طهران- على غرار التوتر المباغت في العلاقات الإيرانية الباكستانية إثر التصعيد العسكري المتبادل الأخير، تتسارع المساعي الدبلوماسية لإعادة بناء العلاقات بينهما؛ بدءا من تصريحات تؤكد احترام سيادة الآخر، ثم الاتفاق على عودة سفيري البلدين، وصولا إلى تلبية وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان دعوة نظيره الباكستاني جليل عباس جيلاني لزيارة إسلام آباد.

وكما أثار الهجوم المتبادل تخوفات من تصاعد الأزمة بين الدولتين الجارتين وتداعياتها على منطقة الشرق الأوسط، المأزومة أصلا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تتساءل الأوساط الإيرانية ومعها الإقليمية عن مدى قدرة زيارة عبد اللهيان المقررة إلى إسلام آباد الاثنين المقبل على خفض التوتر وإنهاء الأزمة بين البلدين.

ويُجمع المراقبون في إيران على أن الجماعات المسلحة المناوئة لكل من الدولتين، واتخاذها الأراضي القريبة من الحدود المشتركة منطلقا لعملياتها "الإرهابية"، كانت السبب الرئيس وراء التوتر الأخير بين طهران وإسلام آباد، لكنهم ينقسمون بشأن جدوى القصف الإيراني وتداعياته، كما تستبعد شريحة منهم قدرة زيارة عبد اللهيان على جبر ما هشمه مِعوَل المنطق العسكري.

مظاهرة لجماعة أهل الحديث في لاهور ضد الضربات الإيرانية في إقليم بلوشيستان (الفرنسية) ضغط الرأي العام

تشير الباحثة في العلاقات الدولية برستو بهرامي راد، إلى التعاون البنّاء بين الجانبين الإيراني والباكستاني في مكافحة الجماعات المسلحة طوال العقود الماضية، وتلقي باللوم على "التغطية الاستفزازية" لهجوم الحرس الثوري على الأراضي الباكستانية في الإعلام الفارسي، وهو ما أثار حفيظة الرأي العام الباكستاني ليضغط على دولته للرد على الجمهورية الإسلامية، كما ترى أن "العمليات الإرهابية التي استهدفت مدينتي كرمان وراسك أحرجت طهران أمام الشعب الإيراني، ودفعتها لمهاجمة أهداف خارج الحدود".

وفي حديثها للجزيرة نت، تشبه الباحثة الإيرانية هجوم بلادها العسكري على الجارة الشرقية بـ"كسر الزجاجة"، وهو ما يجعل من جبرها بالكامل مهمة مستعصية إن لم تكن مستحيلة، موضحة أن "قلوب الشعبين الشقيقين اللذين تنافر ودهما بفعل العمل العسكري، قد لا تعود إلى ما كانت عليه".

وتعتبر الباحثة الإيرانية أن الرد الباكستاني على الهجوم الإيراني جاء في سياق المثل القائل "هذه بتلك، والبادئ أظلم"، فبعد القصف الإيراني على معاقل "جيش العدل" داخل الأراضي الباكستانية، ردت إسلام آباد بالمثل ونفذت ضربات عسكرية في الداخل الإيراني بحق عناصر من جماعتي "جيش تحرير بلوشستان" و"جبهة تحرير بلوشستان" المصنفتين في لائحة الإرهاب الباكستانية.

وتعتقد بهرامي راد، أنه رغم عدم رغبة طهران وإسلام آباد في التصعيد، بيد أن الهجوم العسكري المتبادل أدخل العلاقات الإيرانية الباكستانية مرحلة جديدة من التوتر، وقد يقضي على الثقة السابقة بين البلدين، عبر فرضه معادلة جديدة في العلاقات الثانية، واصفة زيارة عبد اللهيان بأنها "الخطوة الدبلوماسية المثلى لاحتواء التوتر بشكل نسبي"، وأنها تأتي لجبر ما سبق وبدأته المؤسسة العسكرية الإيرانية في مهاجمة الطرف الآخر.

وخلصت الباحثة الإيرانية إلى أنه في ظل التنافس الاقتصادي الإقليمي والتطورات السياسية في منطقة شبه القارة الهندية، فإن "التصعيد العسكري الأخير بين طهران وإسلام آباد سوف يترك تداعياته السلبية على التعاون الاقتصادي بينهما، والملف الخلافي لبناء خط أنابيب الغاز الطبيعي المعروف بمشروع أنبوب السلام".

