نشرت صحيفة موند أفريك مقالا حول دور روسيا في التنافس مع فرنسا على النفوذ في النيجر، في سياق صراع عالمي على الموارد والنفوذ في القارة الأفريقية بشكل عام.

وتقول الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في وقت يعكف فيه الجنود الفرنسيون على جمع أسلحتهم وعتادهم لمغادرة النيجر، تسعى روسيا الموجودة أصلا في الجوار في مالي وبوركينا فاسو، إلى الدفع ببيادقها بخطوات صغيرة ولكن حثيثة للاستحواذ على الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الفرنسي.



وتضيف الصحيفة أن محور موسكو باماكو واغادوغو نيامي بدأت ملامحه تتشكل شيئا فشيئا في الساحل الأفريقي، فيما يبدو أنه السيناريو الكابوس بالنسبة للدبلوماسية والمصالح العسكرية الفرنسية.

وترى الصحيفة أن الصور القادمة من تلك المنطقة تبدو معبرة بشكل كبير عن التحولات السياسية وتغير الأدوار، حيث أن الجنرال عبد الرحمان تشياني، رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن، تقدم ثلاث خطوات في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي في العاصمة نيامي، ليصافح السفير الروسي في النيجر، إيغور غروميكو.

وليس هذه هي اللقطة الوحيدة المثيرة للانتباه في هذه العلاقة، حيث أنه منذ وصوله للسلطة في 26 تموز/ يوليو 2023، بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد بازوم، تعد هذه هي المرة الأولى التي يستقبل فيها رئيس المجلس العسكري في البلاد بشكل شخصي دبلوماسيا أجنبيا. وكان مثيرا أيضا خلال هذا اللقاء أن هذا الاستقبال الذي حظي به السفير الروسي في باماكو ونيامي لم يكن في حضور وزير الخارجية النيجري باكاري ياو سانغاري، بل كان حاضرا وزير الدفاع ساليفو مودي.


محور موسكو باماكو نيامي
قبل استقبال السفير الروسي في نيامي، كان وفد من المجلس الوطني لحماية الوطن قد تحول في أيلول/ سبتمبر 2023 إلى باماكو لملاقاة بعثة عسكرية جاءت من موسكو. هذا اللقاء الثلاثي بين روسيا ومالي والنيجر كان يصب في صالح الطموح الروسي بوضع قدم في النيجر في سياق الإنسحاب الصادم لفرنسا.

ومن أجل تحقيق أحلامها في الانتصار على فرنسا، تعول موسكو على بطاقة مهمة، وهي مجموعة الضباط الحاكمين في مالي الذين يعشقون روسيا، ومن بينهم ساديو كامارا وزير الدفاع. ولحسن حظ روسيا فإن كامارا يحظى بعلاقة جيدة مع ساليفو مودي، نظيره النيجري. خاصة أن مودي يكن مشاعر عداء تجاه فرنسا التي يشتبه بقوة في أنها كانت وراء قرار عزله في نيسان/ أبريل 2023 من منصبه كقائد أعلى للقوات المسلحة النيجرية، لأنه كان يدافع عن فكرة تعزيز التعاون العسكري بين النيجر ومالي.

وعلى إثر هجوم إرهابي كبير حدث في شهر فبراير/ شباط من العام الماضي ضد مواقع للجيش النيجري في المثلث الحدودي بين بوركينافاسو ومالي والنيجر، قرر مودي الذي كان يشغل منصب القائد الأعلى للجيش الذهاب في زيارة لباماكو للقاء نظيره المالي الجنرال عمر ديارا ثم رٍئيس الانتقال السياسي في مالي أسيمي غويتا.

وبضوء أخضر من مالي، أطلقت القوات النيجرية عملية انتقامية ضخمة ضد المجموعات المتطرفة في منطقة ميناكا، الواقعة على الجانب المالي من الحدود المشتركة بين البلدين.

