هكذا تتأهب روسيا لأخذ مكان فرنسا في النيجر.. خطوات حثيثة
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
نشرت صحيفة موند أفريك مقالا حول دور روسيا في التنافس مع فرنسا على النفوذ في النيجر، في سياق صراع عالمي على الموارد والنفوذ في القارة الأفريقية بشكل عام.
وتقول الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في وقت يعكف فيه الجنود الفرنسيون على جمع أسلحتهم وعتادهم لمغادرة النيجر، تسعى روسيا الموجودة أصلا في الجوار في مالي وبوركينا فاسو، إلى الدفع ببيادقها بخطوات صغيرة ولكن حثيثة للاستحواذ على الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الفرنسي.
وتضيف الصحيفة أن محور موسكو باماكو واغادوغو نيامي بدأت ملامحه تتشكل شيئا فشيئا في الساحل الأفريقي، فيما يبدو أنه السيناريو الكابوس بالنسبة للدبلوماسية والمصالح العسكرية الفرنسية.
وترى الصحيفة أن الصور القادمة من تلك المنطقة تبدو معبرة بشكل كبير عن التحولات السياسية وتغير الأدوار، حيث أن الجنرال عبد الرحمان تشياني، رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن، تقدم ثلاث خطوات في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي في العاصمة نيامي، ليصافح السفير الروسي في النيجر، إيغور غروميكو.
وليس هذه هي اللقطة الوحيدة المثيرة للانتباه في هذه العلاقة، حيث أنه منذ وصوله للسلطة في 26 تموز/ يوليو 2023، بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد بازوم، تعد هذه هي المرة الأولى التي يستقبل فيها رئيس المجلس العسكري في البلاد بشكل شخصي دبلوماسيا أجنبيا. وكان مثيرا أيضا خلال هذا اللقاء أن هذا الاستقبال الذي حظي به السفير الروسي في باماكو ونيامي لم يكن في حضور وزير الخارجية النيجري باكاري ياو سانغاري، بل كان حاضرا وزير الدفاع ساليفو مودي.
محور موسكو باماكو نيامي
قبل استقبال السفير الروسي في نيامي، كان وفد من المجلس الوطني لحماية الوطن قد تحول في أيلول/ سبتمبر 2023 إلى باماكو لملاقاة بعثة عسكرية جاءت من موسكو. هذا اللقاء الثلاثي بين روسيا ومالي والنيجر كان يصب في صالح الطموح الروسي بوضع قدم في النيجر في سياق الإنسحاب الصادم لفرنسا.
ومن أجل تحقيق أحلامها في الانتصار على فرنسا، تعول موسكو على بطاقة مهمة، وهي مجموعة الضباط الحاكمين في مالي الذين يعشقون روسيا، ومن بينهم ساديو كامارا وزير الدفاع. ولحسن حظ روسيا فإن كامارا يحظى بعلاقة جيدة مع ساليفو مودي، نظيره النيجري. خاصة أن مودي يكن مشاعر عداء تجاه فرنسا التي يشتبه بقوة في أنها كانت وراء قرار عزله في نيسان/ أبريل 2023 من منصبه كقائد أعلى للقوات المسلحة النيجرية، لأنه كان يدافع عن فكرة تعزيز التعاون العسكري بين النيجر ومالي.
وعلى إثر هجوم إرهابي كبير حدث في شهر فبراير/ شباط من العام الماضي ضد مواقع للجيش النيجري في المثلث الحدودي بين بوركينافاسو ومالي والنيجر، قرر مودي الذي كان يشغل منصب القائد الأعلى للجيش الذهاب في زيارة لباماكو للقاء نظيره المالي الجنرال عمر ديارا ثم رٍئيس الانتقال السياسي في مالي أسيمي غويتا.
وبضوء أخضر من مالي، أطلقت القوات النيجرية عملية انتقامية ضخمة ضد المجموعات المتطرفة في منطقة ميناكا، الواقعة على الجانب المالي من الحدود المشتركة بين البلدين.
