مع قرار محكمة العدل الدولية الذي تدعو فيه إسرائيل إلى منع ارتكاب أي عمل يحتمل يرقى إلى "الإبادة الجماعية" في قطاع غزة، فهي تعطي للولايات المتحدة ميزة هامة تمكنها من الضغط "لكبح جماح إسرائيل"، على ما أفاد تحليل نشرته مجلة فورين أفيرز.

قرار المحكمة الدولية قد يراه البعض بأنه "تدخل قانوني محدود" لم يقض بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، وهو ما قد يشبه تقديم "غصن الزيتون" للحكومة الإسرائيلية، حيث دعت إلى "الالتزام بالقانون الدولي" و"الإفراج عن الرهائن".

ويشير التحليل إلى أن قرار المحكمة الدولية يضم شيئا من "الطموح الخفي" فهو يحمل نوعا من التحدي للدول بأن عليها أن تأخذ القانون الدولي على محمل الجد في وقت يتزايد فيه العنف، خاصة في ظل تعثر جهود إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، للحد من أضرار الحرب على المدنيين في غزة.

ويؤكد أن البيت الأبيض عليه "تبني قرار المحكمة" ويستخدمها كـ"أداة دبلوماسية جديدة" لإنهاء الحرب والهجمات الإسرائيلية على القطاع، وإرغام حماس على إطلاق سراح الرهائن.

وحذر التحليل من أن الاستمرار بدعم واشنطن وحلفائها لإسرائيل فهم "يخاطرون بإلحاق المزيد من الضرر بالقانون الدولي، وما يسمى بالنظام الدولي القائم على القواعد التي تم تبنيها في قضايا سابقة لمحكمة العدل الدولية".

المناقشات الرئيسية تتركز حاليا على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة

وتوصلت المحكمة إلى أن هناك قضية يجب الاستماع إليها حول مدى حرمان الفلسطينيين من حقوقهم في حرب قالت المحكمة إنها تسببت في ضرر إنساني جسيم. كما دعت المحكمة الجماعات الفلسطينية المسلحة إلى إطلاق سراح الرهائن الذين تم أسرهم في هجمات السابع من أكتوبر على بلدات إسرائيلية، وهو ما أدى إلى اندلاع الصراع، بحسب وكالة رويترز.

ولفت التحليل إلى أن أي مناهضة لقرار المحكمة من قبل إدارة بايدن سيكون لها "عواقب سياسية"، خاصة مع "خيبة الأمل واسعة النطاق لدى المجتمع العربي الأميركي، بسبب دعم إدارته غير المشروط لإسرائيل منذ أكتوبر الماضي".

وقد يكون على واشنطن تبني قرار المحكمة الدولية خاصة وأنه يكشف حلا وسيطا حتى الآن، وفق التحليل، الذي نوه إلى أن القرار لم يكن عدائيا بشكل يمكنه أن يعقّد من الجهود الأميركية للتهدئة، إنما ركز على تذكير إسرائيل بالقانون الدولي.

ومنحت المحكمة بقرارها الولايات المتحدة وأوروبا "أداة جديدة لمطالبة إسرائيل بتغيير نهجها في غزة، وأتاح لبايدن فرصة للتعبير عن استيائهم الشديد والمدعوم بالقانون الدولي من الخطاب اللاإنساني الذي يصدر من أعضاء الحكومة اليمينية في إسرائيل"، وفق فورين أفيرز.

محكمة العدل الدولية طلبت من إسرائيل أن تبذل كل ما في وسعها لمنع وقوع أي أعمال إبادة في قطاع غزة

وقد تكون هذه بمثابة فرصة أمام واشنطن للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، لإعادة توجيه أهدافه ليس بالقضاء على حماس فقط، إنما بمحاسبة أيضا المسؤولين في ائتلافه اليميني الذي يستخدمون لغة تحض على "تدمير غزة وسكانها".

ويرى كاتب التحليل ديفيد كاي، وهو أستاذ في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا أن على الولايات المتحدة أن تدعم قرار المحكمة بتبني والاعتراف "في أن إسرائيل مُلزَمة بمنع الأعمال التي يمكن وصفها بأنها إبادة جماعية"، وهذا الأمر لن ينتقص من حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ولكن عليها اتخاذ خطوات ملموسة لمنع معاقبة المدنيين وتدمير البنية التحتية.

وأعاد كاي التذكير بأن واشنطن نفسها كانت قد لجأت لمحكمة العدل الدولية عندما رفعت دعوى ضد إيران عام 1979 مطالبة إياها بالإفراج عن الرهائن الأميركيين المحتجزين في سفارتها لدى طهران.

ورحب نتانياهو بقرار محكمة العدل الدولية بعدم إصدار أمر بوقف إطلاق النار، لكنه رفض الادعاءات بارتكاب إبادة جماعية ووصفها بأنها "شائنة" وقال إن إسرائيل ستواصل الدفاع عن نفسها.

واشنطن تعلق على حكم "العدل الدولية" بشأن حرب إسرائيل في غزة أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة تدرك "أن محكمة العدل الدولية تلعب دوراً حيوياً في التسوية السلمية للنزاعات". 

واتهمت جنوب أفريقيا إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية بقيادة الدولة في هجومها على قطاع غزة الذي شنته ردا على اجتياح مقاتلي حماس لجنوب إسرائيل مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 240 رهينة، حسبما تقول إسرائيل.

