يقف الطفل الفلسطيني أسامة قاسم (13 عاما) خلف بسطة صغيرة لبيع عصائر طبيعية في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، وينادي بأعلى صوته المرهق لجذب الزبائن.

يحاول قاسم بقامته القصيرة وبنيته الضعيفة، أن يوفر لعائلته النازحة من بلدة بني سهيلا شرق خانيونس، دخلاً بسيطاً لشراء بعض الاحتياجات الأساسية والطعام.

ويقول: "اضطر للعمل يومياً من ساعات الصباح الباكر حتى يحل المساء، لأني بحاجة إلى النقود، فأسرتي نازحة ولا تملك شيئا".

ويضطر السكان الذين يحتاجون المال، إلى بيع ما يملكونه من سلع بسيطة، لتوفير مبالغ مالية يستطيعون من خلالها شراء احتياجاتهم، إن توفرت في الأسواق.

ويضيف: "أبيع حاليا عصير الليمون للسكان والنازحين في محيط مجمع ناصر الطبي، حتى أصرف على نفسي ووالدتي وأشقائي النازحين في مدارس غرب خان يونس".

ورغم أن الطفل قاسم يحلم بحياة طبيعية كباقي أطفال العالم، مليئة بالطاقة والنشاط واللهو في حدائق ومتنزهات خضراء وملاعب، إلا أن الحرب سلبته وأقرانه كل شيء جميل.

ويخشى الطفل قاسم أن تمتد الحرب الإسرائيلية لفترة زمنية أطول وأن تتسع رقعة العمليات العسكرية البرية في خان يونس لتطال محيط مجمع ناصر الطبي.

اقرأ أيضاً

أكثر من 10 أطفال يفقدون إحدى ساقيهم أو كلتيهما في غزة يوميا

في الوضع الطبيعي، من المفترض أن يكون قاسم طالبا في المدرسة، إلا أن الحرب الحالية، أدخلت العام الدراسي الحالي في نفق مجهول؛ إذ لم تصدر أية تحديثات من وزارة التربية والتعليم بشأن مصير الموسم الدراسي.

ويقول: "كل ما أخشاه أن تطول فترة الحرب وأن يصل الجيش الإسرائيلي إلى مجمع ناصر الطبي، ونضطر للنزوح مرة أخرى، بحثا عن مكان آمن يأوينا.. لم نعد نفكر بالتعليم بقدر تفكيرنا في النجاة بأنفسنا".

ويضيف: "الحياة أصبحت صعبة ومعقدة، نزوح وتعب وخوف شديد ولا نعرف ما ينتظرنا من قصف وتشريد"، متسائلاً: "إلى متى سيبقى حالنا هكذا؟".

وأكد نائب المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، الجمعة الماضية خلال مؤتمر صحفي، أن قطاع غزة أخطر مكان على الأطفال في العالم ووضعه تحول من كارثي إلى شبه منهار.

وحسب الإحصاء الفلسطيني، هناك نحو 1.05 مليون طفل دون سن (18 عاما) يسكنون في قطاع غزة قبل الحرب، يشكلون ما نسبته 47.1% من سكان القطاع، منهم نحو 32% دون سن الخامسة (340 ألف طفل).

ولا تقتصر معاناة طفل آخر، وهو خالد النتيل (13 عاما)، عند الإرهاق الذي يصاب به بعد يوم عمل طويل منذ الصباح، يبدأ بتجهيز بضاعته مع عائلته، ثم يبيعها في السوق غرب خان يونس.

ويقول الطفل النتيل النازح من منطقة المشتل شمال غرب مدينة غزة: "الحرب جعلت الأوضاع صعبة وبالكاد يستطيع المواطن تدبر أموره".

اقرأ أيضاً

محمد صلاح يوزع هدايا الكريسماس على أطفال انجلترا ويثير غضبا: ماذا عن غزة؟

ويضيف: "الحل أن تعمل الناس في أي مجال حتى تستطيع العيش وأن تصرف على نفسها، فالقوي في هذا الوقت هو من يستطيع العيش".

ويعمل الطفل النتيل في بيع المعجنات أو الحلويات المصنعة منزلياً، أو حتى في بيع الفستق السوداني المحمص للمواطنين، لمساعدة عائلته في ظل الواقع الاقتصادي الصعب بفعل استمرار العدوان الإسرائيلي.

وتساءل: "من أين سنأكل؟! ومن أين سنشتري احتياجاتنا؟! أنا وأخوتي؟ علينا العمل لمساعدة العائلة في توفير لقمة عيشنا ومصروفنا اليومي".

أما الطفل مازن فارس حلس (16 عاما) والذي يقف على بسطة لبيع المنظفات بجانب شقيقته الصغيرة، في منطقة المواصي غرب خان يونس، يقول لمراسل "الأناضول": ‏‏ "أنا مضطر لبيع المنظفات حتى نعيش كباقي الناس".

ويزيد: "نتعامل مع أحد التجار الذي يقوم بتزويدنا بالبضاعة حتى نبيعها ونتمكن من تدبر أمورنا، بالكاد ننجح في بيع غرض أو اثنين يوميا".