ولا يعرف ما إذا كان ذلك محض صدفة أو عملية مدبرة لكسر هذا المحور العسكري بين الجارين، إلا أن القائد الأعلى للجيش الفرنسي الجنرال تييري بوركار سارع لزيارة النيجر في آخر آذار/ مارس 2023، أي بعد وقت قصير من زيارة ساليفو مودي إلى مالي.
ولذلك يعتبر كثيرون أن الجنرال الفرنسي يقف وراء إعفاء الجنرال مودي من منصبه في ذلك الوقت، ولكن تسارعت الأحداث بعد ذلك مع الانقلاب العسكري الذي نفذه المجلس الوطني لحماية الوطن، الذي يمثل الجنرال مودي الرقم اثنين فيه، ليعود هذا العسكري للعمل مجددا على التقارب مع الجيش المالي الذي يلعب دور الوسيط بين النيجر وروسيا، وليأتي بعد ذلك الإعلان عن إنشاء "تحالف دول الساحل"، الذي يضم النيجر ومالي وبوركينا فاسو، ليعكس تصاعد قوة هذا التحالف الاستراتيجي في منطقة الساحل.
الاستقالة الأمريكية
بعد أن كانت الولايات المتحدة لوقت طويل تأمل في تفادي التغلغل الروسي في النيجر، بالاعتماد على بعض أعضاء المجلس العسكري الذين تم تدريبهم من طرف الجيش الأمريكي، اتجهت واشنطن نحو الاعتراف الرسمي بالانقلاب الذي حصل في 26 تموز/ يوليو 2023. وهو قرار يؤدي إلى تعليق جزئي للمساعدات المقدمة للنيجر، ولكن دون سحب القوات الأمريكية الموجودة حاليا في اثنين من القواعد الجوية على مقربة من حدود مالي.
وفي الوقت الحالي، لا تفكر النيجر في جلب قوات فاغنر الروسية، وهو ما يجعل الأمور مقبولة بالنسبة
للأمريكيين. وترى الصحيفة أن الرغبة النيجرية في التقارب مع روسيا، مدفوعة أساسا بالحاجة لشراء معدات عسكرية، خاصة طائرات هليكوبتر للقتال ولأغراض نقل الجنود.
خسائر مضاعفة لفرنسا:
في وقت لا تمانع فيه النخبة العسكرية الحاكمة في النيجر من بقاء القوات الأمريكية، فإنها أجبرت فرنسا على سحب آخر جندي لديها.
ويلاحظ هنا أن الولايات المتحدة في هذا الملف فضلت التصرف بشكل انفرادي، ولم تتردد في النأي بنفسها وبشكل علني عن الجانب الفرنسي. وهذا الموقف الأمريكي غير المسبوق تجاه الحليف الفرنسي في الساحل يزيد من أوجاع هذه الأخيرة، التي تجد نفسها مجبرة على مغادرة آخر موطئ قدم لها في المنطقة، بعد طردها من مالي وبوركينا فاسو.
وبالتالي فإن الدبلوماسية الفرنسية التي تعاني حالة رفض من النخبة العسكرية في النيجر وحالة تجاهل من الحليف الأمريكي، تتضاعف أوجاعها أكثر مع حلول روسيا محلها في النيجر.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية روسيا فرنسا النيجر مالي فرنسا النيجر روسيا مالي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی النیجر الروسی فی
إقرأ أيضاً:
رائحة الموت تفوح من كل مكان شمال قطاع غزة
الثورة / افتكار القاضي
يعيش الفلسطينيون في شمال قطاع غزة أوضاعًا مأساوية تفوق الوصف ” جوع ، حصار ، قتل ، تشريد ودمار ، اعتقال وتعذيب ..” . ويزداد المشهد قتامة مع دخول فصل الشتاء، حيث زادت الأمطار الغزيرة من معاناتهم، فغالبية من تبقى من سكان شمال القطاع يعيشون في خيام بدائية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الأساسية، رائحة الموت تفوح من كل مكان ، مع استمرار الاحتلال أطباق الحصار عليه والتنكيل بسكانه منذ اكثر من 50 يوما مرتكبا مجازر وحشية ، وإبادة جماعية هناك ، ربما لم تحدث من قبل في تاريخ الحروب ، في مسعى لفصل شمال القطاع عن بقية وسط وجنوب غزة وإعادة الاستيطان فيه تنفيذا لخطة الجنرالات التي تقضي بفصل شمال غزة عن جنوبها وإعادة استيطانها .
