار الوحيد ويعد هذا الإجراء كبيرا ويضطر الأطفال بعده أن يعيشوا مع مرض السكري وقصور إفرازات البنكرياس مدى الحياة.
وأشار إلى أنه ولغاية التحكم بانخفاض نسبة السكر في الدم، تم علاج المريضة أولا بالطرق والأدوية الطبية التقليدية بالإضافة إلى مزيج من العلاج بالدكستروز عن طريق الوريد والتغذية المستمرة بأنبوب فغر المعدة، للحفاظ على مستويات مقبولة من الغلوكوز في الدم ولكن بما أن الرضيعة لم تستجب للأدوية التقليدية، فقد كان هناك خطر متزايد لإخضاعها لعملية استئصال البنكرياس حيث كان فريق سدرة للطب حريصا على تجربة طرق أخرى، ولذلك تقرر تجربة بروتوكول علاجي جديد باستخدام عقار الألبيليسيب.
ولفت إلى أن بروتوكول إعطاء الألبيليسيب لرضيعة مصابة بفرط فرز الأنسولين الخلقي هو الأول من نوعه حيث تمت تجربته، في أعقاب تقارير جاءت من حالات سابقة، وتبين أن المرضى البالغين المصابين بسرطان الثدي، والذين يعالجون بنفس الدواء، قد عانوا من ارتفاع مستوى السكر في الدم.
ويشار إلى أن الألبيليسيب هو دواء يستهدف البروتين ويستخدم لعلاج سرطان الثدي واضطرابات النمو الزائد لدى الأطفال حيث ينظم الدواء نمو الخلايا وتكاثرها وتطورها ولكن أحد آثاره الضارة الشائعة هو زيادة تحلل الغليكوجين واستحداث السكر، مما يؤدي إلى إصابة المرضى الذين يتناولونه بارتفاع مستويات السكر في الدم.
وقال البروفسور خالد حسين إن الفريق الطبي تجنب إجراء عملية استئصال البنكرياس التي من شأنها أن تؤثر بشكل كبير على نمو الفتاة الصغيرة وأسلوب حياتها في المستقبل ولذلك كانت الاستراتيجية التي طبقها هي تناول دواء موجود مثل الألبيليسيب، الذي يستخدم لعلاج سرطان الثدي واضطرابات النمو الزائد، وتوظيف آثاره الضارة المتمثلة في ارتفاع السكر في الدم لمعالجة انخفاض مستويات السكر في دمها.
وقد تم إخضاع المريضة الصغيرة لبروتوكول العلاج الجديد وبدأت في غضون ستة أسابيع، تشهد تحسنا كبيرا في مستويات السكر في الدم لديها. كما واصلت الحفاظ على وزن وطول صحيين أي دون التأثير على نموها وخرجت من المستشفى وهي تعاني من انخفاض طفيف في مستويات السكر في الدم، وكانت إدارة حالتها تتطلب تناول الطعام عن طريق الفم كل ثلاث ساعات وجرعتين من الدواء يوميا.
ومن جهتها قالت الدكتورة إيابو تينوبو كارش الرئيس التنفيذي لسدرة للطب إن هذه هي المرة الأولى في العالم التي يتم فيها إعادة تصميم دواء لعلاج الانخفاض الحاد في مستويات السكر في الدم لدى الأطفال الرضع.
وذكر سدرة للطب أن الطفلة المريضة قد عادت إلى الكويت، ومستويات السكر في دمها مستقرة حاليا وهي تواصل تناول عقار الألبيليسيب يوميا عن طريق الفم مع متابعة منتظمة من فريق سدرة للطب لمراقبة تقدمها، وقد أشار الفريق إلى أنها لم تعان من أي آثار جانبية حتى الآن.
المصدر: العرب القطرية
إقرأ أيضاً:
رصد مستويات مقلقة من الميكروبلاستيك في بحيرة البرلس المصرية
في مشهد يعكس التحديات البيئية التي تواجهها البحيرات الساحلية في منطقة البحر المتوسط، كشفت دراسة علمية حديثة أن بحيرة البرلس -ثاني أكبر البحيرات الطبيعية في مصر- باتت معرضة بشكل متزايد للتلوث بجزيئات البلاستيك الدقيقة، المعروفة بالميكروبلاستيك، نتيجة تدفق الملوثات من مصادر متعددة، على رأسها المصارف الزراعية، ومخلفات الصيد، والتصرفات البشرية غير المنضبطة.