ويوضح أنه يعمل لإعالة إخوته الثمانية ولا سيما بعد استشهاد شقيقه الأكبر، مبينًا أنه يعمل ووالده حتى يتمكنوا من قضاء حوائجهم وشراء ما يلزم العائلة.

ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة، خلفت حتى السبت 26 ألفا و257 شهيدا، و64 ألفا و797 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.

اقرأ أيضاً

أونروا: شهداء غزة من الأطفال والنساء يفوق قتلى المدنيين في حرب أوكرانيا

المصدر | الأناضول

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: عمالة الأطفال أطفال غزة غزة أطفال حرب غزة خان یونس

إقرأ أيضاً:

أمن السلطة يعيد مستوطنين كانوا في طريقهم إلى قبر يوسف بنابلس

أفادت قناة "كان" العبرية بأن أجهزة السلطة الفلسطينية اعتقلت الجمعة خمسة من اليهود الحريديين أثناء تنقلهم بسيارتهم في شوارع نابلس، حيث كانوا في طريقهم إلى قبر يوسف. 

وذكرت القناة أنه تم تسليم المعتقلين إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي عبر مكتب التنسيق والارتباط في نابلس، وسيتم تحويلهم للتحقيق لدى الشرطة الإسرائيلية.

يقع "قبر يوسف" في الطرف الشرقي من مدينة نابلس، التي تخضع للسيطرة الفلسطينية، ويعتبره اليهود مقامًا مقدسًا منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967. 

ووفقا للمعتقد اليهودي، فإن رفات النبي يوسف بن يعقوب تم نقلها من مصر ودفنت في هذا المكان. إلا أن علماء الآثار يشككون في صحة هذه الرواية، مؤكدين أن عمر المقام لا يتجاوز بضعة قرون، وأنه في الواقع ضريح لشيخ مسلم يُدعى "يوسف دويكات".

وعادت قضية التنسيق الأمني إلى الواجهة مرة أخرى في أعقاب حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، وذلك تزامناً مع الذكرى الثلاثين لاتفاقية أوسلو.

وتبرز الملامح الأولية لهذا التنسيق الأمني، الذي تحول إلى أداة ضغط وآلية ابتزاز، سواء من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي أو حتى السلطة الفلسطينية، التي هددت مرارا بوقف هذا التنسيق، ولكنها عادت من جديد إليه.


وفي الأربعاء الماضي٬ أصدرت حركة حماس بيانًا، عبّرت فيه عن إدانتها الشديدة للهجوم على مخيم جنين، مشيرة إلى استمرار نزيف الدم الفلسطيني "على يد أجهزة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية". ووصفت الحركة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي بأنه بلغ مستويات "كارثية".

وجاء في البيان: "إن استمرار نزيف الدم الفلسطيني على يد أجهزة السلطة في الضفة الغربية، والذي تجلّى مؤخرًا في إصابة الشاب محمد شادي الصباغ من مخيم جنين، إلى جانب محاصرة مستشفى الرازي وملاحقة المقاومين واعتقال المصابين، يمثل سلوكًا يتجاوز كل الخطوط الحمراء وينتهك الأخلاق الوطنية".

وأضاف البيان: "إن مشاهد محاصرة المستشفى وإطلاق النار داخله، وملاحقة المطاردين من قبل الاحتلال الإسرائيلي عبر أجهزة السلطة، هي سلوكيات تخرج عن الإطار الوطني وتشكل جريمة بحق أبناء شعبنا، وتتنكر لدماء الشهداء".


وتابع البيان: "إن تزامن هذه الانتهاكات الخطيرة مع عدوان الاحتلال على جنين، يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال قد وصل إلى مستويات كارثية، وهو نهج ترفضه كافة مكونات شعبنا الفلسطيني وفصائله المقاومة".

مقالات مشابهة

  • 13 ألف قتيل و25 ألف جريح..أطفال غزة دفعوا ثمن الحرب
  • وزير الخارجية اليمني في حوار لـ عُمان: الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة وقيام يمن جديد ومزدهر
  • وزير الخارجية اليمني في حوار لـ عُمان: الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة وقيام يمن جديد ومزدهر. سلطنة عمان تلعب دورا محوريا لتقريب وجهات النظر وتحقيق الأمن والاستقرار.
  • الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة وقيام يمن جديد ومزدهر سلطنة عمان تلعب دورا محوريا لتقريب وجهات النظر وتحقيق الأمن والاستقرار
  • فرح شرقاوي وكورال أطفال.. العروض الفنية لقصور الثقافة تسحر رواد معرض الكتاب
  • أمن السلطة يعيد مستوطنين كانوا في طريقهم إلى قبر يوسف بنابلس
  • بالفيديو... مواطنون في طريقهم إلى بلدة الخيام
  • عاجل: حدث ليلا.. كوارث جديدة تهدد أمريكا: ثوران البركان الأكثر نشاطًا في العالم وتحذير من تهديد مباشر للحياة في كاليفورنيا وعواصف ثلجية تضرب فلوريدا
  • احتفاء خاص بالكاتبة فاطمة المعدول.. قصور الثقافة تقدم برنامجًا مميزًا مجانا للأطفال بمعرض الكتاب
  • ورش فنية وإبداعية.. «قصور الثقافة» تقدم ركنا مميزا للطفل في معرض الكتاب