موقع النيلين:
2025-04-05@05:13:14 GMT

أنا والليل وهذه الحرب

تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT


لم تعد المحامية الفلسطينية زينب الغنيمى تحب الليل: «يملؤنى بالخوف ويذكرنى بحكايا أمى عن الغول المرعب الذى يمشى بين الأزقة ليلتهم كل ما هو حى ويتحرك، ولا يشبع». تؤكد على ذلك طيلة يومياتها التى تدونها منذ بداية الحرب على غزة. هو ليل ثقيل تنتظر أن ينجلى بصبح لكى يمنحها مثل الكثيرين أملا فى أن هنالك حياة.

المحامية والناشطة السبعينية التى تدير مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة، وكانت ضمن مؤسسيه مع عدد من زميلاتها عام 2005، توثق أكثر من مائة يوم من العزلة تحت مرمى الصواريخ، وتستمر فى الكتابة رغم القصف الشديد وأبخرة الفسفور السامة. بدأ الموضوع برسائل تبعثها لابنتها الوحيدة، الكاتبة الشابة فرح برقاوى التى تعيش حاليا فى نيويورك، لكى تطمئنها كل طلعة شمس. صار الأهل والأصدقاء، خارج غزة، يحاصرونها بالأسئلة، يريدون أن يعرفوا الأخبار بالتفصيل. ومن هنا جاءت فكرة تعميم الرسائل اليومية التى تشرح الوضع من وجهة نظرها الشخصية أو كما تعيشه هى، وأخذت الابنة على عاتقها مهمة نشر نصوص أمها القصيرة بالعربية والإنجليزية من خلال صفحتها على الإنستجرام أو موقع (blog.politicalــstudies.net/journalــgazaoui).

تحولت اليوميات إلى وسيلة مقاومة فعالة تسمح لها بالتعبير عن غضبها ومشاعرها المختلفة. تغيب فقط حين ينقطع الإنترنت. ونتابعها نحن مثلما نتابع عددا من الناشطين فى الداخل، نشاركها إحساسها حين تقول: «ندرك أننا نحبكم عندما نشعر أننا فقدنا التواصل معكم». نتنقل معها بين الأيام وهى تصف ليلة أخرى من الجحيم أو لحظات الهدوء التى تسبق العاصفة أو قصف مستشفى المعمدانى أو عجزها حين لا يجد الناس الدواء وما يحميهم من برودة الطقس أو صوت المذياع الذى يرتفع فى البيت ليُعلمها باقتراب الخطر أو مشهد قنابل الإنارة فى السماء التى تخترق عتمة الغرف، وكأن «قائد الطيارة التى تحمل أطنانا من الصواريخ يحدق بعيونه فينا فردا فردا، ليختار من سيقتل فى تلك اللحظة. وتتضرع الأكف إلى السماء كى لا يأتى الدور علينا. خفقان القلوب بات عاليا، نخشى أن يسمعه قائد الطائرة فيصطادنا بقذيفة، حتى التمتمة بالدعاء من أجل النجاة تحدث بصمت».تحكى عن خناقات أبناء الجيران الذين دب بينهم الخلاف حول من سيذهب لشراء الخبز لأنهم خائفون بعد قذف العديد من المخابز وعن مشكلة أخرى نشأت بسبب عدم توافر المياه. عادات الناس تتغير، صبرهم ينفد وعصبيتهم تزداد، خوفا من المجهول، ما يدفعهم للانجرار نحو صراعات صغيرة. تتساءل: «كيف استطاع الناس التكيف فى الخيام داخل المدارس المخصصة للإيواء؟ (…)

