قرادة: من المحتمل نقل الصراع المغربي – الجزائري إلى ليبيا ومالي
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
ليبيا – علق رئيس اللجنة التنفيذية للمؤتمر الليبي للأمازيغية إبراهيم قرادة، على ارتفاع منسوب التوتر بين المغرب والجزائر إثر اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وتوصل المغرب وإسرائيل إلى اتفاق سلام، وإعلان السفير المغربي لدى الأمم المتحدة عن موقفه الداعم لحركة استقلال إقليم القبائل الأمازيغي عن الجزائر، ودعم ليبيا خلال الحقبة القذافية الأولى استقلال الجمهورية الصحراوية لتعود وتسحب دعمها، لا اعترافها، إبان تحسن العلاقات مع المغرب بعد “اتفاق وجدة” عام 1984.
قرادة عبّر في تصريحات خاصة لموقع “اندبندنت عربية” عن خشيته من جر التطورات الإقليمية الجارية بين المغرب والجزائر إلى ليبيا التي يشهد جناحها الشرقي الواقع تحت سيطرة المشير خليفة حفتر توتراً في العلاقة مع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الذي سبق ورفض المساس بأمن الجناح الغربي لليبيا أثناء عملية العسكرية في العاصمة طرابلس عام 2019(عملية تحرير طرابلس)،إضافة إلى أن الجزائر والمغرب في حال تنافس في موريتانيا وغرب أفريقيا ودول الساحل الأفريقي، من دون الدخول في حرب ميدانية مباشرة قد تندلع شرارتها في أية لحظة لتمتد نحو ليبيا المنقسمة سياسياً وأمنياً.
واعتبر أن كل تلك المؤشرات ملائمة لنقل الصراع المغربي – الجزائري عبر الوكلاء إلى ليبيا ومالي، محذراً من أن تكون الورقة الأمازيغية وقود هذه الحرب، ولا سيما أن أمازيغ ليبيا يعيشون حالياً أسوأ وأصعب فتراتهم بسبب تعالي وتهميش ومماطلة حكومة تصريف الأعمال وبعض وزارتها، مما قد يدفع عدداً من قادة الحراك الأمازيغي، وخاصة أنه لا يوجد ممثل واحد عن الأمازيغ في ليبيا، إلى البحث عن سبل لسماع مظالمهم ومطالبهم.
وقال قرادة:” إن مشاركة شخصيات أمازيغية وطارقية ليبية في التظاهرة الباريسية في الـ 14 من يناير الجاري المؤيدة لانفصال واستقلال القبايل ’أمازيغ‘ عن الجزائر واستقلال إقليم أزواد عن مالي والتي نظمها وقادها رئيس حركة الـ ’ماك‘ فرحات مهني تشير إلى البحث عن ساحة جديدة للمواجهة والتنافس بين الجزائر والمغرب وقد تكون ليبيا بحكم تجاورها مع الجزائر، إضافة إلى وجود تداخلات سكانية عابرة للحدود في مربع جغرافي يقع بين مالي وليبيا، زاد من التهابه انتشار السلاح والتنظيمات الإجرامية والإرهابية، كما قد تتمدد شرارات الصراع الجزائري – المغربي نحو النيجر”.
قرادة رأى أن خطورة انتقال هذا الصراع نحو مالي تبقى أقرب منه إلى ليبيا التي لن تكون بمعزل عنه”، داعياً المجلس الرئاسي إلى الذهاب سريعاً نحو حوار أمازيغي – ليبي ديمقراطي تشارك فيه القيادات السياسية والميدانية والحركية والاجتماعية والثقافية الأمازيغية للغوص في المسببات المحتملة للتوتر ومعالجته، بخاصة وأن التوتر بين الجزائر والمغرب يتجه نحو التصعيد.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: إلى لیبیا
إقرأ أيضاً:
من صحراء المغرب إلى فيافي الجزائر.. إيطالي ينقذ نفسه بدماء الخفافيش!
قرر شرطي إيطالي يدعى ماورو بروسبيري في عام 2004 اختبار قدرته على التحمل بالمشاركة في ماراثون الرمال بجنوب المغرب. في هذا السباق يتم قطع مسافة 250 كيلوا مترا خلال مدة ستة أيام.
هذا الشرطي كان يزاول منذ أن كان طفلا عدة رياضات منها الركض وإطلاق النار وركوب الخيل والمبارزة، وكان تسنى له حتى الانضمام إلى الفريق الأولمبي الإيطالي. بروسبيري الذي تعود على تحدي المشاق قرر أن ينازل الصحراء. حينها لم يخطر على باله ما سيعانيه وما سيواجهه من أهوال.
