ما المعنى الصحيح لقرب النبي من الله تعالى في رحلة المعراج؟.. الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
ما المعنى الصحيح لقرب النبي من الله تعالى في رحلة المعراج؟، سؤال أجابته دار الإفتاء المصرية خلال بيانها المعنى الصحيح لقرب النبي عليه الصلاة والسلام من الله تعالى في رحلة المعراج.
المعنى الصحيح لقرب النبي عليه الصلاة والسلام من الله تعالى في رحلة المعراجوقالت إن دُنُوُّ الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلَّم من ربه سبحانه وتعالى في رحلة المِعراج واختراقه الحجب وبلوغه أعلى المنازل والدرجات، إنَّما هو دنُوُّ تشريف وكرامة، وليس انتقالًا أو قطع مسافة؛ قال الإمام القُشيري في "لطائف الإشارات" (3/ 481، ط.
قد صنَّف العلماء قديمًا وحديثًا في نفي الجهة عن الله سبحانه تعالى، وخصصوا الأبواب والفصول في الرد على من يدَّعي ذلك من الجهمية المُجسمة والمشبهة ومن على شاكلتهم ممن يتعلَّقون بالظواهر التي دلت الأدلة القطعية على أنها غير مرادة على جهة الحقيقة؛ فخصص الإمام البخاري بابًا في "صحيحه" للرد على الجهمية المجسِّمة المتعلقين بظاهر الآيات والأحاديث، فقال: (باب قول الله تعالى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْه﴾ [المعارج: 4]، وقوله جل ذكره: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: 10]، وقال أبو جمرة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: بلغ أبا ذر رضي الله عنه مبعثُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لأخيه: "اعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء"، وقال مجاهد: "العمل الصالح يرفع الكلم الطيب" يقال: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ [المعارج: 3]: «الملائكة تعرج إلى الله»).
قال العلّامة ابن بطَّال في "شرح صحيح البخاري" (10 /453، ط. مكتبة الرشد): [غرضُه في هذا الباب: رد شبهة الجهمية المجسمة في تعلقها بظاهر قوله تعالى: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ [المعارج: 3-4]، وقوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: 10]، وما تضمنته أحاديث الباب من هذا المعنى، وقد تقدم الكلام في الرد عليهم؛ وهو: أنَّ الدلائل الواضحة قد قامت على أن الباري تعالى ليس بجسمٍ، ولا محتاجًا إلى مكان يحلُّه ويستقر فيه؛ لأنه تعالى قد كان ولا مكان، وهو على ما كان ثم خلق المكان، فمحال كونه غنيًّا عن المكان قبل خلقه إياه، ثم يحتاج إليه بعد خلقه له، هذا مستحيل، فلا حجة لهم في قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾؛ لأنه إنما أضاف المعارج إليه إضافة فعل، وقد كان لا فعل له موجود، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ هو بمعنى: العلو والرفعة. وكذلك لا شبهة لهم في قوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾؛ لأنَّ صعود الكلم إلى الله تعالى لا يقتضي كونه في جهة العلو؛ لأنَّ الباري تعالى لا تحويه جهة؛ إذ كان موجودًا ولا جهة، وإذا صح ذلك وجب صرفُ هذا عن ظاهره وإجراؤه على المجاز؛ لبطلان إجرائه على الحقيقة، فوجب أن يكون تأويلَ قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ رفعتُه واعتلاؤه على خليقته وتنزيهُه عن الكون في جهة؛ لأنَّ في ذلك ما يوجب كونه جسمًا تعالى الله عن ذلك، وأما وصف الكلام بالصعود إليه فمجاز أيضًا واتساع؛ لأن الكلم عَرَضٌ، والعرض لا يصح أن يَفْعَل؛ لأن من شرط الفاعل كونَه حيًّا قادرًا عالمًا مريدًا، فوجب صرفُ الصعود المضاف إلى الكلم إلى الملائكة الصاعدين به] اهـ.
