يترقب عشاق كرة القدم في القارة السمراء موعدا خاصا يجمع منتخب مصر بنظيره الكونغولي، على ملعب لاورينت بوكو، ضمن منافسات دور الستة عشر من بطولة أمم أفريقيا 2023.

ويستعد المنتخب الوطني الأول لكرة القدم، لخوض مواجهه قوية ومرتقبة، أمام الكونغو الديمقراطية، في دور 16 بطولة كأس أمم إفريقيا «الكان 2023»، والمقامة حالياً في كوت ديفوار في الفترة من 13 يناير الجاري وحتى 11 من شهر فبراير المقبل.

منتخب مصرموعد صدام مصر والكونغو

ويصطدم منتخب مصر، بنظيره منتخب الكونغو الديمقراطية، في دور 16 بطولة كأس أمم إفريقيا 2023، غداً الأحد، في تمام الساعة العاشرة مساءً بتوقيت القاهرة، والحادية عشرة مساءً بتوقيت مكة المكرمة والدوحة، والثانية عشرة مساءً بتوقيت أبو ظبي، على أرضية ملعب « لاورينت بوكو».

وتُنقل مباراة مصر ضد الكونغو الديمقراطية، عبر شاشة قناة بين سبورتس الناقل الحصري والوحيد، لمباريات بطولة كأس أمم إفريقيا 2023، وتحديداً عبر شاشاة قناة beIN Sports HD 1 Max بتعليق علي محمد علي.

ديسابر ومواجهة خاصة أمام مصر

وستكون هناك مواجهة خاصة للغاية ستجمع المدير الفني لمنتخب الكونغو، الفرنسي سيباستيان ديسابر، والذي سبق له خوض أكثر من تجربة مع الكرة المصرية، أمام البرتغالي روي فيتوريا مدرب الفراعنة.

ديسابر

ديسابر أكد في تصريحاته قبل لقاء مصر، أنه يعرف الكرة المصرية جيدا، وأنه يرغب في الخروج بنتيجة إيجابية، لكنه وفي الوقت نفسه رشح الفراعنة للفوز على الكونغو الديمقراطية والعبور إلى دور الثمانية.

ديسابر يزيد من الضغط على مصر

تصريحات ديسابر يبدو أنها من أجل نقل الضغط إلى لاعبي منتخب مصر، وتقليله عن المنتخب الكونغولي، حيث لا تعرف القارة السمراء حاليا فروقا كبيرة بين المنتخبات الإفريقية، وبالتالي فإن اللقاء ليس مضمونا لأحد المنتخبين.

ديسابر هو واحد من المدربين الذين خاضوا تجارب عديدة في قارة إفريقيا، حيث درب القطن الكاميروني، الترجي التونسي، ريكرياتيفو دو ليبولو، شبيبة الساورة الجزائري، الوداد البيضاوي المغربي، الإسماعيلي وبيراميدز المصريين، بالإضافة إلى منتخب أوغندا وحاليا منتخب الكونغو.

تجربة ديسابر التي لا تنسى مع الإسماعيلي

في يوليو 2017 بدأت رحلته مع التعرف على الكرة المصرية، عندما قررت إدارة الإسماعيلي التعاقد مع الفرنسي ديسابر.

ومنذ أن جاء ديسابر إلى قلعة الدراويش، كانت هناك رغبة من الجماهير في التعرف على ديسابر، وكيف يفكر، وهل بإمكانه تغيير شيء ما في الفريق، وبالفعل فإنهم وجدوا فريقا مغايرا.

ديسابر

ديسابر صنع حالة لم تظهر في السنوات التي تلتها في الإسماعيلي، حين قاده في 16 مباراة بالدوري ليجد الفريق نفسه على القمة متفوقا على الأهلي، بل إنه سجل 28 هدفا، ليصبح الهجوم الأشرس في المسابقة المحلية.

التألق اللافت لديسابر مع الإسماعيلي استمر حتى نهاية 2017 حين رحل المدرب عن الدراويش، ليقود منتخب أوغندا، وقيل حينها أنه رحل بسبب الحصول على المزيد من الأموال، لكن رد المدرب جاء حاسما: "لم يكن هناك ما يشعرني بوجود مشروع".