حدث عابر

في المقابل، يعتقد القنصل الإيراني السابق في مدينة بيشاور الباكستانية محسن روحي صفت أن "التوتر الأخير كان ناجما عن حدث عابر بسبب الجماعات الإرهابية، ولا يمت بصلة إلى إرادة الشعبين الإيراني والباكستاني"، منتقدا "فشل الدبلوماسية في تحييد خطر المجموعات الإرهابية قبل الانتقال إلى العمل العسكري".

وأوضح الدبلوماسي الإيراني السابق في تصريح للجزيرة نت أن "زيارة عبد اللهيان إلى باكستان ترمي إلى وضع خارطة طريق من أجل عودة مياه العلاقات الأخوية إلى مجاريها، والتعاون البناء من أجل إحلال السلام وتعزيز الاستقرار على الحدود الإيرانية الباكستانية المشتركة".

ويرى روحي صفت في التوتر الأخير عاملا إيجابيا لاستيعاب الجانبين الإيراني والباكستاني خطورة نشاط الجماعات المسلحة على الحدود المشتركة، وقناعتهما بضرورة أخذ هواجس الطرف الآخر على محمل الجد، وتعزيز التعاون المشترك لمواجهة العصابات الإرهابية، وتابع أن "عبد اللهيان سوف يبحث مع الجانب الباكستاني تنشيط اللجان الحدودية المشتركة ولقاءات قادة الحرس الحدودي، لمنع تكرار مثل هذه الأحداث المأساوية".

خريطة محافظة سيستان وبلوشستان- إيران (الجزيرة) علاقات تاريخية

ويعود الباحث في مؤسسة "التاريخ المعاصر" للدراسات رضا حجت إلى العلاقات الحسنة بين طهران وإسلام آباد، منذ انفصال الأخيرة عن الهند عام 1947، مؤكدا أن إيران كانت الأولى في الاعتراف باستقلال باكستان في الأمم المتحدة.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى حجت أن فرص ردم الهوة في العلاقات بين طهران وإسلام آباد وإنهاء التوتر بينهما أكبر من القضايا الخلافية التي تنحصر في نشاط الجماعات المسلحة على الشريط الحدودي، موضحا أنه لا يوجد خلاف حدودي بين بلاده وباكستان، وهو ما يرفع من عزيمة الجانبين لاحتواء تحركات الجماعات المناوئة، عبر تعزيز التعاون والتنسيق بين عناصر حرس الحدود، وفق الاتفاق الأمني الموقع بين الدولتين الجارتين.

وخلص الباحث الإيراني، إلى أن "فكرة بناء جدار حدودي في المناطق الجبلية الوعرة التي تستغلها الجماعات المسلحة لزعزعة الأمن بين البلدين قد يكون مشروعا مجديا، لقطع الطريق على تحركات تلك الجماعات ووضع حد لانعدام الأمن في المناطق الحدودية، وهذا ما قد يثيره عبد اللهيان خلال مباحثاته في إسلام آباد".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: زیارة عبد اللهیان الجماعات المسلحة فی العلاقات إسلام آباد

إقرأ أيضاً:

البشائر يخطف انتصارا مثيرا من السيب في دوري الطائرة

في واحدة من أكثر المواجهات إثارة في التصفيات النهائية لدوري الدرجة الأولى للكرة الطائرة، قلب نادي البشائر التوقعات وانتزع فوزًا دراماتيكيًا على حساب نادي السيب بثلاثة أشواط مقابل شوطين، بعد معركة امتدت إلى الشوط الفاصل، وسط تألق لافت من محترفي الفريقين.

جاءت بداية المواجهة ساخنة منذ أول نقطة، حيث تبادل الفريقان التقدم والندية في كل كرة، وتقدَّم البشائر في بداية الشوط بفضل استغلاله لأخطاء السيب وخطورة لاعبيه الهجومية، فيما أظهر السيب مقاومة كبيرة بقيادة إسماعيل الحيدي الذي تميَّز بضرباته الساحقة، وعند النقطة 16-16، عاد السيب إلى المباراة بإرسالات سعود المعمري القوية، لكن خطأ في الإرسال أعاد الأفضلية للبشائر، الذي استثمر دفاعه الصلب وهجومه الفعّال بقيادة المحترف الأوزبكي إسلام ومازن الهاشمي، لينهي الشوط الأول لصالحه بنتيجة 25-21.