وطلبت جنوب أفريقيا من المحكمة اتخاذ إجراءات طارئة لوقف القتال الذي تسبب في مقتل أكثر من 26 ألف فلسطيني وشرد غالبية السكان في قصف مكثف مستمر منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

وكانت واشنطن قد قالت في تعليقها على قرار المحكمة بأنه لم يتوصل إلى نتيجة بشأن الإبادة الجماعية، وقالت إنه جاء متماشيا مع وجهة نظرها بأن إسرائيل لديها الحق في اتخاذ إجراءات وفقا للقانون الدولي لمنع أي تكرار لهجمات السابع من أكتوبر.

وتعليقا على القرار، أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة تدرك "أن محكمة العدل الدولية تلعب دوراً حيوياً في التسوية السلمية للنزاعات". 

وقال المتحدث الذي فضل عدم الكشف عن اسمه "لقد أوضحنا باستمرار أن إسرائيل يجب أن تتخذ جميع الخطوات الممكنة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية والتصدي للخطابات اللاإنسانية"، وفق ما نقله مراسل "الحرة". 

واشنطن تعلق على حكم "العدل الدولية" بشأن حرب إسرائيل في غزة أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة تدرك "أن محكمة العدل الدولية تلعب دوراً حيوياً في التسوية السلمية للنزاعات". 

وأشار إلى أن "حكم المحكمة يتفق أيضا مع وجهة نظرنا بأن لإسرائيل الحق في اتخاذ إجراءات لضمان عدم تكرار الهجمات الإرهابية التي وقعت في السابع من أكتوبر وفقا للقانون الدولي". 

وأعاد المتحدث القول "ما زلنا نعتقد أن مزاعم الإبادة الجماعية لا أساس لها من الصحة، ونلاحظ أن المحكمة لم تتوصل إلى نتيجة بشأن الإبادة الجماعية أو تدعو إلى وقف إطلاق النار في حكمها، وأنها دعت إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس". 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة الولایات المتحدة بالقانون الدولی قرار المحکمة فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

أستاذ قانون: إسرائيل تتجاهل القانون الدولي.. والولايات المتحدة تتماهى معها

أكد الدكتور بسام القواسمي، أستاذ القانون العام، أن ممارسات حكومة الاحتلال الإسرائيلي تتناقض تمامًا مع نصوص القانون الدولي، الذي ينص بوضوح على عدم شرعية الاحتلال، مضيفًا أن الولايات المتحدة تزيد الوضع تعقيدًا بتماهيها مع السياسة الإسرائيلية، ما يشكل تحديًا للشرعية الدولية ولقرارات الأمم المتحدة.

إعلام إسرائيلي: نتنياهو قرر بدء المحادثات حول المرحلة الثانية من مفاوضات غزةنتنياهو يجري مشاورات مع عدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية

وأوضح القواسمي، خلال مداخلة ببرنامج "مطروح للنقاش"، وتقدمه الإعلامية مارينا المصري، على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن إسرائيل لا تعترف بأي من القوانين والاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، بل إنها تهاجم المحكمة الجنائية الدولية وتفرض عقوبات على أعضائها.

وأشار إلى أن القانون الدولي واضح في هذا الشأن، حيث لا يجوز لدولة الاحتلال فرض قوانينها على الأرض المحتلة، ومع ذلك، تحاول حكومة الاحتلال تشريع قوانين تسمح للإسرائيليين بتملك أراضٍ في الضفة الغربية، متجاهلةً تمامًا أحكام القانون الدولي.

وأكد القواسمي أن الولايات المتحدة ليست مرجعية للشرعية الدولية، ولا تملك سلطة تشريع القوانين الدولية. 

واعتبر أن القوانين الأمريكية ذات الصلة بالضفة الغربية، وكذلك التشريعات الإسرائيلية، لا تحمل أي قيمة قانونية وفقًا للقانون الدولي، ومع ذلك، فإن هذه التحركات قد تحمل أبعادًا سياسية خطيرة، حيث تسعى إسرائيل إلى فرض أمر واقع عبر الاحتلال وتهويد الأراضي، مما يضع المجتمع الدولي أمام واقع جديد تحاول تل أبيب تكريسه.

مقالات مشابهة

  • تماطل وتحاول فرض شروطها.. من الذي تريده إسرائيل لإدارة غزة؟
  • أستاذ قانون: إسرائيل تتجاهل القانون الدولي.. والولايات المتحدة تتماهى معها
  • البنك التجاري الدولي يقدم شهادة "SEMP" الدولية لمديري علاقات الأعمال المصرفية
  • رحلة في تاريخ قصر الدرعية الذي احتضن مباحثات روسيا – أميركا ..صور
  • «معلومات الوزراء» يطلق عدد جديد من المجلة الدولية المحكمة للسياسات العامة في مصر
  • قيادي بحزب العدل: جهود مصر في استكمال الهدنة نالت احترام وتقدير المجتمع الدولي
  • مسار التدمير الذاتي: كيف وصلت المحكمة الجنائية الدولية إلى حافة الانهيار؟
  • تعرف على محمد شاهين القائد القسامي الذي اغتالته إسرائيل في لبنان
  • خمس طرق يمكن أن تساعد بها الأقمار الصناعية في تحسين الصحة العامة
  • مقررة أممية: عقوبات ترامب ضد المحكمة الجنائية إعاقة للعدالة الدولية