سؤال غزة في ثنائية بايدن وترامب
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
كأن المشهد اقتطع من مسرحيات «اللا معقول»، حيث تبدو الديمقراطية الأمريكية شبه عاجزة عن إنتاج وجوه جديدة في عالم يتغير. نفس المرشحين؛ جو بايدن ودونالد ترامب، ونفس أجواء الكراهية، التي سادت انتخابات (2020) تُستأنف الآن.
يوشك ترامب أن يحصد بطاقة الترشح باسم الحزب الجمهوري، فيما يشبه الاكتساح.. ولا يوجد اسم بارز في صفوف الحزب الديمقراطي ينازع «بايدن» على الترشح باسمه.
الأجواء الانتخابية عبَّرت في المرة الأولى عن صدامات محتدمة في بنية المجتمع واصلة إلى تساؤلات قلقة عن مستقبل القوة العظمى الوحيدة، وإذا ما كان ممكناً وقف التدهور الحاصل في مكانتها الدولية بأثر سياسات «ترامب».
هذه المرة، تعاود الأسئلة القلقة طرح نفسها في انتخابات (2024)، في بيئة دولية مختلفة، تتعرض فيها الولايات المتحدة بأثر سياسات بايدن لهزيمتين استراتيجيتين بتوقيت واحد في حربي أوكرانيا وغزة.
بدت المواجهة الانتخابية الأولى أقرب إلى استفتاء على ترامب.. فيما تبدو الثانية استفتاء عكسياً على بايدن.
بذريعة «أمريكا أولاً» أفرط ترامب في الانسحاب من المنظمات الدولية، أو أوقف التمويل عنها ك«الصحة العالمية» و«اليونسكو» و«الأونروا» ملوحاً بانسحاب مماثل من حلف «الناتو» .
كان أسوأ ما جرى محاولة بعض أنصاره اقتحام مبنى «الكونغرس» بتحريض ظاهر منه لمنع نقل السلطة إلى الرئيس المنتخب.
كانت إدارة بايدن لحرب غزة أحد الأسباب الجوهرية في تراجع شعبيته، حيث وفر دعماً مطلقاً لحرب الإبادة التي تُجرى في القطاع المحاصر.
كان خروج مئات الآلاف مرة بعد أخرى إلى شوارع المدن الكبرى بالأعلام الفلسطينية داعية إلى وقف إطلاق النار فوراً، تطوراً جوهرياً في الحسابات الانتخابية، حيث ينتمي معظمهم إلى قواعد الحزب الديمقراطي،.
المثير هنا أن ترامب أقرب إلى إسرائيل من بايدن، وخياراته تميل إلى استبعاد حل الدولتين.
معضلة بايدن في سباقه مع الوقت أنه يبدو شبه مقيد باعتراضات نتنياهو على خططه وتصوراته لليوم التالي من حرب غزة.
يسعى بايدن بوسائل التواصل مع المكونات الداخلية الإسرائيلية إلى إحداث تغيير ما في معادلة السلطة، بإزاحة «نتنياهو». في الوقت نفسه يسعى نتنياهو إلى إطالة أمد الحرب، بأمل أن يحرز- أولاً- اختراقاً عسكرياً يسوّقه كنصر في غزة يجنبه فاتورة الحساب بعدها عن مسؤوليته عما حاق بإسرائيل في 7 أكتوبر وما بعده من فشل عسكري ذريع، بالإضافة إلى إبعاد شبح الزج به خلف قضبان السجون بتهمتي الفساد والرشى. ثم بأمل أن يحسم ثانياً- حليفه الوثيق ترامب الانتخابات الرئاسية، وتتغير الحسابات الدولية .
يستلفت النظر- هنا- الطريقة التي ينتهجها ترامب في استثمار أزمة بايدن لإلحاق الهزيمة الانتخابية به. «ليس لدينا أحد يقود».
كان ذلك جوهر انتقاده لأداء بايدن في إدارة حرب غزة. لم يتصادم مع الحقائق، لكنه حاول إعادة صياغتها.
«على إسرائيل أن تفعل شيئاً على جبهة العلاقات العامة». كان ذلك تلخيصاً مخلاً لمظاهر الغضب على جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين، كأنها محض مسألة علاقات عامة!
«ما حدث ما كان ينبغي أن يحدث.. إنه أمر فظيع على الجانبين». هكذا حاول أن يوازن خطابه بين نقد مخفف لإسرائيل ونقد خشن لبايدن من دون تغيير في بوصلته المعتادة.
لا يجدي الرهان على أحدهما، هذه حقيقة سياسية.. ولا يصح أن ننسى أن التضحيات الهائلة التي بذلها الفلسطينيون والتعاطف الإنساني معها هو الذي أحيا أعدل القضايا الإنسانية المعاصرة داخل الولايات المتحدة نفسها.