ديسابررحلة مع بيراميدز لم تستمر طويلا

وبعد رحلة مع أوغندا شارك خلالها في نسخة كأس الأمم الأفريقية 2019 والتي أقيمت بمصر، عاد من جديد للقاهرة، وهذه المرة من بوابة بيراميدز، ورغم أنه قاد الفريق لنهائي كأس مصر، إلا أن الهزيمة الثقيلة من الزمالك في اللقاء الحاسم، وتراجع النتائج بالدوري، أجبرته على الرحيل.

فهل ينجح ديسابر في التغلب على منتخب مصر في اللقاء المرتقب غدا، أم تتفوق كتيبة روي فيتوريا ويحسمون بطاقة العبور إلى دور الثمانية ببطولة أمم أفريقيا.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مصر منتخب مصر الكونغو مصر والكونغو مباراة مصر والكونغو موعد مباراة مصر والكونغو مصر ضد الكونغو مباراة مصر و الكونغو مصر و الكونغو مصر والكونغو 2 1 مصر و الكونغو دور مباراة مصر والكونغو في مباراة مصر والكونغو 2024 ديسابر ديسابر مدرب الكونغو مدرب الكونغو الکونغو الدیمقراطیة منتخب الکونغو منتخب مصر

إقرأ أيضاً:

كيف يحرّك الذهب آلة الحرب في الكونغو؟

ما زلت أذكر عندما كنت أقف على ضفاف نهر أوبانغي، ذلك الشريان المائي الذي يفصل جمهورية أفريقيا الوسطى عن الكونغو الديمقراطية، ممتدًا عبر العاصمة بانغي. كان الوقت عصرًا، قُبيل غروب الشمس، حين تأخذ السماء لونها الذهبي، وينعكس وهَجُها على سطح الماء الهادئ.

وعلى الجانب الآخر من النهر، كنتُ أنظر بفضولٍ إلى زونغو، المدينة الحدودية الكونغولية، بمنازلها المتواضعة وأكواخها المتناثرة، وكأنها تقف على تخومِ عالمين، يربط بينهما النهر، ويفصل بينهما المصير. كنت أراقب عشرات الكونغوليين وهم يعبرون النهر طلبًا للعمل أو التجارة، ويتنقلون بين ضفتي النهر، حاملين بضائعهم على قوارب خشبية، وأحلامهم بين جنباتهم.

وقتها، كنّا نسمع دائمًا عن الثروات الهائلة التي تكتنزها الأرض هناك، عن الذهب الذي يلمع في مجاري الأنهار، والكولتان الذي أصبح يُغذي التكنولوجيا الحديثة. ومع ذلك، كانت المفارقة صادمة؛ كيف يمكن لدولةٍ بهذا الغِنى أنْ تبقى عالقةً في دائرة الفقر والصراع؟ كيف تتحول الموارد التي يُفْتَرضُ أنْ تكون نعمةً إلى لعنةٍ تَلْتَهِم حاضر البلاد ومستقبلها؟

اليوم، وبعد مُضيّ عقدين من الزمن، لم يَعُدْ هذا السؤال مجرد تأمُّلاتٍ عابرةٍ من ضفة النهر؛ بل أصبح قضيةً جوهريةً لفهم أحد أعقد النزاعات في القارة. إنّ شرق الكونغو الديمقراطية ليس موطنًا لمناجم الذهب والكولتان فحسب؛ بل بات ساحة حروبٍ معقدة ومتعددة الأطراف، تتغذى على هذه الثروات.

إعلان

في هذه المنطقة، لا تعني المعادن الثمينة التنمية؛ بل تعني تمويل المليشيات، وتهريب الثروات، وإدامة العنف الذي لا ينتهي. وبينما يتسابق العالم على هذه الموارد، تبقى المجتمعات المحلية في دائرة البؤس، تدفع الثمن الأكبر في معركةٍ لا ناقةَ لها فيها ولا جَمَلَ.

