ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين. وبعد الإنجيل المقدس ألقى عوده عظة قال فيها: "سمعنا في إنجيل اليوم عن حادثة شفاء أعمى أريحا الذي نعرف من الأناجيل الأخرى أن اسمه بارتيماوس. كان شهيرا، وهذه الشهرة رافقته عندما أصبح تلميذا للرب يسوع.

كان هذا الأعمى جالسا على الطريق يستعطي، وهو يشبه كل خاطئ تعميه الخطيئة روحيا، فيسلك في الظلمة، ويجلس مستعطيا الشهوة والرذيلة والمجد الباطل. هذا ما تفسره الإصحاحات التالية التي تتحدث عن أشخاص أعماهم المجد الباطل، مثل زكا الذي ارتبط اسمه بحب المال وعندما رأى يسوع، النور من النور، عاد إليه بصره الروحي وأعاد كل الأموال إلى أصحابها، وابنا زبدى اللذان طلبا المجد العالمي، لكن المسيح أوضح لهما أن هذا المجد يمنحه الآب لمن يستحقه، فأنار بكلامه حدقتي ذهنهما لكي يكون سعيهما لربح الملكوت السرمدي".

أضاف: "نلاحظ أن الجمع الذي كان يتبع الرب يسوع انتهر الأعمى كي يسكت ويكف عن صراخه نحو المخلص، لأن الذين كانوا يبصرون إنما رأوا في المسيح زعيما أرضيا، ربما سياسيا، كما سنلاحظ بعد ذلك عند دخوله إلى أورشليم. كانت عيونهم عمياء عن الحقيقة، التي بدت واضحة لإنسان أعمى رأى ببصيرته أن المسيح هو المخلص ابن داود، وهو الرحوم الذي «يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون» (1تي 2: 4)، أي لا يريد أن يبقى العميان، خصوصا العميان روحيا، على حالهم، بل يبتغي خلاصهم وإعتاقهم من خطاياهم. كثيرون حولنا، متى رأونا نسعى إلى التوبة والنور، يمسكون بنا محاولين ردعنا عن ذلك، لأن العالقين في الظلمة وظلال الموت لا يريدون أن يخلص أحد، بل أن يهلك مثلهم. ومع أن الجميع خلقوا على الصورة والمثال الإلهيين، إلا أن كثيرين فصلوا أنفسهم عن النور وأحبوا الظلمة. نسمع في إنجيل يوحنا: «هذه هي الدينونة: أن النور قد جاء إلى العالم، وأحب الناس الظلمة أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة» (3: 19). لهذا، جاء الرب إلى أريحا، التي تعني «القمر»، لكي يخرج النور للشعب مثلما ينير القمر ظلمة الليل الدامسة".

وتابع: "إن صراخ الأعمى: «يا يسوع ابن داود ارحمني» يترجم إيمانه بأن المسيح هو المسيا المنتظر الآتي من نسل داود، على حسب ما ورد في المزامير: «أقسم الرب لداود بالحق ولا يرجع عنه: إني من ثمرة بطنك أجلس على كرسيك» (132: 11). أراد الرب يسوع أولا أن يعلن إيمان الأعمى أمام الجموع التي كانت تحيط بهما، فسأله: «ماذا تريد أن أصنع لك؟». الرب يسوع يعلم جيدا حاجة الأعمى، لكنه لا يتدخل في قراراتنا، بل يريدنا أن نقر بما نحتاجه بملء حريتنا، هو القائل: «إسألوا تعطوا، أطلبوا تجدوا، إقرعوا يفتح لكم» (مت 7: 7). هذا كان سببا ثانيا لطرحه السؤال على الأعمى لأن صراخه ازداد طلبا للرحمة رغم أن الجموع انتهرته. إن الإيمان الحقيقي ثابت مهما اشتدت الظروف المعاكسة، ومهما قويت الظلمة لا بد من أن يجد النور طريقه ليطردها".

وقال: "كثيرا ما نظن أن الرب لا يسمع صوت صراخنا، إلا أن ضجيج هذا العالم لا يجعلنا نسمع صوته وسؤاله لكل منا: «ماذا تريد أن أصنع لك؟». لذلك علينا أن نثق دوما أن الرب يصغي إلى صراخنا واستغاثتنا، وسيتدخل في الوقت المناسب لانتشالنا من الظلمة إلى النور. أحيانا يجعلنا ننتظر حتى يقوى إيماننا، مثلما حدث مع إبراهيم حينما كان صاعدا لتقديم ابنه إسحق ذبيحة، كما طلب منه الرب، لكنه حافظ على إيمانه ثابتا، وعندما وصل وجد حمل الذبيحة أمامه، وبقي إسحق حيا، علامة حية للإيمان الذي أظهره والده".