ولا يعرف ما إذا كان ذلك محض صدفة أو عملية مدبرة لكسر هذا المحور العسكري بين الجارين، إلا أن القائد الأعلى للجيش الفرنسي الجنرال تييري بوركار سارع لزيارة النيجر في آخر آذار/ مارس 2023، أي بعد وقت قصير من زيارة ساليفو مودي إلى مالي.

ولذلك يعتبر كثيرون أن الجنرال الفرنسي يقف وراء إعفاء الجنرال مودي من منصبه في ذلك الوقت، ولكن تسارعت الأحداث بعد ذلك مع الانقلاب العسكري الذي نفذه المجلس الوطني لحماية الوطن، الذي يمثل الجنرال مودي الرقم اثنين فيه، ليعود هذا العسكري للعمل مجددا على التقارب مع الجيش المالي الذي يلعب دور الوسيط بين النيجر وروسيا، وليأتي بعد ذلك الإعلان عن إنشاء "تحالف دول الساحل"، الذي يضم النيجر ومالي وبوركينا فاسو، ليعكس تصاعد قوة هذا التحالف الاستراتيجي في منطقة الساحل.

الاستقالة الأمريكية
بعد أن كانت الولايات المتحدة لوقت طويل تأمل في تفادي التغلغل الروسي في النيجر، بالاعتماد على بعض أعضاء المجلس العسكري الذين تم تدريبهم من طرف الجيش الأمريكي، اتجهت واشنطن نحو الاعتراف الرسمي بالانقلاب الذي حصل في 26 تموز/ يوليو 2023. وهو قرار يؤدي إلى تعليق جزئي للمساعدات المقدمة للنيجر، ولكن دون سحب القوات الأمريكية الموجودة حاليا في اثنين من القواعد الجوية على مقربة من حدود مالي.

وفي الوقت الحالي، لا تفكر النيجر في جلب قوات فاغنر الروسية، وهو ما يجعل الأمور مقبولة بالنسبة
للأمريكيين. وترى الصحيفة أن الرغبة النيجرية في التقارب مع روسيا، مدفوعة أساسا بالحاجة لشراء معدات عسكرية، خاصة طائرات هليكوبتر للقتال ولأغراض نقل الجنود.
خسائر مضاعفة لفرنسا:

في وقت لا تمانع فيه النخبة العسكرية الحاكمة في النيجر من بقاء القوات الأمريكية، فإنها أجبرت فرنسا على سحب آخر جندي لديها.

ويلاحظ هنا أن الولايات المتحدة في هذا الملف فضلت التصرف بشكل انفرادي، ولم تتردد في النأي بنفسها وبشكل علني عن الجانب الفرنسي. وهذا الموقف الأمريكي غير المسبوق تجاه الحليف الفرنسي في الساحل يزيد من أوجاع هذه الأخيرة، التي تجد نفسها مجبرة على مغادرة آخر موطئ قدم لها في المنطقة، بعد طردها من مالي وبوركينا فاسو.

وبالتالي فإن الدبلوماسية الفرنسية التي تعاني حالة رفض من النخبة العسكرية في النيجر وحالة تجاهل من الحليف الأمريكي، تتضاعف أوجاعها أكثر مع حلول روسيا محلها في النيجر.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية روسيا فرنسا النيجر مالي فرنسا النيجر روسيا مالي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی النیجر الروسی فی

إقرأ أيضاً:

الجنرال الفرنسي في لجنة المراقبة: قدرات الجيش اللبناني تزداد صلابة

كتبت رندى تقي الدين في" النهار": وصف الجنرال غيوم بنشان الذي يترأس الجانب الفرنسي في لجنة المراقبة الأميركية الفرنسية التي تراقب وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، انتشار الجيش اللبناني في الجنوب بأنه يتعزز وأن قدرات الجيش في الانتشار تزداد صلابة إضافة الى رغبة في القيام بالعمل الجدي الذي يعترف به الجميع بمن فيهم إسرائيل...