ولفهم هذا المشهد المعقد، يهدف هذا المقال إلى معرفة كيف تحولت ثروات الكونغو الديمقراطية إلى وقود للصراع، موضحًا دور تجارة الذهب والكولتان في تمويل الجماعات المسلحة، واستغلال الشركات العالمية والدول الإقليمية لهذا الواقع، مع تقديم توصيات مختصرة.

الذهب والكولتان.. شريان الحياة للمليشيات المسلحة

في العصر الحديث، أصبحت الموارد الطبيعية، وخاصة الذهب والكولتان، تلعب دورًا بارزًا في تغذية النزاع المسلح في شرق الكونغو الديمقراطية؛ حيث أصبحت هذه المعادن مصدرًا رئيسًا لتمويل الجماعات المسلحة. ففي ظل غياب سيطرة حكومية فعلية، تستغل هذه الجماعات المناجم غير الرسمية، وتفرض ضرائب غير قانونية على العمال، وتستخدم الأرباح لشراء الأسلحة، وتوسيع نفوذها.

ووفقًا لتقارير خدمة معلومات السلام الدولي (IPIS) لعام 2016، فإنّ حوالي 21% من المناجم في شرق الكونغو كانت تحت سيطرة الجماعات المسلحة في ذلك الوقت، وتُشير دراسات أحدث إلى أنّ الوضع قد تغير بمرور الوقت؛ حيث أظهرت بيانات عام 2022 أنّ 27% من عمال المناجم يعملون في مواقع تخضع لسيطرة غير قانونية من قبل الجيش الكونغولي (FARDC)، أو جهات أخرى. وهذا يعكس الديناميكيات المتغيرة للصراع؛ حيث لا تزال تجارة المعادن غير المشروعة تشكل عاملًا رئيسًا في استدامة النزاع في المنطقة.

ومن أبرز الجماعات المسلحة التي تستفيد من تجارة المعادن غير المشروعة في شرق الكونغو، القوات الديمقراطية المتحالفة (Allied Democratic Forces – ADF)، وهي جماعة متمردة تأسست في أوغندا خلال أوائل التسعينيات بهدف الإطاحة بالحكومة الأوغندية.

إعلان

ومع تصاعد الضغوط العسكرية عليها، نقلت الجماعة عملياتها إلى شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، فانخرطت في أنشطة مسلحة واسعة النطاق. وتُتَّهَم الجماعة بارتكاب مجازر ضد المدنيين، وتنفيذ هجمات إرهابية، والتورط في عمليات التهريب، بما في ذلك تجارة الذهب والمعادن، لتمويل أنشطتها. كما أعلنت الجماعة ولاءها لتنظيم الدولة منذ عام 2019، وأصبحت تُعرف باسم ولاية وسط أفريقيا (ISCAP)، مما عزز من خطورتها على الأمن الإقليمي.

في المقابل، تُعَدُّ حركة 23 مارس جماعة متمردة تأسست عام 2012، في شرق الكونغو الديمقراطية. وتتألف الحركة بشكل أساسي من التوتسي الكونغوليين، وتدّعِي الدفاع عن حقوقهم ضد التمييز العرقي.

وتُتهم "M23" بالسيطرة على طرق تهريب المعادن بين الكونغو ورواندا، ويُشتبه في تلقيها دعمًا عسكريًّا من رواندا، وهو ما تنفيه كيغالي. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، يدعم متمردو الحركة نحو 4 آلاف جندي من رواندا المجاورة، وهذا أكثر بكثير من عام 2012 عندما استولوا لفترة وجيزة على غوما.

أمّا القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، فهي مليشيا مسلحة تأسست عام 2000، وتضُمّ فلول مليشيات الهوتو المتورطة في الإبادة الجماعية عام 1994. وتنشط الحركة في شرق الكونغو الديمقراطية، وتُتهم بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي، بما في ذلك استهداف النساء والأطفال في النزاعات المسلحة. وتستفيد الجماعة من نهب الموارد المعدنية في المنطقة؛ لتمويل عملياتها العسكرية.

