كشفت هيئة الإذاعة البريطانية ” BBC عربي” الدور الإماراتي المشبوه في المحافظات الجنوبية المحتلة وما نتج عنه من عمليات اغتيال وجرائم حرب صارخة بحق العديد من الشخصيات السياسية والدينية والمدنية المناهضة للمحتل وسياسته الإجرامية.
واظهر التحقيق الذي نشرته الهيئة البريطانية الأسبوع الماضي وأعدته الصحفية نوال المقحفي تورط دولة الإمارات العربية المتحدة بتنفيذ جرائم اغتيالات سياسية في اليمن، عبر استئجارها مرتزقة أمريكيين ودربت يمنيين بعد انكشاف المرتزقة لتنفيذ مهمة الاغتيالات في المحافظات الجنوبية الخاضعة لسيطرتها.


الثورة /مصطفى المنتصر

وتوصل التحقيق إلى العديد من الدلائل والمعلومات التي تعري الإمارات من خلال قيامها بتمويل عمليات اغتيال ذات دوافع سياسية في اليمن، وأبعاد مختلفة، عبر إدلاء أحد المخبرين لتحقيقات بي بي سي بأن التدريب على مكافحة الإرهاب الذي يقدمه المرتزقة الأمريكيون للضباط الإماراتيين في اليمن، تم استخدامه لتدريب السكان المحليين الذين يمكنهم العمل في مكان أقل شهرة، مما أدى إلى زيادة كبيرة في الاغتيالات السياسية.
وأوضح التحقيق أن الاغتيالات التي نفذها مرتزقة من الولايات المتحدة الأمريكية لم تستهدف تنظيم القاعدة، مشيرة إلى أن أشخاصاً في القاعدة صاروا ضمن تشكيلات عسكرية تابعة لمليشيات الانتقالي المدعومة إماراتيا، مبيناً أن جرائم الاغتيالات في اليمن بلغت أكثر من 100 عملية اغتيال في فترة ثلاث سنوات، حيث كان أغلب الذين تم اغتيالهم من أعضاء حزب الإصلاح.
واستدلت معدة التحقيق بزيارة سابقة لها قامت خلالها بتغطية الحرب في موطنها اليمن منذ بدايتها في عام 2014م، وشهدت خلال رحلاتها الصحفية المتكررة في ذلك الوقت، موجة من عمليات القتل الغامضة، في المناطق الجنوبية المحتلة التي تسيطر عليها مليشيات المرتزقة، لمواطنين يمنيين غير مرتبطين بالجماعات الإرهابية.
وأضافت: أعطتني اللقطات المسربة من طائرة بدون طيار لمهمة الاغتيال الأولى نقطة انطلاق للتحقيق في عمليات القتل الغامضة هذه، يعود تاريخها إلى ديسمبر 2015م وتم إرجاعها إلى أعضاء شركة أمنية أمريكية خاصة تسمى Spear Operations Group.
واظهر التحقيق لقاء لأحد الرجال الذين يقفون وراء العملية التي تظهر في اللقطات في أحد مطاعم لندن في عام 2020م، وكان إسحاق جيلمور، وهو ضابط سابق في البحرية الأمريكية أصبح فيما بعد مدير العمليات الرئيسي لشركة Spear، واحدا من العديد من الأمريكيين الذين قالوا إنه تم تكليفهم بتنفيذ عمليات الاغتيال في المحافظات الخاضعة لسلطة الإمارات الذي بدوره رفض الحديث عن أي شخص كان على “قائمة القتل” التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة إلى سبير – بخلاف هدف مهمتهم الأولى: منتصف مايو والذي كان المستهدف فيها، النائب البرلماني وزعيم حزب الإصلاح في مدينة عدن الخاضعة لسيطرة مليشيات الانتقالي.
واعترف المجرم إسحاق وموظف آخر في شركة Spear في اليمن في ذلك الوقت – ديل كومستوك – أن المهمة التي قاموا بها انتهت في عام 2016م، لكن الاغتيالات في جنوب اليمن استمرت، في الواقع، أصبحت هذه الجرائم أكثر تواتراً، وفقاً لمحققين من مجموعة حقوق الإنسان ريبريف.
بدورها تمكنت مؤسسة حقوقية دولية تطلق على نفسها اسم “ريبريف” من التحقيق في 160 عملية قتل نُفذت في مناطق سيطرة المرتزقة بين عامي 2015 و2018م، وقالت إن معظمها حدثت منذ عام 2016م، وأن 23 فقط من أصل 160 شخصًا قُتلوا كانت لهم صلات بالإرهاب، وتم تنفيذ جميع عمليات القتل باستخدام نفس التكتيكات التي استخدمها سبير – تفجير عبوة ناسفة لتشتيت الانتباه، يليها إطلاق نار مستهدف.
ويعري التحقيق الدور الإماراتي المشبوه والإجرامي من خلال محاولات الإمارات إلقاء المسؤولية وتبعاتها الإجرامية على طرف آخر من خلال قيامها بتدريب عناصر مليشاوية يمنية لتنفيذ مهمة الاغتيالات، حيث كانت تهدف لعدم تحملها المسؤولية، في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر أن أكثر من اثني عشر مصدرا يمنيا آخر قالت إن هذا هو الحال ـ تدريب يمنيين للاغتيالات ـ وكان من بينهم رجلان قالا إنهما نفذا عمليات اغتيال لا علاقة لها بالإرهاب، بعد تلقيهما تدريبات مكثفة على القيام بذلك من قبل جنود إماراتيين – بالإضافة إلى اعترافات احد الضالعين في هذه الانتهاكات والذي قال إنه عرض عليه إطلاق سراحه من أحد سجون الإمارات مقابل اغتيال أحد كبار المسؤولين، شخصية سياسية يمنية، مهمة لم يقبلها.
وفي تعزيز إطار الدور الإجرامي الإماراتي الفاضح قامت الإمارات بإنشاء مليشيات ـ شبه عسكرية ـ في 2017م بتمويل منها، حيث كشف التحقيق أن مليشيا الانتقالي “منظمة أمنية تدير شبكة من الجماعات المسلحة في جميع أنحاء جنوب اليمن”، حيث تعمل في جنوب اليمن بشكل مستقل عن حكومة المرتزقة المعينة من التحالف السعودي الأمريكي، وتتلقى الأوامر فقط من الإمارات، ولم يتم تدريب المقاتلين على القتال في الخطوط الأمامية النشطة فحسب، بل تم تدريب وحدة معينة، تحت مسمى وحدة النخبة لمكافحة الإرهاب، على تنفيذ الاغتيالات.
وبينت وثائق التحقيق معلومات تحتوي على 11 اسما لأعضاء سابقين في تنظيم القاعدة يعملون الآن في مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرة إلى اسم المدعو ناصر الشيبة، والذي كان عضواً رفيع المستوى في تنظيم القاعدة، وقد سُجن بتهمة الإرهاب ولكن أطلق سراحه لاحقاً، وحاليا يعمل قائداً لإحدى المليشيات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.

