سودانايل:
2025-03-04@15:24:23 GMT

القرن الأفريقي… حرب الإرادات والطموح

تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT

كتب الأستاذ الجامعي د. محمد عبد الحميد
في العلاقات الدولية تنشب الحروب عادة عندما تتعارض المصالح القومية للدول بشكل يصعب فيه التوفيق بين تلك المصالح، لا سيما عندما يُعبر عن المصالح بالإرادة السياسية political will وهذه الأخيرة تمثل الدافع الرئيس لسلوك الدول... و تتحقق المصالح القومية عادة وفقاً لقدرات الدولة في ممارسة نفوذها في المسرح الدولي بإستخدام الإرادة السياسية وإملائها على الخصوم حتى يذعنوا سلمياً أو بالحرب بممارسة القوة الخشنة في ميدان المعركة وإجبار الخصم على فعل ما يريد صاحب الإرادة.

لذلك يبدو مضمار العلاقات الدولية أشبه بالغابة ونظمها لأن الإحتكام فيه دائما ما يكون للقوة.و تنشب الحروب عادة مدفوعة بالإرادة والمصلحة بغض النظر عن منطقية تلك المصلحة والارادة واتساقهما مع المبادئ الأخلاقية.. حيث تبدو الحرب أشبه بكرة اللهب يتعاورها اللاعبون في المسرح الدولي وقد تستقر في حجر أي لاعب بحيث لا يستطيع أن يرفضها أو يردها وهذا بالضبط ما يجري في القرن الأفريقي بعد أن وقعت أديس أبابا اتفاقاً مع أرض الصومال قضى بمنح إثيوبيا منفذاً على البحر الأحمر على ميناء بربرة لمدة خمسين سنة للإستخدام المدني والعسكري مقابل أن تعترف إثيوبيا بدولة أرض الصومال وبعض الفوائد المادية كمنحها حصة محدودة في الخطوط الإثيوبية.. بالنظر لفحوى هذا الإتفاق بعيون بقية الفاعلين في المنطقة فقد أشعل كرة اللهب بسرعة فائقة خاصة لدى جمهورية الصومال والتي سارعت بوصفه (أنه انتهاك لسيادتها ووحدة أراضيها وأعلنت بطلانه) ، وطفقت تبحث عن حليف ترمي له كرة النار الملتهبة حيث سرعان ما وجدت في مصر الفاعل الآخر في المنطقة من يقبل بوضع تلك الكرة الملتهبة في حجره لا سيما وأن مصر ترتاب في التحرك الإثيوبي بوصفه تمدد لنفوذ دولة لها طموحتها في أن تكون قوة إقليمية. فحسابات مصر ورغم أنها لم تفصح عنها بشكل علني إلا أنها وبحكم منطق الإرادة السياسية لا تريد أن ترى في إثيوبيا قوة إقليمية ذات نفوذ بحري، لا سيما بعد أن فشلت مصر عمليا في لجم طموحات إثيوبيا في السيطرة على مياه النيل الأزرق بعد أن طوقت نفسها بإعلان المبادئ في 2015م .. فقد سجلت إثيوبيا انتصارات دبلوماسية على مصر ولحد ما على السودان حيث لم يستطيعا معاً أن ينتزعا من إثيوبيا أي التزام قانوني فيما يخص قضية السد رغم احالتهما ملف السد لمجلس الأمن الدولي دون طائل.
على عموم الأمر، يمكن وصف إتفاق أديس أبابا مع أرض الصومال بأنه إتفاق لا يخلو من نفس انتهازي، ويعبر عن حالة يأس State of disparity مفرط يعتري الطرفين.. فأثيوبيا من جانبها تريد منفذاً على البحر لتمارس عليه سيادتها وتستغله للأغراض العسكرية بأي ثمن. وأرض الصومال تريد مَن يتعرف بها بأي ثمن، لذلك فإن كلا الطرفين مدفوعاً بحالة يأس مفرط في تبادل هذه المصلحة المستحيلة... فأرض الصومال لم تهبط فجأة للوجود من السماء، وإنما كانت موجودة منذ العام 1991 لم تعترف بها إثيوبيا طوال هذه الفترة إلا عندما حان الوقت بعد أن فرغت نسبياً من قضية السد الذي إستنزف منها الكثير من الجهد الفني والدبلوماسي، فهي الآن تخطو وئيداً نحو هدفها في استعادة أمجادها الإمبراطورية وتحقيق مقولة احد جنرالاتهم أن حدود أثيوبيا هي البحر الأحمر.. غير أن الأمر بالنسبة لدولة الصومال وفيما عبرت عنه وزارة الخارجية بأنه انتهاك لسيادتها ووحدة أراضيها. وبالنسبة لمصر فإنه تجاوز من قبل إثيوبيا لحقائق الجغرافيا السياسية ومحاولة للتمدد في منطقة حيوية بالنسبة لها "وتغول" على دورها الريادي في المنطقتين العربية والأفريقية.. لذلك كان تصريح الرئيس المصري واضحاً وإن جاء تحت ستار الدفاع عن دولة عربية شقيقة ووحدة أراضيها. وقد ينطوي على تهديد تكاد تتردد في نبراته لغة الأخ الأكبر حيث ذكر في المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع الرئيس الصومالي (ما حدش يجرب مصر، ويهدد اشقاءها) والمعنى واضح وما قد ينطوي عليه من وعيد... وهكذا انتصب عود صراع الإرادات في القرن الأفريقي والبحر الأحمر .. وهكذا احتضنت مصر كرة النار الملتهبة على حين لن تتراجع إثيوبيا عما تعتبره حق لها في الإطلال على البحر مهما كان حجم التهديد والوعيد ومصدره.. كما لن تفتأ جمهورية الصومال بتذكير مصر بواجبها والتزامها بالوقوف الي جانبها وهكذا ستشهد منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر سُعار حرب لا أحد يدعي أنها فُرضِت عليه.
د.محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القرن الأفریقی البحر الأحمر بعد أن

إقرأ أيضاً:

أول رد مصري على تهديدات الحوثي الأخيرة.. تفاصيل

عبدالملك الحوثي زعيم حركة أنصار الله (وكالات)

في خطوة دبلوماسية مدروسة، أعربت مصر عن موقفها الحازم والهادئ تجاه التهديدات الأخيرة التي أطلقها زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، موجهة رسالة حاسمة لجميع الأطراف الإقليمية والدولية.

وتأتي هذه التصريحات في وقت حساس يتصاعد فيه التوتر في المنطقة، خاصة في ظل التوقعات بتصعيد جديد في البحر الأحمر.

اقرأ أيضاً ترامب يكشف عن السبب الرئيسي وراء طرده للرئيس الأوكراني من البيت الأبيض 1 مارس، 2025 أول تعليق روسي على طرد ترامب للرئيس الأوكراني من البيت الأبيض 1 مارس، 2025

 

ـ مصر ترفض التدخل الأجنبي في البحر الأحمر:

أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا رسميًا يوم السبت، أكدت فيه رفضها القاطع لأي تدخل من دول غير مطلة على البحر الأحمر في شؤون المنطقة، خاصة فيما يتعلق بأمن الممرات الملاحية الحيوية.

وأوضح البيان أن مصر تعتبر أمن البحر الأحمر جزءًا لا يتجزأ من أمنها القومي، وأنها ترفض أي محاولات للتدخل في هذا الملف الحساس.

البيان جاء في وقت حساس، حيث تشهد المنطقة تطورات مقلقة على خلفية تحركات عسكرية أمريكية محتملة في البحر الأحمر، حيث يلوح في الأفق تصعيد جديد تحت ذريعة "حماية الملاحة".

وقد اعتبر الخبير الدبلوماسي المصري سامح عسكر أن هذا البيان يمثل ردًا صريحًا من مصر على أي محاولة أمريكية للتصعيد في المنطقة.

وأضاف عسكر أن أي تدخل عسكري في البحر الأحمر سيلحق الضرر بالدول المطلة على هذا الممر الحيوي، وبالتالي سيكون له آثار سلبية على الأمن الإقليمي.

 

ـ التهديد الحوثي وتداعياته:

تزامن هذا البيان المصري مع تصريحات حادة من زعيم حركة "أنصار الله" عبد الملك الحوثي، الذي حذر من أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي في غزة وعدم انسحابه من محور رفح يشكل تهديدًا خطيرًا ليس فقط على الشعب الفلسطيني، بل أيضًا على مصر وكل من يتعاون مع إسرائيل في هذا الملف.

وحمل الحوثي في تصريحاته تهديدًا مباشرًا لمصر، مشيرًا إلى أن أي تقاعس من الحكومة المصرية في التعامل مع هذا الوضع سيقوض استقرار المنطقة.

وفي هذا السياق، اعتبر الخبراء أن البيان المصري جاء كرد إيجابي على هذه التهديدات، وهو بمثابة خطوة نحو تعزيز العلاقات بين مصر واليمن في مواجهة التحديات الإقليمية المشتركة.

كما أكد بعض المحللين أن توقيت البيان يعكس تحولًا في السياسة المصرية تجاه اليمن والمنطقة بشكل عام، حيث تسعى القاهرة إلى الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وتوجيه رسائل تهدئة بدلاً من التصعيد.

 

ـ مصر واليمن: علاقة متجددة وأفق أوسع:

من ناحية أخرى، يعد البيان المصري بمثابة تجديد للرسائل الإيجابية بين مصر واليمن، خصوصًا في ظل الأوضاع السياسية الراهنة التي تميز العلاقة بين البلدين.

يراهن بعض الخبراء على أن هذا الموقف المصري قد يشهد تحولًا نحو تعزيز التعاون الثنائي بين القاهرة وصنعاء، في وقت حساس يتطلب التكاتف بين الدول العربية في مواجهة الأزمات المستمرة في المنطقة.

 

ـ الترقب العالمي:

وبينما تتصاعد التوترات في المنطقة، يترقب العالم مزيدًا من التطورات في البحر الأحمر، خاصة في ظل المحاولات الأمريكية للتدخل في الأمن الملاحي.

تتزايد المخاوف من أن يؤدي أي تصعيد عسكري في هذه المنطقة الاستراتيجية إلى آثار كبيرة على الأمن العالمي، خاصة في ظل التحديات المتزايدة في غزة والضغوط الدولية على اليمن.

مقالات مشابهة

  • طقس اليمن خلال الساعات القادمة …أمطار متفرقة ورياح نشطة
  • شاهد | البحرية الأمريكية: معركة البحر الأحمر غير مسبوقة وكلفها باهظة
  • البحرية الأمريكية: معركة البحر الأحمر غير مسبوقة وكلفها باهظة
  • قوات خفر السواحل تعلن ضبط عصابة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن
  • مصر وأرتيريا تؤكدان رفضهما لأي تدخل من دول غير مشاطئة للبحر الأحمر
  • البحر الأحمر: حظر التجوال من الساعة الواحدة صباحاً وحتى الرابعة صباحاً
  • فرحة واحتفالات وطقوس متباينة.. تعرّف على أجواء رمضان في بلدان القرن الأفريقي (شاهد)
  • مصر تجدد رفضها لأي انتشار عسكري أجنبي في البحر الأحمر
  • مصر تجدد رفضها أي انتشار عسكري أجنبي في البحر الأحمر
  • أول رد مصري على تهديدات الحوثي الأخيرة.. تفاصيل