وفضلًا عن الجماعات المسلحة ذات الطابع السياسي، تستغل مليشيات محلية مثل مايْ مايْ الموارد الطبيعية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتدّعي هذه المليشيات الدفاع عن المجتمعات المحلية؛ لكنها انحرفت نحو الجريمة المنظمة؛ حيث تنخرط في تهريب الذهب، وابتزاز الشركات العاملة في القطاع. ووفقًا لتقرير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تسيطر جماعات ماي ماي على مناطق إستراتيجية غنية بالموارد، مما يتيح لها استغلال هذه الموارد لتمويل أنشطتها.

إعلان

وبالمثل، تعتمد حركة انْدوما للدفاع عن الكونغو على عمليات نهب المناجم لتمويل أنشطتها العسكرية، مما يفاقم من عدم الاستقرار في المنطقة. وتتألف هذه الجماعة من مقاتلين من خلفيات عرقية متنوعة، وتتنافس باستمرار على النفوذ، مما يجعل النزاع حول المناجم أكثر تعقيدًا. وتنشط هذه الحركة في مناطق غنية بالمعادن، وتستفيد من عائدات التعدين غير القانوني لدعم عملياتها.

في المجمل، سيؤدي هذا المشهد إلى تأثيرات خطيرة على السكان المحليين؛ حيث يرتبط التعدين غير القانوني بانتشار التجنيد القسري، والعنف الجنسي، والعمالة القسرية. وذلك بإجبار السكان المحليين على العمل في المناجم تحت تهديد السلاح، بينما تَستخدم المليشيات المسلحة الأرباح في تمويل مزيد من هجماتها المسلحة، ما يُبقي دورة العنف مشتعلة.

وفي ظلّ هذه الفوضى كلها، يتضح أنّ الجماعات المسلحة ليست الوحيدة المستفيدة من تجارة المعادن، حيث تلعب أطراف دولية وإقليمية دورًا كبيرًا في استدامة هذه الأزمة.

هل أسهمت السياسات الغربية في تأجيج الصراع؟

في عام 2010، أقرّ الكونغرس الأميركي قانون دود- فرانك لإصلاح وول ستريت وحماية المستهلك، وهو تشريع يهدف إلى زيادة الرقابة على المؤسسات المالية بعد الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008.

ومن بين بنود هذا القانون، تُعتبر المادة 1502 واحدة من أكثر المواد إثارةً للجدل؛ حيث ألزمت الشركات الأميركية بالكشف عن استخدام "معادن النزاع" مثل القصدير، التنتالوم، التنجستن، والذهب، والتأكد من عدم الحصول عليها من مناطق تشهد نزاعات مسلحة، مثل شرق الكونغو الديمقراطية.

وكان الهدف الأساسي لهذه المادة هو قطع التمويل عن الجماعات المسلحة، من خلال إجبار الشركات على توفير سلاسل توريد شفافة. ومع ذلك، فإنّ تطبيق القانون أدى إلى نتائج غير متوقعة؛ حيث فضّلت العديد من الشركات الغربية وقف شراء المعادن من الكونغو بالكامل بدلًا من تحمل عبء الامتثال للمتطلبات التنظيمية.

إعلان

لقد أدّى هذا الانسحاب المفاجئ إلى انهيار اقتصادي في المجتمعات المحلية التي تعتمد على التعدين كمصدر رئيس للرزق، مما دفع العديد من العمال إلى اللجوء إلى المناجم التي تديرها الجماعات المسلحة، والتي أصبحت المشغل الوحيد المتاح للعديد من السكان المحليين.

ومن جانب آخر، لم يفلح القانون في وقف تهريب المعادن؛ حيث لجأت الجماعات المسلحة إلى طرق جديدة لغسل المعادن عبر رواندا وأوغندا، مما جعل التهريب أكثر تعقيدًا وأقلّ شفافية.