وقال العلَّامة ابن المُنيِّر في "المتواري على تراجم أبواب البخاري" (ص: 424، ط. مكتبة المعلا): [وفهم من قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ أنَّ العلو الفوقي مضاف إلى الحق على ظاهره، فبيَّن البخاري أن الجهة التي يصدق عليها أنها سماء، والحيز الذي يصدق عليه أنه عرش، كلُّ ذلك مخلوقٌ مربوبٌ محدَث، وقد كان الله ولا مكان ضرورة، وحدثت هذه الأمكنة، وحدوثُها وقِدَمُه جلَّ جلاله يحيل وصفه بالتحيز فيها؛ لأنَّه لو تحيز لاستحال وجوده قبل الحيز، مثل كل متحيز، تعالى الله عن ذلك] اهـ.
وألف الإمام العلامة شهاب الدين أحمد بن جَهْبَل الشافعي رسالة في "نفي الجهة"، قال فيها -فيما نقله عنه الإمام تاج الدين السبكي الشافعي في "طبقات الشافعية الكبرى" (9/ 46-47، ط. هجر)-: [والعروج والصعود شيءٌ واحدٌ، ولا دلالة في الآية على أنَّ العروجَ إلى سماءٍ ولا عرشٍ ولا شيءٍ من الأشياء التي ادَّعاها -يعني: ابن تيمية- بوجه من الوجوه؛ لأنَّ حقيقة العروج المستعملة في لغة العرب في الانتقال في حقِّ الأجسام؛ إذ لا تعرف العرب إلَّا ذلك] اهـ.
وهذا ما تضافر عليه المفسرون عند تعرضهم لبيان النصوص التي يوهم ظاهرها إثبات الجهة؛ قال الإمام الطبري في "جامع البيان في تأويل القرآن"(1/ 430، ط. مؤسسة الرسالة)، في تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ [البقرة: 29]: [علا عليها علوّ مُلْك وسُلْطان، لا علوّ انتقالٍ وزَوال] اهـ.
وقال الإمام فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب" (30/ 639): [المسألة الثانية: احتج القائلون بأن الله في مكان، إما في العرش أو فوقه بهذه الآية: ﴿تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ من وجهين: الأول: أن الآية دلت على أن الله تعالى موصوف بأنه ذو المعارج، وهو إنما يكون كذلك لو كان في جهة فوق. والثاني: قوله: ﴿تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾، فبين أنَّ عروج الملائكة وصعودهم إليه، وذلك يقتضي كونه تعالى في جهة فوق. والجواب: لما دلت الدلائل على امتناع كونه في المكان والجهة: ثبت أنه لا بُدَّ من التأويل. فأما وصف الله بأنه ذو المعارج: فقد ذكرنا الوجوه فيه. وأما حرف (إلى) في قوله: ﴿تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾: فليس المراد منه المكان؛ بل المراد انتهاء الأمور إلى مراده كقوله: ﴿وَإِلَيِهِ يُرْجَعُ الَأمْرُ كُلُّهُ﴾ [هود: 123] المراد الانتهاء إلى موضع العز والكرامة كقوله: ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الصافات: 99] ويكون هذا إشارة إلى أن دار الثواب أعلى الأمكنة وأرفعها] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الإسراء والمعراج ذ ی ال م ع ار ج ال م لا ئ ک ة فی قوله الله عن على أن فی جهة
إقرأ أيضاً:
شم النسيم 2025 اليوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟
يوافق شم النسيم 2025 اليوم الإثنين ويتزامن مع آخر أسبوع من شهر شوال لعام 1446 هـ، وهو ما يطرح السؤال عن حكم صيام شم النسيم 2025 اليوم الإثنين أم أنه حرام ؟، باعتباره من أعياد إخوتنا المسيحيين، خاصة وأن هناك البعض مرت من بينهم أيام شهر شوال الهجري وفيه صيام الستة البيض، دون أن ينتبهوا فيما يحاولون اغتنام فضل هذه الست من الشوال في آخر أسبوع والذي يتزامن فيه شم النسيم 2025 ، وهناك من يصومون كل إثنين وخميس من كل أسبوع اتباعًا لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم - ومن ثم فهذا يزيد من أهمية معرفة هل صيام شم النسيم 2025 اليوم الإثنين حرام؟.