ردود أفعال غاضبة وردة فعل مليشاوية رخيصة
وبعد انتشار ذلك على نطاق واسع، لاقى الأمر حملة إدانة واسعة ضد مليشيات الانتقالي وراعيها الأول دويلة الإمارات، سارعت مليشيا الانتقالي إلى مراضاة محمد بن زايد بتسمية أحد الشوارع في عدن باسمه.
حيث أطلقت مليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات اسم أحد الشوارع في المدينة باسم محمد بن زايد، بعد موجة غضب إماراتي من ظهور رئيس مليشيا المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي في التحقيق الاستقصائي في تأكيد واضح على تورط الإمارات في استئجار مرتزقة أمريكيين بتنفيذ عمليات اغتيالات طالت 200 شخصية.
ورفعت مليشيات الانتقالي لافتة ضخمة في الشارع، حملت اسم وصور رئيس الإمارات في محاولة لرد الاعتبار لأبو ظبي وامتصاص الغضب الإماراتي ضد الفضيحة المدوية التي تسببت بها قيادة مليشيا الانتقالي، وكبادرة على استماتة هذه المليشيات في تنفيذ المخطط الإماراتي الإجرامي في المحافظات الجنوبية المحتلة.
وأثارت الأصداء الواسعة للتحقيق الاستقصائي ضجة كبيرة، بعد أن وصل تحقيق ال بي بي سي إلى معلومات غاية في السرية بشأن عمليات تجنيد الإمارات لمرتزقة أمريكيين وقائمة عمليات الاغتيال، كما أجرت لقاءات مع مرتزقة أمريكيين نفذوا عمليات الاغتيال.
كما أثار التحقيق الاستقصائي غضب سلطة مشيخة الإمارات، وانفجار هذا الغضب على رئيس مليشيا الانتقالي عيدروس الزبيدي الذي ظهر في التحقيق المصور عديم القدرة على الرد.
الجدير بالذكر أن مليشيا الانتقالي قد أصدرت بياناً نهاية الأسبوع الفائت توعدت فيه بمقاضاة بي بي سي، زاعمة أن القناة البريطانية اجتزأت كلام الزبيدي.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الغناء أسلوب جديد لمقاومة قمع وتعسفات مليشيا الحوثي

