عندما تعلن الإدارة الأمريكية بأنها صنفت جماعة أنصار الله ( الحوثيين ) كما تصفهم؛ جماعة إرهابية فهذا يعني أنها صنفت السواد الأعظم من اليمنيين على أنهم إرهابيون، وهذا ليس بغريب على أمريكا وسياستها التسلطية القائمة على الغطرسة والتعالي والبطش والإجرام والتوحش، وبالمفهوم الأمريكي للإرهاب فإن مثل هذا التصنيف يعد مصدر فخر وعزة لليمن واليمنيين، فالإرهاب حسب المفهوم الأمريكي هو الدفاع عن الأرض والعرض والشرف والكرامة والذود عن الحمى والسيادة، وهو الوقوف إلى جانب أبناء قطاع غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة شاملة لم يسبق لها التاريخ المعاصر مثيلا .
يجرم ويشنع الأمريكي قيام القوات المسلحة اليمنية بمنع السفن الإسرائيلية والسفن المتعاونة مع هذا الكيان المحتل الغاصب من الوصول إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة، كإجراء فرضه الواجب الديني والأخلاقي والإنساني للضغط على هذا الكيان للسماح بدخول المساعدات الإغاثية ونقل آلاف الجرحى للعلاج في مصر والأردن بعد أن دمر الاحتلال غالبية المشافي في القطاع المحاصر الذي تحول إلى منطقة منكوبة ؛ في الوقت الذي يعمل الأمريكي ليلا ونهارا على دعم وإسناد الكيان الصهيوني وتزويده بأحدث وأفتك الأسلحة المحرمة دوليا، ويعمل على توفير الغطاء السياسي والحماية الدولية له للمضي في حرب الإبادة التي يشنها على أطفال ونساء غزة على مرأى ومسمع العالم قاطبة .
ويرى الأمريكي أن مساندته للقاتل المجرم الغاصب المحتل الصهيوني من الواجبات التي لا يمكنه التخلي عنها، ويصر على استعداء من يقف ضد سياسته الخرقاء، ويرى في نصرة أبناء غزة إرهابا وإجراما، وهو ما يجعلنا نشعر بالارتياح؛ لأننا ندرك صوابية توجهنا، ومشروعية خياراتنا المناصرة لإخواننا في قطاع غزة، ولن يزيدنا التصنيف الأمريكي إلا إصرارا على المضي في مسار ودرب ( الإرهاب ) الذي يرضي الله ورسوله، ( الإرهاب ) الذي نرهب به إسرائيل وأمريكا وبقية الطواغيت وقوى الاستعمار والاستكبار العالمي التي تمثل الإرهاب والإجرام الحقيقي بسلوكياتها وممارساتها الإجرامية الديكتاتورية التسلطية الاستعمارية المتوحشة التي لا تقرها أديان و لا تتماشى مع المواثيق والقوانين والمعاهدات والأعراف الدولية .
كلنا نعرف حقيقة أمريكا، وطبيعة الجرائم التي ارتكبتها وما تزال في العالم، والتي جعلت منها أم الإرهاب وصانعته، وكل الشواهد التي تؤكد ذلك ماثلة للعيان، وعلى كل أحرار العالم التحرك الجاد لمناهضة هذا الإرهاب الذي يمثل تهديدا خطيرا للاستقرار والسلم الاجتماعي والسلام على المستوى العالمي، فأمريكا بسياستها الإرهابية تستدعي الدخول في تحالفات على المستوى الإقليمي والدولي للتصدي لها وإيقافها عند حدها، وكبح جماحها، فما هو حاصل اليوم في قطاع غزة، وما تقوم به من تهديد للملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن يمثل نتاجا لهذا السلوك الإجرامي الإرهابي الذي لا يمكن لأي حر القبول به، أو السكوت عنه على الإطلاق مهما كانت التبعات والنتائج .
بالمختصر المفيد، الإرهاب والإجرام أمريكي بامتياز ومن يقل خلاف ذلك يغالط ويضحك على نفسه، وعلى الأمريكي أن يعي ويدرك جيدا أنه مهما أرعد وأزبد، ومهما تهدد وتوعد؛ فإنه لن يفت في عضدنا، ولن يثنينا عن القيام بواجب نصرة غزة حتى يتم إنهاء العدوان عليها ورفع الحصار المفروض عليها والسماح بتدفق المواد الغذائية والإغاثية عبر معبر رفح دون قيود للتخفيف من معاناة الأهالي التي بلغت مستويات لا تطاق، وغير قابلة للتحمل.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الخيط الأمريكي
هذه «أم المعارك». أكثرُ أهمية من نهائي مونديال كرة القدم، ومِن التَّربُّعِ على عرش الملاكمة، ومن جولاتِ تايلور سويفت. بضعُ ولايات متأرجحة ستمسُّ مصيرَ هذا العالم المتأرجح في السنوات الأربع المقبلة. تمسُّ الأمنَ والاقتصاد ومصيرَ الخرائط المرتبكة وملايين النازحين والمهاجرين. ستقول صناديقُ الاقتراعِ كلمتَها وتحدّد هُويةَ الممسكِ بهذا الخيط الأمريكي العابرِ للخرائط والقارات.
ولا حاجةَ للتذكير. سيّد البيتِ الأبيض هو سيد الاقتصادِ الأول في العالم. والآلة العسكرية الأكثر تطوراً في التاريخ. سيّد الأساطيلِ التي تتحرَّك في البحارِ والمحيطات كدولٍ صارمة مسلحةٍ حتى الأسنان. تُطمئنُ، وتردعُ. تلوّحُ، وتهاجمُ. تدافعُ عن المصالح والصورةِ وتحبط مغامرات وتدعم مغامرات.الانتخابات الأمريكية ليست مجردَ شأنٍ أمريكي. نتائجها تعني الحلفاءَ والأعداءَ معاً وسائرَ الموزعين في أحياء القرية الكونية. لا يستطيع أحدٌ تجاهلها أو التظاهرَ باللامبالاة. إنَّها صحنٌ إلزامي على مائدة العالم.
أقوياءُ العالم ينتظرون كضعفائِه. النتائجُ تعني مصائرَهم ومشاريعَهم وهالاتهم. سيّد الكرملين رجلٌ قوي. يعرف نتائجَ الانتخابات قبل خوضِها. يتسلَّى بإخافة الأوروبيين والعالم من الوليمةِ النووية المحتملة إذا فكَّروا في هزيمةِ روسيا أو محاصرتها وإذلالِها. لكن فلاديمير بوتين يعرف أنَّ نهايةَ الحرب في أوكرانيا تحتاج إلى «توقيع» الرئيسِ الأمريكي لا فولوديمير زيلينسكي. يعرف بوتين وطأةَ الخيط الأمريكي. لولا هذا الخيطُ لأطلقَ قواتِه لاستعادة كلّ الأملاك السليبةِ التي استولى عليها الغربُ غداةَ انتحار الاتحادِ السوفياتي.
لا يشعر بوتين بالقلق من المقيم في الإليزيه أو شاغلِ «10 دوانينغ ستريت» أو المستشارِ الألماني. يقلقُه الخيطُ الأمريكي إذا قرَّر الالتفافَ على بلادِه بالعقوبات الاقتصاديةِ، وضخَّ الأسلحةَ والمساعدات في العروق الأوكرانية. تقلقُه حقيقةٌ موجعة. لولا التلويحُ بالوجبةِ النووية لتقدَّمت قوات «الناتو» وهزمتِ «الجيشَ الأحمرَ» الذي أنفق ثروةً كبرى في إعادة تأهيله.
رجلٌ آخر سيسهر منتظراً النتائج، اسمُه شي جينبينغ، الرجلُ الجالسُ على عرش ماو تسي تونغ والاقتصاد الثاني في العالم، يعرف أنَّه يصطدم في أسواقِ العالم كما في تايوان بخيطِ الرَّدع الأمريكي. يدرك أنَّه لولا هذا الخيط لتمكَّنَ من تحقيقِ ما عجز عنه أسلافُه، وهو إعادةُ الفرعِ إلى الأصل؛ إعادةُ تايوانَ إلى بيتِ الطاعة الصيني. ويعرف أنَّه إذا فازَ دونالد ترمب وقرَّر معاقبةَ السلع الصينيةِ بصرامة فإنَّ الانعكاسات ستطول الأسواقَ والعملاتِ والاقتصادَ العالمي برمَّته.
وبينَ السَّاهرين المنتظرين سيكون لاي تشينغ دي. وظيفتُه متعبةٌ بل مؤلمة. إنَّه رئيس تايوان. يراقبُ كلَّ يومٍ سفنَ الأخِ الأكبرِ وطائراتِه وهي تذكّرُه بقدرتها على خنقِ الجزيرة المتمردة لولا الخيطُ الأمريكي. مصير زيلينسكي لا يساعدُه على التفاؤل.
