بعد تخبط السياسية الأمريكية .. البيت الابيض يعلن تقديم طلب لـ الصين لإيقاف الهجمات الحوثية
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
بعد تخبط السياسية الأمريكية .. البيت الابيض يعلن تقديم طلب لـ الصين لإيقاف الهجمات الحوثية.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
ما دلالات تصاعد الضربات العسكرية اليمنية على عمق العدوّ الصهيوني؟
يمانيون../
صاعدتِ العملياتُ العسكريةُ اليمنيةُ ضدَّ عُمقِ الأراضي الفلسطينية المحتلّة خلالَ الأيّامِ القليلةِ الماضية بشكل ملحوظ، ومنذُ فجر السبت، بلغت أربعَ عمليات بصاروخَينِ باليتسيَّينِ وطائرتين مسيَّرتَينِ؛ الأمر الذي يحمل العديدَ من الدلالات المهمَّةِ على مستوى مسار مواجهة العدوان الأمريكي وعلى مستوى مسار الضغط على العدوِّ الصهيوني؛ إسنادًا لغزة.
أولُ تلك الدلالات هو الفشلُ الذريعُ للعدوان الأمريكي في إضعاف قدرة القوات المسلحة اليمنية أَو حتى إشغالها من خلال الغارات المكثّـفة، وهي دلالة عامة تنطوي على تفاصيلَ بالغة الأهميّة، منها ثبوتُ التفوُّقِ الكبيرِ على حاملة الطائرات الأمريكية (هاري ترومان) وإخراجها عن الخدمة، سواء من خلال الإضرار بها مباشرة، أَو من خلال كبح دورها الهجومي بشكل كامل، أَو من خلال استنزاف إمْكَاناتها، وتجاوز قدراتها وأنظمتها بشكل شبه كامل، حَيثُ كانت حاملةُ الطائرات تشكّلُ خطَّ دفاعٍ متقدمًا لكَيان العدوّ ضد الهجمات الصاروخية والجوية اليمنية، ولو من خلال تقديم إنذارات مبكِّرةٍ للعدو للاستعداد؛ الأمر الذي يبدو بوضوح أن (ترومان) لم تعد تقومُ به بالشكل المطلوب.
وليست هذه المرة الأولى التي يحدُثُ فيها ذلكَ؛ فقبل وقف إطلاق النار في غزة، في يناير الماضي، كان الإعلام العبري قد تحدث بوضوح أن الهجمات اليمنية المكثّـفة على عمق الأراضي الفلسطينية المحتلّة، عكست حالة الاستنزاف الكبير التي كانت تعاني منها البحرية الأمريكية آنذاك، والتي انسحب تأثيرها على العدوّ الصهيوني من خلالِ إرهاقِ المنظومات الدفاعية “الإسرائيلية” المكلفة، واستنزافها بشكل مماثل.
وفي السياق نفسه؛ فَــإنَّ تصاعُدَ الهجمات اليمنية على الأراضي الفلسطينية المحتلّة يكشف أَيْـضًا سقوط الخط الدفاعي الجديد الذي أنشأته إدارة ترامب من خلال نقل منظومات دفاعية جديدة منها منظومة (ثاد) إضافية، إلى بعض دول المنطقة لتعزيز شبكة الرصد والاعتراض ضد الهجمات اليمنية المساندة لغزة، حتى أن الإعلام العبري نفسه يقول: إن بعضَ الطائرات المسيَّرة اليمنية تحلِّقُ عبر مسارات يفترَضُ أن المنظومات الدفاعية الجديدة تغطِّيها، ويُفترَضُ أن يتم اعتراضُها قبلَ أن تصل.
وسواءٌ أكانت هذه مشكلةَ استنزاف أُخرى للصواريخ الاعتراضية لدى القوات الأمريكية (تصل تكلفة صاروخ (ثاد) الواحد إلى 15 مليون دولار) أَو مشكلةَ فشل تِقْني في رصد واكتشاف الطائرات والصواريخ المسيرة اليمنية المُستمرّة بالتطور، كما ظهر جليًّا في الهجمات الأخيرة التي باغتت العدوّ الصهيوني ومستوطنيه؛ فمن الواضح أن مسار عمليات الإسناد اليمنية المباشرة إلى عمق الأراضي الفلسطينية لا يزال مفتوحًا وأن كُـلّ الجهود لإغلاقه سقطت، وعاد العدوّ الصهيوني مرة أُخرى إلى مأزِقِ الجبهة العنيدة التي لا يستطيعُ أن يفعلَ شيئًا لإيقافِها أَو تخفيف أثرِها؛ فخيارُ الاعتماد على أكاذيب الاعتراض والتصدّي للهجمات ليس مضمونًا وسَرعانَ ما يظهَرُ عدمَ جدواه عندما يتم توثيق نجاح هجوم يمني في إصابة هدفه، كما أن تراكم الضغط الأمني والمعنوي للهجمات اليمنية سيتجاوز بلا شك تلك الأكاذيب ويخلق نقاشات جديدة حول الاستنزاف والإرهاق وفشل استراتيجيات “الردع” ضد اليمن كما حدث في الجولة السابقة.