أضاف: "إن حادثة شفاء أعمى أريحا هي الأعجوبة الأخيرة التي اجترحها المسيح قبل دخوله إلى أورشليم ليصلب، ويفتدي الشعب من طغيان الخطيئة ومملكة الشيطان المظلمة. لذا علينا أن نصرخ كل حين نحو الرب طالبين الرحمة، كما فعل الأعمى والعشار والابن الشاطر وكثيرون آخرون، فنالوا الخلاص والفداء. هذا ما قصده الرسول بولس بقوله: «صلوا بلا انقطاع» (1تس 5: 17). وليست مصادفة أن تختار كنيستنا المقدسة صلاة العشار وصرخة الأعمى لتكون الصلاة القلبية الدائمة التي نرددها: «ربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ».

وتابع: "البصيرة الروحية هبة من الله يفتقدها كثيرون، لذلك لا يعرفون الحق الذي هو المسيح الله الذي ينير قلوبنا ويمنحنا الحكمة والفهم والقدرة على التمييز. لذلك، في ظلمة الأيام التي نعيشها، وحده نور الرب قادر على إنارة دربنا، ووحده الرب قادر على سؤالنا: «ماذا تريد أن أصنع لك؟». ليكن جوابنا عن هذا السؤال مرتبطا بخلاص نفوسنا لكي عندما تخلص تعمل بهدي نور الله على خلاص هذا البلد. فالنفوس التي تشوشهها الخطيئة غير قادرة على الرؤية الواضحة، وتقود البلد إلى الهاوية، مدفوعة بخطاياها ومصالحها. لذلك خلاص البلد لن يأتي إلا بواسطة النفوس التي طهرها الندم والتوبة فأصبح العقل نيرا والقلب رحوما والفكر نقيا يعمل على إيجاد الحلول لمشاكل هذا البلد عوض العمل على تحقيق المصالح والتنافس على النفوذ. وهل يبنى بلد بلا رأس يتولى قيادة المجموعة الحاكمة والتنسيق بين أعضاء الجسد؟ وهل يبنى بلد بلا حكومة تضع الخطط الإصلاحية وتنفذها، عوض إعداد موازنة هي كارثة على البلد كما أجمع معظم النواب، وبلا قضاء نزيه وعادل لا يسكت على ظلم ولا يساوم على حقيقة؟

 

جريمة المرفأ عار على دولتنا وعلى بعض قضاتنا ليس فقط لأنهم لم يقوموا بواجبهم في جلاء الحقيقة وفرض العدالة، بل لأنهم ساهموا في طمسها معرقلين التحقيق نزولا عند رغبة سياسيين يستغلون نفوذهم، ويتهربون من المثول أمام قاضي التحقيق عوض إثبات براءتهم، وإعطاء المثل الصالح في احترام القانون. كما أنهم استهانوا بأرواح الضحايا ولم يعيروا آلام ذويهم أية أهمية. كذلك لم ينصفوا من أصيبوا في أجسادهم وفي ممتلكاتهم ولم يجدوا التفاتة من الدولة، ومنهم من يعاني حتى الآن".

وختم: "دعوتنا اليوم أن نثق بالرب دائما، صارخين نحوه فقط، لا نحو أي زعيم أرضي، لأنه هو المخلص الرحوم ولا مخلص سواه. آمنوا به، واضعين كل رجائكم عليه، واطلبوه فتحيوا، كما يخبرنا كتابنا المقدس".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

أشبه بخروج الروح من الجسد.. أعراض انسحاب مخدر اغتـ ـصاب الفتيات GHP

بعد أن ألقت قوات الأمن القبض على إعلامية وصانعة محتوى بصحبة صديق لها بتهمة حيازتهما أكثر من 180 لترا من مخدر اغتـ ـصاب الفتيات GHP بقيمة 145 مليون جنيه، وذلك داخل فيلا بالتجمع الخامس، زاد التساؤل حول هذا المخدر وخصائصه وتأثيره على المتعاطي، وتأثيراته الفسيولوجية على الفرد، ومدى خطورة مضاعفاته.

مخدر يستخدم للسيطرة على الأشخاص

قال الدكتور نبيل عبد المقصود، أستاذ علاج السموم والإدمان بكلية طب قصر العيني، في تصريحات تليفزيونية على قناة صدى البلد، إن عقار (اغتـ ـصاب الفتيات) يستخدم من أجل السيطرة على الأشخاص، ويجعلهم غير قادرين على الدفاع على نفسهم حيث بمجرد تناوله يؤدي إلى حدوث تأثيرات فسيولوجية وذهنية مؤقتة، تجعل الشخص غير قادر على التصرف تجاه أي تهديد يواجه.