حدد المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، موعد شم النسيم 2025 اليوم الإثنين ، الموافق 21 إبريل 2025 م، ويختلف موعد شم النسيم من عام لآخر، وشم النسيم هو بداية فصل الربيع، حيث نشأ من مهرجان شمو المصري القديم، ويقضي المصريون شم النسيم في التنزه في المساحات الخضراء، الحدائق العامة، على النيل أو في حديقة الحيوان، ويتناولون الطعام التقليدي من الفسيخ (بوري رمادي مملح مجفف) والخس والبصل الأخضر، الترمس والبيض المسلوق الملون.
صيام شم النسيم 2025 اليوم الإثنينقال الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء، عن حكم صيام شم النسيم 2025 اليوم الإثنين ، إن الفقهاء اختلفوا في مشروعية صيام يوم الإثنين إذا تزامن مع مناسبة شم النسيم.
وأوضح «عبد السميع» في إجابته عن سؤال: « هل صيام شم النسيم 2025 اليوم الإثنين حرام ؟، أو هل يجوز الصيام يوم الإثنين إذا تزامن مع يوم شم النسيم؟»، أن فقهاء الحنفية يرون كراهة صوم هذا اليوم.
وأضاف: فيما لا يرى فقهاء الشافعية في ذلك كراهة، فإذا كان الصيام يوم شم النسيم على سبيل قضاء أيام فائتة من رمضان، وقد ضاقت الأيام بالشخص، فيجوز الأخذ برأي الشافعية وصيام هذا اليوم ولا شيء عليه.
وأشار إلى أن الصيام في هذه الحالة يكون صحيحًا، أما إذا لم يكن هناك اضطرار أو ضرورة لصيام هذا اليوم، فالخروج من الخلاف وعدم الصيام في شم النسيم مُستحب.
حكم الاحتفال بشم النسيمقالت دار الإفتاء المصرية، إنه لَمّا كان الاعتدال الربيعي يوافق صوم المسيحيين، جرت عادة المصريين على أن يكون الاحتفال به فور انتهاء المسيحيين من صومهم.
وأوضحت « الإفتاء» حكم الاحتفال بشم النسيم، أن ذلك ترسيخًا لمعنًى مهم؛ يتلخص في أن هذه المناسبة الاجتماعية إنما تكتمل فرحة الاحتفال بها بروح الجماعة الوطنية الواحدة.
وأضافت أن هذا معنًى إنسانيٌّ راقٍ أفرزته التجربة المصرية في التعايش بين أصحاب الأديان والتأكيد على المشترك الاجتماعي الذي يقوي نسيج المجتمع الواحد، وهو لا يتناقض بحال مع الشرع، بل هو ترجمة للحضارة الإسلامية الراقية، وقِيَمِها النبيلة السمحة.
موعد شم النسيموأفادت «الإفتاء» عن موعد شم النسيم الأصلي، أن الأصل في الاحتفال بالربيع وشم النسيم، أن موعده يكون عند دخول الربيع، لكن لما كان هذا الموعد يوافق صيام المسيحيين، جرت عادة المصريين على أن يكون الاحتفال به فور خروج المسيحيين من صومهم.
وتابعت: وذلك ترسيخًا لمعنًى مهم؛ يتلخص في أن هذه المناسبة لا يستقيم الاحتفال بها إلا بروح الجماعة الوطنية الواحدة، منوهة بأن هذه لمسة إنسانية راقية قد جرى على مراعاتها المسلمون تشريعًا وممارسة عبر تاريخهم المشرف وحضارتهم النقية وأخلاقهم النبيلة السمحة.