الثورة /متابعة/حمدي دوبلة

بالتزامن مع حملة شرسة ومسعورة تنفذها دولة الاحتلال الصهيوني وداعموها في أنظمة الغرب ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وهي المنظمة العالمية الإنسانية الوحيدة التي ظلت تقدم بعض مساعداتها الإغاثية لمئات الآلاف من الفلسطينيين المحاصرين بقطاع غزة، تزداد الأوضاع الإنسانية والمعيشية سوءا وتعقيدا وسط شهادات مروعة عن قيام الكلاب الجائعة في غزة بنهش جثامين شهداء العدوان الصهيوني المتواصل منذ أربعة أشهر بينما يتسلل الجوع الناجم عن الحصار المطبق المفروض من دولة الاحتلال ومنع وصول الغذاء والماء والدواء لينهش أجساد الفلسطينيين في كافة أنحاء القطاع، خاصة بمحافظتي غزة والشمال.


غالبية سكان القطاع كما تفيد تقارير حقوقية وإعلامية وشهادات ميدانية موثقة فقدوا عدداً من الكيلوات من أوزان أجسادهم جراء تفشي الجوع ونقص الأغذية السليمة والنظيفة.
تجد الناس هناك يشقون طرق الموت والمعارك بأجسادهم الهزيلة وعيونهم الغائرة، بحثاً عن سبل لتوفير طعام يعينهم على البقاء أحياء.
ومع اشتداد الحصار الصهيوني على محافظتي غزة والشمال اللتين تمنع إسرائيل دخول حتى المساعدات الإغاثية إليهما، اضطر الفلسطينيون لاستعمال النباتات البرية وأعلاف الحيوانات كطعام لهم.
في حين أن الآلاف منهم يقضون أياماً دون أن يتناولوا لقمة واحدة من الطعام بسبب انعدام توفرها.
من جهة أخرى، تلجأ الكلاب وغيرها من الحيوانات التي أصابها الجوع إلى نهش جثث الشهداء الملقاة على الطرقات لعدم القدرة على دفنها، نظراً لكثافة القصف المتواصل منذ 7 أكتوبر.
وفي محاولة لسد رمق بعض العائلات، كما أكد سكان محليون يفتتح مواطنون بمبادرات تطوعية “تكايا” خيرية لتوزيع الطعام الساخن على النازحين والجائعين.
نقص الطعام أصاب هؤلاء السكان خاصة الأطفال منهم بأعراض سوء التغذية وأبرزها ضعف المناعة، التي تساهم بشكل كبير في انتشار وتفشي الأمراض المعدية.
ومنتصف نوفمبر الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن جميع سكان قطاع غزة يعانون “انعدام الأمن الغذائي”، بسبب الحصار “الإسرائيلي” المفروض عليهم منذ 7 أكتوبر الماضي.
ومنذ ذلك التاريخ أغلقت دولة الاحتلال ، المعابر الواصلة بين القطاع والعالم الخارجي، فيما تم فتح معبر رفح البري مع مصر بشكل جزئي لدخول مساعدات محدودة وخروج عشرات المرضى والمصابين وعددا من حاملي الجوازات الأجنبية.

الطعام مقابل الموت
في رحلتهم للحصول على الأغذية، يتعرض الفلسطينيون للموت بالرصاص والقذائف من قبل آلة الحرب الصهيونية.
وعمد جيش الاحتلال منذ اللحظات الأولى لعدوانه البربري لاستهداف مخابز قطاع غزة التي اصطف الفلسطينيون على أبوابها في طوابير للحصول على بضعة أرغفة لإطعام عائلاتهم.
ومع طول أمد الحرب وتدهور الأوضاع واشتداد الجوع على الغزيين، وبالتزامن مع السماح لعدد شحيح من شاحنات المساعدات الإغاثية للوصول إلى القطاع خاصة محافظتي غزة والشمال، بدأ الجيش باستهداف تجمعات المواطنين الذين يأملون بالحصول كميات قليلة من الطعام للبقاء أحياء.
آخر هذه الاستهدافات، كانت الخميس الماضي، حينما قصفت مدفعية الاحتلال تجمعاً للجياع قرب دوار الكويت جنوبي مدينة غزة ألحقته طائرات مسيرة بإطلاق الرصاص، ما أسفر بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، عن مقتل 20 فلسطينيا وإصابة 150 آخرين بجراح مختلفة.