بدأ ماراثون الرمال في 10 أبريل 1994. سارت على ما يرام خلال الأيام الأربعة الأولى من السابق، ركض المشاركون بين نقاط التحكم، حيث تم تزويدهم بالماء، واستراحوا لبعض الوقت قبل أن يستـأنفوا الجري حاملين معهم ما يكفي من غذاء وما سُمح لهم من مقتنيات بسيطة.
الطقس ساء في 14 أبريل وهبت عاصفة رملية عاتية في الصحراء، فيما ارتفعت حرارة الجو إلى 46 درجة مئوية. منظمو السابق كانوا شددوا في تعليماتهم على المشاركين أن يبقوا في أماكنهم إذا ما واجهوا عاصفة رملية وأن يحتموا بكيس النوم ويستلقوا على الأرض إلى حين مرور العاصفة.
ماورو وصف الموقف لاحقا بقوله: “حين بدأت العاصفة الرملية، فقدت رؤية الجميع. ومع ذلك واصلت الركض لأنني اعتقدت أنني أستطيع تبين الطريق. كنت في المركز السابع ولم أرغب في خسارة ترتيبي. لكن العاصفة هبت بغضب شديد لدرجة أنني اضطررت إلى التوقف والبحث عن مأوى. وجدت شجيرة واحتميت بها. الرمال كانت مثل الإبر تنغرس في بشرتي. لففت المنشفة حول وجهي وانتظرت. تبدلت الكثبان الرملية من حولي، واضطررت للتحرك عدة مرات كي لا أجد نفسي مدفونا تحت الرمال”.
في الصباح استيقظ على مفاجأة غير سارة. نظر حوله من أعلى الكثبان الرملية ولم ير أي طريق أو أي علامات على وجود بشري، ولم تتبق لديه إلا قطرات من الماء.
انتظر بروسبيري على كثبان الرمال المساعدة وهو يرقب الأفق بدقة. مع غروب الشمس راي فجأة طائرة مروحية تحلق في البعيد. حين اقتربت أطلق شعلة مضيئة إلا أن المروحية مرت فوقه ولم يشاهده من كان فيها.
عن هذا الموقف العصيب كتب العداء الإيطالي يقول: “طار فوق راسي، وكان قريبا جدا لدرجة أنني تمكنت من رؤية خوذته البيضاء في قمرة القيادة. ظننت أني قد نجوت أخيرا، إلا أن المروحية لم تهبط. واصلت التحليق أمامي واختفت. أنا لم أفهم. حينها كنت في حالة من اليأس، وجنون من الخوف”.
حين أدرك ماورو أن إنقاذه لا يزال بعيدا، تذكر ما سمعه من جده الذي شارك في الحرب العالمية الأولى، فتبول في زجاجة ليشرب منها، ولكي تمده بما يحتاج من رطوبة في الصحراء الحارقة.
في محاضرة عن تلك المغامرة أوضح العداء الإيطالي الخبير أن المتسابقين في الماراثون عادة ما يأكلون القليل ويشربون الكثير، ولذلك يكون البول شفافا ويبدو سبيها بالماء.
بعد أن خزّن بوله نام مرة أخرى، وحين استيقظ رأى نسرين يحومان فوقه، حينها أدرك أن عليه أن يخرج من هذه المتاهة بنفسه.
أثناء سيره بلا هدى في الصحراء، صادف ماورو ضريحا لأحد الأولياء. لم يكن بداخله إلا بقايا عظام. لكنه وجد به الظل والرطوبة. غرس العلم الإيطالي الذي كان معه وأمضى اليوم بطوله في القبر.
كان كل ما كان معه من طعام وماء حينها قد نفد. عثر في البداية على بيض بعض الطيور في الضريح فأكلها، إلا أن الجوع بقي يعذب جسده المنهك بالتعب.
لاحظ العداء التائه خفافيش تتدلى من السقف. عن ذلك اللقاء بالخفافيش قال: “قررت أن آكلها نيئة لأن الطهي على موقدي المحمول لن يؤدي إلا إلى تجفيفها، وكنت أعرف أن الرطوبة هي أكثر ما أحتاجه. لذلك انتزعت أعناقهم ومصصتها. كان الأمر مقرفا، لكني كنت أشعر بالجنون من الجوع.”
امتص دماء حوالي عشرين خفاشا، ودفن رفاتها في الأرض وبعد ذلك استلقى وغرق في سبات عميق. صبيحة اليوم التالي استيقظ ماورو على صوت طائرة يتناهى من بعيد. جمع وهو في حالة جنونية كل ما لديه من أغراض وخاصة المصنوعة من البلاستيك وأوقد فيها النار كي يلفت إليه الأنظار. لسوء الحظ، ما أن اتقدت النار حتى هبت عاصمة رملية أخرى.
مرت اثنتا عشرة ساعة قبل أن تهدأ العاصفة، وازداد يأس ماورو. خبا أمله في أن يتمكن من الخروج حيا من هذه المتاهة الصحراوية. تذكر أن أسرته في إيطاليا لن تحصل على معاش شرطي بالوفاة إذا لم يتم العثور على جثته، لذلك قرر الانتحار في ملاذ على الأقل بعيدا عن الرمال السافية.
نقش على الحائط رسالة لزوجته، ثم قطع عروقه بسكين صغير واستلقى في انتظار الموت، لكنه لم يأت. الجفاف استشرى في جسده إلى درجة أن الدم تخثر ولم يسل. حين استيقظ صباح اليوم التالي، استجمع ما تبقى لديه من قوة وقرر المضي قدما. كان يشرب من البول الذي يخزنه وانتقل عبر الصحراء مسترشدا بالغيوم.
في الأيام الستة اللاحقة، سار بروسبيري في الصحراء المترامية، وكان يمشي في الصباح الباكر وفي المساء ويستريح فيما يجد من ظل حين تشتد حرارة الشمس. كان يقتات على كل ما تصل يده إليه. أكل الفئران والسحالي والثعابين، وكان يمضغ بعض الوريقات. من الجوع والقيظ الشديد كان يهلوس ويتراءى له السراب.
في اليوم الثامن منذ هبوب العاصفة الرملية الأولى، صادف واحة حقيقية بها بئر ماء صغير. هرع ماورو يعب الماء منه، إلا أن جسده لم يعد يستسيغ الماء.
روى العداء الإيطالي هذه المحنة قائلا: “هرعت إليه وعببت الماء بشراهة، لكن كان من الصعب عليّ ابتلاعه. ما أن دخل الماء جوفي حتى تقيأت على الفور. لم أستطع كبح أي شيء. أدركت أنه يتوجب أن آخذ رشفات صغيرة، واحدة كل عشر دقائق. كنت مستلقيا بجانب بركة مثل النمر عند نبع ماء. أخذت رشفات من الماء. بحلول الصباح، تمكنت من إخماد عطشي”.
ملأ زجاجات الماء وغسل الجروح في ساقيه. عثر أثناء سيره في اليوم التاسع على فضلات ماعز حديثة وآثار أقدام بشرية. قادته الآثار إلى رعاة من الطوارق.
أول من شاهد طفلة ترعى تبلغ من العمر ثماني سنوات. ما ان رأته حتى فرت مرتعبة. كان العداء الإيطالي يبدو مثل مومياء تسير بعينين غارقتين ووجه شديد الشحوب. لحسن الحظ أن الراعية الصغيرة أحضرت والدتها وقد ساعدت ماورو في المضي معهم إلى الخيمة حيث سقته حليبا. تقيأه بروسبيري على الفور ورفضه جسمه.
رجال الطوارق استدعوا الشرطة. رجال الأمن شهروا أسلحتهم على العداء ظنا منهم أنه جاسوس! الأمر المذهل الذي تبين أن العداء انحرف عن الطريق الأصلي بحوالي 290 كيلو مترا، وأن رحلته التي بدأت في المغرب انتهى بها المطاف في الجزائر.
الشرطة حين عرفت أن هذا الرجل هو العداء الإيطالي الذي كان يعتقد حينها أنه توفى، نقلته على المستشفى وتبين أن وزنه لا يتعدى 43 كيلو غراما.
أظهرت الفحوصات الطبية أن كبد ماورو الذي عولج في الجزائر لمدة أسبوع، تعرضت لأضرار جسيمة ما أعاق عملية الهضم واستدعى تناوله وجبات من الحساء والسوائل لعدة أشهر، كما عانى من تقلصات شديدة في الساق لمدة عام وتعرضت أيضا كليتاه لأضرار.
بعد العلاج في الجزائر، عاد بروسبيري إلى عائلته في روما، واستقبل هناك بحرارة وتحدثت الصحف الإيطالية عن مغامرته في الصحراء وأجريت العديد من المقابلات معه.
هذه القصة المثيرة التي تبدو كما لو كانت سيناريو سينمائي متخيل، هي درس بالدرجة الأولى على إمكانية الخروج من أصعب المواقف وأشد الظروف حين تتوفر الخبرة أو المعرفة بأساليب العيش في الظروف القاسية وكذلك الإرادة القوية والاعتماد على الذات في المقام الأول.
المصدر: RT