ولا يختلفُ الوضعُ بالنسبة لخيار الاندفاع لتنفيذ عدوان مباشر على اليمن؛ فهذا الخيار قد تم تجريبه سابقًا وكانت نتائجه فاضحة، وتكراره الآن لن يكون سوى إعلان مدوٍّ لفشل العدوان الأمريكي الذي تقر وسائل الإعلام العبرية أن كيان العدوّ لا يستطيع أن يفعل ما هو أكثر منه، بل لا يستطيع حتى أن يقتربَ من وتيرته؛ نظرًا للتحديات اللوجستية والجغرافية والاستخباراتية.
ومن هنا يبرز تأثيرٌ آخرُ مهمٌّ للتصعيد اليمني ضد عمق الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وهو عودةُ اليمن إلى واجهة المشهد داخل الكيان العدوّ كتهديد “يومي” ملموس ومتصاعِد ولا يمكن تجاهُلُه، وهو أمرٌ واجه العدوُّ الصهيوني أزمة كبيرة في التعامل معه قبل وقف إطلاق في يناير الماضي؛ فبرغم التهديدات التي كان نتنياهو ومسؤولو حكومته يوجهونها لليمن وللقيادة اليمنية آنذاك، وبرغم الاعتداءات المباشرة على اليمن، كانت حالة اليأس والإحباط والذعر معلَنةً وواضحةً وعامَّةً ويتم الحديث عنها بشكل مُستمرّ على كُـلّ المستويات، بَدءًا من المستوى الأمني والدفاعي الذي كان يتحدث بوضوح عن استحالة ردع اليمن وعن سقوط مفهوم “الردع” نفسه، في مواجهة الجبهة اليمنية، مُرورًا بالمستوى الاقتصادي الذي كان يواجهُ تداعياتٍ متزايدةً جراء الضربات اليمنية، بما في ذلك امتناعُ شركات الطيران عن العودة إلى مطار “بن غوريون” وُصُـولًا إلى المستوى الجماهيري، حَيثُ كان قطعان المستوطنين يواجهون أزمة عامة في ما يتعلق بتعطيل روتين الحياة جراء الهجمات اليمنية.
وقد كشف مسؤولون أمنيون في كيان العدوّ لاحقًا أن الضغطَ الذي شكَّلَه الحضورُ الكبيرُ للجبهة اليمنية آنذاك، أسهَمَ بشكلٍ مباشرٍ في الدفع نحو قُبولِ اتّفاقِ وقف إطلاق النار.
ومما يوضح أهميّةَ هذا التأثير أن إدارةَ ترامب حرصت بشكل واضح في عدوانها على أن تحقّقَ هدفَ إبقاء كيان العدوّ ومستوطنيه بعيدين عن مشهد المواجهة مع اليمن قدرَ الإمْكَان، حَيثُ طلبت الإدارةُ الأمريكية من العدوّ أن يتركَ لها مسألة تنفيذ العمليات العسكرية ضد اليمن بشكل كامل، بل حرصت حتى على أن يتمَّ إبقاءُ “إسرائيل” بعيدةً عن العناوين والشعارات الإعلامية لحملة العدوان على اليمن، لكن تصاعد العمليات اليمنية خلال الأيّام الأخيرة ينسفُ هذه الاستراتيجية بشكل كامل، وهي نتيجةٌ طبيعيةٌ للفشل العملياتي الأمريكي الذي بات معلَنًا ومعترَفًا به؛ لأَنَّ عجزَ الجيش الأمريكي عن تحقيق هدف الإضرار بالقدرات اليمنية أَو التأثير على القرار اليمني، ينعكسُ بشكل مباشر وفوري على وضعِ الكيان الصهيوني في المواجهة.
ضرار الطيب| المسيرة