نفاد الأغذية الأساسية
في مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع، حيث وصلت إليها أعداد هائلة من النازحين قدرت بما يزيد عن المليون نازح، تصل كميات شحيحة من المساعدات الإنسانية.
هذه المساعدات، الضئيلة كما يؤكد مختصون أتاحت للمواطنين فرصة للحصول على أصناف مختلفة من المواد الغذائية، لكن بأسعار خيالية وذلك لندرة توفرها.
لكن في المناطق الشمالية من القطاع، حيث محافظتي غزة والشمال، ينعدم توفر المواد الغذائية الأساسية في ظل تشديد القيود “الإسرائيلية” عليهما.
وتمنع دولة الاحتلال دخول المساعدات الإغاثية لهذه المناطق، باستثناء عدد قليل من الشاحنات التي ترسلها “أونروا” منذ بداية يناير الجاري.
وكانت “أونروا” قد أكدت الخميس الفائت، إن “الأوضاع المعيشية في قطاع غزة ككل وبالأخص في محافظتي غزة والشمال كارثية جداً”.
وقالت إيناس حمدان، القائم بأعمال مدير مكتب الإعلام بـ”أونروا” في غزة، “أقل ما يمكن أن يقال هو أن الوضع مأساوي للغاية، فالمواد الغذائية الأساسية مثل الطحين والأرز غير متوفرة، والسكان هناك بالفعل لا يجدون ما يكفي لسد جوعهم”.
وأوضحت حمدان، أن نقص الأغذية “يزيد من المشاكل الصحية في ظل انعدام ظروف حياتية ملائمة”.
بدوره، كشف برنامج الأغذية العالمي، عن عدم قدرة فرقه على الوصول المنتظم إلى معظم مناطق قطاع غزة، التي تكون فيها احتياجات الغذاء كبيرة.
وأضاف البرنامج في بيان: “بهدف تجنب المجاعة، نحتاج إلى الوصول الآمن والمنتظم إلى جميع مناطق غزة، حيث يعاني الناس من الجوع”.
وقال البيان: “حتى الآن خلال يناير الجاري، تتمكن المزيد من شاحنات برنامج الأغذية العالمي من العبور إلى غزة يوميا، لكن لا يمكننا الوصول بشكل منتظم إلى معظم مناطق غزة التي تكون فيها احتياجات الغذاء كبيرة”.
وكانت الأمم المتحدة حذرت، في وقت سابق، من أن 2.3 مليون شخص في قطاع غزة معرّضين لخطر المجاعة.

نباتات برّية وأعلاف حيوانات
وفي ظل عدم توفر المواد الغذائية في مناطق شمالي القطاع، لجأ الناس لجمع النباتات البرية من الأراضي الزراعية خاصة “الخبيزة”، التي تحمل فوائد غذائية كبيرة، كبديل عن الطعام.
لكن من الصعب في هذا الوقت العثور على المواد الأساسية المشبعة كالخبز والأرز، إلا لدى عدد قليل من العائلات الذين ما زالوا يحتفظون بكميات قليلة من الدقيق أو القمح غير المطحون.
وبدأ سكان الشمال بطحن أعلاف الحيوانات وحبوب الذرة التي تستعمل في صناعة هذه الأعلاف، لصناعة الخبز وإطعام أطفالهم.
هذه الحبوب غير النظيفة والمصنوعة من مكونات ضارة بصحة الإنسان، تكون ممتلئة بالحشرات التي ظهرت بسبب التخزين السيئ بفعل الحرب وارتفاع درجة الرطوبة، إلا أن السكان رغم ذلك اضطروا للاستعانة بها لصناعة الخبز والبقاء على قيد الحياة.
هذه الأوضاع الماسأوية مرشحة للتفاقم اكثر بعد الحملة الصهيونية الشرسة على وكالة “الاونروا” حيث رحبت دولة الاحتلال أمس بقرار الولايات المتحدة وكندا وبلدان غربية أخرى تعليق التمويلات الجديدة للوكالة الدولية التي باتت تتعرض لتهم كيدية تزعم تورط بعض موظفيها في الأعمال العسكرية ضد الاحتلال.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: محافظتی غزة والشمال المواد الغذائیة دولة الاحتلال قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

انعدام الأمن الغذائي يهدد رُبع سكان لبنان

دينا محمود (بيروت، لندن)

أخبار ذات صلة ميقاتي: نرفض تحويل لبنان إلى ساحة للنزاعات المسلحة جهود أميركية حثيثة لمنع «صراع شامل» بين لبنان وإسرائيل

في مؤشر جديد مُنذر بالخطر على صعيد الوضع الإنساني المتردي في لبنان منذ سنوات، كشفت تقديرات دولية حديثة النقاب، عن أن حالة الأمن الغذائي هناك، بصدد التدهور بشكل أكبر على مدار الشهور القليلة المقبلة، في ظل استمرار تصاعد الاضطرابات الإقليمية، بالتزامن مع تراجع قدرة وكالات الإغاثة، على مد يد العون لسكان هذا البلد واللاجئين إليه.
وبحسب التقديرات التي أعلنها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من المتوقع أن تزيد نسبة من يواجهون انعدام الأمن الغذائي في لبنان، في الفترة ما بين شهريْ أبريل وسبتمبر من العام الجاري، إلى 23% على الأقل، مُقارنة بـ 19% كانوا يعانون بحلول مارس الماضي، من العجز عن تلبية احتياجاتهم الغذائية.
وتستند هذه التوقعات إلى تحليل أجراه البرنامج الأممي، باستخدام مقياس دولي، يُعرف باسم «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي»، والذي يتم في سياقه تقييم البيانات الخاصة بالأمن الغذائي والتغذية وسبل العيش في منطقة بعينها، من جانب وكالات تابعة للأمم المتحدة، وأخرى تتبع حكومات بعض الدول، بالإضافة إلى منظمات إغاثية وخيرية غير حكومية.
وأرجع البرنامج هذه التوقعات المتشائمة، إلى تواصل التوتر المتصاعد على الصعيديْن المحلي والإقليمي، ما أدى إلى نزوح أكثر من 93 ألف لبناني من مناطقهم الواقعة قرب الحدود بجنوب البلاد، إلى قرى وبلدات ومدن أبعد صوب الشمال، مما يُشكِّل ضغطا أكبر على الاقتصاد المتداعي، منذ أواخر عام 2019.
وحالت هذه التطورات المرتبطة بتبعات الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، من دون أن يتأثر وضع الأمن الغذائي في لبنان إيجاباً بتراجع معدل التضخم في البلاد، ليصل إلى رقمين للمرة الأولى منذ عام 2020، على إثر استقرار سعر الصرف في السوق غير الرسمية، اعتباراً من أغسطس 2023.
ففي مارس الماضي، أعلن جهاز الإحصاء الحكومي بلبنان أن معدل التضخم هناك هوى بشكل حاد إلى مستوى يقارب 70.4%، مُقارنة بـ 123.21% سُجِلَت في فبراير السابق لهذا الشهر مباشرة، وهو تطور ربطه باحثون اقتصاديون في بيروت، بلجوء الشركات والمحال التجارية، إلى تسعير سلعها وخدماتها بالدولار بدلاً من الليرة المحلية، في إطار ما يُعرف بـ«الدولرة».
لكن برنامج الأغذية العالمي، كشف في تقرير نشره على موقع «ريليف ويب» التابع للأمم المتحدة، عن أن عدد الأشخاص، الذين لا يزالون بحاجة لدعم يُمَكِنّهم من تلبية احتياجاتهم الغذائية في لبنان، بلغ قرابة مليونيْن ونصف المليون شخص بحلول أبريل الماضي، وأن 1.49 مليون من بين هؤلاء، تلقوا بالفعل مساعدات من البرنامج.
ورغم أن الوكالة الإغاثية الأممية، أكدت أنها لا تزال تقدم مساعداتها، إلى ما يزيد على 600 ألف لبناني ونحو 900 ألف لاجئ سوري في لبنان، فقد أقرت في الوقت نفسه، بأن المشكلات التي تواجهها فيما يتعلق بالتمويل، والقرارات الخاصة بتخصيص جانب من ميزانيتها، لدعم المتضررين من أزمات أخرى حول العالم، قادت إلى أن تُضطر لتقليص مساعداتها للبنانيين واللاجئين السوريين، بنسبة وصلت إلى 27%، منذ نوفمبر 2023.

مقالات مشابهة

  • كارثة جوع غير مسبوقة.. أكثر من نصف سكان السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد
  •  الأمم المتحدة: 557 ألف امرأة بغزة يعانين من انعدام الأمن الغذائي
  • غريفيث : وضع الأمن الغذائي في غزة ” لايحتمل “
  • انعدام الأمن الغذائي يهدد رُبع سكان لبنان
  • الأمم المتحدة: السودان يواجه أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي على الإطلاق
  • الأمم المتحدة: أكثر من نصف السودانيين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد
  • الفاو تحذر من ارتفاع خطر المجاعة فى جميع أنحاء قطاع غزة
  • الأمم المتحدة: وضع الأمن الغذائي في غزة لا يحتمل ويجب فتح جميع المعابر
  • الأمم المتحدة : وضع الأمن الغذائي في غزة لا يحتمل
  • حرارة الصيف تفاقم معاناة سكان غزة.. جوع وحصار وسط مخاوف من انتشار الأمراض