يحتفي اليمنيون، اليوم الاثنين، بـ"يوم الأغنية اليمنية"، التي تصادف الأول من يوليو من كل عام، وسط أعمال قمع وتعسفات وانتهاكات تمارسها ميليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، بحق الفن والفنانين.

هذا الاحتفال يتجدد للعام الرابع على التوالي بتراث وخصوصية وأصالة الغناء في اليمن، وإصرار على مواجهة محاولات مليشيا الحوثي طمس الهوية والتراث اليمني العريق.

وتنوعت أساليب المقاومة والمواجهة السلمية التي انتهجها سكان صنعاء والمناطق القابعة تحت مرارة حالة القمع وغطرسة المليشيا الحوثية كان أبرزها استخدام الغناء للتعبير عن احتجاجاتهم ورفضهم ممارساتها التعسفية وانتهاكاتها بحقهم.

وقبل أيام واصلت مليشيا الحوثي في محافظة عمران شن حملة تنكيل واسعة ضد الفنانين والفنانات وملاك قاعات المناسبات، لمنعهم من الغناء في القاعات والمناسبات واختطفت أكثر من 15 شخصاً بينهم فنانين ومنشدون وثلاث فنانات وزجت بهم في سجونها بسبب ممارستهم لمهنة الغناء في قاعات المناسبات.

ومنذ تعيين ذراع إيران القيادي نايف أبو خرفشة مديراً لأمن عمران اختطفت المليشيا عدداً من الفنانين وأودعتهم السجون مع أجهزتهم الموسيقية والصوتية في إطار مساعيها لحظر وتحريم الغناء امتداداً لممارسات الإمامة الكهنوتية مشترطة الإفراج عنهم إلا بتوقيع تعهدات بعدم الغناء نهائياً، مع إجبارهم على إحضار ضمين تجاري.

وتمثل انتهاكات المليشيا بحق الفن، امتداداً لتاريخ الإمام يحيى حميد الدين منع اليَمنيين من شِراء الراديو، تحت حُجة أنه يذيع الأغاني التي يحرمُ استماعُها، وسبقه بتحريمها وتجريمها الإمام الهادي بن الحسين القاسم الرَّسـي الذي حدد عقوباتٍ عديدة لتأديب الموسيقيين، والقُصَّاص والمغنيين الجوالين، يقضـي أهمها بالسجن أو بالعقاب الجسدي، كما جاء في كتابه (الحُسبة الزَّيدية) (لامبير، ص. 135).

وعلى مدى تسع سنوات شنت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران حملات قمعية متوالية استهدفت خلالها عشرات الفنانين والمطربين، تنوعت هذا الانتهاكات بين (التهديد، والمنع، والاعتداء، والاختطاف، والإخفاء القسري، ونهب الآلات الموسيقية، وصولاً إلى القتل) ودفعت الكثير منهم للهجرة خارج اليمن أمثال الفنان شرف القاعدي والفنان فؤاد الكبسي والفنانة نبات أحمد وغيرهم.

