قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إنه كما أن للإيمان أركان فله شعب كذلك وخصال، وشعبه كثيرة جدًا أجملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : (الإيمان بضع وسبعون -أو بضع وستون- شعبة فأفضلها قول (لا إله إلا الله) وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) [رواه مسلم] 

ولقد تتبع المسلمون شعب الإيمان، فرأينا الإمام البيهقي وهو يؤلف كتابه الجامع المانع الماتع، الجامع لشعب الإيمان ويبدأ في تفصيل هذه الشعب وفي تتبعها، وفي تتبع نصائح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنها في أوامره ونواهيه وإرشاداته، وأصبح كتابه بالإضافة إلى ذلك المجهود الذي فصل فيه تلك الشعب، التي أجملها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كلامه البليغ الفصيح في الحديث، أصبح مرجعًا من مراجع الكتب المسندة في علم الحديث رواية ودراية، وهكذا خدم المسلمون محور حضارتهم.

وألف في شعب الإيمان جماعة من العلماء منهم : الإمام الحليمي إلا أن كتاب الجامع للبيهقي وقد طبع في نحو 15 مجلدًا هو الأكبر على مر التاريخ، فعندما طبع كتاب الحليمي رأيناه في ثلاث مجلدات. 

وفكرة أن الإيمان شعب، فكرة تدل في حد ذاتها على إدراك لطبيعة الإنسان، فإن نفسية الإنسان في غاية التركيب والتعقيد بحيث إن كلمة شعب تتناسب معها، وتصفها بدقة بليغة، وفكرة أن هذه الشعب لها أعلى ولها أدنى، ولها عدد تحتاج إلى وقفة للتأمل والتدبر والاستفادة، فأعلى هذه الشعب (لا إله إلا الله) وهي القضية الأساسية التي تجيب على أسئلة الإنسان الكلية، وتخرجه من الحيرة والمتاهة وتخرجه من الانغماس في نفسه أو في الدنيا، وتجعله دائمًا مؤمنًا بالغيب، ومؤمنًا بالشهادة معًا، وهذا هو المحك الأول الذي سوف يترتب عليه كثير من المواقف والآراء بإزاء كل مجالات الحياة، فإن تصرفات المؤمن بالله، المعتقد في التكليف، المصدق بيوم القيامة وبالحساب، الذي يعرف أن هناك دائرة للحلال ودائرة للحرام تختلف تمامًا عن تلك النفس التي تنحي قضية الألوهية وتغفل عنها، حتى يصل بها الأمر إلى إنكارها في بعض الأحيان، أو عدم اللجوء إليها إلا عندما يحاصر الإنسان بالأمراض والأسقام والهموم والأحزان، حتى صار نسيان الله عند أولئك وأيضا نسيان حقيقة الموت هو الوجه الآخر للفرح والسرور، ذلك الفرح المذموم الذي يختلف اختلافا بينًا عن الفرح المحمود، والذي قال الله فيه (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ).

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: شعب الإيمان

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: معجزة الإسراء والمعراج لا تخضع لقوانين الكون بل هي استثناء

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله عز وجل يقول فيما يتعلق بإسراء سيدنا النبي ﷺ: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) إنها لحظة لطيفة لا يدركها الإنسان بحواسه , فهي معجزة زمانية ومكانية , وهي منحة إلهية وتسرية ربانية للحبيب المصطفى ﷺ ، حيث تجلى علم الغيب للرسول المجتبى فأصبح علم شهادة , وذلك في انتقاله اللحظي من مكة إلى بيت المقدس.

وأضاف جمعة، فى منشور له، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن معجزة الإسراء والمعراج لا تخضع لقوانين الكون ، إنما هي استثناء ؛ لأن الذي خلق المكان والزمان اختصرهما وطواهما لسيد الأنام . كما لا يمكن تفسير ذلك وفق قوانين الأرض , فهو خروج جزئي وكلي عن قوانين الأرض ومدارك الإنسان، وهو ما تفرد به سيدنا النبي ﷺ ، حيث جمع الله عز وجل له في حادثة واحدة بين هذين الخروجين. ففي الإسراء خروج جزئي وكشف محدد لعالم الغيب أمام الرسول ﷺ , إذ قد أصبح من الممكن للإنسان في العصر الحالي السفر من الشرق إلى الغرب في وقت قصير , مما يؤكد إعجاز حادث الإسراء في ذلكم العصر.

ومعجزة الإسراء هي كشف وتجلية للرسول ﷺ عن أمكنة بعيدة في لحظة خاطفة قصيرة , وكل من له علم بالقدرة الإلهية وطبيعة النبوة لا يستغرب من ذلك شيئا ؛ فالقدرة الإلهية لا يقف أمامها شيء ، وتتساوي أمامها جميع الأشياء والمقدرات. فما يعتمد الإنسان أن يشاهده ويدركه بحواسه البشرية الضعيفة ليس هو الحكم في تقدير الأمور بالقياس أمام القدرة الإلهية. ومن جهة أخرى ، فإن من خصائص طبيعة النبوة أن تتصل بالملأ الأعلى. وفي هذا الأمر تجليات وفتوحات ربانية يمنحها اللطيف القدير لمن يصطفيه ويختاره من رسله.

والوصول إلى الملكوت الأعلى بأي وسيلة كانت -معلومة أو مجهولة- ليس أغرب من تلقي الرسالة والتواصل مع الذات العلية. ولهذا، فقد صدق أبو بكر رضي الله عنه هذه المعجزة قائلا: "إني لأصدقه بأبعد من ذلك , أصدقه بخبر السماء" (مستدرك الحاكم). وأبو بكر الصديق يشير من واقع إيمانه العميق إلى أن هذه الحادثة ليست قضية مهولة ولا هي ضربًا من الخيال , بل هي مسألة معتادة بالنظر إلى طبيعة العلاقة بين الله ورسله. ومن كشف الغيب لسيدنا رسول الله ﷺ أنه عندما عاد وجادله المشركون في مكة غير مستوعبين لتلك المعجزة , وطلبوا منه وصف المسجد الأقصى , جلى الله له المسجد رأي العين , فأخذ يصفه لهم ركنا ركنا.

مقالات مشابهة

  • ماذا يحدث عند الصلاة على النبي في رجب؟.. علي جمعة: 10 عجائب
  • علي جمعة: الإيمان بالكتب السماوية هو الركن الثاني من أركان الإيمان
  • لماذا اختار الله شهر رجب الذي تصب فيه الرحمات لفرض الصلاة؟ علي جمعة يوضح
  • علي جمعة: معجزة الإسراء والمعراج لا تخضع لقوانين الكون بل هي استثناء
  • أذكار الصباح .. أفضل ما يبدأ بها المسلم يومه كما أوصانا رسول الله
  • عالم بـ«الأوقاف»: الابتلاء امتحان من الله والصبر عليه من أعظم درجات الإيمان
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • 10 كلمات للنبي أغلى من اكتناز الذهب والفضة.. داوم عليهم وسترى فتحا عجيبا
  • أركان الإيمان ومعنى التوحيد.. يوضحها علي جمعة
  • علي جمعة: الإيمان مبني على 6 أركان