أهلُ الشرقِ الأوسط الرهيبِ سيسهرون بدورهم. الخيطُ الأمريكي لا يزال حاسماً في كبحِ حروبِهم أو تنظيمها. سينتظر المرشدُ الإيرانيُّ وجنرالاتُ «الحرس الثوري» نتائجَ الانتخابات. بالغت إسرائيلُ في استهدافِ «الأذرع» و«المستشارين» فاستدرجت إيرانَ إلى الحلبةِ التي حاولت تفاديَها.
الأقمارُ الاصطناعيةُ جاسوسٌ لا ينام. كشفت أنَّ الضربةَ الإسرائيلية كانت موجعةً، فضلاً عن أنَّها محرجة. أطلقَ المرشدُ إشارةَ الرَّد. هل ينتظر الرَّدُّ الإيراني نتائجَ الانتخاباتِ أم يسبقها أم يواكبها؟ وماذا لو عادَ الرَّجلُ الذي أمرَ بقتل الجنرال قاسم سليماني؟ وهل زيارةُ قاذفة «بي 52» الأمريكية للمنطقة مجرد رسالةِ ردع أم أكثر؟
في مثل هذا اليوم من عام 1979 اقتحمَ طلابٌ ثوريون موالون للإمام الخميني سفارةَ أمريكا في طهران وحوَّلوا العاملين فيها رهائنَ. أحرقت كرةُ النار يدي الرئيسِ جيمي كارتر، ولم يُفرَج عن الرهائن إلا بعدما أدَّى رونالد ريغان اليمينَ الدستورية. كانَ غرضُ اقتحام السفارة قطع الخيط الأمريكي مع الداخل الإيراني. ومنذ البداية اعتبرت إيران الثورة أنَّ الخيط الأمريكي هو الجدار الذي يمنع تحوّلها إلى الدولة الكبرى في المنطقة، خصوصاً بعدما تولت أمريكا نفسها إسقاطَ الجدار العراقي الذي كان يمنع تدفق جمر الثورة في عروق الإقليم. على مدى عقود حاولت إيران قطع الخيط الأمريكي أو إضعافه، وها هي تعود إلى الاصطدام به في جولات الثأر الحالية مع إسرائيل.
سينتظر بنيامين نتانياهو نتائج الانتخابات. الخيط الذي يربط أمريكا بإسرائيل ليس مهدداً. الوسادةُ الأمريكية لإسرائيلَ راسخةٌ، لكن لكامالا هاريس أسلوبها وحساباتها، ولدونالد ترمب انعطافاتُه ومفاجآتُه. ويحتاج نتانياهو إلى كثيرٍ من المليارات والذخائرِ إذا قرَّر السيرَ أبعدَ في انقلابِه على معادلاتِ ما قبل «الطوفان».
واضح أنَّ زعماءَ الشرق الأوسط سينتظرون نتائجَ السباق الأمريكي. يريدون استجلاءَ حدودِ المبارزة الإسرائيلية - الإيرانية، وحدود الأدوار في الإقليم، وحدود الحرب الإسرائيلية في غزةَ ولبنان. وإمكان الرهان على الخيطِ الأمريكي لدفع حلمِ الدولةِ الفلسطينية المستقلة نحو التَّحققِ كخيار لا بدَّ منه لمنعِ تكرار الطوفاناتِ والحروب.
وسينتظر لبنانُ النتائج. تقولُ التجاربُ الماضية إنَّ المبعوثَ الأمريكي وحدَه قادرٌ على وقفِ عاصفة النار الإسرائيلية. قرارُ آموس هوكستين عدمَ التوقف في لبنانَ بعد زيارته الأخيرة إلى إسرائيل كانَ باهظَ التكاليف. اغتالت إسرائيلُ مزيداً من القرى، وضاعفتِ المشاهدَ الغزاوية على أرضِ لبنان.
هجاءُ أمريكا لا يلغِي أنَّها أمريكا. الاقتصادُ الأولُ وسيدةُ الأساطيل. ليس مهماً أن تحبَّها أو تكرهَها. إنَّها موزعةُ المظلاتِ والضمانات والضمادات. روسيا مشغولةٌ بالمائدة الأوكرانية. والصينُ بعيدة. وغوتيريش شبهُ متقاعدٍ. ولا خيار غير تحسينِ شروط التَّعلقِ بالخيطِ الأمريكي لوقفِ بحرِ الرُّكامِ وأمواجِ الجنائز والنازحين.