وعلى الرغم من جهود الشفافية التي بُذِلتْ، فإنّ الشركات متعددة الجنسيات ظلت تجد ثغراتٍ قانونيةٍ لتجنب الامتثال الصارم، ما أدى إلى استمرار الأزمة. وفي هذا السياق، لم يكن دود-فرانك سوى مثال على كيفية فشل السياسات الدولية في معالجة جذور المشكلة؛ بل وزيادة تعقيدها.

هذه الإخفاقات السياسية تسلط الضوء على الدور الذي تلعبه الدول الغربية في تسهيل تهريب المعادن، سواء من خلال القنوات الرسمية أو عبر شبكات غير قانونية. كما تثير تساؤلاتٍ جوهرية حول ما إذا كانت هذه السياسات تُصاغ بناءً على اعتباراتٍ جيوسياسية تهدف إلى تأمين المصالح الاقتصادية والإستراتيجية، أم إنها بالفعل تستند إلى مبادئ أخلاقية تدعو إلى الشفافية والمسؤولية.

الدول الغربية وشبكات التهريب.. أدوارٌ تحت الظلّ

تُتهم بعض الدول الغربية، ولا سيما فرنسا، بريطانيا، وبلجيكا، بالتورط في دعم شبكات تهريب الذهب والكولتان من مناطق النزاع في أفريقيا، خاصة في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وفي هذا السياق، تواجه فرنسا اتهاماتٍ صريحةً بالتغاضي عن الأنشطة غير القانونية المتعلقة بتهريب المعادن الثمينة من أفريقيا؛ حيث تشير التقارير إلى أنّ بعض الشركات الفرنسية العاملة في المنطقة قد تكون متورطة في شراء هذه المعادن من مصادر غير شرعية.

وعلى الرغم من غياب الأدلة القاطعة على تورط الحكومة الفرنسية بشكل مباشر، إلا أنّ وجود شركات فرنسية ضمن سلاسل التوريد العالمية التي تستفيد من هذه المعادن يُثير تساؤلات حول مدى التزام فرنسا بمكافحة هذه الظاهرة.

إعلان

أما بريطانيا، فتُتهم أيضًا بدعم شبكات تهريب الذهب والكولتان من خلال شركاتها العاملة في مجال التعدين والتجارة الدولية. وتشير التقارير إلى أنّ بعض الشركات البريطانية تستفيد من تجارة هذه المعادن سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر سلاسل توريد تمتد من الكونغو إلى الأسواق العالمية.

وعلى الرغم من إعلان بريطانيا عن سياسات لمحاربة تهريب المعادن من مناطق النزاع، فإنّ العديد من المنظمات الحقوقية تُؤكد على أنّ الممارسات الفعلية للشركات البريطانية تعكس واقعًا مختلفًا؛ حيث تستمر المعادن المهربة في التدفق عبر شبكات دولية يصعب تتبعها.

أما بلجيكا، فهي الأخرى تواجه اتهامات أكثر حدةً نظرًا لتاريخها الاستعماري في الكونغو وعلاقتها المستمرة بالموارد الطبيعية في المنطقة. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، لا تزال بعض الشركات البلجيكية تلعب دورًا في شراء المعادن من مصادر غير شرعية، مما يسهم في تمويل الجماعات المسلحة واستمرار النزاعات في المنطقة.

وتُشير الاحتجاجات الأخيرة في كينشاسا ضد السفارات الغربية، ومن بينها السفارة البلجيكية، إلى تصاعد الغضب الشعبي تجاه ما يُنظر إليه على أنه تواطؤ بلجيكي في استغلال موارد الكونغو لصالح الشركات الأوروبية.

وفي عام 2011، أصدرت مجموعة الخبراء التابعة للأمم المتحدة تقريرًا يُشير إلى تورط شركات في دول مجاورة للكونغو في تهريب المعادن الثمينة، مع احتمال تورط شركات غربية في سلاسل التوريد.

وأوضح التقرير أنّ تهريب الذهب والكولتان يُستخدم لتمويل الجماعات المسلحة في شرق الكونغو، مما يؤدي إلى استمرار العنف وانتهاكات حقوق الإنسان. هذا التقرير يعزز المزاعم حول الدور الغربي في تأجيج النزاعات من خلال غض الطرف عن تدفقات المعادن غير المشروعة إلى الأسواق الأوروبية والأميركية.