حيث يصبح الاختلاط بين الغرباء ومن الجنسين أمرا طبيعيا فى ظل وجود أكثر من عائلة فى غرفة مدرسية واحدة، بعد أن كان الاختلاط من الممنوعات والمحظورات بسبب طبيعة مجتمعنا المحافظة». العادات تتغير طمعا فى البقاء على قيد الحياة، وقد تنازلت هى أيضا عن الكثير من طقوسها اليومية، وكذلك هو الحال بالنسبة لابنتها فى الغربة التى اعتادت القفز البهلوانى بين توقيتين تفصلهما سبع ساعات طوال، «فلا يكون النوم نوما ولا الصحو صحوا، بل أعيش فى برزخ لا خروج منه إلا بنجاتها هى ومن معها».ظلت زينب الغنيمى حبيسة منزلها فى الأيام الأولى، ولم تنزل إلى الشارع سوى فى الرابع والعشرين من أكتوبر. انتقلت صديقة للعيش معها بسبب الدمار الذى حل بالمدينة، ثم اضطرت لمغادرة بيتها والخروج نحو المجهول فى الثامن من نوفمبر الماضى بسبب التوغل البرى. وكان السؤال: إلى أين؟ فكل من كان من الممكن أن تجد عندهم مأوى سبقوها واتجهوا إلى الجنوب، والجميع واقع فى المأزق نفسه. الترحال والتنقل كُتِبا عليها وعلى أهلها، فقد وُلدت فى مدينة رفح عام 1953 لعائلة لاجئة تعود أصولها إلى مدينة يافا المحتلة. انخرطت فى شبابها المبكر فى نشاطات الحركة الطلابية والتحقت بحركة فتح وتعرضت لتجربة السجن مرتين وعملت فى القطاع الغربى لمدينة بيروت عام 1977. كانت إحدى كوادر مركز دراسات الوطن المحتل، ثم جهاز الإعلام الفلسطينى الموحد، وكتبت فى عدة صحف وعايشت حصار بيروت عام 1982، ثم استقرت فى مخيم اليرموك بسوريا إلى أن عادت إلى فلسطين عام 1995 بعد اتفاقية أوسلو التى اعتبرتها «ممرا إجباريا بعد تشتت الثورة الفلسطينية فى الخارج وتراجع الداعمين لها» بسبب الظروف السياسية.تقارن بين هذه الحرب ودخول قوات الاحتلال إلى قطاع غزة عام 1967: «حينها اضطررنا لمغادرة منزلنا (…)

وأذكر أننا لجأنا وكل أهل حارتنا إلى مسجد الحى، ولكن اليوم لا محل للجوء لأى مسجد أو كنيسة فقد كانت هذه المبانى من أول ما تعرض للتدمير، كما تصعب المقارنة بين تلك الحرب وهذه من حيث عنف العدوان ونوع الأسلحة». مع مضى الأيام وصلت إلى قناعة بأن دولة الاحتلال لن تتوقف عن تنفيذ مخططها النازى وتدمير ما تبقى من القطاع، لكنها تحاول أن تتمسك بالأمل: «الحياة تتجدد بميلاد أطفال جدد»، ويظل السؤال الذى يلاحقها: «المحاصرات والمحاصرون فى مدينة غزة وشمالها هل سيصبحون عرب 23؟».تساؤلات ومخاوف مشروعة تأتينا عادة من خلال يوميات الحروب. رأينا ذلك من قبل خلال الحربين العالميتين، فحين تتعرض الشعوب لخطر الإبادة الجماعية تزدهر الكتابات الشخصية والتدوينات، يحاول الأفراد التأكيد على وجودهم وسرد حكاياتهم مهما كانت بسيطة، وهو ما نشهده حاليا وبقوة فى انتظار انقشاع الغمة. عبرت فرح برقاوى، الابنة والشاعرة، عن حالة الذين يعيشون مثلها حرقة الترقب وانتظار نهاية الأحداث من خلال أبيات قالت فيها: «بعد المجزرة، إن ظل لى شىء بعد المجزرة، سأكتفى بالحب والغضب. سأرعى من أحب حد الموت، ولن أسامح من خذل حتى الموت».

داليا شمس – الشروق نيوز

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

علامات غير متوقعة لاضطراب طيف التوحد لدى البالغين

إنجلترا – كشف طبيب متخصص عن بعض العلامات الخفية لاضطراب طيف التوحد (ASD) لدى البالغين، والتي غالبا ما يتم تجاهلها أو الخلط بينها وبين سمات شخصية طبيعية أو حالات نفسية أخرى.

على الرغم من أن التوحد يرتبط عادة بسلوكيات الطفولة، مثل صعوبة التواصل البصري أو تفضيل العزلة، فإن مظاهره لدى البالغين قد تكون أكثر تعقيدا وأقل وضوحا. وقد يظهر من خلال عدم الراحة في الأحاديث الجانبية، أو التفكير بنمط “الكل أو لا شيء”، أو حتى تقليد الآخرين في السلوكيات والتعبيرات.

وبهذا الصدد، سلطت الدكتورة بيجال تشيدا فارما، عالمة النفس المعتمدة، الضوء على 7 علامات غير متوقعة قد تشير إلى الإصابة بالتوحد لدى البالغين، والتي قد يخلط البعض بينها وبين القلق الاجتماعي أو غرابة الأطوار.

– الاهتمام المفرط بمواضيع محددة

يميل بعض المصابين بالتوحد إلى تطوير اهتمامات عميقة للغاية في مواضيع معينة، تمتد لأشهر أو حتى سنوات، مثل الأحداث التاريخية أو وسائل النقل أو أنواع معينة من الفنون. وهذه الاهتمامات تتجاوز كونها مجرد هوايات، إذ يمكن أن تستحوذ على جزء كبير من تفكيرهم ووقتهم اليومي، ما يجعلهم يجدون صعوبة في تحويل انتباههم إلى مهام أخرى.