واصل البشائر زحفه في الشوط الثاني، وافتتح التسجيل عبر نجمه إسلام، لكن محترف السيب دوجلان سرعان ما عدَّل النتيجة، وتبادل الفريقان التقدم حتى النقطة 6-6، ثم تفوَّق البشائر مجددًا وسط غياب التركيز من لاعبي السيب، ووسّع الفارق إلى 13-9، ورغم محاولات السيب في العودة، إلا أن البشائر أنهى الشوط الثاني بذات نتيجة الأول: 25-21، مانحًا نفسه أفضلية معنوية كبيرة.

وأمام سيناريو الانهيار، استعاد السيب توازنه في الشوط الثالث، وبدأ بقوة متقدمًا بأربع نقاط دون رد، وواصل الأداء بثبات رغم بعض الإرسالات المهدورة، وتراجع تركيز البشائر في هذا الشوط قابله انضباط هجومي من السيب، الذي أنهى الشوط لصالحه بنتيجة 25-17، ليعيد اللقاء إلى أجواء التنافس من جديد.

ولم يختلف الشوط الرابع في شدته، حيث افتتحه السيب بالتقدُّم، لكن البشائر عاد سريعًا واستمر في التقدُّم حتى تعادل الفريقان عند النقطة 11-11، وتألق محترف السيب دوجلان بالضرب الساحق، كما أبدع أحمد التوبي بكراته الذكية، لكن البشائر بقي متماسكًا حتى تعادل الطرفان في لحظات حرجة عند النقطة 24-24. غير أن السيب، بخبرته، حسم الشوط بنتيجة 26-24، ليتجه اللقاء إلى شوط فاصل.

جاء الشوط الخامس متقلبًا ومثيرًا بكل تفاصيله، تقدَّم في البداية السيب بنتيجة 3-صفر، إلا أن البشائر عاد سريعًا وعدَّل النتيجة عند 4-4، بل وتقدَّم بنتيجة 7-5 مستفيدًا من تألق محترفه إسلام، الذي كان حاضرًا بقوة في اللحظات الحاسمة. وتبادلت الكفَّتان التقدُّم والتعادل وصولًا إلى النقطة 14-14، لتبدأ لحظة الحسم التي شهدت توترًا وندية منقطعة النظير. ومع كل تعادل، كان الرد حاضرًا، حتى رجحت كفة البشائر أخيرًا بنتيجة 20-18، في نهاية مثيرة للمباراة.

وبعد انتهاء اللقاء، عبَّر مدرب البشائر محمد القمشوعي عن سعادته بأداء لاعبيه، قائلًا: المباراة كانت قوية من الفريقين، لاعبونا قدَّموا مباراة بطولية بوجود المحترف الأوزبكي إسلام، الذي ساهم في العديد من النقاط، كسبنا الشوطين الأول والثاني، ولكن خبرة السيب مكنته من الرجوع من جديد، ومع ذلك، الروح العالية والإصرار اللذان أظهرهما لاعبونا كانا الفيصل في تحقيق الفوز. وأضاف: هذه النوعية من المباريات تكشف معدن الفرق الحقيقي، وقد أثبتنا أننا نملك فريقًا لا يستسلم.

مقالات مشابهة

  • تجدد التوتر بين الجزائر وفرنسا.. تصعيد دبلوماسي يؤزم العلاقات وينذر بصدام غير مسبوق.. ومطالب باستئناف الحوار لتهدئة الأزمة
  • بعد عامين من الحرب هل ينجح السودان في النهوض باقتصاده؟
  • وزير السياحة الإيراني:اتفقت مع مرجعية السيستاني وزعماء الإطار والحشد الشعبي على تفويج (4) ملايين شيعي لزيارة إيران سنوياً
  • هل ينجح كريستيانو رونالدو كمدرب لريال مدريد؟
  • البشائر يخطف انتصارا مثيرا من السيب في دوري الطائرة
  • بالفيديو.. طوفان بشري في المغرب وباكستان يخرج دعماً للشعب الفلسطيني
  • أزمة الطرد المتبادل.. الجزائر تُصعّد وباريس على حافة الرد
  • الخارجية الإيرانية: واشنطن هي التي حرمت مواطنيها من الاستثمار في #إيران عبر وضع قوانين معقدة
  • السوداني:عدم استهداف إيران الحبيبة استقراراً للمنطقة
  • تعاون جديد بين مصر وباكستان لزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري