علي جمعة: أفضل شعب الإيمان 4 كلمات وأدناها هذا الفعل
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إنه كما أن للإيمان أركان فله شعب كذلك وخصال، وشعبه كثيرة جدًا أجملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : (الإيمان بضع وسبعون -أو بضع وستون- شعبة فأفضلها قول (لا إله إلا الله) وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) [رواه مسلم]
ولقد تتبع المسلمون شعب الإيمان، فرأينا الإمام البيهقي وهو يؤلف كتابه الجامع المانع الماتع، الجامع لشعب الإيمان ويبدأ في تفصيل هذه الشعب وفي تتبعها، وفي تتبع نصائح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنها في أوامره ونواهيه وإرشاداته، وأصبح كتابه بالإضافة إلى ذلك المجهود الذي فصل فيه تلك الشعب، التي أجملها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كلامه البليغ الفصيح في الحديث، أصبح مرجعًا من مراجع الكتب المسندة في علم الحديث رواية ودراية، وهكذا خدم المسلمون محور حضارتهم.
وألف في شعب الإيمان جماعة من العلماء منهم : الإمام الحليمي إلا أن كتاب الجامع للبيهقي وقد طبع في نحو 15 مجلدًا هو الأكبر على مر التاريخ، فعندما طبع كتاب الحليمي رأيناه في ثلاث مجلدات.
وفكرة أن الإيمان شعب، فكرة تدل في حد ذاتها على إدراك لطبيعة الإنسان، فإن نفسية الإنسان في غاية التركيب والتعقيد بحيث إن كلمة شعب تتناسب معها، وتصفها بدقة بليغة، وفكرة أن هذه الشعب لها أعلى ولها أدنى، ولها عدد تحتاج إلى وقفة للتأمل والتدبر والاستفادة، فأعلى هذه الشعب (لا إله إلا الله) وهي القضية الأساسية التي تجيب على أسئلة الإنسان الكلية، وتخرجه من الحيرة والمتاهة وتخرجه من الانغماس في نفسه أو في الدنيا، وتجعله دائمًا مؤمنًا بالغيب، ومؤمنًا بالشهادة معًا، وهذا هو المحك الأول الذي سوف يترتب عليه كثير من المواقف والآراء بإزاء كل مجالات الحياة، فإن تصرفات المؤمن بالله، المعتقد في التكليف، المصدق بيوم القيامة وبالحساب، الذي يعرف أن هناك دائرة للحلال ودائرة للحرام تختلف تمامًا عن تلك النفس التي تنحي قضية الألوهية وتغفل عنها، حتى يصل بها الأمر إلى إنكارها في بعض الأحيان، أو عدم اللجوء إليها إلا عندما يحاصر الإنسان بالأمراض والأسقام والهموم والأحزان، حتى صار نسيان الله عند أولئك وأيضا نسيان حقيقة الموت هو الوجه الآخر للفرح والسرور، ذلك الفرح المذموم الذي يختلف اختلافا بينًا عن الفرح المحمود، والذي قال الله فيه (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شعب الإيمان
إقرأ أيضاً:
د. محمد مختار جمعة يكتب: صرخة عربية قبل فوات الأوان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أمتنا العربية.. إخوتنا في الدم العربي.. إن مصيرنا واحد ومشترك، وعدونا يريد تفريق كلمتنا، وعينه على كل مقدرات أمتنا بلا استثناء، وهو عدو لا عهد له ولا يُوثق به، فمن يظنونه صديقا موثوقا به سيدركون يوما ليس بالبعيد أنه ليس كذلك، وإن غدا لناظره قريب.
صحيح أننا أهل سلام وسنظل، ولكنه سلام وليس استسلاما، فالسلام الحقيقي (سلام الشجعان)، هو ذلكم السلام الذي له قوة تحميه، فالقادر على خوض الحرب هو القادر على صنع السلام العادل، وغير القادر على صد العدوان لا يمكن أن يصنع سلاما عادلا أو دائما.. أمام عدو متعطش للدماء مستحل لها، يقولون: "لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ"، فهم كما قال الحق سبحانه: "وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً".
أشقاءنا في الأمة العربية، نحن في سفينة واحدة وهي في خطر شديد يحتاج إلى تضافر الجهود لإنقاذها، فكل من عمل على نجاتها أو أسهم في ذلك كان له أجر كل من نجا فيها بقدر إسهامه في نجاتها، ومن قصّر في ذلك أو فرط أو كان سببا في عطبها باء بإثم من غرقت به، يقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا".
إخوة العروبة، إن أمتنا العربية من المحيط إلى الخليج أمة واحد، وعدونا لا يفرق بين عربي وعربي، فكل العرب أهداف له، يتعامل معهم بنظرية المراحل ونظرية "فرّق تَسُدْ"، واضعا الجميع في خانة الأعداء، عاملا على تفوقه العسكري عليهم مجتمعين في بروتوكولات لا يخفيها.
ومرة أخرى أؤكد أننا لسنا أهل بغي ولا اعتداء ولا نقص للعهود والمواثيق، نحن أهل سلام وسنظل، دعاة سلام وسنظل، ولكن متى فرضت علينا الحرب فنحن رجالها، وإن أمة تحب الشهادة في سبيل الله لن يقهرها عدو ولو ربح جولة، فالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
إن أمتنا قد تضعف أو تمرض أحيانا أو تخسر جولة، ولكنها تظل أمة حية قادرة على الحياة في أصعب الظروف وأحلكها، قادرة على إعادة بناء نفسها مرات ومرات، واسترداد ما يُحتلُّ ويُغتصب من أرضها ولو بعد مئات السنين، لأن الحفاظ على الأرض كالحفاظ على العرض جزء من عقيدتها، وقديما قال أحد قادة الروم للفتى العربي أبي فراس الحمداني شاعر بني حمدان وفارسها: أنتم معشر العرب أهل كلام ولا علم لكم بالحرب، فأجابه أبو فراس وهو في أسرهم بقوله: أتزعم يا ضخم اللغاديد أننا
ونحن أسود الحرب لا نعرف الحربا
لقد جمعتنا الحرب من قبل هذه
فكنا بها أُسْدًا وكنت بها كلبا
بأقلامنا أُجْرِحْتَ أم بسيوفنا
وأُسْدَ الشرى سُقنا إليك أم الكُتْبَا
بني أبي في العروبة، إن عدونا يريد أن يزرع الخوف واليأس في قلوبنا، فلنحذر من اليأس أن يدب في نفوسنا، ونؤكد أنه لا يأس طالما أن فينا من يحرص على الشهادة في سبيل الله أكثر من حرص أعدائنا على الحياة، حيث يقول الحق سبحانه: "وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ".
إننا أمة لا تعطي الدنية في دينها، نحن لسنا أحرص الناس على حياة، صبرنا ليس ضعفا.. وساعة الجد ليس فينا ضعيف ولا جبان.. نحن أمة تخرج من تحت الركام لتزلزل كيان عدوها.
نحن أمة ذات نخوة تؤمن أن الموت بعز وشرف خير من حياة الذل والهوان، نحن قوم ليست الدنيا مبلغ علمنا ولا منتهى أملنا، لأن الباقية خير وأبقى.
قديما قالت أمّنا العربية في أولادها السبعة الذين قتلوا دفاعا عن شرفهم وقبيلتهم:
أبوا أن يفروا والقنا في نحورهم
ولم يبتغوا من خشية الموت سُلّما
ولو أنهم فروا لكانوا أعزة
ولكن رأوا صبرا على الموت أكرما
نحن قوم علمنا ديننا ألا نفر من الميدان لأن الفرار منه كبيرة من الكبائر، علمنا ديننا أن من قتل دون نفسه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ومن قتل دون وطنه فهو شهيد، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.
وختاما، لا نتمنى أن يأتي اليوم الذي يقول فيه بعضنا " أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض"، أو أن يردد قول الشاعر:
ولقد نصحتهم بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا النصح إلا ضحى غد
فلنستفق جميعا ونوحد صفنا ونجتمع على كلمة سواء انطلاقا من قوله تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ"، وساعتها يمكن أن نكون رقما صعبا يُحسبُ له ألف حساب، وما ذلك على الله بعزيز.