سعد عبد الراضي (أبوظبي)
يقدم جاليري عائشة العبّار حتى 15 فبراير المقبل، العرض الفني الأدائي للفنان عبد الرحيم سالم والذي يحمل عنوان «ملحمة مهيرة»، ويتمحور العرض حول أسطورة مهيرة، حيث قام الفنان بتجسيدها على جدارية ضخمة بطول 4 أمتار، مقدماً تصوّراً لرحلة مهيرة المأساوية. استكشف فيها صراع الإنسان مع الظروف القاهرة.

يبرز هذا الأداء الارتباط الوثيق بين عبد الرحيم سالم وموروثه الثقافي الإماراتي.
«الاتحاد» تستعرض في هذه السطور شهادات بعض الفنانين عن هذا العرض الأدائي.
في البداية، قالت الدكتورة نهى فران، القيمة الفنية للعرض: تحضر ثلاثية الزمان والمكان والحدث في عرض فني أدائي للفنان عبد الرحيم سالم. يجسد خلاله «مهيرة»، وهي حكاية شعبية من الموروث الثقافي الإماراتي الذي يعد مصدراً ملهماً للفنان. ويُعَد هذا الأداء بمثابة شهادة على ارتباط سالم الوثيق بـ «مهيرة»، ويمثل ذروة تطور مراحله الفنية، لكثرة ما سكنت تلك المرأة الأسطورة أعماله الفنية، ولكثرة ما رصد تحولاتها عبر الزمن، كأنها الشاهد على فكره وهواجسه وطفولته وحكاياته، فمهيرة الحاضرة دوماً أصبحت جزءاً لا يتجزأ من فكره وفنه وإرهاصاته. 

وقالت الفنانة الدكتورة نجاة مكي: محطات كثيرة جمعتني بالفنان عبد الرحيم سالم، سواء في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية منذ بداية التأسيس، أو في لجان التحكيم أو في الملتقيات الفنية، وأضافت: رافقته مهيرة في مسيرته، وقدمها في صور رمزية عدة، من خلال إيقاع الخطوط والظلال والألوان بجمالية فنية تمتزج فيه الحقيقة مع الخيال، ليصور لنا أبعاداً عميقة في النفس الإنسانية، والتي تهدف إلى معانٍ قد يجد المتأمل فيها مضموناً يهدف إلى جوانب أخرى من عالم «مهيرة» الغامض بعيد الأعماق في الطبيعة الإنسانية... نستمتع معه مع محطة فنية حية بحضور سيدة البهاء «مهيرة». 

مونودراما بصرية
وقال الدكتور عمر عبد العزيز: في هذا العرض الأدائي المميز، يباشر الفنان عبد الرحيم سالم سردنة بصرية للسيرة الشعبية للفتاة «مهيرة» التي مثلت نموذجاً ميثولوجياً لسير النساء في فترة تاريخية سابقة، لكن السيرة ليست منبتة عن الواقع، بل كانت في صميم التراجيديا الإنسانية الواقعية آنئذ، الأمر الذي يتواصل حضوراً بكيفيات متعددة؛ لأن مهيرة المحبوبة من طرف واحد لا طاقة لها على افتعال عاطفة وجدانية لا تنبع من جوانياتها، وهي بهذا المعنى تجد نفسها في حالة منازلة غير متكافئة مع الوسط المحيط، الأمر الذي يتماهى مع عوالم اللاشعور ومحنة النسق المضمر في الذات الإنسانية.

أخبار ذات صلة حفل موسيقي لـ«كامازي» في قصر الإمارات «الشراع الدولية» لجمال الخيل العربية تنطلق في العين

وأضاف: يعبر الفنان عبد الرحيم سالم عن هذه الدراما الإنسانية التي تنتهي باحتراق الضحية، مراهناً على شكل من أشكال المونودراما البصرية التلقائية التي كثيراً ما وسمت تجربته الفنية الزاهية.