تلك الممارسات القمعية الحوثية بحق الفنانين في محافظة عمران لاقت موجة تنديد واستنكار واسعتين في الوسطين الفني والثقافي والتي ظهرت بطابع ناقد وساخر على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل أحد الشعراء الشعبيين وغناها عدد من الفنانين في العديد من الأعراس بصنعاء.

وبالمقابل، تحاول ذراع إيران من خلال حملاتها المسعورة واختطاف الفنانين ومنع الأغاني باعتبارها "حراماً" في الأعراس والمناسبات، وتهديد جميع أصحاب ومُلاك صالات الأفراح بإغلاق الصالات في حال استدعاء الفنانين الذين يترنمون بأغانٍ وطنية جمهورية أو أغانٍ للأرض والإنسان تخالف توجهاتها وأفكارها ونهجها الرجعي المتخلف.

وتسعى المليشيا إلى إلزام المواطنين ومُلاك صالات الأفراح لاستقدام فرق "الزوامل الحربية" التابعة لها أو تشغيل "الزوامل" والأناشيد والأهازيج "الجهادية" الخاصة بالجماعة المدعومة من إيران للترويج لأفكارها الطائفية واستعراض مزاعمها البطولية واستقطاب صغار السن والفتيان وإضفاء القداسة على قيادات المليشيا الحوثية.

ودعا وزير الإعلام والسياحة والثقافة معمر الارياني بهذه المناسبة اليمنية إلى مقارعة المليشيا وتعزيز الهوية الوطنية والعربية التي يحاول الحوثي طمسها واستبدالها بالهوية الفارسية، مشيراً إلى أنه كان للأغنية الوطنية التي تمجد الذات اليمنية دور في ترميم الهوية وتحصين الأجيال وصناعة الوعي الوطني، وكانت مصدر إلهام لإسناد العمل النضالي.

وأضاف إن إحياء يوم الأغنية اليمنية هي دعوة للحياة ونشر رسائل الأمل في مواجهة دعوات الحرب والموت والتطرف التي تشيعها مليشيا الحوثي التي تستهدف الوعي والذاكرة اليمنية الجمعية التي يمثل الغناء بأنواعه جزءاً أصيلاً منها، ومحاولاتها منع مظاهر الحياة في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، باستهدافها الفن ورموزه، ومنع الغناء في الأعراس والمناسبات وتضييق الخناق على الشعراء والأدباء.

وتابع: قد أعلنا في وزارة الإعلام والثقافة والسياحة العام 2021 (1 يوليو) من كل عام يوماً للأغنية اليمنية، تفاعلاً مع المبادرة التي أطلقها فنانون ومثقفون ونشطاء، كخطوة للتصدي للحملة الشرسة التي تشنها مليشيا الحوثي ضد الفن ورواده، ومواجهة مشروعها الإرهابي والمتطرف، وتعزيز الهوية اليمنية وحماية التراث والفن اليمني، ورد الاعتبار للأغنية اليمنية الأصيلة التي ألهمت المبدعين اليمنيين والعرب، ونهل منها الجميع.

مقالات مشابهة

  • الغناء أسلوب جديد لمقاومة قمع وتعسفات مليشيا الحوثي
  • رائد جبل يكشف معلومات مهمة عن طائرات شركة اليمنية
  • موقع إسرائيلي يكشف عمليات تهريب مخدرات من سيناء إلى الأراضي المحتلة
  • دعوات متواصلة في حضرموت لطرد الاحتلال الإماراتي
  • أول فيديو للزورق المسير "طوفان المدمر" صائد السفن قبالة السواحل اليمنية
  • عاجل.. أول فيديو للزورق المسير "طوفان المدمر" صائد السفن قبالة السواحل اليمنية
  • صورة: تحقيق مشترك لصحيفتين إسرائيلية وألمانية يكشف تفاصيل هجوم 7 أكتوبر
  • تحقيق صحفي إسرائيلي ألماني يكشف تفاصيل جديدة عن عملية "طوفان الأقصى"
  • تحقيق لصحيفة إسرائيلية وألمانية يكشف تفاصيل عملية طوفان الأقصى
  • القوات اليمنية تعلن تنفيذها عدة عمليات عسكرية بحرية