وبينما تتجه الحكومات الغربية نحو تعزيز الرقابة على تجارة المعادن القادمة من مناطق النزاع، لا تزال هناك تحديات كبيرة أمام إنهاء هذه الممارسات بالكامل. فاستمرار عمليات التهريب يُشير إلى وجود مصالح متشابكة بين الشركات الغربية، والحكومات، وشبكات التهريب المحلية، مما يجعل من الصعب إيجاد حل سريع لهذه الأزمة.

إعلان

ويُسلط هذا الوضع الضوءَ على الحاجة إلى تعاون دولي أكثر فاعلية لضمان أن الثروات المعدنية للكونغو تُستخدم لصالح التنمية، وليس لإطالة أمد النزاعات.

الخلاصة

في خضم هذا المشهد المعقد، تبقى الحقيقة الثابتة أنّ ثروات الكونغو لم تكن يومًا مجرد معادن تُستخرج من باطن الأرض؛ بل تحولت إلى خيوط متشابكة من المصالح والصراعات؛ حيث تُرسَم خرائط النفوذ بحدّ السلاح، وتُحدد مصائر الشعوب وفقًا لمعادلات السوق. وبينما تستمر التجارة غير المشروعة في تمويل آلة الحرب، يبقى السؤال الأهم عالقًا: متى تتحول هذه الموارد إلى ركيزة للاستقرار، بدلًا من كونها وقودًا للنزاع؟

ولتحقيق ذلك، لا بُدّ من كسر الحلقة التي تربط الثروات بالعنف عبر فرض رقابةٍ صارمة على سلاسل التوريد، وإلزام الشركات العالمية بمسؤولياتها الأخلاقية من خلال آليات تحقق شفافة تمنع تسلل المعادن المهربة إلى الأسواق.

كما يتطلب الحل دعمًا دوليًّا جادًّا لحوكمة الموارد، كيْ يضمن أنْ تعود عائداتها إلى التنمية، لا إلى تمويل النزاعات. وبالتوازي، ينبغي تمكين المجتمعات المحلية من بدائل اقتصادية مستدامة، تقلل اعتمادها على التعدين غير القانوني، وتمنحها فرصة للخروج من دوامة الفقر والاستغلال.

ولكن هذه الحلول ستظل مجرد نظرياتٍ إن لم تُتَرْجَم إلى واقعٍ ملموس. فعند ضفاف الأنهار؛ حيث تتلاشى الحدود بين الحلم والواقع، كانت الثروات تُحكى لنا كقصص عن الثراء الكامن تحت التراب. واليوم، لم تَعُد تلك الحكايات مجرد ذكريات طفولةٍ عابرةٍ؛ بل أصبحت اختبارًا حقيقيًّا لإرادة العالم في تحويل هذه الموارد من لعنة تغذي الصراع إلى فرصةٍ تعيد الأمل إلى أهلها قبل أنْ تُدفَن آمالٌ أخرى تحت ثِقل الذهب والكولتان.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • استدعاء ثلاثي الإسماعيلي لمعسكر منتخب الشباب
  • وكيل الأزهر يعلن قرب اكتمال مشروع الأزهر لكتابة ‏المصحف الشريف.. صور
  • كيف يحرّك الذهب آلة الحرب في الكونغو؟
  • خطاري يقود هجوم الإسماعيلي أمام الأهلي
  • جراديشار يقود هجوم الأهلي في مواجهة الإسماعيلي
  • قماش البروكار الدمشقي عبق التاريخ يأبى الاندثار
  • اكتشاف كوكب جديد قد يصلح للحياة ويهاجر اليه البشر
  • معجزة طبية تعيد رجلا أمريكيا للحياة.. ماذا رأى خلال توقف قلبه 45 دقيقة؟
  • فرقة محمود الجندي المسرحية تعود للحياة بعمل جديد
  • مشروع رفيق الحريري... الذي انتقم له التاريخ!