الدراسة، التي نشرت يوم الرابع من أبريل/نيسان في مجلة "ساينتفك ريبورتس" استخدمت نظم المعلومات الجغرافية ونماذج التحليل المكاني لتقييم مدى تعرض البحيرة لهذا النوع من التلوث الخفيّ.
وبحسب النتائج، فإن المناطق الجنوبية والغربية والشمالية الغربية من البحيرة تُظهر أعلى درجات القابلية البيئية للتلوث، ما يجعلها نقاطًا حرجة تستدعي التدخل العاجل.
وتقع بحيرة البرلس على الساحل الشمالي الشرقي لمصر، وهي مصنفة كمحمية طبيعية منذ عام 1998 بموجب القانون المصري، كما أنها مدرجة ضمن اتفاقية "رامسار" الدولية لحماية الأراضي الرطبة.
ورغم ذلك، تؤكد الدراسة أن الحماية القانونية لم تمنع تغلغل الأنشطة البشرية، ولا سيما تصريف مياه الصرف الزراعي والصحي، في نسيجها البيئي الهش.
تمثل الدراسة نقلة نوعية في طريقة التعامل مع التلوث البلاستيكي، إذ لا تكتفي بتوثيق الوضع القائم، بل تقدم نموذجًا تنبُّئيًا يستشرف المناطق الأكثر عرضة للخطر، استنادًا إلى 7 مؤشرات رئيسية، منها: كثافة الأنشطة البشرية، واتجاهات التيارات المائية، وقرب المناطق من مداخل البحر، ومستوى الحماية القانونية.
إعلانوفي تصريح لـ"الجزيرة نت"، قالت الباحثة المشاركة في الدراسة "سهى شبكة"، الأستاذة المساعدة في قسم الأحياء المائية بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد: "أنشأنا نموذجا باستخدام نظم المعلومات الجغرافية لتقييم تعرض المياه السطحية للتلوث من المصادر غير المباشرة. وأظهرت النتائج أن الممرات المائية تلعب دورًا محوريًا في نقل الجزيئات البلاستيكية إلى داخل البحيرة، لا سيما في الجزء الجنوبي منها".
وأضافت "شبكة": "تتلقى بحيرة البرلس سنويا حوالي 3.9 مليارات متر مكعب من مياه الصرف الزراعي والمنزلي، إلى جانب التصريفات القادمة من مزارع الأسماك. هذه الكميات الضخمة تُعد وسيلة مثالية لنقل الميكروبلاستيك إلى النظام البيئي البحيري".
رصد الفريق البحثي وجود 8 أنواع من البوليمرات الحرارية في عينات المياه، من بينها البولي بروبيلين، والبولي إيثيلين منخفض الكثافة، والنايلون، والتيفلون.
وتشير هذه المواد إلى مصادر تلوث متنوعة، تشمل الحبال وشباك الصيد، والمواد العازلة في الكابلات الكهربائية، وطلاء القوارب، والأكياس البلاستيكية، وحاويات التغليف.
وتوضح الباحثة أن متوسط تركيز الجزيئات البلاستيكية في المياه المفتوحة للبحيرة بلغ 165 قطعة لكل متر مكعب، بينما وصل إلى 835.6 قطعة/م³ في المياه القريبة من المصارف، وهو ما يشير إلى علاقة وثيقة بين مخرجات الأنشطة البشرية ونسبة التلوث المسجلة.
وتبرُز مناطق مثل بلطيم والبرج والأجزاء الجنوبية الشرقية من البحيرة باعتبارها الأكثر تأثرا، حيث تتركز الأنشطة الحضرية وتتشابك الشبكات المائية التي تسهم في تجميع ونقل الملوثات.