..هذه حقيقة سياسية أخرى، فلا شيء بالمجان.
عبدالله السناوي – صحيفة الخليج
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
افتتاح قمة “آبيك” في بيرو وترامب الغائب الحاضر
بيرو – افتُتحت في بيرو، امس الجمعة، قمة زعماء منطقة آسيا والمحيط الهادي (آبيك) بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن، في ظل حالة من الغموض الدبلوماسي بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية.
ومن المقرر أن يعقد بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ الذي لم يكن حاضرا في الجلسة الافتتاحية للقمة محادثات اليوم السبت، في حين رجّح مسؤول في الإدارة الأميركية أنه سيكون الاجتماع الأخير بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم قبل أن يؤدي ترامب اليمين في يناير/كانون الثاني المقبل.
وقالت رئيسة بيرو دينا بولوارتي أمام الزعماء إن التعاون الاقتصادي المتعدد الأطراف ينبغي أن يعزَّز “في ظل تفاقم التحديات المختلفة التي نواجهها مع مستويات عدم اليقين في المستقبل المنظور”.
وأكدت “نحن بحاجة إلى مزيد من التشارك والتعاون والتفاهم مع التقليل من التشرذم”.
وتأسست مجموعة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي عام 1989 بهدف تحرير التجارة الإقليمية، وهي تجمع 21 اقتصادا تمثل معا نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وأكثر من 40% من التجارة العالمية.
وكان من المقرر أن يركز برنامج القمة على التجارة والاستثمار للنمو الشامل، كما يُطلق عليه مؤيدوه، لكن عدم اليقين بشأن الخطوات التالية لترامب يخيم الآن على الأجندة، كما هي الحال بالنسبة لمحادثات المناخ في مؤتمر “كوب 29” الجارية في أذربيجان، وقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الأسبوع المقبل.
ومع تبني الرئيس الجمهوري المنتخب نهج مواجهة مع بكين في ولايته الثانية، يحظى هذا الاجتماع الثنائي بمتابعة وثيقة.
وحضرت القمة أيضا اليابان وكوريا الجنوبية وكندا وأستراليا وإندونيسيا، من بين دول أخرى، لكن سيغيب عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتستند أجندة ترامب “أميركا أولا” إلى اتباع سياسات تجارية حمائية، وزيادة استخراج الوقود الأحفوري وتجنب الصراعات الخارجية، وتهدد بالتالي التحالفات التي بناها بايدن بشأن قضايا تراوح من الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط إلى تغير المناخ والتجارة العالمية.
وهدد الرئيس الجمهوري المنتخب بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 60% على واردات السلع الصينية لتعديل ما يقول إنه خلل في التجارة الثنائية.
من جانبها، تواجه الصين أزمة إسكان مطولة وتباطؤا في الاستهلاك، وهو ما سيزداد سوءا في حال اندلاع حرب تجارية جديدة مع واشنطن.
والصين حليفة لروسيا وكوريا الشمالية اللتين يشدد الغرب عقوباته عليهما، وتبني قدراتها العسكرية، وتكثف الضغوط على تايوان التي تعتبرها جزءا من أراضيها. كما تعمل على توسيع حضورها في أميركا اللاتينية عبر مشاريع البنية التحتية ومشاريع أخرى في إطار مبادرة الحزام والطريق.
بولوارتي اجتمعت مع نظيرها الصيني شي جين بينغوافتتح شي مساء الخميس أول ميناء موّلت الصين بناءه في أميركا الجنوبية، في بيرو، على الرغم من دعوة مسؤول أميركي كبير دول أميركا اللاتينية إلى توخي الحذر حيال الاستثمارات الصينية.
ويجتمع شي بنظيره التشيلي غابرييل بوريتش، الجمعة، في حين يلتقي بايدن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، وهما حليفان رئيسيان للولايات المتحدة في آسيا.
وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان الذي يرافق بايدن إن الدول الشريكة ستعلن إنشاء أمانة لضمان أن تحالفها “سيكون سمة دائمة للسياسة الأميركية”.
والصين ليست الدولة الوحيدة في مرمى ترامب الاقتصادي، فقد هدد بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25% أو أكثر على البضائع الآتية من المكسيك -وهي عضو آخر في منتدى آبيك- ما لم توقف “هجمات المجرمين والمخدرات” عبر الحدود.
ونشرت بيرو أكثر من 13 ألف عنصر من القوات المسلحة للحفاظ على الأمن في العاصمة ليما، حيث بدأ عمال النقل وأصحاب المتاجر 3 أيام من الاحتجاجات على الجريمة والإهمال الحكومي.
المصدر : الوكالة الفرنسية