رامز عواد ، واحد من آلاف الفلسطينيين الذين اضطروا للنزوح من مخيم جباليا إثر القصف الصهيوني المتواصل والكثيف الذي يستهدف شمال القطاع بشكل عنيف ويومي منذ بداية شهر أكتوبر 2024.
يروي عواد معاناته مع أسرته المكونة من سبعة أفراد، الذين وجدوا أنفسهم في “ملعب اليرموك” بمدينة غزة، حيث أقاموا في خيمة ضيقة على الرغم من المحاولات العديدة لتوفير مكان آمن لهم، وسط مئات الخيام التي تؤوي آلاف النازحين من مخيم جباليا ومحيطه، والجميع يعيش ظروفًا كارثية، خاصة مع أجواء البرد والمطر”.
يقول عواد “أن محاولاته وأسرته لحماية خيمتهم من الأمطار كانت دون جدوى بسبب غزارة الأمطار، التي أغرقت خيمتهم وتحولت الأرضية إلى وحل، مما جعل من المستحيل التحرك داخل المخيم.
وأضاف: “عندما سمعنا بتوقعات الأمطار، حاولنا حماية خيامنا وتجنب الخطر، لكن كل محاولاتنا فشلت بسبب غزارة المطر. الأرضية الطينية تحولت إلى وحل، وجعلت من المستحيل التحرك فيها”.
وأكد أن الحياة داخل الخيمة أسية، لا سيما أن أطفاله الصغار يعانون من البرد في ظل غياب الأغطية الكافية بسبب نزوحهم القسري نتيجة العدوان الصهيوني الذي اجتاح “شمال قطاع غزة تحت مزاعم “منع حركة حماس من استعادة قوتها ” وإجبارهم على النزوح مجددا من منازلهم أو قصفها على رؤوسهم.
ليس مجرد منزل
هاشم التلي، أحد النازحين من حي “تل الزعتر” شمال شرق مخيم جباليا، يعيش حاليا مع عائلته المكونة من 10 أفراد بخيمة بحي “الشيخ رضوان” شمال مدينة غزة.
وقال التلي لوكالة الأناضول: “كلما أسمع أصوات التفجيرات، أشعر أنني فقدت منزلي للأبد، المنزل الذي استغرق بناءه أكثر من 40 عاما من العمل الشاق”.
ويضيف “هذه التفجيرات تحدث ارتدادات وكأنها زلازل، وتدمر عشرات المنازل بكل مرة خسارة المنزل لا تعوض، لأنه ليس مجرد مكان؛ إنه حياة مليئة بالذكريات”.
لم يكن حال صابرين المدهون (26 عامًا)، النازحة من مشروع بيت لاهيا، مععائلتها، التي تضم والدها ووالدتها وثلاثة من إخوتها ، أفضل حالًا.. تقول: “لأول مرة نجرب حياة الخيمة بعد نزوحنا القسري من بيت لاهيا، وكانت التجربة أقسى مما نتخيل”.
وأوضحت كنا قد لجأنا إلى “ملعب اليرموك” حيث وجدنا مأوى في خيمة صغيرة وسط الآلاف من النازحين. لكن كل شيء غرق فجأة ولم نعد نحتمل. سلمنا أنفسنا للأمطار، والكل كان يدعو الله أن يوقف المطر وينقذ أرواحنا”. وقالت المدهون: إن الأوضاع الصعبة في الخيمة جعلتها تبكي طوال الوقت بسبب حالة عجزها وعجز أسرتها عن مواجهة الظروف القاسية، خصوصًا مع وجود والديها المسنين في هذه الظروف الصعبة.
وتابعت: “أنا أنظر إلى أبي وأمي المسنين، يعيشان هذه المأساة، بينما العالم يواصل دعمه للاحتلال”. وناشدت المدهون “كل إنسان حر في العالم للتحرك من أجل النازحين الفلسطينيين والضغط على الاحتلال لوقف هذه الحرب المجنونة”.