– تقليد الآخرين في السلوكيات

يلجأ الكثير من المصابين بالتوحد إلى “التقليد”، حيث يحاولون التكيف مع المواقف الاجتماعية من خلال محاكاة لغة الجسد أو طريقة الكلام أو العبارات المستخدمة من قبل الآخرين، وذلك لتجنب لفت الانتباه إلى اختلافاتهم.

وفي بعض الحالات، قد يكون هذا التقليد واعيا، وفي حالات أخرى يكون تلقائيا كوسيلة لا شعورية للاندماج في المجتمع.

– التفكير بنمط “الكل أو لا شيء”

يواجه الأفراد المصابون بالتوحد صعوبة في التفكير بمرونة، إذ يميلون إلى رؤية الأمور بشكل قطعي: إما صحيحة تماما أو خاطئة تماما، دون مساحة للتفسيرات الوسطية.

وعلى سبيل المثال، قد يفسرون تغيرا بسيطا في نبرة الصوت على أنه غضب، أو يعتبرون أي خطأ بسيط فشلا ذريعا. وهذه العقلية قد تؤدي إلى معايير صارمة جدا لأنفسهم وللآخرين، ما قد يسبب مشكلات في التفاعل الاجتماعي.

– الحاجة الشديدة للروتين

يشعر المصابون بالتوحد براحة كبيرة عند الالتزام بروتين يومي محدد، إذ يساعدهم ذلك على التعامل مع التوتر الحسي والاجتماعي. فالتغييرات غير المتوقعة، مثل تغيير خطة اليوم أو تعديل موعد معين، قد تسبب لهم قلقا شديدا أو حتى نوبات من التوتر المفرط.

وهذا قد يظهر في أمور بسيطة مثل تناول نوع الطعام نفسه يوميا، أو اتباع تسلسل دقيق في الأنشطة اليومية.

– عدم الارتياح في الأحاديث الجانبية

بينما يستطيع معظم الأشخاص خوض محادثات عابرة حول الطقس أو الأخبار اليومية دون عناء، يجد المصابون بالتوحد هذا النوع من الأحاديث مرهقا أو بلا معنى، فهم يميلون إلى تفضيل المناقشات العميقة والمحددة، خاصة إذا كانت تدور حول اهتماماتهم الخاصة. ومن ناحية أخرى، قد يجدون صعوبة في معرفة التوقيت المناسب للحديث أو متى يتعين عليهم إنهاء الحوار، ما قد يسبب ارتباكا في المواقف الاجتماعية.

– الحساسية الحسية المفرطة أو المنخفضة

قد يعاني المصابون بالتوحد من استجابات حسية غير معتادة، حيث يمكن أن تكون بعض الأصوات أو الروائح أو الأضواء الساطعة أو حتى ملمس معين للأشياء مزعجة أو مرهقة بشدة لهم. وفي المقابل، قد يكون لديهم حساسية أقل تجاه بعض المحفزات الأخرى، مثل الشعور بالألم أو البرودة. وهذه الفروقات الحسية يمكن أن تجعل البيئات الاجتماعية صعبة أو مربكة لهم.

– صعوبة فهم الإشارات الاجتماعية

قد يجد الأشخاص المصابون بالتوحد صعوبة في تفسير تعابير الوجه أو لغة الجسد أو التلميحات غير المباشرة. على سبيل المثال، قد لا يدركون متى يتغير موضوع المحادثة أو متى يفقد الطرف الآخر اهتمامه بها. كما أنهم قد يأخذون الكلام بمعناه الحرفي، ما يجعل من الصعب عليهم فهم السخرية أو النكات. وهذه الصعوبات قد تؤدي إلى سوء الفهم الاجتماعي والشعور بالانعزال.

المصدر: ميرور

مقالات مشابهة

  • على الحجار يروى رحلة فريد الأطرش فى 100 سنة غنا بالأوبرا
  • الدويري: معركة المقاومة الدفاعية ستتضح خلال ساعات وهذه أبرز أوراقها
  • مؤشرات الحرب ترتفع... وهذه شروط تفاديها
  • الشيخ محمد أبو بكر يشكر وزير الأوقاف لنقله لمسجد الفتح
  • وزير الزراعة يشيد بجهود منع التعديات على الأراضي خلال أيام العيد.. وهذه عقوبة المخالفين
  • رفح تشهد نزوحاً جماعياً بسبب الاجتياح الإسرائيلي
  • علامات غير متوقعة لاضطراب طيف التوحد لدى البالغين
  • طلب مناقشة بالشيوخ حول إجراءات السلامة المهنية في السيرك
  • ارتفاع مستمر في أسعار الأسماك بعدن.. وهذه أحدث الأسعار
  • فروقات حرارية كبيرة بين النهار والليل حتى السبت