وقال الجنرال بنشان في رده على "النهار" خلال لقاء مع الصحافة في باريس إن الجيش اللبناني يقوم بالعمل المطلوب منه مضيفاً أن مستوى نزع سلاح "حزب الله" في الجنوب تقدم بشكل ملموس خصوصاً أنه في إطار آليتنا للمراقبة هو موثق بمواقعه قبل نزع السلاح وبعده فليس هناك أي شك بالنسبة لذلك.

وأضاف الجنرال في لقائه مع الصحافة خلال زيارة سريعة لباريس بهدف مهم" أنه يرأس ما سماه Task force Cedre التي تعمل ضمن آلية مراقبة وقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني التي يرأسها الجنرال الأميركي. وتابع أناتفاق 26 نوفمبر لوقف إطلاق النار ينص على أن الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل وحدهم ينتشرون في الجنوب اللبناني.
وأكد الجنرال أن الجيش اللبناني قام بجهود كبرى وجدية لنزع سلاح خارج الدولة" فقد قام الجيش بعدد من المهمات الرصد ونزع وتدمير السلاح غير الشرعي الذي وجدوه على الأرض وكل خطوة يقوم بها الجيش في هذا الإطار موثقة بالصور لدى اللجنة.

بالتوازي مع هذا العمل قال الجنرال إن  الجيش اللبناني نفذ مهمة السيطرة على منطقة جنوبي الليطاني وهو عمل كبير غير مسبوق أسهم بوقف إطلاق النار وقد يحتاج إلى المزيد من الوقت لثلاثة أسباب الأول محدودية التحرك لصعوبة الأرض في بعض المناطق بسبب التدمير الهائل وأيضاً لخطورة الأماكن حيث ما زالت توجد ألغام وقذائف غير منفجرة.

وقال إن الجيش يقوم بعمل دقيق جداً ويتقدم بحذر في مناطق مختلفة ثم بقاء القوات الإسرائيلية في خمس نقاط تقيد تحرك الجيش اللبناني وتلزمه ضمان أمن مداخل هذه المناطق حيث توجد القوات الإسرائيلية. واعتبر أن العمل الكبير الذي قام به الجيش اللبناني يعزز صدقية الرئيس والحكومة الجديدة في لبنان لضمان أمن جميع الأراضي اللبنانية.

وكشف أنه حتى اليوم تمت أكثر من ١٧٠ عملية للجيش اللبناني لنزع أو تفجير مواقع سلاح غير شرعي. وقال إن القوة الفرنسية مستمرة في عملها مع القوات الأميركية وبالتنسيق مع اليونيفيل والجيش اللبناني حتى يتم الانسحاب الإسرائيلي كلياً من الأراضي اللبنانية وتتمكن قوات الجيش اللبناني من الانتشار كاملا في الجنوب اللبناني.

وأكد أيضاً أن الجيش اللبناني يقوم بعمل كبير في مساعدة سكان الجنوب على العودة إلى منازلهم وضمان أمنهم ببذل جهود کبری.
 

مقالات مشابهة

  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع 100 سلة غذائية في مالي
  • سلطة المياه: جهود حثيثة لتوفير المياه الصالحة للشرب في خانيونس
  • جهود حثيثة للمحافظة على الوعل العربي في الظاهرة
  • الوليد مادبو وطيران الجنجويد
  • رجال المرور بجدة.. جهودٌ حثيثة في تنظيم حركة السير خلال شهر رمضان
  • هجوم أوكراني يستهدف خط تورك ستريم الذي ينقل الغاز من روسيا لأوروبا
  • مودي: لم نعد مجرد قوى عاملة وأصبحنا قوى عالمية
  • مودي: الهند والاتحاد الأوروبي يعملان لإبرام اتفاق التجارة الحرة
  • مسيحيو سوريا.. حق فرنسا الذي تريد به باطل
  • الجنرال الفرنسي في لجنة المراقبة: قدرات الجيش اللبناني تزداد صلابة