تجربة فارقة
أما الفنان إسماعيل الرفاعي، فقال: لا شك في أن تجربة الفنان عبد الرحيم سالم، هي تجربة فارقة في المشهد الفني الراهن في المنطقة، فالفن لديه وفق ما أراه، هو تجربة حياة أولاً وأخيراً، فلطالما كان لصيقاً بوسيطه الفني كأداة تكشف عمّا يدور في داخله، وعمّا تحفل به مخيلته.. ولطالما كانت السرديات المتأصلة في الوجدان الجماعي لبيئته، متأصلة في نتاجه الإبداعي، ابتداءً من حكاية «مهيرة» التي تكشفت عبرها الكثير من الأبعاد والدلالات النفسية والاجتماعية والجمالية، والتي شكلت أحد الأركان الرئيسية التي انبتت عليها سيرته الفنية والتي استطاع أن يولّد منها سلسلة من الأعمال الساحرة التي خلقت بدورها سردية جمالية خالصة.

بصمة واضحة ومؤثرة
يعد عبد الرحيم سالم أحد روّاد الفن المعاصر في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأكثرهم حيويّةً وإنتاجاً، وهو من مؤسسي الحركة الفنية وله بصمة واضحة ومؤثرة على تطور المشهد الفني، بالإضافة إلى عديد الإسهامات في حقل التعليم والتربية الفنية ونشر الثقافة البصرية، وهو من مؤسسي جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، والمراسم الفنية، ومجلة التشكيل. وكان قد تخرّج في جامعة القاهرة حاصلاً على بكالوريوس فنون جميلة تخصص نحت عام 1981. اعتمد سالم في بداياته على قلم الرصاص والباستيل والفحم، وبعدها أتت مرحلة الكولاج ومرحلة الأكريليك، وتنوع أسلوبه الفني بتعدد مراحله الفنية، من النحت إلى الرسم والتشخيص، لينتقل بعدها إلى التعبيرية التجريدية، والرمزية، والتجريد الهندسي والغنائي.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: نجاة مكي الإمارات المعارض الفنية عمر عبدالعزيز الفن التشكيلي

إقرأ أيضاً:

الأقصى في الراهن العربي الأكثر هشاشة

#الأقصى في #الراهن_العربي الأكثر هشاشة _ #ماهر_أبوطير


أمام التوحش الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية، ولبنان وسورية، والعراق، وايران، واليمن، فلا شيء سيمنع اسرائيل من هدم المسجد الأقصى، او احتلاله أو تقاسمه، وفرض السيادة عليه.

هذا الكلام لا يعبر عن مبالغة، لأن اسرائيل اختبرت خلال اكثر من سنة رد الفعل العربي والمسلمين والعواصم الغربية امام ما تفعله، وبذريعة الحرب على تنظيم في غزة قتلت عشرات الآلاف، وشردت الملايين، وهدمت مدنا بأكملها وشطرت القطاع الى اجزاء، وواصلت ذات الطريقة في لبنان وقتلت وخدمت وتوسعت جغرافياً، ثم تمددت الى سورية واحتلت مناطق جديدة في جبل الشيخ والقنيطرة ودرعا، ودمرت الجيش السوري بكل معداته واسلحته.

لم يوقفها احد، بل سكت اغلب العرب، وربما كانوا فرحين بما يجري، لانهم لا يريدون حربا مع اسرائيل ويريدون مواصلة “المساكنة الحرام”، وربما وصولا الى الزواج الحلال ذات حين هذا على الرغم من ان الدور سيأتي على الجميع نهاية المطاف، في سياقات تأديب المنطقة، ورسم شرق اوسط جديد، تتسيد فيه اسرائيل فقط، بعد ان عبثت بمكوناته الدينية والمذهبية والعرقية.