الميكروبلاستيك، رغم حجمه الدقيق الذي لا يتجاوز 5 ميليمترات، يعتبر من أخطر أنواع الملوثات الحديثة، نظرا لقدرته على اختراق سلاسل الغذاء البحرية. فعندما تبتلع الكائنات البحرية مثل الأسماك والقشريات هذه الجزيئات، تتراكم المواد السامة المرتبطة بها في أنسجتها، وقد تنتقل لاحقا إلى الإنسان عند استهلاك هذه الكائنات.
إعلانوفي هذا السياق، تقول شبكة "الميكروبلاستيك لا يؤثر فقط على الحياة البحرية من حيث الاختناق أو انسداد الجهاز الهضمي، بل يتسبب أيضا في اضطرابات هرمونية وتكاثرية قد تقود إلى انهيار تدريجي في التوازن البيئي. أما بالنسبة للإنسان، فهناك مخاطر حقيقية ناتجة عن تناول أسماك ملوثة أو استخدام مياه ملوثة".
رغم أن بحيرة البرلس تخضع للحماية القانونية، فإن الدراسة تسلط الضوء على "فجوة تطبيقية" في إنفاذ هذه القوانين. وتشير النتائج إلى أن ضعف الرقابة البيئية، وتعدد مصادر التلوث، والتوسع الحضري غير المخطط، كلها عوامل تساهم في تدهور الحالة البيئية للبحيرة.
يعلق "عبد الحميد أحمد" -أستاذ الجغرافيا الطبيعية المساعد بجامعة المنصورة، والباحث غير المشارك في الدراسة- قائلا في تصريحات لـ"الجزيرة نت" إن الدراسة لم تكتف برصد الواقع البيئي القائم في بحيرة البرلس، بل خلصت إلى مجموعة من الإجراءات الوقائية العاجلة التي يمكن أن تسهم في الحد من تفاقم التلوث بالميكروبلاستيك.
من أبرز هذه التوصيات تفعيل نظم مراقبة بيئية دورية، تهدف إلى رصد تركيزات الجزيئات البلاستيكية الدقيقة في المياه والرسوبيات بشكل مستمر، مما يتيح تتبع التغيرات ورسم خريطة زمنية دقيقة للمخاطر. كما دعت إلى الحد من استخدام المواد البلاستيكية أحادية الاستعمال، خاصة في الأنشطة المرتبطة بالصيد والسياحة، باعتبارها من المصادر الرئيسية للتلوث.
ولم تغفل الدراسة أهمية رفع الوعي المجتمعي، حيث أوصت بتنظيم حملات توعية تستهدف الصيادين والمجتمعات المحلية، لشرح أبعاد المشكلة وآثارها الصحية والبيئية. كذلك شددت على ضرورة إنشاء بنية تحتية متكاملة لمعالجة النفايات، لاسيما في المناطق المحيطة بالمصارف التي تعد البوابة الرئيسية لتسرب الملوثات إلى البحيرة.
إعلانوأخيرا، طالبت الدراسة بتطبيق أكثر صرامة للتشريعات البيئية، وتعزيز أدوات الرقابة على مصادر التلوث غير المباشر، لضمان حماية فعالة ومستدامة لهذا النظام البيئي الهش.
وفي هذا الإطار، تؤكد شبكة، على أهمية اعتماد نهج متعدد الأبعاد، يجمع بين الحلول التقنية والتدخلات المؤسسية والتوعية المجتمعية، مشددة على أن "المعركة ضد الميكروبلاستيك لا يمكن كسبها من خلال الباحثين وحدهم، بل تتطلب تعاونًا بين صانعي السياسات، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص".
بحيرة البرلس، بحسب الخبراء، تعد نموذجا مصغرا للتحديات التي تواجهها العديد من البحيرات الساحلية في المنطقة، مثل بحيرة البردويل في سيناء، وبحيرة مريوط في الإسكندرية، وغيرها من الأنظمة البيئية الرطبة المهددة بالتلوث.
ويرى أحمد أن نتائج هذه الدراسة يمكن تعميمها على بيئات مشابهة، قائلا "الخريطة المكانية التي أنتجتها الدراسة توفر أداة مهمة لترتيب أولويات التدخل، وتعد أساسا علميا لتوجيه الاستثمارات البيئية نحو المناطق الأكثر احتياجا".