زيادة تلقائية وسحب شقق.. مصير المستأجرين بعد تعديلات قانون الإيجار القديم| ما علاقة الضرائب؟ هل تلقيت مكالمة دولية؟.. احذر يمكنها سرق أرصدتك البنكية| نصائح مجربة للحماية 2.5 مليون دولار.. إمام عاشور يكشف تفاصيل رحيله عن الزمالك وكيفية التحاقه بالأهلي زي أحمد رفعت| تفاصيل سقوط لاعب كفر الشيخ داخل الملعب.. وحالته الصحية الآن مخدر ليس له لون أو رائحة

أشار أستاذ علاج السموم والإدمان أيضًا إلى أنه من خصائص مخدر GHP أنه ليس له لون أو رائحة، مما يعرض الفرد للخطر حيث يمكن إذابته في عصير أو مشروب دون أن يشعر الفرد.

الجرعة الزائدة تؤدي إلى فقدان الوعي والذاكرة

أكد (عبد المقصود) على أن تناول الجرعات الزائدة من عقار (اغتـ ـصاب الفتيات) من الممكن أن يؤدي إلى فقدان الوعي والذاكرة، وفي بعض الحالات الخطيرة فالمضاعفات قد تصل إلى حد الوفاة.

يحتوي على مواد مهلوسة تحدث تغيب عن الوعي

في سياق متصل، أشار الدكتور محمد مصطفي، خبير السموم والمخدرات بالطب الشرعي، في تصريحات صحفية سابقة أن عقار الاغتـ ـصاب هو نوع من المخدرات وكان يستخدم في علاج الكسل والنوم الشديد قديمًا ولكن نظرًا لإدمانه تم منعه وتصنيفه كعقار محظور في كل دول العالم، حيث يحتوي على مادة من المواد المهلوسة التي تؤثر على الفرد وتحدث تغيب عن الوعي، نظرًا لتأثيره على الجهاز العصبي المركزي فيفقد الشخص القدرة على تذكر ما حدث له أثناء تعاطيه للمخدر.

الهلوسة تثير أي تصرف غير مسئول لمتعاطي المخدر

أكد خبير السموم والمخدرات بالطب الشرعي على أن الهلوسة تثير أي تصرف غير مسئول لمتعاطي المخدرات، مشيرًا إلى أن المواد المهلوسة تحدث نشاط جنـ ـسي غير طبيعي، كما أوضح أن تناول جرعات زائدة من العقار يفقد المتعاطي الوعي وفي بعض الحالات قد يؤدي إلى الوفاة، مختتمًا حديثه بأن العقار مدرج في جدول المخدرات وغير منتشر في مصر بشكل عام، ويدخل إلى البلاد عن طريق بعض الطرق غير الشرعية.

كما أشار الدكتور محفوظ رمزي، رئيس لجنة التصنيع بنقابة الصيادلة، إلى أن أثار هذا المخدر تختفي من الجسم بعد 24 ساعة، موضحًا أن سعر اللتر منه يصل إلى 800 ألف جنيه وتشبه أعراض انسحابه أعراض خروج الروح من الجسد.

يذكر أن هذا المخدر قد تسبب في العديد من حوادث الاغتـ ـصاب من أشهرها حادثة فتاة فندق فيرمونت بالقاهرة التي وقعت في إبريل 2014 من خلال تعرض فتاة للاغتـ ـصاب الجماعي على يد عدد من أبناء كبار الأثرياء والمشاهير.

مقالات مشابهة

  • وزير الطاقة: أساليب تعاملنا في الأسرة الحاكمة جعلتنا قدوة للجميع .. فيديو
  • ليلى مجدلاني.. اللبنانية التي رفضت عودة نيمار إلى البرازيل
  • الداعية جاد الرب: ظلمني الكثير ولم أدع يومًا على أحد في الكعبة
  • حميه بحث مع عبد المسيح في أوضاع النازحين
  • الشراكة الاستراتيجية بين مصر والبرازيل تهدف لتعزيز المشاورات والتنسيق
  • لن يتنازل عن 100 ألف دولار.. حسين لبيب يتولى ملف تجديد عقد جوميز
  • في العيد الـ12 لتجليس البابا تواضروس.. تفاصيل تدشين كاتدرائية ميلاد المسيح
  • نص مشروع القرار حول حماية المدنيين في السودان الذي وزعته بريطانيا على أعضاء مجلس الأمن للتصويت عليه غداً الاثنين
  • أشبه بخروج الروح من الجسد.. أعراض انسحاب مخدر اغتـ ـصاب الفتيات GHP
  • مصدر باتحاد الكرة لـ "الفجر الرياضي": هاني أبو ريدة قد لا يتولى رئاسة الاتحاد على الرغم من تزكيته