مقالات ذات صلة الحرية الفكرية 2024/12/24

نحن نعبر في المنطقة التوقيت الاكثر هشاشة على مستوى بنية الدول والشعوب، وقدرتها على الوقوف في وجه اسرائيل، ولن يجد الاحتلال مناخا يتكرر مثل المناخ الحالي لإكمال المخطط، اي تحييد ما تبقى من قوى مزعجة او مهادنتها بصفقة تؤدي الى التحييد ايضا، ونحن نتحدث هنا عن ايران والعراق اكثر، وهي قوى قد تميل لاختصار المواجهة في ظل اختلال مراكز القوى الدولي، او ستقود المنطقة الى مواجهة جديدة غير متوقعة اذا وصلت النار الى مركز طهران.

في ظل هذه الهشاشة فإن العين الغائبة عن القدس، لا بد ان تستيقظ، فهذه مناخات مواتية للاحتلال من اجل اكمال مخططه في القدس، حيث هي مركز المشروع الاسرائيلي في الاساس، وهذه المدينة ما تزال تحت الترسيم واعادة انتاج الجغرافيا السكانية على صعيد اكثر من ربع مليون فلسطيني يعيشون فيها، سيأتي دورهم آجلا ام عاجلا، اضافة الى ما يتعلق بالمسجد الأقصى، الذي يعد ذروة المشروع الاسرائيلي بالمعنى الديني والسياسي، وهذا التحطيم الذي سنراه في كل مكان يدمر كل سوار الحماية الشعبية للاقصى داخل فلسطين، وذات السوار الشعبي المطلوب منه ايضا حماية الاقصى في الجوار العربي، وعبر الامتداد الاسلامي.

هذا يعني ان اسرائيل في توقيت معين وبعد أن تتاكد من نتائج تمددها وحروبها الحالية على صعيد تثبيت الهشاشة في كل الاقليم، ستعود نحو مركز مشروعها، اي المسجد الاقصى، في سياق تحقيق مستهدفاتها من خلال اكثر من سيناريو تمت الاشارة اليه، ومن بين هذه السيناريوهات فرض السيادة الاسرائيلية الكاملة على الحرم القدسي في توقيت معين، واحتمال نزع الحماية الاردنية، أو مصادرة كل الارض الفارغة داخل الحرم القدسي، وإقامة كنيس، او هدم احد المسجدين القبلي او قبة الصخرة، وسيتم فرض احد هذه السيناريوهات امام عبر الكنيست والحكومة والجيش الاسرائيلي، وقد يتم التوطئة لهذه المرحلة، عبر عمل ارهابي من جانب اي قوة متشددة تقوم بالتفجير، او السطو على الموقع والتواجد فيها، وفرض التقاسم الجغرافي اولا.

في ظل هذه الحسابات، يأتي السؤال حول الذي سيمنع هدم المسجد الاقصى، وازالة اهم عنوان وعلامة وهوية دينية وسياسية لمدينة القدس، وفلسطين، وهي هوية ترتبط بما هو اعمق من مجرد مكان للصلاة، بل تعبر عن عن اتجاهات المنطقة، وهويتها الاكبر، وهوية اهلها؟!.

الاقصى غائب عن كل الحسابات، فيما هو في ذروة الخطر.

الغد

مقالات مشابهة

  • 24 ساعة فارقة في القرن الأفريقي.. آبي أحمد يجهض إعلان أنقرة بشن هجوم على الصومال
  • حركة التغيير توجه نداء للقوى السياسية الكوردية بشأن الوضع الراهن
  • "هل الحب عائق أم حافز للإبداع؟ أحمد مالك يشعل الجدل حول تأثير الارتباط العاطفي على العمل الفني"
  • الأقصى في الراهن العربي الأكثر هشاشة
  • "الاختيار الثالث" كتاب يعرض ملحمة صراع ضحايا الإدمان مع الحياة والموت
  • شريف منير: المزيكا تساعدني في الأعمال التي أقدمها في التمثيل
  • الذكرى الـ 68 لعيد النصر.. ملحمة مصرية في مواجهة العدوان الثلاثي
  • آمال تُعلّق على أبواب سنة مقدسة في روما، فهل ستكون سنة 2025 علامة فارقة؟
  • حصاد 2024.. «الاختطاف والوفاة» أبرز الشائعات التي طاردت النجوم
  • راشد عبد الرحيم: نهاية التفاهة