تهجير وفصل
أما أدهم غباين، النازح إلى مدينة غزة من “مشروع بيت لاهيا”، يرى أن عمليات النسف تعكس نية إسرائيل إقامة منطقة عازلة وفصل شمال القطاع عن بقية مناطقه.
يقول غباين: “الاحتلال يريد تهجيرنا بشكل دائم، ظروفنا بالخيام مأساوية، لا طعام صحي، ولا مأوى ملائم وسط البرد والأمطار، لكننا نتمسك بالأمل في العودة”.
وتابع: “الحنين يرافقني بكل دقيقة، وأتمنى أن أتمكن من العودة إلى منزلي بأقرب وقت، وأن أراه سالما وغير مدمر، ليكون مأوى لي ولعائلتي”.
أصوات التفجيرات تُسمع بجميع أنحاء مدينة غزة والمناطق الشمالية، ما أدى إلى تدمير منازل المواطنين، والمحال التجارية، والبنية التحتية بشكل شبه كامل.
من داخل “مشروع بيت لاهيا”، قال الشاب رياض محمود “كل صباح نصحو على دمار جديد سببه التفجيرات الليلية، لم تسلم أي منطقة في شمال قطاع غزة من هذا الخراب”.
وأكد محمود أن من تبقى في شمال القطاع يعيش وسط مشاهد يومية من الدمار والخراب، مع تفاقم الأوضاع الإنسانية في ظل الحصار المشدد والقصف المستمر وشح الطعام والدواء وعدم توفر أي فرق إنقاذ.
وقال فلسطينيون محاصرون إن قوات الاحتلال تتعمد استهداف أي شخص يتحرك لجلب المياه أو تشغيل الآبار في المنطقة، وأضافوا أنه إذا لم يمت الأهالي بالقصف الإسرائيلي فسيموتون بنقص المستلزمات الأساسية، ودعا السكان إلى ضغط دولي فوري لإدخال الطعام والماء والعلاج.
وفي الأسابيع الأخيرة، أجبرت قوات الاحتلال عشرات الآلاف من الفلسطينيين على النزوح قسرا من محافظة شمال قطاع غزة إلى مدينة غزة. لكن آلاف السكان لا يزالون يرفضون مغادرة منازلهم، ويعيشون الموت كل ساعة وهم يشهدون حجم الدمار والتدمير الذي تسببت فيه عمليات التفجير والنسف لمنازل السكان وكل شيء في شمال القطاع / كما يعيشون حصار مطبقا ، ولم يعد أمامهم شيء سوى انتظار الموت قصفا أو جوعا وعطشا .
تحذير أممي
واستفحلت المجاعة في جل مناطق القطاع جراء الحصار الإسرائيلي، لا سيما في الشمال إثر الإمعان في الإبادة والتجويع، بينما تعيش مناطق القطاع كافة كارثة إنسانية غير مسبوقة، تزامنا مع حلول فصل الشتاء للعام الثاني تواليا على نحو مليوني نازح فلسطيني، معظمهم يفترشون الخيام. وحذر تقرير أممي من أن شبح المجاعة يخيم على مناطق شمال قطاع غزة وسط تصاعد القصف والمعارك وتوقف المساعدات الغذائية تقريبا، في وقت ارتفعت فيه حصيلة العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع المحاصر منذ أكثر من عام.
وقالت لجنة مراجعة المجاعة في تقييمها أن “احتمال حدوث المجاعة وشيك وكبير، بسبب التدهور السريع للوضع في قطاع غزة وخصوصا في شماله “، مع انهيار أنظمة الغذاء، وانخفاض المساعدات الإنسانية، وظروف المياه والصرف الصحي
وضمن ما يعرف بـ”خطة الجنرالات”، بدأ الجيش الإسرائيلي في 5 أكتوبر عملية برية واسعة بمحافظة شمال غزة بزعم “منع حركة حماس من استعادة قوتها هناك”، وكشفت وسائل إعلام عبرية لاحقا أنه يسعى لفصل الشمال عن محافظة غزة، وعدم السماح بعودة النازحين.